مؤشرات الأسهم الأميركية ترزح تحت وطأة الرسوم الجمركية

"إس آند بي 500" عند أدنى مستوى له في ستة أشهر

time reading iconدقائق القراءة - 8
موظفون تابعون لشركة تداول أوراق مالية يعملون في قاعة التداول بمقر بورصة نيويورك في مدينة نيويورك، الولايات المتحدة، 27 فبراير 2023 في مدينة نيويورك - المصدر: بلومبرغ
موظفون تابعون لشركة تداول أوراق مالية يعملون في قاعة التداول بمقر بورصة نيويورك في مدينة نيويورك، الولايات المتحدة، 27 فبراير 2023 في مدينة نيويورك - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

قبل ثلاثة أسابيع فقط، قفزت الأسهم الأميركية إلى مستوى قياسي بفضل التفاؤل حيال خطة دونالد ترمب الاقتصادية. واليوم، ومع تزايد القلق بشأن أهداف حربه التجارية وتأثيرها، هبط مؤشر "إس آند بي 500" إلى أول تصحيح له بنسبة 10% منذ ما يقرب من عامين.

ارتفعت التقلبات مجدداً الخميس في مختلف فئات الأصول، مع استمرار موجة الابتعاد عن المخاطر، والتي أدت إلى خسارة 5 تريليونات دولار من القيمة السوقية للأسهم الأميركية، وبدأت بوادر انتقال هذه الأزمة إلى سوق السندات عالية المخاطر. كما دفعت إجراءات ترمب الجمركية المستثمرين للجوء إلى سندات الخزانة كملاذ آمن.

تراجع مؤشرات السوق والأسهم المضاربية

انخفض مؤشر "إس آند بي 500" الذي كان عند مستوى قياسي في 19 فبراير، إلى أدنى مستوى له في ستة أشهر. وتفاقمت عمليات البيع المكثفة هذا العام في الشركات ذات القيمة السوقية الضخمة، مما زاد من حدة التحركات. 

كما تعرضت قطاعات المضاربة، من أسهم شركات التكنولوجيا غير المربحة إلى الأسهم الأكثر بيعاً على المكشوف والعملات المشفرة، لضغوط شديدة. وشهد صندوق متداول في البورصة بقيمة 8 مليارات دولار، يتتبع السندات عالية المخاطر، إحدى أكبر خسائره في عام 2025، متجاهلاً ارتفاع سندات الخزانة.

في إشارة أخرى إلى تصعيد الحرب التجارية، هدد ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 200% على النبيذ الأوروبي، والشمبانيا، والمشروبات الكحولية الأخرى.

وفي وقت لاحق من يوم الخميس، قال ترمب إنه لن يلغي التعريفات الجمركية على الصلب والألمنيوم التي دخلت حيز التنفيذ هذا الأسبوع، ولن يتراجع عن خططه لفرض تعريفات انتقامية واسعة النطاق على الشركاء التجاريين، والتي ستبدأ اعتباراً من 2 أبريل.

منوتشين يستبعد الركود

قال آدم تورنكويست من "إل بي إل فاينانشيال": "في غضون أسابيع قليلة فقط، انتقلت السوق الأوسع من مستويات قياسية إلى منطقة التصحيح". وأضاف: "حالة عدم اليقين بشأن التعريفات الجمركية تلقت معظم اللوم على عمليات البيع المكثفة، وتفاقم المخاوف بشأن النمو الاقتصادي".

من جهته، استبعد وزير الخزانة السابق ستيفن منوتشين احتمال حدوث ركود في الولايات المتحدة، وقلل من أهمية عمليات البيع الحالية في الأسهم، ناصحاً المستثمرين بعدم المبالغة في رد فعلهم تجاه السياسات التجارية العدوانية للرئيس ترمب.

