ارتفاع عقود الدولار الآجلة يهدد البنوك المركزية الآسيوية

الروبية الهندية والروبية الإندونيسية من أسوأ العملات أداءً في القارة خلال 12 شهراً الماضية

time reading iconدقائق القراءة - 6
لوحة رقمية تعرض سعر صرف الدولار الأميركي - المصدر: بلومبرغ
لوحة رقمية تعرض سعر صرف الدولار الأميركي - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تستخدم البنوك المركزية الآسيوية المشتقات المالية بشكل متزايد لحماية عملاتها من قوة الدولار، مما يثير تساؤلات حول المدة التي يمكنها القيام بها بذلك، وما إذا كانت تؤجل المشاكل للمستقبل. 

سجلت كمية الدولارات التي قرر بنك الاحتياطي الهندي بيعها في تاريخ مستقبلي بسعر محدد مسبقاً من خلال العقود الآجلة، أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 68 مليار دولار في ديسمبر.

كما بلغت مبيعات بنك إندونيسيا للدولار في العقود الآجلة 19.6 مليار دولار، وهو أعلى مستوى له منذ عام 2015 على الأقل، وفقاً لأحدث البيانات الرسمية. ويشير تزايد الاعتماد على العقود الآجلة إلى تغيير في استراتيجية البنوك المركزية التي تتدخل لحماية عملاتها.

مخاوف من صفقات الدولار

لكن استخدام المشتقات بالإضافة إلى الصفقات الفورية لمواجهة ارتفاع الدولار يثير القلق بشأن المخاطر التي تتمثل في تأجيل ضغوط البيع بدلاً من التخلص منها. 

اقرأ أيضاً :ما الملاذات الآمنة لمستثمري آسيا من تقلبات ترمب؟

قال ديهراج نيم، استراتيجي العملات في "أستراليا آند نيوزيلاند بانكيج غروب": "بشكل أساسي، يتم تأجيل انخفاض قيمة العملة إلى تاريخ لاحق، وفي الوقت نفسه، يتم الحفاظ  على الاحتياطيات الرئيسية مرتفعة كوسيلة لإظهار الثقة. و"أنا قلق قليلاً بشأن هذا السيناريو".

لم يستجب بنك إندونيسيا وبنك الاحتياطي الهندي فوراً لطلب بلومبرغ للتعليق. وأكدت المؤسستان في وقت سابق استخدام المشتقات المالية. 

أصبحت الروبية الهندية والروبية الإندونيسية من أسوأ العملات أداءً في آسيا خلال الاثني عشر شهراً الماضية، حيث فقدت كل منهما أكثر من 3.5% من قيمتها أمام الدولار. وارتفعت الروبية الإندونيسية بنسبة 0.4% يوم الاثنين.

العملات تتراجع بسبب ترمب

فاقم انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب الضغط على البنوك المركزية في الأسواق الناشئة، حيث أثارت تهديدات ترمب بفرض الرسوم الجمركية موجات من تراجع العملات مقابل الدولار، إضافة إلى استعداده لتصنيف دول أخرى على أنها متلاعبة بالعملة، الأمر الذي أثار مزيداً من الفحص السياسي بشأن التدخل في أسواق العملات. 

اقرأ أيضاً: رسوم ترمب الجمركية تخفي وراءها تحدياً أضخم يواجه العالم

قال كلاوديو بيرون، الرئيس المشارك لاستراتيجية العملات وأسعار الفائدة في "بنك أوف أميركا": "من الواضح أن هذه مسألة حساسة للغاية، خاصة في البيئة الحالية التي نعيش فيها، حيث يوجد الكثير من التدقيق من قبل الولايات المتحدة فيما يتعلق بالتجارة العادلة والتلاعب بالعملات. ولا أعتقد أن هناك رغبة حقيقية للتدخل المفرط في السوق".

بعد تنصيب ترمب في 20 يناير، تم إصدار وثيقة رسمية توضح خططه، بما في ذلك دعوته للوكالات الفيدرالية لمعالجة تلاعب الدول الأخرى بالعملات. وقد لا تُفرض عقوبات فورية عند تصنيف دولة ما على أنها "متلاعبة بالعملات"، ولكن يمكن أن يُحدث ذلك تقلبات في الأسواق المالية.

واتهم ترمب الصين بالتلاعب في عملتها خلال فترة رئاسته الأولى، بينما كانت الهند قد تم إدراجها سابقاً ضمن قائمة المراقبة الأميركية.

إيجابيات استخدام  العقود الآجلة

تتمتع العقود الآجلة بعدد من المزايا الرئيسية للبنوك المركزية، بما في ذلك احتمال خفض التكاليف، وأنها لا تستنزف المعروض النقدي. لكنها أيضاً تتيح للبنوك المركزية إخفاء تدخلاتها.

ولا تؤثر المشتقات على الاحتياطيات الرسمية، مما يقلل من احتمال إثارة انتقادات أو عقوبات من جانب ترمب. كما أن الاستراتيجية تسمح للبنوك المركزية بجعل المتداولين في حالة من التخمين. واعتمدت ماليزيا أيضاً استراتيجية استخدام العقود الآجلة للعملة.

