هبوط أميركا وصعود الصين.. تحركات مثيرة في أسهم عمالقة التكنولوجيا

الأسهم الصينية تفوقت على "العظماء السبعة" مسجلة مكاسب بلغت 439 مليار دولار في 2025

time reading iconدقائق القراءة - 5
رجل يسير على طول منطقة البوند أثناء شروق الشمس، وخلفه تبرز مباني منطقة لوجيازوي المالية في شنغهاي، الصين - بلومبرغ
رجل يسير على طول منطقة البوند أثناء شروق الشمس، وخلفه تبرز مباني منطقة لوجيازوي المالية في شنغهاي، الصين - بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

ارتفعت قيمة أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى في الصين بمقدار 439 مليار دولار هذا العام، متجاوزة نظيراتها الأميركية، في أداء قوي يرى العديد من المستثمرين أنه لا يزال لديه مجال للنمو.

سجلت سلة متساوية الوزن تضم سبع شركات تكنولوجية صينية كبرى، من بينها "علي بابا غروب هولدينغ" و"تينسنت هولدينغز" (Tencent Holdings)، والتي أطلق عليها "سوسيتيه جنرال" (Societe Generale SA) اسم "العمالقة السبعة"، ارتفاعاً بأكثر من 40% منذ بداية العام. في المقابل، انخفض مؤشر أسهم "العظماء السبعة" الذي يضم أكبر شركات التكنولوجيا الأميركية بحوالي 10%، مما دفع مؤشر "ناسداك 100" إلى حافة التصحيح.

يُمثل هذا التحول الحاد مفاجأة للكثيرين في وول ستريت. فمع بداية عام 2025، سجل مؤشر "ناسداك" مستويات قياسية جديدة، بينما كانت الأسهم الصينية لا تزال تعاني من تداعيات أعوام من التشديد التنظيمي والتعافي الضعيف في الاستهلاك. لكن فجأة، جاء إطلاق "ديب سيك" (DeepSeek) ليغير التصورات السائدة حول حاجة الصين إلى أعوام، إن تمكنت أصلاً، للوصول إلى مستوى التفوق الأميركي في مجال الذكاء الاصطناعي.

صعود أسهم التكنولوجيا الصينية

منذ ذلك الحين، شهدت أسهم التكنولوجيا الصينية موجة صعود حادة، ما دفع حتى أكثر المستثمرين تشككاً منذ فترة طويلة إلى تبني نظرة متفائلة. وتلقت هذه الارتفاعات دفعة إضافية هذا الأسبوع بعد إعلان بكين عن خططها لتعزيز دعمها لشركات التكنولوجيا، إلى جانب إطلاق مجموعة جديدة من أدوات الذكاء الاصطناعي من شركات مثل "علي بابا".

وتعتقد تشارو تشانانا، كبيرة استراتيجيي الاستثمار في "ساكسو ماركتس" (Saxo Markets)، أن "نجاح ديب سيك، الذي تلاه إطلاق مجموعة من نماذج الذكاء الاصطناعي من الصين، ذكر العالم بضرورة عدم الاستهانة بقوة الابتكار الصيني، رغم القيود الأميركية المفروضة على تصدير الرقائق". وأضافت أنه "لا يزال هناك مجال لمزيد من الزخم في استثمارات الذكاء الاصطناعي الصينية نظراً للتقييمات المنخفضة".

أطلق "سوسيتيه جنرال" اسم "العمالقة السبعة" على مجموعة من عمالقة التكنولوجيا الصينيين، والتي تضم أيضاً "شاومي" (Xiaomi) و"بي واي دي" (BYD) و"سيميكوندوكتور مانيوفاكتشرينغ إنترناشيونال" (Semiconductor Manufacturing International) و"جيه دي دوت كوم" (JD.com) و"نت إيز" (NetEase)، وذلك استناداً إلى قيمتها السوقية وآفاق نموها المستقبلي.

وتُتداول هذه الشركات حالياً عند معدل 18 ضعفاً للأرباح المستقبلية، ما يمثل خصماً يزيد عن 40% مقارنة بمجموعة "العظماء السبعة" الأميركية، وفقاً لمذكرة صدرت بتاريخ 28 فبراير عن فريق استراتيجيين بقيادة فرانك بنزيمرا.

ارتفع مؤشر "هانغ سنغ للتكنولوجيا" بأكثر من 1% يوم الجمعة، مما رفع مكاسبه الأسبوعية إلى حوالي 10%. ويتداول المؤشر حالياً عند أعلى مستوياته منذ أواخر عام 2021.

أسهم أميركا مقابل أسهم الصين

في وقت تبدو فيه الأمور وكأنها تسير لصالح الأسهم الصينية، التي كانت تُعتبر في السابق "غير قابلة للاستثمار"، تواجه الأسهم الأميركية سلسلة من التحديات.

