البطالة المرتفعة تبرز تضرر سوق العمل الأميركية في فبراير

ارتفاع الوظائف بدوام جزئي وتراجع المشاركة في القوى العاملة

time reading iconدقائق القراءة - 6
باحثون عن عمل بمعرض للتوظيف في لونغ بيتش، كاليفورنيا، الولايات المتحدة - المصدر: بلومبرغ
باحثون عن عمل بمعرض للتوظيف في لونغ بيتش، كاليفورنيا، الولايات المتحدة - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

استقر نمو الوظائف الأميركية الشهر الماضي، بينما ارتفع معدل البطالة في الولايات المتحدة، ما يقدم صورة متباينة لسوق العمل المتأرجحة وسط تغييرات سريعة في السياسات الحكومية.

ارتفعت كشوف الأجور غير الزراعية بمقدار 151 ألف وظيفة في فبراير الماضي، بعد بيانات مخفضة إثر تعديلها خاصة بالشهر السابق، وفق تقرير مكتب إحصاءات العمل الأميركي الصادر اليوم. كما ارتفع معدل البطالة إلى 4.1%.

يعد تقرير اليوم أحدث دليل على أن سوق العمل بدأت تشهد تراجعاً، إذ يوجد المزيد من الأشخاص الذين أصبحوا عاطلين عن العمل بشكل دائم، مع انخفاض عدد الموظفين في الحكومة الفيدرالية، وزيادة في عدد العاملين بدوام جزئي لأسباب اقتصادية. كما ارتفع عدد الأميركيين الذين يعملون في وظائف متعددة إلى رقم قياسي بلغ حوالي 8.9 مليون شخص.

سياسات دونالد ترمب

يأتي هذا في وقت تثير فيه سياسات الرئيس دونالد ترمب القلق بشأن الاقتصاد الأميركي الأوسع نطاقاً. فقد استمرت الضغوط الناجمة عن معدلات التضخم خلال الأشهر الأخيرة، وبدأ المستهلكون في تقليص إنفاقهم، وهو ما قد يدفع الشركات إلى إعادة النظر في خططها للتوظيف إذا استمر هذا التراجع.

البيان المُحقَّق فعلياً التوقعات
التغير في كشوف الأجور الجديدة (على أساس شهري) +151 ألفاً +161 ألفاً
معدل البطالة (%) 4.1 4
متوسط الأجر للساعة (على أساس شهري) (%) +0.3 +0.3
المصدر: بلومبرغ

أشار صناع السياسة النقدية في بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى أنهم يرغبون في رؤية المزيد من التقدم في انخفاض التضخم بشكل مستدام، بما في ذلك مؤشر أسعار المستهلكين الأسبوع المقبل، قبل أن يواصلوا خفض أسعار الفائدة. إلى جانب حالة عدم اليقين العالية بشأن سياسات إدارة دونالد ترمب، من المتوقع على نطاق واسع أن يواصل البنك المركزي الإبقاء على أسعار الفائدة في الاجتماع المرتقب الشهر الجاري.

هبطت عقود الأسهم الأميركية المستقبلية والدولار وعوائد سندات الخزانة بعد صدور التقرير.

كان التقدم في التوظيف بقيادة قطاعات الرعاية الصحية والنقل والأنشطة المالية. أما الوظائف الحكومية -التي كانت من المحركات الرئيسية للوظائف في السنوات الأخيرة- فقد ارتفعت بأبطأ وتيرة لها منذ ما يقارب العام، بينما انخفضت الوظائف الفيدرالية بأكبر قدر منذ يونيو 2022.

إجراءات إدارة دونالد ترمب

يعد هذا التقرير الأول للوظائف الذي يعكس بشكل كامل فترة ترمب الثانية، وقد أسهمت الإجراءات التي اتخذتها الإدارة لتقليص حجم القوى العاملة الحكومية في أكبر عدد من إعلانات خفض الوظائف منذ بداية وباء كورونا، وفق بيانات منفصلة صدرت أمس. بعض خبراء الاقتصاد يقولون إن سوق العمل في الولايات المتحدة الأميركية قد تفقد أكثر من نصف مليون وظيفة بحلول نهاية العام بسبب تقليص الوظائف الحكومية وتأثيراتها الجانبية على الاقتصاد الأوسع نطاقاً.