وقال منوتشين في مقابلة مع صالحة محسن من "بلومبرغ" يوم الخميس: "دخلنا السوق وهي مسعَّرة بالكامل، لذا أعتقد أن تصحيحاً بنسبة 5% إلى 10% في إس آند بي 500، أو ناسداك، أمر منطقي بالفعل".

أداء المؤشرات الرئيسية

انخفض مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 1.4%، وتراجع "ناسداك 100" بنسبة 1.9%، كما انخفض مؤشر "داو جونز" الصناعي بنسبة 1.3%.

وفقد مؤشر "العظماء السبعة" (أبل، ألفابت، إنفيديا، أمازون، ميتا، مايكروسوفت، تسلا) 2.5%. وتراجعت أسهم شركة "أدوبي" بسبب توقعات مخيبة للآمال، في حين قفزت أسهم "إنتل" بعد تعيين خبير صناعي مخضرم كرئيس تنفيذي لها.

انخفض العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات بمقدار خمس نقاط أساس ليصل إلى 4.27%. وكان بيع سندات الخزانة الأميركية لأجل 30 عاماً بقيمة 22 مليار دولار ضعيفاً. وارتفع مؤشر الدولار بنسبة 0.1%.

السياسات الاقتصادية وتأثيرها على الأسواق

قالت ليبي كانترل وأليسون بوكسر من شركة "باسيفيك إنفستمنت مانجمنت" (Pacific Investment Management Co): "بعد الانتخابات، قمنا بتوصيف التأثير المحتمل للسياسات الاقتصادية من الإدارة الرئاسية الثانية لدونالد ترمب كمزيج من الخضراوات والحلوى".

 وأوضحتا: "قد تترك بعض السياسات طعماً مريراً للاقتصاد والأسواق -أي الخضراوات- بينما قد تدعم سياسات أخرى النمو، أي الحلوى".

كما "سيعتمد التأثير الاقتصادي الصافي للولاية الثانية لإدارة ترمب على ترتيب هذه السياسات الزمني، ونطاقها، ومزيجها، مع وجود مخاطر على جانبي الصعود والهبوط".

هل ينهار الاقتصاد الأميركي؟

استخدم ترمب الأسواق كمقياس نجاح لإدارته الأولى، واستمتع بالمكاسب التي تحققت بعد فوزه في نوفمبر.

لكن التحول الحاد عن التفاؤل الاقتصادي يخلق واقعاً مقلقاً للمتداولين الذين يحاولون تحديد اتجاه الأسواق الأميركية من هذه النقطة.

السؤال الرئيسي الآن هو: هل يمكن لانهيار سوق الأسهم أن يؤدي إلى انهيار الاقتصاد الأميركي، في وقت أصبح فيه من السهل أكثر من أي وقت مضى للناس رؤية التقلبات في صافي ثرواتهم اليومية؟.

قال كريس زاكاريلي من "نورثلايت أسيت مانجمنت" (Northlight Asset Management): "من الواضح أن هذا سيكون عاماً أكثر تقلباً بكثير، ويبقى أن نرى ما إذا كانت جميع التغييرات في الاقتصاد والتحالفات عبر الأطلسي ستؤدي إلى ركود اقتصادي، أم أنها ستؤدي إلى معدلات نمو أعلى في المستقبل". وأضاف: "في هذه الأثناء، يُنصح باتخاذ موقف أكثر حذراً وتجنب المخاطرة".

من جهته، قال مايكل بورفيس من "تالباكين كابيتال أدفايزورز" (Tallbacken Capital Advisors) إن "هناك تساؤلات فورية ومعلقة حول مقدار الألم الذي قد تتحمله سوق الأسهم". وأضاف: "هل نشتري هذا الانخفاض (الذي بلغ 10% من الذروة)؟ أم نبيع عند أي ارتفاع ارتدادي كما حدث بالأمس؟".