ويبدو أن السردية القائلة إن سوق الأسهم الأميركية سيواصل صعوده بلا توقف، كجزء من مفهوم "الاستثنائية الأميركية"، تتعرض للاهتزاز مع تسبب الرئيس دونالد ترمب في اضطراب النظام التجاري العالمي، وإثارة قلق الشركات والمستهلكين الأميركيين بفرضه سلسلة من الرسوم الجمركية.

في الوقت ذاته، تعثرت موجة صعود أسهم شركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى، وعلى رأسها "إنفيديا" (Nvidia)، التي قادت السوق لأعوام، حيث بدأ المستثمرون يشككون في مدى واقعية تقييماتها المرتفعة للغاية، ما دفعهم إلى المطالبة بنتائج أرباح تفوق التوقعات.

الصين بديل استثماري

ورغم موجة التفاؤل بشأن السوق الصينية، إلا أن بعض المستثمرين لا يزالون مترددين في دخولها بسبب سجلها الطويل في تحقيق عوائد سلبية في الأسواق، والتغيرات غير المتوقعة في السياسات الحكومية، والتوترات الجيوسياسية المتصاعدة في عهد ترمب.

لا يزال مؤشر "هانغ سنغ للتكنولوجيا" أقل بنحو 40% عن ذروته في عام 2021، حتى بعد المكاسب التي حققها هذا العام. كما أن العائد الذي حققه خلال الأعوام الخمس الماضية، والبالغ حوالي 18%، لا يقارن بمكاسب مؤشر "ناسداك 100" التي تجاوزت 130% خلال نفس الفترة.

ومع تصاعد المخاوف بشأن تضخم تقييمات الأسهم الأميركية، أصبحت الصين خياراً استثمارياً جذاباً بالنسبة للعديد من المستثمرين.

بهذا الصدد، أكد في سيرن لينغ، المدير العام في "يونيون بانكير بريفيه" (Union Bancaire Privee)، أن "العوامل اللازمة لدعم تفوق أسهم شركات التكنولوجيا الصينية متوفرة، بما في ذلك الدعم الحكومي رفيع المستوى وتعافي الأرباح والنمو الهيكلي في مجال الذكاء الاصطناعي".

وأضاف أن "تقييمات أسهم التكنولوجيا الأميركية ارتفعت على مدار عامين، والآن، باتت خيبات الأرباح الأخيرة إلى جانب العوامل الاقتصادية الكلية تدفع المستثمرين نحو عمليات بيع واسعة"، وهذا يسهم جزئياً في "تحول الاستثمارات من الولايات المتحدة إلى أوروبا والصين".

تصنيفات

قصص قد تهمك

هل ظهر البديل الصيني لمجموعة "السبعة العظماء"؟

حان الوقت لإلقاء نظرة على شركات التكنولوجيا الكبرى في الصين مرة أخرى

time reading iconدقائق القراءة - 5
قناة تلفزيونية تعرض أسعار أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى بالإضافة إلى سعر خام النفط مع نسبة التغير في الأسعار باللونين الأخضر والأحمر - بلومبرغ
قناة تلفزيونية تعرض أسعار أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى بالإضافة إلى سعر خام النفط مع نسبة التغير في الأسعار باللونين الأخضر والأحمر - بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

بدأت الرهانات على شركات التكنولوجيا الأميركية الراسخة تتعرض للاهتزاز، ولإعادة تقييمٍ من قِبل المستثمرين، وسط تفوق أداء أسهم دولية عليها هذا العام.

يبدو التباين أكثر وضوحاً عند إلقاء نظرة على شركات التكنولوجيا الكبرى في الصين. فقد ارتفعت أسهم شركات "بي واي دي" ( BYD) و"علي بابا " القابضة و"تينسنت هولدينغز" و"شاومي" المعروفة باسم "بي ايه تي إكس" (BATX)، وهي أكبر شركات التكنولوجيا في الصين، وتعمل في مجالات تشمل تصنيع المركبات الكهربائية والتجارة الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي وألعاب الفيديو، 46% في المتوسط. وبالمقارنة، لم تحقق أسهم مجموعة السبعة العظماء أي مكاسب تُذكر منذ بداية العام.

 الصين تواصل التقدم رغم القيود الأميركية

شكّل إطلاق "ديب سيك" جرس إنذار للسياسيين الأميركيين، مؤكداً أن الصين لم تُستبعد من مسيرة الترقية التكنولوجية العالمية، رغم ضوابط التصدير الصارمة التي فرضتها واشنطن على منتجات الرقائق المرتبطة بالذكاء الاصطناعي.

