
بلومبرغ
استُؤنفت عمليات البيع المكثفة في أسهم أكبر شركات التكنولوجيا في وول ستريت، حيث توقفت مؤشرات الأسهم الأميركية عن انتعاشها الذي استمر يومين، وسط مؤشرات على أن المستثمرين يقلصون استثماراتهم في الأصول الأميركية عالية المخاطر، كما ارتفعت الأسهم الأوروبية.
قبل يوم واحد من قرار الاحتياطي الفيدرالي الذي سيُحلل تقييم تأثير سياسات الرئيس دونالد ترمب التجارية على الاقتصاد، تراجعت الأسهم الأميركية، حيث وصلت أسهم الشركات الكبرى إلى أدنى مستوياتها منذ سبتمبر.
انخفضت أسهم شركة "إنفيديا" بنسبة 3.4% على الرغم من خططها لتوسيع نطاق استخدام الذكاء الاصطناعي من خلال الروبوتات وأنظمة الكومبيوتر. كما أن البيانات التي أظهرت ارتفاع أسعار الواردات لم تُحسّن معنويات السوق. وارتفعت سندات الخزانة الأميركية بعد بيع قوي لسندات لأجل 20 عاماً بقيمة 13 مليار دولار. وارتفع الذهب إلى مستوى قياسي جديد.
المستثمرون يخفضون حيازاتهم من الأسهم الأميركية
وفقاً لأحدث استطلاع أجرته شركة "بنك أوف أميركا"، خفض المستثمرون حيازاتهم من الأسهم الأميركية بأكبر قدر على الإطلاق، بينما قفزت مستويات السيولة النقدية. قبل شهر تقريباً، كانت الأسهم تسجل ارتفاعات جديدة على خلفية توقعات بأن سياسات إدارة ترمب ستعزز النمو. قد تكون هذه الافتراضات الآن مهددة، إذا تباطأ الاقتصاد ولم تُفلح الرهانات الكبيرة على الذكاء الاصطناعي.
صرح بريت كينويل من "eToro": "نظراً لأن الأسهم المفضلة لدى المستثمرين عانت كثيراً، فمن المرجح أن يؤثر ذلك على معنوياتهم بشكل غير متناسب". وأضاف: "تاريخياً، تزامنت مستويات مماثلة من المعنويات مع قاع قصير الأجل على الأقل في الأسهم الأميركية، على الرغم من أنه ليس من الواضح أننا شهدنا تحركاً استسلامياً يشير عادةً إلى القاع".
رهان على تدخل الفيدرالي
بعد موجة بيع سريعة للأسهم، ازداد الرهان على تدخل الاحتياطي الفيدرالي لإنقاذ المستثمرين في حال انهيار السوق. "ولكن أي شخص يتوقع بعض الطمأنينة في اجتماع مارس سيُصاب بخيبة أمل"، وفقاً لآنا وونغ من "بلومبرغ إيكونوميكس".
وقالت لورين غودوين من "نيويورك لايف للاستثمارات" إن "التضخم العنيد وتوقعات التضخم المرتفعة، يرفعان عتبة التوقعات بشأن تخفيضات الفائدة من الاحتياطي الفيدرالي". وأضافت "من المرجّح أن يحتاج الاحتياطي الفيدرالي إلى رؤية تدهور أكبر في الأوضاع المالية وتوقعات النمو الاقتصادي، قبل التخفيض الاستباقي، في ظل أرقام التضخم القوية هذه".
استناداً إلى التخفيضات بسبب أزمة التأمين عام 2018، قالت غودوين إن انخفاض تقييم سوق الأسهم بنسبة 20% على الأقل، سيكون ضرورياً لدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى اتخاذ إجراء.
انخفض مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 1.1%، ومؤشر "ناسداك 100" بنسبة 1.7%، ومؤشر "داو جونز" الصناعي بنسبة 0.6%، وتراجعت أسهم شركة "تسلا" بنسبة 5.3%.
وأصبحت شركة "ميتا بلاتفورمز" آخر سهم من بين أسهم "العظماء السبعة" (أبل، إنفيديا، أمازون، ألفابت، ميتا، مايكروسوفت، تسلا) يخسر مكاسبه منذ بداية العام. واستحوذت شركة "ألفابت" على شركة الأمن السيبراني "ويز" مقابل 32 مليار دولار نقداً.
انخفض العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات نقطة أساس واحدة إلى 4.29%، وتذبذب سعر الدولار.
تركيز على تصريحات باول
مع توقع أن يبقي مسؤولو الفيدرالي على أسعار الفائدة من دون تغيير يوم الأربعاء، ستركز السوق على توقعاتهم الاقتصادية المحدثة، وعلى المؤتمر الصحفي لرئيس الفيدرالي جيروم باول، لاستخلاص إشارات بشأن المسار المستقبلي.
في الوقت الحالي، أشار صناع السياسات إلى أنهم في وضع الانتظار والترقب، حيث يسعون إلى تحقيق مزيد من التقدم في مكافحة التضخم، والحصول على وضوح أكبر حول التأثير الاقتصادي لسياسات ترمب.
