هل تجمع "مبادرة مستقبل الاستثمار" في ميامي بين أهداف السعودية وأميركا؟

يُرتقب أن يلقي الرئيس الأميركي دونالد ترمب كلمة الافتتاح عند الواحدة فجر الخميس بتوقيت الرياض

time reading iconدقائق القراءة - 7
من حفل افتتاح \"مبادرة مستقبل الاستثمار\"، ويبدو شعار \"البوصلة الجديدة\" التي تمثل عنوان النسخة السابعة من المبادرة، الرياض، المملكة العربية السعودية، 24 أكتوبر 2023 - المصدر: بلومبرغ
من حفل افتتاح "مبادرة مستقبل الاستثمار"، ويبدو شعار "البوصلة الجديدة" التي تمثل عنوان النسخة السابعة من المبادرة، الرياض، المملكة العربية السعودية، 24 أكتوبر 2023 - المصدر: بلومبرغ

ينطلق مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار" السعودي في ميامي بعد منتصف هذه الليلة بتوقيت الرياض. وتركز ثالث نسخة منه تُعقد في ميامي تحت شعار "الاستثمار الموجه بالهدف"، على إعادة تعريف دور رأس المال بمواجهة التحديات العالمية الكبرى، مع التركيز على استراتيجيات التمويل المبتكرة، والتعاون بين القطاعين العام والخاص، والتقنيات الناشئة القادرة على تعزيز مرونة الاقتصاد واستدامته، بحسب أجندة المؤتمر.

فرصة للاطلاع على أفكار ترمب

تكتسب هذه النسخة أهمية مضاعفة مع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، وتهديده بفرض رسوم جمركية على الحلفاء والخصوم، في وقت يصر على إعادة التصنيع والأعمال إلى الولايات المتحدة، من خلال إطلاق محفزات تشجع الاستثمارات الأجنبية على التدفق إلى الولايات المتحدة.

رغم العناوين العريضة للرئيس الأميركي، إلا أن الكثير من تفاصيل سياساته لا تزال غير واضحة، حتى أنه لم يحدد تفاصيل أمور أعلن عنها، على غرار إنشاء صندوق سيادي أميركي، ما يفاقم من حالة عدم اليقين في الأسواق. 

قد يشكل المؤتمر فرصة للأسواق للاطلاع على أفكار ترمب وسياساته، حيث من المقرر أن يلقي الكلمة الافتتاحية في اليوم الأول عند الساعة الواحدة فجر الخميس بتوقيت الرياض.

مبادرة مستقبل الاستثمار نقطة التقاء

"الاستثمار الموجه بهدف" يُعتبر شعاراً تتبناه كل من السعودية والولايات المتحدة الأميركية. فأكبر اقتصاد عربي يواصل الاستثمار محلياً وخارجياً، ضمن إطار هدف رئيس يتمثل في زيادة تنويع الاقتصاد وفق "رؤية المملكة 2030"، في حين ترغب الولايات المتحدة في جذب الاستثمارات إلى الولايات المتحدة، وتخفيف العجز التجاري مع الكثير من الدول. 

يمكن للمؤتمر أن يشكل نقطة التقاء بين أهداف الولايات المتحدة والمملكة، خصوصاً أن العلاقات بين الدولتين أخذت حيزاً مهماً من أجندة المؤتمر، مع حضور شخصيات سعودية وأميركية رفيعة المستوى.

سيشارك محافظ صندوق الاستثمارات العامة ياسر الرميان في الجلسة الحوارية الافتتاحية، في حين سيتحدث وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح عن "تمكين الأهداف: كيفية بناء اقتصادات مرنة في أوقات عدم اليقين".

سفيرة السعودية لدى الولايات المتحدة ريما بنت بندر آل سعود بدورها ستكون متحدثة في جلستين، تتناول الأولى قدرة القادة على بناء أسس جديدة في ظل التفكك الجغرافي. أما الجلسة الثانية التي ستكون مع وزير الاستثمار السعودي أيضاً، فتركز على "رأس المال والشراكة الاستراتيجية: أجندة الاستثمار السعودية الأميركية".