وجد مديرو الأصول متنفساً في السوق، إذ يمكنهم أخيراً إخبار المستثمرين بأنه رغم أن أسهم شركات النمو (يُتوقع أن تحقق نمواً سريعاً في الإيرادات والأرباح مقارنةً بمتوسط السوق) نادراً ما تكون رخيصة، إلا أنها موجودة بالفعل.

في بداية عام 2025، كان الاستثمار في شركات التكنولوجيا الكبرى الأميركية هو التوجه السائد بين المستثمرين. لكن في الوقت نفسه، كان هناك قلق بشأن استمرارية هذا الاتجاه أو احتمال حدوث تقلبات في السوق.

قال 89% إن الأسهم الأميركية مبالغ في قيمتها، وهي أعلى نسبة منذ أبريل 2001 على الأقل، حسب أحدث مسح لمديري الصناديق أجراه "بنك أوف أميركا ميريل لينش". أصبحت التكنولوجيا الصينية الآن تشكل بديلاً. وليس الذكاء الاصطناعي التوليدي المجال الوحيد الذي أخفقت فيه ضوابط التصدير.

على سبيل المثال، ارتفعت مبيعات شركة "هواوي تكنولوجيز"، عملاقة الاتصالات والهواتف الذكية الخاضعة للعقوبات الأميركية، بنسبة 22% العام الماضي، أسرع معدل نمو لها منذ 2016. و تتفوق على "أبل" في الصين.

 السيارات الكهربائية في الصين تعيد تعريف الفخامة

أو خذ قطاع السيارات كمثال. شركات تصنيع السيارات الكهربائية تعيد تعريف مفهوم الفخامة في عالم السيارات. تحاكي سيارة "إس يو 7" (SU7) التي تصنعها "شاومي" طراز "تايكان" من "بورشه" في القوة والكبح، لكنها تتميز بذكاء اصطناعي يساعد في ركن السيارة ويرحب بالسائق عبر تشغيل أغنيته المفضلة. رغم جميع ميزاتها الإضافية، تُباع سيارة "شاومي" بحوالي نصف سعر "تايكان". كما أن أسهمها رخيصة أيضاً. 

على الرغم من الارتفاع في الآونة الأخيرة، يتم تداول أسهم "شاومي" ومنافستها في صناعة السيارات الكهربائية "بي واي دي" عند مضاعف ربحية مستقبلية يبلغ 45 و23 مرة على التوالي، مقابل 121 مرة لشركة "تسلا".

زيادة المخاطر في السوق الأميركية

وفي الوقت نفسه، أصبحت السوق الأميركية مرتفعة الأسعار وغير متوازنة. وتسيطر مجموعة قليلة من شركات التكنولوجيا الكبرى على ثلث مؤشر "إس آند بي 500" (مما يخلق تركيزاً مفرطاً في السوق). 

مع النمو الهائل في الصناديق الاستثمارية السلبية (الخاملة الإدارة)، التي تميل غالباً إلى الاستثمار طويل الأجل وتفضل  بشكل غير متناسب الشركات ذات القيمة السوقية الكبيرة، أصبح خطر تركز السوق أكثر وضوحاً. نظراً لحاجتهم إلى التنويع، يسعى المستثمرون العالميون بكل تأكيد إلى إيجاد بديل لمجموعة الشركات السبع الكبرى.

حذر الصين ورغبتها في تحسين صورتها

ولكن لا ينبغي للحكومة الصينية أن تشعر بالرضا على الإطلاق. فعلى الرغم من أن مديري الصناديق مستعدون لإعادة هيكلة محافظهم وتقليل اعتمادهم على الأصول الأميركية، فليس من المضمون بأي حال من الأحوال أن يعودوا إلى الصين. قد يخصصون استثماراتهم في أوروبا بدلاً من السوق الصينية- حيث بدأت الأسهم العام بأداء قوي، ويراهن المتعاملون على وقف إطلاق النار في أوكرانيا.

في الوقت الحالي، تحاول بكين تحسين صورتها. ففي الأسبوع الماضي، التقى الرئيس شي جين بينغ مع مجموعة من عمالقة قطاع  التكنولوجيا، بينهم مؤسس "علي بابا"  الملياردير جاك ما، أبرز الشخصيات في قطاع التكنولوجيا في الصين. 

لكن، رغم شكوكي في أن مجرد ظهور إعلامي مُنظم سيكون كافياً لمحو كل المخاوف التي يشعر بها المستثمرون منذ بدء الحملة على قطاع التكنولوجيا في أواخر عام 2020، إلا أنه يمثل بداية لمحاولة إخراج الصين من فخ القيمة. (الأصول  التي يبدو أنها مقومة بأقل من قيمتها الفعلية). 

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

تغيير حجم الخط

بكين

8 دقائق

6°C
غيوم قاتمة
العظمى / الصغرى 6°/6°
13.7 كم/س
28%

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.