ميرتس يتعهد بسرعة تشكيل حكومة جديدة في ألمانيا

اتحاد المؤسسات الإذاعية العامة: فريدريش ميرتس يتفوق على "البديل من أجل ألمانيا" اليميني، وحزب شولتس

time reading iconدقائق القراءة - 7
فريدريش ميرتس في الوسط يصعد على المسرح برفقة ماركوس سودر زعيم \"حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي\" للاحتفال بنتائج الانتخابات التشريعية في ألمانيا. 23 فبراير 2025 - بلومبرغ
فريدريش ميرتس في الوسط يصعد على المسرح برفقة ماركوس سودر زعيم "حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي" للاحتفال بنتائج الانتخابات التشريعية في ألمانيا. 23 فبراير 2025 - بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

فاز زعيم المعارضة المحافظ في ألمانيا فريدريش ميرتس في الانتخابات الفيدرالية يوم الأحد، متقدِّماً بسهولة على حزب "البديل من أجل ألمانيا" من أقصى اليمين، وعلى الحزب "الديمقراطي الاجتماعي" التابع للمستشار أولاف شولتس.

وفقاً لتقديرات اتحاد للمؤسسات الإذاعية العامة في ألمانيا، حصل التحالف البرلماني لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي/ الاتحاد الاجتماعي المسيحي بقيادة ميرتس على 28.8% من الأصوات، تلاه حزب "البديل من أجل ألمانيا" بنسبة 20.2%، فيما جاء "الحزب الديمقراطي الاجتماعي" في المركز الثالث بنسبة 16.2%، وهو أسوأ نتيجة له منذ الحرب العالمية الثانية.

تكتسب هذه الانتخابات أهمية خاصة في ظل مواجهة أكبر اقتصاد في أوروبا لركود في النمو، وتصاعد تداعيات حرب روسيا في أوكرانيا، وتهديد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بإشعال حرب تجارية عالمية قد تعرقل القطاع الصناعي الألماني المتعثر.

وقال ميرتس أمام حشد مبتهج في مقر "الحزب الديمقراطي المسيحي" في برلين: "لقد فزنا في هذه الانتخابات"، مضيفاً: "يجب تشكيل حكومة ائتلافية في أسرع وقت ممكن". وشدد على أن "العالم لن ينتظرنا، ولن ينتظر مناقشات ائتلافية مطولة".

افتتح اليورو التعاملات الصباحية في آسيا بشكل أقوى قليلاً، مرتفعاً بنسبة 0.3% إلى 1.0487 دولار. ومع اتساق استطلاعات الرأي مع ما توقعته الأسواق على نطاق واسع، سيتحول انتباه المستثمرين الآن إلى مدى سرعة ميرتس في تشكيل الحكومة.

أوروبا تواجه تحديات وجودية

مع بدء فرز الأصوات النهائي، تواجه أوروبا سلسلة من التحديات الوجودية التي تحتاج إلى معالجة فورية. وسوف يعقد زعماء الاتحاد الأوروبي اجتماعاً طارئاً الأسبوع المقبل لمناقشة المسائل الدفاعية، في وقت يدرسون فيه احتمالات سحب الولايات المتحدة لدعمها العسكري والمالي الضخم لأوكرانيا.

وبدأت واشنطن أيضاً مفاوضات سلام مع روسيا من دون مشاركة أوروبا أو كييف، وهو أمر قد يؤثر في حال التوصل إلى خاتمة له، على البنية الأمنية في القارة لسنوات قادمة.

واعترف "الحزب الاشتراكي الديمقراطي" بالهزيمة، ووصف شولتس النتيجة بأنها "مريرة". وفي حديثه إلى أنصاره، قال شولتس: "إنها نتيجة سيئة وهذه مسؤوليتي أيضاً".

خيارات الائتلاف في ألمانيا

سيحتاج تحالف ميرتس بين "الحزب الديمقراطي المسيحي" و"الاتحاد الاجتماعي المسيحي" إلى شريك ائتلافي واحد على الأقل، لتأمين الأغلبية في مجلس النواب أو "البوندستاغ". وكلما زاد عدد الأحزاب، أصبح بناء الائتلاف أكثر تعقيداً.