كما أن ترمب يفرض الرسوم الجمركية في محاولة لإعادة الوظائف في قطاع التصنيع إلى الولايات المتحدة، ما بدأ بالفعل يحفز بعض الشركات مثل "أبل" و"إتش بي" للنظر في زيادة استثماراتها داخل البلاد. من جهة أخرى، حذرت شركة "ألكوا" المنتجة للألمنيوم من أن الرسوم قد تؤدي إلى فقدان 100 ألف وظيفة.

علاوة على ذلك، فإن أي جهود لتقييد الهجرة  -أو إعادة المهاجرين إلى بلادهم- ستحد من مصدر رئيسي لنمو الوظائف في السنوات الأخيرة.

ارتفاع معدل البطالة

يتكون تقرير الوظائف من مسحين: أحدهما موجه للشركات، والذي ينتج أرقام الوظائف، والآخر موجه للأسر، والذي ينشر بيانات البطالة والمشاركة في سوق العمل. كما أن مسح الأسر يحتوي على مؤشر خاص للتوظيف، والذي انخفض بنحو 600 ألف شخص، وهو أكبر تراجع منذ أكثر من عام.

لقد عكس الارتفاع في معدل البطالة زيادة في عدد الأشخاص الذين فقدوا وظائفهم بشكل دائم، وارتفعت البطالة بشكل ملحوظ بين الأشخاص من أصل إسباني وأولئك الذين لا يحملون شهادة الثانوية العامة. كما ارتفع عدد الأشخاص الذين يعملون بدوام جزئي لأسباب اقتصادية إلى أعلى مستوى له منذ ما يقرب من 4 سنوات، ما رفع مؤشراً أوسع يُعرف بمعدل نقص التوظيف إلى أعلى مستوى له منذ 2021.

أما معدل المشاركة -وهو نسبة السكان الذين يعملون أو يبحثون عن عمل- فانخفض إلى أدنى مستوى له في عامين، وكان الانخفاض بين الرجال أوسع بشكل خاص، وفقاً لتقرير اليوم. بينما استقر معدل المشاركة للعمال الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و54 عاماً، والمعروفين بالعمال في سن العمل الأساسي، عند 83.5%.

قانون العرض والطلب 

كما أن خبراء الاقتصاد يراقبون عن كثب مدى تأثير ديناميكيات العرض والطلب في سوق العمل على زيادة الأجور، لا سيما مع المخاوف من أن التضخم قد يعود إلى الارتفاع مرة أخرى. أظهر التقرير أن متوسط الأجر بالساعة ارتفع 0.3% عن شهر يناير الماضي بعد تعديل لنسبة بالزيادة سابقة بلغت 0.4%.

رغم أن طلبات الحصول على إعانات البطالة قريبة من مستويات ما قبل الوباء، فإنها قد تبدأ في الارتفاع مع إعلان الشركات الكبرى مثل بنك "غولدمان ساكس" وشركة "والت ديزني" عن تخفيضات كبيرة في أعداد العاملين خلال الأيام الأخيرة. يأتي هذا، إلى جانب أن التأثيرات الجانبية لتقليص الوظائف الحكومية الفيدرالية، قد يدفع معدل البطالة إلى الارتفاع بشكل أكبر في الأشهر المقبلة.