لن يقتصر نقاش العلاقات الثنائية على الجانب السعودي، إذ سيتحدث مبعوث ترمب للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف في جلسة بعنوان: "هل بدأ عصر جديد من التعاون الاقتصادي بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط؟"، والتي يديرها جاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي، والرئيس التنفيذي لشركة "أفينيتي بارتنرز".

تُظهر عناوين الجلسات والشخصيات المشاركة حجم اهتمام الطرفين بتنمية العلاقات الثنائية، ما يتيح لهذا المؤتمر فرصة بارزة لكي يكون نقطة وصل جديدة بينهما. 

الاستثمارات السعودية في أميركا

يأتي المؤتمر بعد أسابيع من إعلان السعودية عزمها زيادة تجارتها واستثماراتها في الولايات المتحدة بنحو 600 مليار دولار خلال 4 سنوات، مع إمكانية زيادة هذا المبلغ في حال سنحت فرص لذلك. 

يبلغ حجم هذه الاستثمارات حالياً نحو 770 مليار دولار، كما صرح سابقاً وزير المالية السعودي محمد الجدعان. ووصلت حيازت السعودية من سندات الخزانة الأميركية إلى نحو 136.5مليار دولار في نوفمبر الماضي، في حين بلغ إجمالي التجارة الثنائية في عام 2023 نحو 29.7 مليار دولار (112 مليار ريال سعودي)، وفق وكالة الأنباء السعودية.

كما زاد صندوق الاستثمارات العامة السعودي حيازاته في العديد من الشركات الأميركية. إذ أظهرت بيانات الربع الثالث من العام الماضي، أن الصندوق الذي يدير أصولاً تقترب قيمتها من تريليون دولار، زاد ملكيته في الأسهم الأميركية إلى قرابة 27 مليار دولار، وهو ارتفاع بنحو 6 مليارات دولار عن الربع الثاني من 2023.

آثار سياسات ترمب

تتخوف الأسواق من تأثيرات سياسات ترمب على الاقتصادين الأميركي والعالمي، خصوصاً مع تهديده لجيرانه وأكبر شركائه التجاريين بفرض رسوم جمركية على غالبية الواردات، وفي مقدمتها رسوم بـ25% على السيارات والرقائق والأدوية في أبريل.

هذه السياسات من شأنها أن تفرز رابحين وخاسرين في الولايات المتحدة وحول العالم، بحسب تيم كالين، الباحث الزائر في "معهد دول الخليج العربية" في واشنطن. لكنه رأى في تصريح لـ"الشرق"، أن الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة "سترتفع بلا شك" بغض النظر عن سياسات ترمب التجارية وآثارها، خصوصاً مع سعي المملكة لنقل التكنولوجيا والمعرفة إليها، معتبراً الإعلان السعودي عن زيادة الاستثمار، "دليلاً على عمق العلاقات الاقتصادية والمالية" بين البلدين، وهو ما يمكن أن يتعزز أكثر من خلال المؤتمر.

إلى أين ستتوجه الاستثمارات الجديدة؟

يتوقع بيير فضول، المدير الإداري لشركة "سكوير أسوشيتس" في سنغافورة، في تصريح لـ"الشرق"، أن تتوجه الاستثمارات السعودية الجديدة إلى قطاعات مثل التكنولوجيا والدفاع والطاقة، بهدف ضمان تحقيق أهداف المملكة الاستثمارية.

تكشف أجندة أعمال المؤتمر تركيزاً واضحاً على قطاعات بعينها. التكنولوجيا والابتكار في مقدمة هذه القطاعات، حيث تبحث جلسات المؤتمر التطورات في التقنيات المبتكرة مثل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية والتكنولوجيا النانوية والحوسبة الكمومية، وكيفية استخدام هذه التقنيات في تحويل الصناعات وخلق فرص جديدة للنمو الاقتصادي.

بالإضافة لذلك، فإن قطاع الطاقة سيكون من ضمن البنود الرئيسية على جدول الأعمال، إذ سيركز المؤتمر على حلول الطاقة المستدامة، والتحول الأخضر، والآثار الأوسع لسياسات الطاقة على الأسواق العالمية.

رغم أن حجم الاقتصاد السعودي يفوق التريليون دولار، لكن زيادة استثمارات المملكة في السوق الأميركية بمقدار 600 مليار دولار خلال 4 سنوات ليس أمراً يسيراً.  لذا فإن "القطاع الخاص والمكاتب العائلية قد تلعب دوراً رئيسياً في الوصول إلى هذا المبلغ خلال السنوات المقبلة"، بحسب فضول.