خيارات التحالف الأكثر ترجيحاً لميرتس هي "الحزب الديمقراطي الاجتماعي" من دون أي دور وزاري لشولتس، أو "حزب الخضر". اعتماداً على التركيبة النهائية للبرلمان، قد يحتاج ميرتس إلى الحزبين في ائتلاف ثلاثي الأحزاب، ما قد يجعله غير قابل للإدارة.

إذا تأهلت خمسة أحزاب فقط لدخول البرلمان وكانت التوقعات الحالية قائمة، فإن الكتلة التي يقودها "الاتحاد الديمقراطي المسيحي" و"الحزب الديمقراطي الاجتماعي" سيكون لديها دعم كافٍ للحصول على الأغلبية في مجلس النواب.

استعرض زعيم "الحزب الاشتراكي الديمقراطي" لارس كلينغبيل نفوذ الحزب مع ميرتس، من خلال تلميح لإمكانية عدم إجراء تحالف، مشيراً إلى أن العمل الصعب المتمثل في بناء الائتلاف يقع على عاتق زعيم "الاتحاد الديمقراطي المسيحي".

وقال كلينغبيل: "أؤكد هنا على أنه يمكن تحمل المسؤولية في الحكومة، ولكن أيضاً في المعارضة. تقع مهمة الحكم الآن على عاتق فريدريش ميرتس".

"البديل من أجل ألمانيا" يمثل المعارضة

يبدو أن حزب "البديل من أجل ألمانيا" من أقصى اليمين، الذي سجل أعلى نسبة أصوات له على الإطلاق، سيصبح قوة المعارضة الرئيسية في البرلمان.

يدعو حزب "البديل من أجل ألمانيا" إلى مغادرة الاتحاد الأوروبي وعملته الموحدة، ويريد طرد مئات الآلاف من الأشخاص في حملة صارمة ضد المهاجرين غير المسجلين.

تم تصنيف ثلاثة من فروعه في ولايات في شرق البلاد كانت خاضعة للحكم الشيوعي السابق، على أنها "متطرفة"، وتخضع للمراقبة من قبل جهاز الاستخبارات المحلي في ألمانيا.

انهيار حكومة شولتس

أنهى شولتس ائتلافه غير الشعبي وغير المنضبط المكوّن من ثلاثة أحزاب (حزبه والخضر والديمقراطيين الأحرار) في نوفمبر، بعد أشهر من المشاحنات حول الديون الحكومية.

وأقال شولتس وزير المالية من "الحزب الديمقراطي الحر" كريستيان ليندنر، بعدما أصر على الالتزام بحدود الاقتراض الدستورية في ألمانيا، مما أدى إلى إجراء انتخابات قبل سبعة أشهر من الموعد المحدد.

سيستمر شولتس في الحكم مع "الخضر" في منصب القائم بأعمال الحكومة، حتى يتم تشكيل حكومة جديدة، وهو ما قد يستغرق أسابيع إن لم يكن أشهراً.

حاجة إلى إصلاحات عميقة في ألمانيا

تحتاج ألمانيا بشكل عاجل إلى إصلاحات عميقة لاستعادة القدرة التنافسية للقطاعات الصناعية الرئيسية. لقد رفعت احتمالات تشكيل حكومة جديدة أكثر دعماً للأعمال وخفض أسعار الفائدة، ثقة المستثمرين بأكبر قدر في عامين.

ومع ذلك، تظل ألمانيا معرضة بشكل خاص للمشكلات الاقتصادية في الصين، وقد أثار فائضها التجاري مع الولايات المتحدة غضب الرئيس الأميركي دونالد ترمب. كما اهتزت العلاقات عبر الأطلسي بسبب تحرك الإدارة الأميركية الجديدة للدخول في محادثات مباشرة مع روسيا بشأن اتفاق سلام لأوكرانيا، من دون إشراك حلفاء "الناتو".

وقال ميرتس: "أعرف المسؤولية العظيمة، وحجم العمل الذي نواجهه الآن".

تتداول سوق الأسهم الألمانية بالقرب من أعلى مستوياتها على الإطلاق، مدفوعة بالأرباح المتزايدة التي تحققها الشركات الألمانية في الخارج. كما تلقى مؤشر "داكس" القياسي دعماً من الآمال في أن يتعاون ميرتس مع "الحزب الاشتراكي الديمقراطي"، لمتابعة أجندة أكثر ملاءمة للسوق.

