هل تصريحات ترمب عن الاقتصاد الأميركي مضللة؟ إليك الحقيقة

أرقام الرئيس حول الرسوم الجمركية وغيرها تحتاج لإعادة مراجعة للتمييز بين المصارحة والمبالغة

time reading iconدقائق القراءة - 9
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث أمام جلسة مشتركة للكونغرس في واشنطن يوم الثلاثاء 4 مارس 2025 - بلومبرغ
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث أمام جلسة مشتركة للكونغرس في واشنطن يوم الثلاثاء 4 مارس 2025 - بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تحدث الرئيس دونالد ترمب أمس الأول أمام جلسة مشتركة للكونغرس الأميركي لاستعراض رؤيته لفترة ولايته الثانية، التي لم يمض عليها سوى 6 أسابيع وشهدت بالفعل اضطرابات في القوى العاملة الفيدرالية، وتدهور العلاقات مع الحلفاء، واندلاع حرب تجارية.

يتمتع ترمب بفرصة كبيرة لتمرير أجندته التي تشمل فرض الرسوم الجمركية ومنح تخفيضات ضريبية وتقليص الإنفاق، وذلك بفضل سيطرة حزبه على غرفتي الكونغرس الأميركي، الأمر الذي يأتي في وقت لا يحظى فيه الديمقراطيون بتأثير ملموس ومنقسمون حول استراتيجيتهم. فرضت إدارته أمس الأول رسوماً 25% على الواردات من المكسيك وكندا، بالإضافة إلى رسوم جديدة 10% على الصين، وهي زيادة جديدة بعد عملية رفع مشابهة طُبقت قبل شهر.

نستعرض فيما يلي أبرز تصريحات الرئيس الأميركي في الشأن الاقتصادي والتي أدلى بها خلال خطابه، مع التحقق من صحتها ووضعها في سياقها الصحيح.

ترمب: "جو بايدن سمح بخروج أسعار البيض عن السيطرة.. ونحن نعمل بجد لإعادته إلى الانخفاض".

يحتاج هذا إلى توضيح السياق. صحيح أن تكلفة البيض ارتفعت خلال فترة الرئيس الديمقراطي السابق وأصبحت رمزاً لارتفاع الأسعار وأسعار الفائدة وغيرها من الأزمات الاقتصادية، لكن السبب الرئيسي وراء ذلك يعود إلى تفشي إنفلونزا الطيور.

جرى إعدام ملايين الطيور منذ ديسمبر الماضي، بعدما ضرب الوباء مزارع إنتاج البيض في ولايات مثل أيوا وكاليفورنيا ونورث كارولاينا، ما دفع متاجر البقالة إلى فرض قيود على الكميات المسموح بشرائها، كما رفعت المطاعم من أسعارها. ووفق مؤشر الأسعار القياسي الصادر عن خدمة "إكسبانا" (Expana) لرصد الأسعار، بلغ سعر الدستة من البيض الأبيض الكبير في الولايات المتحدة الأميركية مستوى قياسياً تجاوز 8 دولارات في فبراير الماضي، مقارنة بـ2.97 دولار قبل عام.

ترمب: "عانينا من أسوأ تضخم خلال 48 عاماً، وربما حتى في تاريخ بلادنا، الأمر غير مؤكد".

هذا التصريح مغلوط. كان إجمالي الزيادة في أسعار المستهلكين خلال فترة بايدن أعلى مما سجله أي رئيس آخر خلال الأربعين عاماً الماضية، لكنه ليس الأعلى في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية.

كما أن سياسات ترمب -بما في ذلك ضخ 3.5 تريليون دولار في شكل شيكات تحفيزية ومساعدات أخرى لمواجهة الوباء- إلى جانب مشكلات سلاسل التوريد عندما عاود الاقتصاد الأميركي الانتعاش، لعبت دوراً رئيسياً في وصول التضخم في الولايات المتحدة على أساس سنوي إلى أعلى مستوى خلال 40 عاماً مسجلاً 9.1% خلال يونيو 2022، قبل أن ينخفض إلى 2.7% خلال نوفمبر الماضي، عندما انتُخب ترمب، ثم بلغ 3% في يناير المنصرم.

ترمب: "سنحقق إيرادات بمليارات ومليارات الدولارات ونخلق وظائف لم يسبق لنا رؤيتها من قبل". (يقصد خططه المتعلقة بالرسوم الجمركية)

يحتاج هذا التعليق لتوضيح السياق. صحيح أن الرسوم الجمركية تولد إيرادات للولايات المتحدة الأميركية، لكن الصين وغيرها من الدول الأجنبية لا تدفعها، إذ يتحمل مستوردو البضائع الأميركيون تكلفة هذه الرسوم، ما يعني في النهاية أن الشركات والمستهلكين الأميركيين هم من يدفعون الثمن من خلال ارتفاع الأسعار.