ويظهر الاهتمام بالقطاع الخاص بوضوح في المؤتمر، إذ سيتطرق بجلساته إلى أهمية التعاون بين الشركات والقطاع العام، مع التركيز على كيفية مساهمة هذه الشراكات في معالجة التحديات المجتمعية، وتعزيز الرخاء على المدى الطويل.

تصنيفات

قصص قد تهمك

صندوق النقد: الاستثمار الأجنبي يتفوق على الصناديق السيادية بتوليد النمو في الخليج

"الشرق" حصلت على نتائج دراسة قيد النشر حول أثر أموال صناديق الثروة في أسواقها المحلية

time reading iconدقائق القراءة - 6
عمليات الإنشاء في بداياتها بأحد مشاريع \"البحر الأحمر الدولية\" في السعودية.. دراسة صندوق النقد الدولي أشارت إلى تركيز الاستثمارات المحلية للصناديق السيادية الخليجية على مشاريع البنية الأساسية طويلة الأمد والأثر - المصدر: بلومبرغ
عمليات الإنشاء في بداياتها بأحد مشاريع "البحر الأحمر الدولية" في السعودية.. دراسة صندوق النقد الدولي أشارت إلى تركيز الاستثمارات المحلية للصناديق السيادية الخليجية على مشاريع البنية الأساسية طويلة الأمد والأثر - المصدر: بلومبرغ
واشنطنحسن يحيى
المصدر:

الشرق

وجدت دراسة قيد الإعداد من قِبل "صندوق النقد الدولي"، أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة في دول الخليج لها تأثير أكبر على نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي مقارنةً بالاستثمارات المحلية لصناديقها السيادية.

الدراسة التي لم تُنشر بعد، واطلعت "الشرق" على خلاصاتها، ركزت على استثمارات الأسهم الخاصة وعمليات الدمج والاستحواذ العائدة للصناديق السيادية في دول الخليج، مع استثناء القطاع المالي من المعادلة. وتهدف إلى تقديم نموذج يمكن من خلاله تقدير حجم رأس المال المطلوب استثماره للوصول إلى مستوى معين من النمو في القطاعات غير النفطية، والناتج المحلي الإجمالي.

وفق تصريحات لـ"الشرق" من وينينغ تشين وييفغينيا كوروناكا اللذين أعدا الدراسة، فإن زيادة الاستثمارات الأجنبية بنسبة 1% من الناتج المحلي الإجمالي، تؤدي إلى زيادة بنسبة أعلى من 1% في نمو الناتج المحلي الإجمالي غير الهيدروكربوني على مدى خمس سنوات. بنيما تحقق استثمارات الصناديق السيادية المحلية تأثيراً أصغر بشكلٍ ملحوظ، حيث تولد زيادتها بالنسبة ذاتها نمواً بنسبة 0.4% للفترة عينها، ما يعني أن استثمارات الصناديق السيادية المحلية "أقل فعالية بمرتين ونصف في توليد النمو من الاستثمارات الأجنبية".

أسباب الاختلاف 

كان جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في الصندوق، لمّح إلى هذه الدراسة في مقابلة مع "الشرق"، على هامش اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن منتصف أكتوبر، مشيراً إلى أن العائد على رأس المال منخفض في دول الخليج خلال العقدين الماضيين، مشجعاً دول المنطقة على الاستثمار أكثر برأس المال البشري، وتعزيز العائد على الاستثمار المالي.

يرى تيم كالن، الباحث الزائر في "معهد دول الخليج العربية" في واشنطن، صعوبة في تحليل هذه النتائج نظراً إلى أن الدراسة لم تنشر بعد، لكنه يقدّر أن النتيجة التي خلصت إليها قد تكون ناجمة عن عاملين أساسيين. 

كالين، الذي شغل سابقاً منصب المدير المساعد السابق بقسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، قال في تصريح لـ"الشرق" إن السببين المحتملين هما أن "الاستثمارات المحلية غالباً ما تركز على مشاريع البناء أكثر من الاستثمارات الأجنبية،كما أنها قد تكون أقل تعزيزاً للنمو نظراً إلى أن القطاع العام هو مصدر غالبية هذه الاستثمارات".