أمل بحل معضلة سقف الديون

يأمل بعض المستثمرين أن ترفع ألمانيا أو تصلح حد الاقتراض الصافي، أو ما يُسمى بكبح الديون، في ظل حكومة جديدة. أشار ميرتس إلى أنه قد يكون على استعداد لمناقشة الإصلاح، ولكنه لفت أيضاً إلى ضرورة تنفيذ تخفيضات عميقة في نفقات الرعاية الاجتماعية السخية في ألمانيا أولاً.

إن كبح الديون منصوص عليه في دستور ألمانيا، مما يعني أن التغيير يتطلب أغلبية الثلثين في البرلمان. هذه عقبة كبيرة لأنها ستحتاج على الأرجح إلى دعم من أحزاب المعارضة.

شهد مقر "حزب البديل من أجل ألمانيا" هتافات في ليلة الانتخابات، بعدما قالت هيئة الإذاعة العامة إن الحزب اليميني في طريقه ليصبح حزب المعارضة الرئيسي في البرلمان المقبل.

يمثل الاختراق الذي حققه حزب "البديل من أجل ألمانيا"، الذي بلغ ذروته سابقاً عند 13% في عام 2017، علامة بارزة أخرى على تصاعد الدعم للأحزاب اليمينية على امتداد أوروبا.

وتعهدت المرشحة المتفائلة للحزب، أليس فايدل، بالتغلب على حزب "الاتحاد الديمقراطي المسيحي/ الاتحاد الاجتماعي المسيحي" الذي يتزعمه ميرتس في سعيها إلى الفوز في الانتخابات المقبلة، في مقابلة مع هيئة الإذاعة الحكومية. وقالت: "سنطاردهم".

تصنيفات

قصص قد تهمك

عدم اليقين الاقتصادي يعيد رسم الخريطة السياسية في ألمانيا

الدعوات الحزبية لتخلي ألمانيا عن الاتفاقات الدولية بشأن المناخ تلقى صدى لدى السكان المحليين، رغم عدم واقعيتها قانونياً واقتصادياً

time reading iconدقائق القراءة - 13
عمال خارج مرافق تغيير الملابس في منجم الفحم البني \"هامباخ\" التابع لشركة \"آر دبليو إي\" في نيدرزاير، ألمانيا، بتاريخ 27 نوفمبر 2024 - بلومبرغ
عمال خارج مرافق تغيير الملابس في منجم الفحم البني "هامباخ" التابع لشركة "آر دبليو إي" في نيدرزاير، ألمانيا، بتاريخ 27 نوفمبر 2024 - بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

في منجم "هامباخ" المفتوح الواقع على أطراف قلب ألمانيا الصناعي السابق، تهتز الأرض مع حركة عجلة حفارة عملاقة أثقل من "برج إيفل"، وهي تشق طريقها عبر الطبيعة للتنقيب عن الفحم البني المستخدم في تشغيل المصانع، مثل مجموعة مصانع الورق في مدينة "دورين" القريبة.

في هذه المدينة الصغيرة التي يقطنها 90 ألف نسمة، على بُعد 40 كيلومتراً غرب كولونيا، تتعارض تحديات ألمانيا، وفي أماكن كانت مزدهرة مثل "دورين"، يتم خوض معركة من أجل مستقبل البلاد.

في نهاية هذا الأسبوع، تبدأ الحملات السياسية على قدم وساق استعداداً للانتخابات المبكرة المقررة في 23 فبراير، عندما يعقد "الحزب الاشتراكي الديمقراطي" الحاكم وحزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني، وهو القوة الصاعدة في المنطقة، مؤتمرات حزبية، بينما يلتقي قادة "الاتحاد الديمقراطي المسيحي" المحافظ في هامبورغ.

قال هيلغه بيتر هيرفيغن، المسؤول المحلي في نقابة "آي جي بي سي" (IGBCE) التي تمثل عمال المناجم وصناعة الورق، وكانت يوماً ما صوتاً قوياً في المنطقة: "هناك الكثير من عدم اليقين. المحادثات مع المنتسبين صعبة للغاية".