خلصت دراسة أكاديمية تعود لـ2019 إلى أن المستهلكين والشركات الأميركية تحملوا معظم تكاليف الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب خلال ولايته الرئاسية الأولى، وأنه بعد احتساب تداعيات الإجراءات الانتقامية، كان المزارعون والعمال في القطاعات الصناعية -وهم من بين الفئات التي دعمت ترمب في 2016- أكبر المتضررين من الحروب التجارية.

ترمب: "الرسوم الجمركية تهدف إلى جعل أميركا غنية مرة أخرى وجعلها عظيمة مرة أخرى، وسيحدث ذلك بسرعة. قد تكون هناك بعض الاضطرابات، لكننا بخير مع ذلك. لن يكون الضرر كبيراً".

يحتاج هذا إلى توضيح السياق. يرى ترمب أيضاً أن الرسوم الجمركية وسيلة للمساعدة في تمويل التخفيضات الضريبية التي تعود لـ2017 التي ستنتهي صلاحيتها قريباً، والتي تبلغ 4.5 تريليون دولار، وحتى تعويض العائدات الضريبية التي جمعتها الحكومة الأميركية من ضرائب الدخل على الأفراد والشركات، والتي بلغت تريليوني دولار.

لكن منذ الحرب العالمية الثانية، لم تتجاوز الإيرادات الجمركية في العادة 2% من إجمالي الإيرادات الفيدرالية، وفقاً لتقرير صادر عن خدمة أبحاث الكونغرس الأميركي في يناير الماضي. ووفقاً لتقديرات معهد "بيترسون" للاقتصاد الدولي العام الماضي، فإن حتى رفع معدل الرسوم الجمركية في الولايات المتحدة الأميركية إلى نحو 50% لن يؤدي إلا إلى تحقيق إيرادات قدرها 780 مليار دولار، لكنه سيضر بالنمو الاقتصادي.

يشعر المستهلكون والشركات بالقلق. فقد كشف استطلاع أجرته شركة "هاريس بول" (Harris Poll) لصالح "بلومبرغ نيوز" أن ما يقرب من 60% من البالغين في الولايات المتحدة يتوقعون أن تؤدي رسوم ترمب الجمركية إلى ارتفاع الأسعار في أميركا، وأن 44% يعتقدون أن هذه الرسوم ستكون على الأرجح ضارة بالاقتصاد الأميركي. كما ورد ذكر الرسوم الجمركية 700 مرة خلال مؤتمرات الإعلان عن الأرباح الفصلية عبر الهاتف للشركات في مؤشر "ستاندرد آند بورز 500"، وهو رقم قياسي، وفق تحليل أجرته "بلومبرغ نيوز" لنص المناقشات خلال المؤتمرات". 

في الواقع، الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب بالفعل على الصين وكندا والمكسيك ستكلف الأسرة الأميركية النموذجية أكثر من 1200 دولار سنوياً، بحسب تقديرات معهد "بيترسون".

ترمب: "سنحقق نمواً في صناعة السيارات لم يسبق لأحد أن رآه"، وأضاف أنه تحدث مع مسؤولين تنفيذيين في قطاع السيارات الذين أبدوا حماسهم. كما ادعى أنه يجري بناء مصانع جديدة.

يحتاج هذا الكلام إلى توضيح السياق. حذر الرئيس التنفيذي لشركة "فورد موتور" من أن فرض رسوم على الواردات من كندا والمكسيك سيتسبب في"ضرر كبير" بقطاع السيارات الأميركي، بينما قالت شركة "ستيلانتيس" (Stellantis)، المصنعة لسيارات "جيب" (Jeep)، إن رسوم ترمب ستضعها في موقف ضعيف أمام منافسين أجانب. تشير دراسة جديدة أجراها معهد "أندرسون" الاقتصادي إلى أن تكلفة تصنيع سيارة رياضية متعددة الاستخدام ستزيد بما لا يقل عن 4 آلاف دولار، بينما ستكون الزيادة أكبر بثلاث مرات بالنسبة للسيارات الكهربائية.

أما شركة "هوندا موتور" اليابانية فقد نفت إعلانها عن أي خطط لتوسيع عملياتها في ولاية إنديانا، كما زعم ترمب. أوضحت الشركة أنها تنتج بالفعل سيارات "سيفيك" في مصنع يقع بين مدينتي إنديانابوليس وسينسيناتي منذ 2008.

ترمب: "خلال السنوات الأربع الماضية، تدفق 21 مليون شخص إلى البلاد. كثير منهم كانوا قتلة ومهربي بشر وأفراد عصابات ومجرمين آخرين".

هذا التعليق مغلوط. لا يوجد دليل على أن دولاً أخرى أرسلت سجناءها ومرضاها النفسيين إلى الولايات المتحدة الأميركية لينضموا إلى المهاجرين إلى الولايات المتحدة، الذين يفر العديد منهم من العنف والفقر.

استشهد ترمب تحديداً ببيانات من وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك الأميركية خلال حملته الانتخابية، مشيراً إلى أن 13 ألف شخص ممن سُمح لهم بدخول البلاد كانوا قتلة.