وكتب في مذكرة، أن هناك العديد من "الإشارات الفنية الهبوطية" التي تتقارب بنفس الطريقة التي حدثت بها في الربع الأول من عام 2022. وأضاف أن "هذه مجرد إشارات فنية، ومخاطر السوق والخلفية الاقتصادية الكلية اليوم مختلفة تماماً عما كانت عليه في عام 2022". وتابع: "ومع ذلك، في بيئة سوقية تفتقر إلى الوضوح، تكتسب هذه الإشارات الفنية أهمية أكبر".

وللتذكير، أشار بورفيس إلى أن السوق الهابطة لعام 2022 كانت مدفوعة بالكامل بانكماش مضاعف السعر إلى الأرباح، وليس بانخفاض الأرباح.

واعتبر أنه "من الناحية المستقبلية، تحتاج السوق إلى تحديد أمرين: هل ستحتاج التقييمات إلى إعادة التقييم إلى نطاق أقل لاستيعاب حالة عدم اليقين في السياسات والاقتصاد والتضخم، وهل ستبدأ الأرباح بالانخفاض؟". وأضاف: "إذا اجتمع تراجع الأرباح مع إعادة تقييم مضاعف السعر إلى الأرباح، فإن احتمال انخفاض مؤشر إس آند بي 500 إلى 4,800 نقطة سيصبح أعلى بكثير".

وأغلق المؤشر عند 5,521.52 نقطة يوم الخميس.

مخاوف السوق تتصدر المشهد

أما في مجموعة "بيسبوك إنفستمنت غروب" (Bespoke Investment Group)، فقال الاستراتيجيون إن "مخاوف السوق تتصدر المشهد، ولا يزال شعور المستثمرين ضعيفاً جداً".

استشهدت "بيسبوك" بأحدث استطلاع أسبوعي صادر عن الرابطة الأميركية للمستثمرين الأفراد، والذي أظهر أن الشعور الهبوطي ظل فوق 55% للأسبوع الثالث على التوالي.

وأشار استراتيجيو المجموعة إلى أن "المرة الوحيدة الأخرى منذ عام 1987 التي كان فيها الشعور الهبوطي فوق هذا الحد، كانت في الأسابيع الثلاثة المنتهية في 4 مارس 2009".

من جهة أخرى، اعتبر جيف شولز من "كلير بريدج إنفستمنتس" (ClearBridge Investments) أن انخفاض المعنويات قد يكون مؤشراً معاكساً للسوق.

وقال إن "تصاعد حالة عدم اليقين في السياسات أضر بثقة المستهلكين والمستثمرين، ورفع توقعات التضخم، وعطل انتعاش سوق الأسهم"، مضيفاً: "إذا تراجعت حالة عدم اليقين بشأن السياسات في الأشهر المقبلة، فإننا نعتقد أن الأصول عالية المخاطر ستتعافى".

على الرغم من أن التراجع الحاد في أسواق الأسهم كان مؤلماً، قال آدم تورنكويست من "إل بي إل" إن معدل الانخفاض الحالي ليس خارجاً عن المألوف.

وأضاف: "منذ عام 1950، كانت 92% من أيام التداول مصحوبة بدرجة معينة من التراجع في مؤشر "إس آند بي 500" (في حين أن حوالي 8% فقط من الأيام كانت عند مستويات قياسية)". وأوضح أن "البيع الحاد بنطاق 5% هو الأكثر شيوعاً، حيث يحدث في حوالي 40% من جميع أيام التداول".

وقال: "الانخفاضات السريعة تخلق أيضاً ظروفاً للبيع المفرط، وبدأنا نرى علامات على أن السوق الأوسع تصل إلى مستويات متدنية للغاية"، لكنه نبّه إلى أن "الضرر الذي لحق بالزخم طويل الأجل، ونقص مشاركة المؤسسات، وضغوط التوجه نحو القطاعات الدفاعية، عوامل تجعلنا حذرين بشأن الشراء عند انخفاض الأسعار في الوقت الحالي".

تصنيفات

قصص قد تهمك

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.