حفارة عملاقة تعمل في منجم "هامباخ" المفتوح التابع لشركة "آر دبليو إي" في نيدرزاير، بتاريخ 27 نوفمبر 2024 - بلومبرغ
حفارة عملاقة تعمل في منجم "هامباخ" المفتوح التابع لشركة "آر دبليو إي" في نيدرزاير، بتاريخ 27 نوفمبر 2024 - بلومبرغ

تغيرات هيكلية تعصف بألمانيا

بدءاً من انعدام الأمن في مجال الطاقة إلى تباطؤ التصنيع، تقع مدينة دورين في قلب التغيرات الهيكلية التي تعصف بأكبر اقتصاد في أوروبا. مع انتقال ألمانيا تدريجياً للتخلي عن الوقود الأحفوري المحلي مثل ذلك الموجود في هامباخ، يشعر العمال ذوو الياقات الزرقاء بالقلق بشأن استقرار وظائفهم، حيث يكافح أرباب الأعمال لمنافسة نظرائهم في الولايات المتحدة والصين.

ألقى التباطؤ الصناعي في ألمانيا بظلال قاتمة لغاية على ولاية شمال الراين-وستفاليا، الأكثر كثافة سكانية في البلاد. فالشركات الكبرى مثل "تيسنكروب" (Thyssenkrupp AG) و"فورد موتور" (.Ford Motor Co) تخفض أعداد الموظفين، بينما أدت سنوات من البرامج السياسية الفاترة، وإخفاق حكومة المستشار أولاف شولتس، إلى زعزعة الثقة بشكل أكبر.

يستغل حزب "البديل من أجل ألمانيا"، الذي يحتل المركز الثاني في استطلاعات الرأي الوطنية بعد كتلة "الاتحاد المسيحي الديمقراطي-الاتحاد الاجتماعي المسيحي"، المخاوف في مجتمعات مثل دورين التي ستتحمل وطأة طموحات ألمانيا للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية، حيث تجد دعوته للتخلي عن الاتفاقات الدولية بشأن المناخ صدى لدى السكان المحليين. حتى وإن كانت هذه الخطوات غير واقعية من الناحية القانونية أو الاقتصادية، فإن احتمال استمرار الوضع الراهن مع الأحزاب التقليدية لا يبدو جذاباً للسكان القلقين.

رياح معاكسة

في دورين، حصل حزب "البديل من أجل ألمانيا" على أكثر من 4 آلاف صوت في انتخابات البرلمان الأوروبي في يونيو الماضي، وكان على بعد 132 صوتاً فقط من تجاوز الحزب "الاشتراكي الديمقراطي" بقيادة شولتس، الذي كان يُعتبر يوماً ما الصوت الموثوق للطبقة العاملة.

بينما يبدو التحول نحو اليمين أكثر وضوحاً في شرق ألمانيا الشيوعي السابق، فإن الرياح المعاكسة التي تواجه أحزاب الوسط-اليسار واضحة في تراجع شعبية الحزب "الاشتراكي الديمقراطي" وحزب "الخضر" لصالح الأحزاب الشعبوية، بما في ذلك حزب "تحالف سارة فاغنكنشت–العقل والعدالة"، المعروف اختصاراً بـ"BSW" الجديد ذي الميول اليسارية، في مختلف أنحاء ألمانيا.

يحتل الحزب "الاشتراكي الديمقراطي" حالياً المركز الثالث في استطلاعات الرأي، بعد حزب "البديل من أجل ألمانيا"، الذي تجاوزت شعبيته 20%. بينما يتمتع المحافظون بتقدم مريح بأكثر من 30%.

في ولاية شمال الراين-وستفاليا، أصبحت مدن مثل دويسبورغ التي تخطط شركة صناعة الصلب "تيسنكروب" لتسريح 11 ألف موظف بها، وبوخوم، التي لا تزال تعاني من تداعيات إغلاق مصنع سيارات "أوبل" في عام 2014، أهدافاً لحزب "البديل من أجل ألمانيا" الذي يسعى لتعزيز قاعدته في غرب البلاد.