تصنيفات

قصص قد تهمك

نيا ماليكا هندرسون: إجراءات ماسك تفتقد تأييد الأميركيين

خفض الإنفاق ليس عملية سهلة.. بالأخص عندما تصاحبه الفوضى

time reading iconدقائق القراءة - 6
إيلون ماسك (يميناً) ودونالد ترمب - بلومبرغ
إيلون ماسك (يميناً) ودونالد ترمب - بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

يدخل الرئيس دونالد ترمب الشهر الثاني من ولايته باختلاف طفيف عن وضعه يوم التنصيب، إذ يتراجع تأييده في استطلاعات الرأي، ويشعر بعض حلفائه في الحزب الجمهوري بالقلق وأعربوا عن هذا صراحةً، ويواجه أعضاء الكونغرس الأميركي انتقادات من الحزبين في مقرات المجالس البلدية التي يسودها الغضب.

ما سبب المشكلة؟ تعزيز ترمب لنفوذ إيلون ماسك.

في البداية، تحمس الجمهوريون وبعض الديمقراطيين للعمل مع مبادرة الكفاءة الحكومية التي يديرها ماسك، لكن ما لبث أن تلاشى هذا الحماس، إذ أدت جهود ماسك لترغيب أو ترهيب أو فصل 2.6 مليون موظف فيدرالي إلى تصاعد التحديات القانونية وزيادة عناوين الأخبار المحرجة عن فصل خبراء الأسلحة النووية، وموظفي سلامة الأغذية، وعلماء أنفلونزا الطيور بالخطأ.

اعتراض على إجراءات ماسك

يدق ناقوس الخطر في مسامع الجمهوريين فيما يسعون إلى تنفيذ أجندة ترمب التشريعية، ويركزون على انتخابات التجديد النصفي في 2026. وبإذعانهم السهل لترمب، سمحوا بتعزيز نفوذ ماسك وزيادة صلاحيات ترمب، وأدى الأمران إلى نتائج سيئة في استطلاعات الرأي.

يرى نحو 57% من الأميركيين أن ترمب يتجاوز نطاق سلطته منذ تولي المنصب، بحسب نتائج استطلاع رأي أجرته صحيفة "واشنطن بوست" وشركة "إبسوس" (Ipsos). أما ماسك -أكبر المتبرعين لحملة ترمب الانتخابية- فاعترض 49% على المهمة التي يضطلع بها، حيث يرى 37% منهم أنه يقلل الهدر في الإنفاق، ويعتقد 34% أنه يخفض تمويل برامج ضرورية، بينما أشار 26% إلى أنهم غير متأكدين من فهمهم لما يفعله ماسك.

بدأت الخلافات تدب في السلطة التنفيذية. مطالبة ماسك المتكررة بإرسال تقرير عن تقدم العمل من كل موظف فيدرالي قوبلت برفض عدد من رؤساء الهيئات، ومن بينهم أخلص الموالين لترمب، مثل رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) كاش باتيل، ومديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد.

ثم تدخل ترمب لاحتواء الموقف لصالح ماسك، ما زاد الوضع غموضاً.

الجمهوريون يتحملون التبعات

قال ترمب خلال اجتماع مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في المكتب البيضاوي إن: "ما يفعله (ماسك) هو طرح سؤال؛ هل تنجز العمل بالفعل؟ ثم إذا لم تجب بعدها، فإما أنك شبه مفصول أو مفصول بالفعل، إذ لا يجيب عدد كبير من الناس لأنهم غير موجودين أصلاً".

حسناً، شبه مفصول أو مفصول بالفعل. لكن هناك أيضاً أشخاص غير موجودين أصلاً. فهمت.

هذا النوع من الفوضى والغموض هو ما يتعين على المسؤولين الجمهوريين تحمل تبعاته في المجالس البلدية في ولاياتهم. لأسابيع، شكلت ثروة ماسك وحنكته في مجال الأعمال، إلى جانب الفكرة عن تكاسل موظفي الحكومة، مبرراً كافياً لتوسيع نطاق صلاحياته، أما الآن، فيتعين على الجمهوريين تقديم تفسيرات أكثر إقناعاً لما يحدث.