تشير البيانات إلى أن 13099 شخصاً سبق أن أُدينوا بجريمة القتل، إلى جانب مئات الآلاف من المدانين بجرائم أخرى. لكن هذه الأرقام تمتد لعقود، بما في ذلك خلال إدارة ترمب الأولى.

كما يتهم ترمب والجمهوريون المهاجرين بكونهم مسؤولين عن ارتفاع معدلات الجريمة. لكن كثيراً ما أظهرت الدراسات أن المهاجرين غير النظاميين يرتكبون جرائم بمعدلات أقل مقارنة بالمهاجرين الشرعيين، بل وأقل حتى مقارنة بالمواطنين الأميركيين المولودين داخل البلاد.

تصنيفات

قصص قد تهمك

خطاب ترمب أمام الكونغرس يضع ماسك أمام مأزق قانوني

محامو الموظفين يقولون إن الملياردير الأميركي يمارس سلطة غير دستورية

time reading iconدقائق القراءة - 3
إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة \"تسلا\"، في المنتصف، خلال جلسة مشتركة للكونغرس في قاعة مجلس النواب في مبنى الكابيتول الأميركي في واشنطن العاصمة، الولايات المتحدة - بلومبرغ
إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة "تسلا"، في المنتصف، خلال جلسة مشتركة للكونغرس في قاعة مجلس النواب في مبنى الكابيتول الأميركي في واشنطن العاصمة، الولايات المتحدة - بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

بعد أقل من 24 ساعة من تصريحات دونالد ترمب أمام الكونغرس التي أشاد فيها بقيادة إيلون ماسك لجهود "كفاءة الحكومة"، استشهد موظفون فيدراليون، أقاموا دعوى قضائية بشأن دور الملياردير، بهذه التعليقات في المحكمة كأحدث مثال على تصريحات الرئيس التي تدعم قضيتهم.

قال ترمب مرتين ليلة الثلاثاء إن الرئيس التنفيذي لشركة "تسلا"، الذي اختاره للمساعدة في إعادة تشكيل البيروقراطية الفيدرالية وخفض الإنفاق، "يرأس" إدارة كفاءة الحكومة "دوج" وقد ذكرت الإدارة في أوراق المحكمة أن ماسك ليس مدير الإدارة، ولا يعمل لدى "دوج"، و"ليس لديه سلطة فعلية أو رسمية لاتخاذ قرارات حكومية بنفسه".

في رسالة يوم الأربعاء، قال محامو الموظفين الفيدراليين الحاليين والسابقين، الذين يزعمون أن ماسك يمارس سلطة غير دستورية لتوجيه التخفيضات في الإنفاق والموظفين الأميركيين، إن تعليقات ترمب كانت "اعترافات ذات صلة".

ووُجهت الرسالة إلى القاضي الفيدرالي ثيودور تشوانغ في ماريلاند، الذي ينظر في طلب المدعين للتراجع فوراً عن أي خطوات اتخذتها "دوج" لتقليص العمليات في وكالة التنمية الدولية الأميركية.

وكتب محامو المدعين من صندوق "مدافعون عن ديمقراطية الدولة": "في الواقع، أدلى الرئيس ترمب بهذه التصريحات أمام جلسة مشتركة للكونغرس وعلى الهواء مباشرة أمام ملايين الأميركيين، النص الكامل متاح بسهولة".

في ملفات المحكمة السابقة، استشهد المدعون بقول ترمب إنه وضع ماسك "مسؤولاً"، وقول رجل الأعمال إن دوره هو التأكد من أن الإجراءات التنفيذية للرئيس "تُنفذ فعلياً".

وأكد البيت الأبيض لاحقاً هوية الشخص الذي يشغل منصب مدير "دوج"، وهي إيمي غليسون، لكن محامي الموظفين جادلوا بأنه بغض النظر عن اللقب الرسمي لماسك، فإنه يعمل كقائد "فعلي" في الممارسة.

لم يرد متحدث باسم وزارة العدل على الفور على طلب للتعليق.

وقال مسؤول كبير، طلب عدم الكشف عن هويته لمناقشة القضية، إن موقف إدارة ترمب هو أنه يمكن أن يكون هناك مديراً معيناً رسمياً للإدارة، بينما يمكن لماسك، بصفته موظفاً حكومياً خاصاً، الإشراف على أعمال الوزارة في البيت الأبيض. وأضاف المسؤول أن الإدارة لا تنتهك القانون.

وجادلت وزارة العدل بأن ماسك قد يكون له نفوذ داخل الفرع التنفيذي، حتى لو كان تأثيره كبيراً، لكن هذا لا يعادل ممارسة السلطة الرسمية التي ينص عليها بند التعيينات في الدستور الأميركي.

وتؤكد الحكومة أن دور ماسك كمستشار كبير يشبه دور كبير موظفي البيت الأبيض، وليس رئيس وكالة يحتاج إلى تأكيد من مجلس الشيوخ.

في جلسة استماع يوم 28 فبراير، وصف تشوانغ تعامل الإدارة مع الأسئلة حول قيادة "دوج" ودور ماسك بأنه "مشبوه للغاية".

تصنيفات

قصص قد تهمك

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.