بلغت كمية الدولارات التي قررت ماليزيا بيعها في العقود الآجلة حوالي 27.5 مليار دولار بحلول نوفمبر، بعد أن زادت بنحو 4 مليارات دولار العام الماضي. بينما خفضت الفلبين مبيعاتها  إلى 874 مليون دولار فقط، وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي.

وفي 11 فبراير، تم الاشتباه في أن بنك الاحتياطي الهندي تدخل بشكل كبير لرفع قيمة الروبية، حيث صعدت العملة الهندية بنسبة تقارب 1% وحققت أكبر مكسب لها منذ نوفمبر 2022، مما أدى إلى تفعيل وضع "التوقف عن الخسارة" بين المستثمرين الذين كانوا يتوقعون هبوط الروبية. وقال المتعاملون إن البنك المركزي تدخل في أسواق التعاملات الفورية والعقود الآجلة.

فرصة أمام البنوك المركزية 

من الناحية النظرية، يوفر انخفاض الدولار في الآونة الأخيرة فرصة للبنوك المركزية، حيث ألغى ترمب أو أرجأ الرسوم الجمركية على كندا وكولومبيا والمكسيك، مما أثار الشكوك حول ما إذا كان سينفذ أكبر تهديداته. وخسر مؤشر شامل للدولار نحو 1.7% حتى الآن هذا العام.

اقرأ أيضاً: الأسواق الناشئة تتنفس الصعداء بعد إرجاء رسوم ترمب الجمركية

توجد أيضاً دلائل تشير إلى أن صناع السياسات يغيرون مسارهم، حيث يبدو أن محافظ بنك الاحتياطي الهندي الجديد سانجاي مالهوترا يتبنى نهجاً أكثر مرونة في إدارة سعر الصرف.

خفض بنك الاحتياطي الهندي رهاناته في سوق العقود الآجلة غير القابلة للتسليم (خارج الهند)، وبدلاً من ذلك ينفذ عمليات داخلية في محاولة لتعزيز السيولة المحلية، وفق خبراء استراتيجيين.  

لكن مزايا العقود الآجلة تعني أن الاستراتيجية من المرجح أن تظل مفضلة بين البنوك المركزية. وقال آرون هورد، كبير مديري المحافظ الاستثمارية في مجموعة العملات لدى "ستيت ستريت غلوبال أدفايزرز" (State Street Global Advisors): "أرى عدداً قليلاً جداً من السلبيات" لاستخدام سوق العقود الآجلة. واختتم أنه يجب على البنوك المركزية أن تتوخى الحذر في استخدام العقود الآجلة حتى لا تتراكم كميات كبيرة منها، لكن في الوقت الحالي، لا يمثل الوضع مصدر قلق كبير.  

تصنيفات

قصص قد تهمك

الدولار يهبط إلى أدنى مستوى في 2025 بفعل البيانات والرسوم

مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري تراجع 1% هذا الأسبوع مسجلاً ثاني تراجع أسبوعي

time reading iconدقائق القراءة - 5
نقود غير مقطوعة لفئة 20 دولاراً بعد طباعة الرقم التسلسلي عليها في مكتب النقش والطباعة الأميركي، واشنطن العاصمة، الولايات المتحدة - بلومبرغ
نقود غير مقطوعة لفئة 20 دولاراً بعد طباعة الرقم التسلسلي عليها في مكتب النقش والطباعة الأميركي، واشنطن العاصمة، الولايات المتحدة - بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

انخفض مؤشر الدولار إلى أدنى مستوى له هذا العام، متأثراً بضعف بيانات مبيعات التجزئة وانعدام اليقين بشأن سياسة الرسوم الجمركية الأميركية، مما زاد من الشكوك حول قدرة العملة الأميركية على تحقيق مزيد من المكاسب.

تراجع مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري بنسبة 0.5% يوم الجمعة، مسجلاً أدنى مستوى له خلال الجلسة، بعدما عززت بيانات مبيعات التجزئة الضعيفة لشهر يناير التوقعات بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سيخفض أسعار الفائدة بشكل أكثر مما كان متوقعاً هذا العام.

في المقابل، واصل اليورو مكاسبه لليوم الرابع على التوالي، ليصل إلى أعلى مستوى له في ثلاثة أسابيع، بعد يوم من تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن الرسوم الجمركية والتي لم تتضمن أي تدابير وشيكة ضد الدول الأوروبية.

انعدام اليقين يضغط على الدولار

أدت البيانات الأضعف من المتوقع واستمرار انعدام اليقين المطول بشأن الرسوم الجمركية إلى تقويض فرص تحقيق مزيد من المكاسب في العملة الأميركية. وكان الدولار قد سجل أعلى مستوى له منذ أكثر من عامين في وقت سابق من هذا الشهر، وسط توقعات بأن قوة الاقتصاد الأميركي ستبقي أسعار الفائدة مرتفعة، بجانب مخاوف الرسوم الجمركية التي دفعت المستثمرين للجوء إلى الدولار باعتباره ملاذاً آمناً.