بعد أيام من مواجهة النائب الجمهوري عن ولاية جورجيا في الكونغرس ريتش مكورميك انتقادات بسبب ماسك من حشد غاضب في مجلس البلدية، قال لبودكاست صحيفة "أتلانتا جورنال كونستيتيوشن": "يجب علينا دراسة التبعات على كل وزارة في أثناء تنفيذ الإجراءات. متأكد من قدرتنا على ذلك. نحن نتحرك بوتيرة سريعة للغاية، دون معرفة التأثير الفعلي".

غموض خفض الإنفاق

يبدو ترمب قلقاً من التبعات. فجرى إلغاء بعض قرارات فصل الموظفين، كما أشار ترمب إلى احتمال توزيع "عائد إدارة الكفاءة الحكومية" على دافعي الضرائب الأميركيين بناءً على الوفورات الناجمة عن خفض الوظائف الحكومية. لم يتضح بعد حجم النفقات التي جرى توفيرها فعلياً، فيما تواصل إدارة الكفاءة الحكومية التي يديرها ماسك اختلاق الأرقام وتضخيمها.

وكما أشار تحليل "بلومبرغ"، فرغم زعم الإدارة توفير 55 مليار دولار حتى الآن، فذلك أقل من 1% من الموازنة الفيدرالية السنوية، فضلاً عن أن مجموع القائمة التفصيلية -الحافلة بالأخطاء- التي أصدرتها الإدارة لا يعادل إلا ثلث هذا المبلغ. وحتى لو كان ممكناً تحقيق مزيدٍ من الوفورات، فإن توزيع الشيكات على المواطنين لن يساعد في تقليص عجز الموازنة، كما قد يؤدي إلى ارتفاع التضخم.

خفض الإنفاق ليس سهلاً

رغم أن مناقشة خفض الإنفاق تلقى تشجيعاً على الصعيد السياسي في معظم الأوقات، فإن تنفيذه أبعد ما يكون عن ذلك. ويرجع ذلك إلى أن الأميركيين يتأثرون بالخفض الكبير في الإنفاق.

بحسب دائرة بحوث الكونغرس، يعمل حوالي مليون موظف فيدرالي في الولايات التي فاز فيها ترمب، ويسهمون في الاقتصادات المحلية. وقد يؤدي فصل حوالي 7000 موظف من مصلحة الضرائب الداخلية (IRS) إلى إبطاء فترات الاستجابة خلال موسم تقديم الإقرارات الضريبية. كما خفضت المتنزهات الوطنية ساعات العمل نتيجة تقليص العمالة، وفصلت وزارة شؤون المحاربين القدامى موظفي الرعاية الصحية، ثم عينتهم مرة أخرى (كانت الوزارة تعاني من نقص العمالة بالفعل).

رضا الناخبين

يصعب تصور أن يؤدي هذا النهج العشوائي في تقليص العمالة وخفض التكاليف إلى تحسين كفاءة الحكومة عن مستواها عند تولي ترمب الرئاسة.

يدرك ترمب أهمية تلبية احتياجات الناخبين، ويستمر في تحقيقها للقاعدة المتحمسة التي تؤيده، حتى لو اقتصر أغلبها في انتصارات رمزية على "ثقافة الوعي" (Wokeness). وسلكت إدارة الكفاءة الحكومية النهج ذاته، حيث يتمثل جزء من جاذبيتها في تحدي الخبراء والنخب. إنها "استفزاز لليبراليين وإظهار لسيطرة المحافظين" على أوسع نطاق.

رغم ذلك، قد يأتي هذا النهج بنتائج سلبية في النهاية، إذ يشتت الانتباه عن قضايا ضروريات الحياة التي تُعد الشاغل الرئيسي للناخبين العاديين. يصعب فهم كيف سيؤدي تسريح عدد كبير من الموظفين الفيدراليين إلى تحسين حياة المواطنين. أما بالنسبة لترمب، فاستفزاز الليبراليين قد ينقلب إلى ضرر جلبه على نفسه في نهاية المطاف.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

تغيير حجم الخط

واشنطن

19°C
غيوم قاتمة
العظمى / الصغرى 18°/20°
35.2 كم/س
81%

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.