معدا الدراسة لفتا إلى أن التأثير الأصغر لاستثمارات الصناديق السيادية المحلية قد ينبع من تركيزها على مشاريع البنية الأساسية واسعة النطاق، بينما تكون هذه الاستثمارات غالباً أقل كثافة في المعرفة والتكنولوجيا. وعادةً ما تكون لمشاريع البنية الأساسية الكبيرة جداول زمنية أطول من خمس سنوات، وتأثيرات نمو فورية أقل.

وأشارا إلى أن نتائج الدراسة تبين الحاجة إلى "تحسين إدارة الاستثمار العام وتحديد الأولويات"، ونوّها بأنه من خلال "تعزيز بيئة أكثر ملاءمة لمشاركة القطاع الخاص، يمكن أن يكون لاستثمارات الصناديق السيادية المحلية تأثير أكبر على النمو غير الهيدروكربوني".

السعودية نموذج للآليتين

تلعب صناديق الثروة السيادية في الخليج دوراً رئيساً في عملية التحول الاقتصادي، من خلال الاستثمار في القطاعات غير النفطية بشكلٍ أساسي. وهي تشهد مؤخراً تركيزاً متنامياً على أسواقها المحلية. 

ويتجلى هذا التوجه بشكلٍ واضح في استراتيجية صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الذي يدير أصولاً تناهز تريليون دولار، حيث عدّل خطته الاستثمارية مؤخراً لتركز على القطاعات المحلية، مستهدفاً تقليص استثماراته الدولية من 30% في الوقت الحالي إلى نطاق بين 18 إلى 20%، بحسب ما أعلنه محافظ الصندوق ياسر الرميان خلال مبادرة مستقبل الاستثمار السعودية التي عُقدت في الرياض الأسبوع الماضي. 

بموازاة ذلك، تدرك حكومة المملكة أهمية الاستثمارات الأجنبية المباشرة في توليد النمو وتعزيز الاقتصاد، وهي تسعى لأن تتجاوز قيمة هذه الاستثمارات 100 مليار دولار سنوياً بحلول 2030. واستقبلت المملكة استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة تزيد قليلاً عن 9.7 مليار دولار في النصف الأول من السنة، ونحو 19 مليار دولار العام الماضي.  

كان أزعور اعتبر أيضاً في حديثه لـ"الشرق"، أن مستويات تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى أسواق الخليج خلال العقد الماضي، "لم تكن بالمستوى المطلوب أو على قدر الطموحات". لكنه أشار إلى أن حكومات المنطقة "نفذت مجموعة من الإصلاحات التي ساهمت في تحسين بيئة الاستثمار ورفع منسوب النمو من خارج الإطار الحكومي، بما سيساهم في تكبير حجم الاقتصاد ورفع مستوى القدرة على استقطاب رؤوس الأموال الاستثمارية، لا سيما إلى القطاعات غير النفطية، مثل السياحة والترفيه والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي".

تغير في طبيعة الاستثمارات

لحظت دراسة صندوق النقد أيضاً تغيّراً في طبيعة الاستثمارات الواردة إلى المنطقة منذ 2020، إذ توجهت هذه الاستثمارات نحو قطاعات الخدمات القابلة للتسويق، التي تشمل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والخدمات اللوجستية والرعاية الصحية والخدمات التجارية والضيافة.

قبل فيروس كورونا، كانت معظم الاستثمارات تتركز في القطاعات التقليدية، مثل التمويل والعقارات وبعض الصناعات التحويلية والهيدروكربونات. لكن هذا التحول يعكس التحرك نحو القطاعات الأكثر كثافة في المعرفة، والتي تتمتع بإمكانات نمو عالية، وفقاً لمعدي الدراسة.

ونوّه الصندوق في خلاصة تقريره بأن هذه القطاعات باتت تستحوذ على 74% من مجمل الاستثمارات الأجنبية المباشرة في دول الخليج للفترة من 2020 إلى 2023، مقارنةً بنحو 33% فقط خلال السنوات الخمس من 2015 إلى 2019.

تصنيفات

قصص قد تهمك

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.