"من المحتمل أن يظل الفيدرالي متماسكاً عند هذه النقطة"، بحسب ما قاله سكوت هيلفشتاين من "غلوبال إكس" (Global X)، مضيفاً أن "باول كرر مراراً أن المخاطر على استقرار الأسعار والتوظيف الكامل متوازنة. ومن المحتمل أن يكون ذلك لا يزال صحيحاً، ولكن المخاطر على الجانبين تتزايد. هذه ليست لحظة البيع والمغادرة، ولكن ربما هي لحظة لمراجعة الاستراتيجية طويلة الأجل، مقابل التقلبات قصيرة الأجل".
تحركات الأسواق نتيجة قرار الفيدرالي المرتقب
يقوم متداولو الخيارات بتسعير تحرك بنسبة 1.2% لمؤشر "إس آند بي 500" في أي من الاتجاهين يوم الأربعاء، مقارنة بمتوسط 0.8% خلال أيام اجتماع الفيدرالي على مدار العام الماضي، وفقاً لبيانات ستيوارت كايزر، رئيس استراتيجية تداول الأسهم الأميركية في "سيتي غروب".
وأظهر استطلاع أجرته شركة "22 في ريسرتش" أن المستثمرين يراقبون الفيدرالي عن كثب، أكثر مما فعلوا خلال الاجتماعات الثلاثة السابقة.
لكن لا يوجد إجماع حقيقي بشأن رد فعل السوق، حيث قال 34% من المشاركين إنهم يتوقعون ردة فعل بعيدة عن المخاطرة، بينما توقع 27% ردة فعل مقبلة على المخاطرة، في حين اعتبر 39% أن التأثير سيكون "متبايناً/ ضئيلاً".
كما كشف الاستطلاع عدم وجود إجماع حول ما إذا كان باول سيعبر عن قلقه بشأن الارتفاع الأخير في توقعات التضخم لدى المستهلكين.
"يعتقد المشاركون في استطلاعنا أن بيئة التعريفات الجمركية الحالية ستؤدي إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في عام 2025، لكن التوجه يميل إلى المزيد من التخفيضات"، وفقاً لما قاله دينيس ديبوشير، مؤسس ""22 في ريسرتش". وأضاف: "آخر مرة أجرينا فيها الاستطلاع كانت قبل إعلانات التعريفات الجمركية وانخفاضات سوق الأسهم".
تحركات "إس آند بي 500" في أيام قرارات الفائدة
وفقاً لاستراتيجيي "بيسبوك إنفستمنت غروب" (Bespoke Investment Group) فإن "الوقت وحده سيكشف ما إذا كان القرار والاجتماع سيوفران بعض الراحة لمؤشر إس آند بي 500". وأضافوا: "ولكن إن كان هناك جانب إيجابي واحد، فهو أن الأيام التي يجتمع فيها الفيدرالي ويترك أسعار الفائدة من دون تغيير، حقق المؤشر مكاسب قوية تاريخياً".
كما حللت الشركة المسار اليومي المتوسط لمؤشر "إس آند بي 500" في أيام اجتماعات الفيدرالي، استناداً إلى ما إذا كانت السوق تمر بتصحيح. ولفتوا إلى أن "إس آند بي 500 يميل إلى الارتفاع في أيام الفيدرالي عندما تكون السوق صاعدة، في حين تكون التحركات أكثر تقلباً عندما يكون المؤشر في حالة تصحيح".
وفي الأوقات التي تُركت فيها أسعار الفائدة من دون تغيير، وكان مؤشر "إس آند بي 500" في منتصف تصحيح، كان المؤشر يميل إلى التراجع بعد قرار الفيدرالي، لكنه في النهاية حقق مكاسب أكبر من المتوسط لجميع أيام الفيدرالي.
غياب المراهنة على الانكماش الاقتصادي
مع دخول مؤشر "إس آند بي 500" في حالة تصحيح الأسبوع الماضي، اشترى عملاء "بنك أوف أميركا" الأسهم الأميركية، مع تفضيلهم لقطاعات تظهر غياب المراهنة على انكماش اقتصادي.
"كانت التدفقات إلى القطاعات الدورية أكبر من القطاعات الدفاعية في المجمل، مما يشير إلى أن المستثمرين لم يراهنوا على الركود"، وفقاً لما كتبته جيل كاري هول، المحللة الكمية في مذكرة بحثية.
حتى بعد تصحيح بنسبة 10% في الأسهم الأميركية الكبرى، لا تزال توقعات الأرباح المدمجة في أسعار الأسهم مرتفعة للغاية، وعند مستويات لم تتحقق إلا أربع مرات منذ فقاعة التكنولوجيا قبل 25 عاماً، وقد تظل تحدياً للأسهم، وفق جينا مارتن آدامز ومايكل كاسبر من "بلومبرغ إنتليجنس".
وأضافا: "السوق قامت بخفض التوقعات للنصف الأول، لكنها لا تزال متمسكة بتوقعات انتعاش قوي في النصف الثاني، وهو أمر لا يبدو مرجحاً من دون تغيير كبير في السياسة النقدية للفيدرالي أو في الضرائب".