قال كريستيان لوس، المتحدث الاقتصادي باسم حزب "البديل من أجل ألمانيا" في المنطقة: "السكان في هذه المدن يدركون حجم الضرر الذي تسبب فيه السياسيون". مع سعي الحزب للهيمنة في الولاية بحلول نهاية العقد، فهو يهدف إلى إضعاف تأثير النقابات العمالية. أضاف: "زعماء النقابات يدعمون سياسات المناخ، ولا يمثلون مصالح أعضائهم".

مصادر الإحباط تتباين

تتباين مصادر الإحباط لدى الناخبين في ألمانيا. ففي الشرق، يعود السبب إلى توحيد البلاد والشعور بالتهميش الذي تفاقم مع تدفق المهاجرين. بينما ينشأ القلق في الغرب من تهديدات لمستويات المعيشة التي كانت مريحة في السابق بسبب تراجع القدرة التنافسية، وأصبحت المبادرات البيئية هدفاً للانتقاد؛ كونها تُعتبر مضرة بالأعمال المحلية.

قال ينز زوديكم، أستاذ الاقتصاد الدولي في جامعة "هاينريش هاينه" بدوسلدورف: "حزب البديل من أجل ألمانيا يستغل القلق في المناطق التي تكافح فيها الصناعات للتكيف". توقع أن يزداد هذا الاتجاه حدة مع تسريع ألمانيا لتخفيض الانبعاثات هذا العقد، لتحقيق أهداف المناخ. أضاف: "بالنسبة للناخبين القلقين، يقدم حزب البديل مساراً مختلفاً جذرياً".

في دورين، يبدو التعافي الاقتصادي بعيد المنال، ويُعد مصنع الورق "شولرشهامر" رمزاً لهذه المعاناة المحلية.

كان المصنع يعتمد في السابق على ثلاث شحنات أسبوعية من قوالب الفحم البني من منتج قريب من منجم هامباخ. بعد أن أقرّت حكومة أنجيلا ميركل في عام 2019 خططاً للتخلص التدريجي من الفحم، قام المصنع بتركيب فرن يعمل بالغاز لتوليد البخار اللازم للإنتاج. لكن هذا الحل لم يدُم طويلاً.

مبانٍ صناعية وسارية مدخنة طويلة في مدينة دورين، غرب ألمانيا - بلومبرغ
مبانٍ صناعية وسارية مدخنة طويلة في مدينة دورين، غرب ألمانيا - بلومبرغ
متسوقون وسط أجواء احتفالية في إحدى الأسواق بولاية شمال الراين، ألمانيا - بلومبرغ
متسوقون وسط أجواء احتفالية في إحدى الأسواق بولاية شمال الراين، ألمانيا - بلومبرغ

تأثير وقف الغاز الروسي

تسببت تحركات روسيا لوقف إمدادات الغاز بعد حربها على أوكرانيا في عام 2022، في ارتفاع أسعار الغاز بشكل كبير، ما أدخل مصنع "شولرشهامر" في أزمة. لجأ المصنع إلى حرق مخلفاته الإنتاجية لتقليل تكاليف الطاقة، لكن التحديات لا تزال قائمة. فالتشريعات الأوروبية والاقتصاد البطيء، يضيفان المزيد من الصعوبات.

قال أرمين فيتر، مدير الإنتاج في "شولرشهامر"، الذي تعود جذوره إلى القرن الثامن عشر: "الأعمال صعبة للغاية حالياً". أضاف أن الوضع مشابه للركود الذي أعقب الأزمة المالية العالمية لكنه أطول أمداً. تابع: "لا توجد أي إشارات على تحسن الطلبات لدينا".

تدهور آفاق العمل يثير شعوراً متزايداً بالغربة بين الشباب الألمان، ما دفع حزب "البديل من أجل ألمانيا" لاستهداف هذه الفئة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي مثل "تيك توك". في فيديو حديث، دعا مارتن فينسينتز، البالغ من العمر 38 عاماً ورئيس كتلة حزب "البديل من أجل ألمانيا" في برلمان ولاية شمال الراين-وستفاليا، الشباب إلى رفض الوضع الراهن و"إتمام التغيير السياسي في هذا البلد".