اقرأ أيضاً: الدولار يتراجع مع عزم ترمب فرض تعريفات انتقامية

من جهته، أوضح جوردان روتشستر، رئيس وحدة استراتيجيات أدوات الدخل الثابت والعملات والسلع الأساسية في بنك "ميزوهو"، أن "الدولار يواجه حالة من عدم اليقين. إنه سوق يفتقر إلى اتجاه واضح بسبب التغير المستمر في سياسات ترمب".

تراجع الرهانات الصعودية على الدولار

أظهرت بيانات لجنة تداول السلع الآجلة (CFTC) أن المتداولين المضاربين قلصوا رهاناتهم الصعودية على الدولار للأسبوع الرابع على التوالي، وذلك في أحدث البيانات الممتدة حتى 11 فبراير، رغم أن مراكز الشراء لا تزال مرتفعة بقوة.

يحتفظ المضاربون حالياً برهانات آجلة على ارتفاع العملة الأميركية تقدر بنحو 26.5 مليار دولار، بانخفاض يتجاوز 4.7 مليار دولار عن الأسبوع السابق، وفقاً للأرقام التي جمعتها "بلومبرغ" استناداً إلى بيانات لجنة تداول السلع الآجلة.

في الوقت نفسه، تراجع مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري بنسبة 1% هذا الأسبوع، مسجلاً ثاني تراجع أسبوعي، وسط ارتفاع اليورو والجنيه الإسترليني والدولار الأسترالي، مما زاد من الضغوط على العملة الأميركية.

ضغوط متزايدة على الدولار

تحولت المؤشرات الفنية التي يتابعها "جيه بي مورغان" إلى نظرة هبوطية تجاه الدولار، مما يعكس "إرهاق السوق من الرسوم الجمركية أكثر من أي عامل آخر"، وفقاً لما كتبه محللو البنك، بمن فيهم أنتونين ديلير وميرا تشاندان، في مذكرة صدرت يوم الجمعة.

اقرأ أيضاً: جوناثان ليفين: تعويل ترمب على قوة الدولار في سياسة الرسوم الجمركية مغلوط

من جانبه، قال وين ثين، رئيس استراتيجيات الأسواق العالمية في "براون براذرز هاريمان آند كو" (Brown Brothers Harriman & Co)، إن البيانات الصادرة أمس الجمعة، والتي أظهرت تراجع مبيعات التجزئة في يناير بأكبر وتيرة لها خلال نحو عامين، "ستؤدي إلى إعادة تقييم احتمالات خفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في عام 2025 وتقويض الدولار على المدى القريب".

كذلك، حذر روتشستر، من "ميزوهو"، من أن بيانات يناير تعكس على الأرجح الظروف الجوية القاسية، مما يعني أن مبيعات التجزئة قد تنتعش مجدداً الشهر المقبل. وفي المقابل، كانت بيانات التضخم الصادرة في وقت سابق من هذا الأسبوع أقوى من المتوقع، ما دفع المستثمرين إلى تقليص رهاناتهم بشأن مدى سرعة خفض الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة هذا العام.

وقد يواجه المراهنون على تراجع الدولار تحديات إضافية إذا شددت الولايات المتحدة خطابها بشأن الرسوم الجمركية ضد أوروبا أو اقتصادات أخرى، مما قد يُضعف جاذبية العملات الأخرى.

توقعات السوق بشأن الدولار

كتب استراتيجيو مجموعة "غولدمان ساكس"، بقيادة كاماكشيا تريفيدي، في مذكرة: "توقعاتنا لاستمرار قوة الدولار هذا العام تعتمد في الغالب على افتراض أن الحرب التجارية الثانية ستكون أكبر وأسرع من سابقتها. بخلاف ذلك، من المرجح أن يحافظ الدولار على مستوياته القوية".

اقرأ أيضاً: بيل ددلي: تعريفات ترمب الجمركية أسوأ مما كنت أتخيل

لا تزال الرهانات على ارتفاع قيمة الدولار تُعتبر أكثر المراكز ازدحاماً بين متداولي أسعار الفائدة والعملات، وفقاً لمسح أجراه "بنك أوف أميركا" على أكثر من 50 مدير صندوق عالمي خلال فبراير. ومع ذلك، توقع ما يقرب من نصف هؤلاء المستثمرين أن يبلغ الدولار ذروته خلال الربع الأول من هذا العام.

في مذكرة صدرت أمس الجمعة، كتب فريق "بنك أوف أميركا"، بمن فيهم أدارش سينها وميكاليس روساكيس، أن "التقييمات والفروق الضيقة في أسعار الفائدة يُنظر إليها الآن باعتبارها رياح معاكسة محتملة رئيسية للدولار، مع تحول التركيز بعيداً عن العوامل المتعلقة بالمراكز الاستثمارية والمخاوف المالية".

تصنيفات

قصص قد تهمك

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.