قال ماتياس دورباوم، ممثل الموظفين في مجلس الإشراف على شركة "آر دبليو إي" (RWE AG) ومن مواليد دورين: "نلاحظ أن الكثير من التواصل يتم الآن عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وليس بشكل مباشر في الشركات"، مشيراً إلى تراجع تأثير النقابات العمالية على الانتماءات السياسية.

منجم هامباخ المفتوح في ولاية شمال الراين-وستفاليا، ألمانيا - بلومبرغ
منجم هامباخ المفتوح في ولاية شمال الراين-وستفاليا، ألمانيا - بلومبرغ
عمال داخل كافيتيريا في موقع المنجم - بلومبرغ
عمال داخل كافيتيريا في موقع المنجم - بلومبرغ

مخاوف من "البديل من أجل ألمانيا"

يثير حزب "البديل من أجل ألمانيا" مخاوف بترويجه لترحيل المهاجرين، ودعوته إلى انسحاب ألمانيا من منطقة اليورو. بعد تعليقات عنصرية واستخدام بعض قادته شعارات نازية محظورة، تم تصنيف ثلاثة فروع للحزب في ولايات شرق البلاد كجماعات يمينية متطرفة، ووُضعت تحت مراقبة جهاز الاستخبارات الداخلية.

في دورين، يحاول إرنست مولر وزوجته إيفون منع الشباب من الانجراف نحو القومية العرقية. الملاكم السابق وبطل أوروبا للوزن المتوسط يدير صالة رياضية، ويدرب العشرات من المراهقين، مقدماً لهم الدعم والسعي نحو تحقيق هدف، بغض النظر عن خلفياتهم. 

قطع تذكارية من أيام ازدهار إرنست مولر تُزين مكتب بطل الملاكمة السابق في مدينة دورين، ألمانيا - بلومبرغ
قطع تذكارية من أيام ازدهار إرنست مولر تُزين مكتب بطل الملاكمة السابق في مدينة دورين، ألمانيا - بلومبرغ

التكاتف للخروج من الأزمة

يجلس مولر في مكتبه المليء بالصور والتذكارات من مسيرته في أواخر السبعينيات من القرن الماضي، مشيراً بفخر إلى جائزة حصل عليها من المدينة لدوره في دمج الشباب غير الألمان في المجتمع. تقول الزوجة إن ألمانيا بحاجة إلى التكاتف للخروج من أزمتها.

أضافت إيفون: "نحن هنا مثل العائلة"، مشددة على موقف النادي الرافض للتأثيرات اليمينية المتطرفة التي تظهر في بعض أندية الفنون القتالية المختلطة في أوروبا والولايات المتحدة. أضافت: "نعتني ببعضنا البعض، وندعم بعضنا في الأوقات الصعبة. نحن فخورون للغاية بما يحققه هؤلاء المراهقون لاحقاً". 

جلسة تدريبية للشباب الألمان في صالة الملاكم السابق إرنست مولر، في دورين، ألمانيا - بلومبرغ
جلسة تدريبية للشباب الألمان في صالة الملاكم السابق إرنست مولر، في دورين، ألمانيا - بلومبرغ

في قاعة المدينة، يحاول العمدة فرانك-بيتر أولريش استحضار مواقف مطمئنة من التاريخ. في مكتب العمدة، وهو عضو في الحزب الاشتراكي الديمقراطي، تبرز لوحة نسيجية تسلط الضوء على محطات كارثية من حرب الثلاثين عاماً إلى الحرب العالمية الثانية، عندما دمرت قوات الحلفاء المدينة لتجنب معارك دموية من منزل إلى منزل. مع ذلك، تمكن المجتمع من النهوض في كل مرة.

على الرغم من أن الوضع الآن أقل دراماتيكية، يعترف أولريش بأن التأخيرات في تلقي التمويل اللازم لتسهيل تخلص المنطقة من الفحم قد عمقت شكوك الجمهور، خاصة بعد إخلاء بلدات وإزالة أجزاء من غابة عمرها 12 ألف عام لاستخراج الفحم.

قال أولريش: "ترك الناس منازلهم لتعزيز الاقتصاد"، مشيراً إلى القرى التي دُمرت لتوسيع عمليات التعدين. أضاف: "كان الاتفاق يتمثل في توفير وظائف مستقرة وتنمية، لكن تلك الثقة باتت تتهاوى".

تصنيفات

قصص قد تهمك

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.