لبنان يشكل حكومة إنقاذ وإصلاح اقتصادي من 24 وزيراً

ياسين جابر وزيراً للمالية.. وعامر البساط يتولى الاقتصاد قادماً من "بلاك روك"

time reading iconدقائق القراءة - 5
مرسى منطقة زيتوناي باي الراقية في بيروت، لبنان، يوم الثلاثاء 13 أبريل 2021 - المصدر: بلومبرغ
مرسى منطقة زيتوناي باي الراقية في بيروت، لبنان، يوم الثلاثاء 13 أبريل 2021 - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

الشرق

بعد سنوات من الجمود السياسي، شهد لبنان اليوم تشكيل حكومة جديدة تضم 24 وزيراً، لتعود المؤسسات الحكومية إلى العمل عقب انتخاب جوزاف عون رئيساً، وتكليف نواف سلام بتشكيل حكومة، والذي خاض محادثات استمرت أكثر من 3 أسابيع مع الأحزاب السياسية في البلاد للوصول إلى تشكيلة حكومية تحظى بثقة مجلس النواب.

سلام صرح للصحفيين في بيروت، أن الحكومة الجديدة، والتي ستكون أول حكومة دائمة في لبنان منذ أكتوبر 2022، "ستمضي قدماً في تنفيذ الإصلاحات المالية والاقتصادية" 

ومنذ أكتوبر 2022، شهد لبنان جموداً سياسياً إثر عدم انتخاب رئيس جمهورية بعد انتهاء ولاية ميشال عون، كما واصلت حكومة ميقاتي تصريف الأعمال نتيجة عدم تكليف حكومة جديدة بسبب الشغور الرئاسي. 

حكومة الإصلاح والإنقاذ

سلام قال في كلمة عقب قرار التكليف: "أما وقد أعلنا الحكومة التي أتمنى أن تكون حكومة الإصلاح والإنقاذ.. يهمني أن أؤكد على النقاط التالية.. أولاً أن الإصلاح هو الطريق الوحيد إلى الإنقاذ الحقيقي". وأعلنت الرئاسة اللبنانية أن مجلس الوزراء الجديد دٌعي إلى أول جلسة الثلاثاء المقبل 11 فبراير في قصر بعبدا.

اقرأ المزيد: الالتزام بالتعهدات.. أبرز تحديات "العهد الجديد" في لبنان

يُعاني لبنان من أزمة اقتصادية منذ عام 2019، أفقدت الليرة اللبنانية نحو 90% من قيمتها، وأدّت إلى انهيار القطاع المصرفي، وتخلُّف البلاد عن سداد 30 مليار دولار من السندات الدولية.

والآن، يقف لبنان على أعتاب استحقاقات اقتصادية تتمثل في الحفاظ على بعض المنجزات التي حدثت خلال الفترة الماضية، مثل سعر صرف الليرة اللبنانية المستقر، والتوازن المالي. 

بالإضافة لما سبق، فإن إعادة إعمار ما دمرته الحرب الأخيرة مع إسرائيل تمثل تحدياً إضافياً. ويقدر البنك الدولي كلفة إعادة إعمار لبنان بنحو 8.5 مليار دولار، وهو ما لا يستطيع البلد تحمل كلفته، ما يعني أنه سيحتاج دعماً دولياً وعربياً.

ويأتي تشكيل الحكومة الجديدة بعد تعهد سلام منذ أيام قليلة بتشكيل حكومة "إصلاح تضم كفاءات عالية"، مشدداً على أنه "لن يسمح بأن تحمل في داخلها إمكانية تعطيل عملها بأي شكل من الأشكال"، وسط تصاعد الآمال بعهد جديد يشهد الاستقرار بعد طول غياب.

التشكيل الحكومي الجديد في لبنان

فيما يلي أبرز ملامح التشكيل الحكومي، وفق ما أوردته وكالة الأنباء اللبنانية:

نائب رئيس الحكومة: طارق متري

وزير الدفاع: ميشال منسى

وزير المالية: ياسين جابر

وزير الخارجية والمغتربين: يوسف رجّي

وزير الاتصالات: شارل الحاج

وزير الطاقة والمياه: جوزيف صدي

وزير الصناعة: جو عيسى الخوري

وزير الاقتصاد والتجارة: عامر البساط

مهمة "المالية"

وزارة المالية تعد من الحقائب الأساسية في ظل سعي البلاد إلى إصلاح اقتصادها، وإتمام إعادة هيكلة الديون المؤجلة منذ فترة طويلة. إذ تم اختيار النائب ووزير الاقتصاد السابق ياسين جابر وزيراً للمالية.

المهمة الأولى لـ"جابر" ستكون الإشراف على تنفيذ الإصلاحات الحاسمة التي يطالب بها صندوق النقد الدولي، لتمكين الحصول على حزمة دعم بقيمة 3 مليارات دولار، قد تمهد الطريق لصرف مليارات الدولارات الإضافية من مساعدات المانحين.

وكانت آخر زيارة لوفد صندوق النقد الدولي إلى لبنان في مايو الماضي، حيث وصف الإصلاحات التي أُنجزت بأنها "غير كافية لتحقيق التعافي"، مشيراً إلى غياب استراتيجية واضحة للنظام المالي.

تجدر الإشارة إلى أن جابر، وزير المالية، كان من أبرز المنتقدين لفشل لبنان في تنفيذ الإصلاحات. وخلال فترة عمله في البرلمان، كان جزءاً من لجنة حاولت تسوية الخلافات حول الخسائر المالية للبلاد.

سيكون على رئيس الوزراء الجديد والفريق الاقتصادي مواجهة التحديات الناتجة عن التعقيدات السياسية في لبنان، إلى جانب تلبية مطالب صندوق النقد الدولي، والتفاوض مع حاملي السندات الخاصة، والمساهمين في البنوك. يأتي هذا في إطار السعي لإيجاد حل لفجوة مالية بقيمة 80 مليار دولار، أي ما يعادل أربعة أضعاف حجم الاقتصاد اللبناني.

من "بلاك روك" إلى وزارة الاقتصاد

كما تم اختيار عامر البساط وزيراً للاقتصاد، ليكون ضمن الفريق المكلف بإعداد خطة إنعاش لإطلاق حزمة صندوق النقد الدولي المتوقفة بقيمة 3 مليارات دولار.

تجدر الإشارة إلى أن البساط شغل سابقاً منصب العضو المنتدب والرئيس للأسواق الناشئة والديون السيادية في شركة الاستثمارات العالمية "بلاك روك". وقبلها كان شريكاً في صناديق التحوط الكلية "تراكزيس" و"روبيكون". كما عمل أيضاً في السابق لدى "مورغان ستانلي" و"يو بي إس".

ويُعدُّ تنشيط القطاع المصرفي أمراً حاسماً لتحسين الوضع الاقتصادي في لبنان، خاصةً بعد أن باءت المحاولات السابقة بالفشل في ظل عدم تمكن المشرعين والمقرضين والبنك المركزي من الاتفاق على خطة لإعادة هيكلة النظام المصرفي.

تصنيفات

قصص قد تهمك

سندات لبنان تستأنف ارتفاعها مع قرب الاتفاق على وزير للمالية

السندات السيادية اللبنانية تحقق عائداً 7.6% خلال أسبوع في أفضل أداء منذ فبراير 2024

time reading iconدقائق القراءة - 5
علم لبنان يعلو مقر البرلمان في العاصمة بيروت - AFP
علم لبنان يعلو مقر البرلمان في العاصمة بيروت - AFP
المصدر:

بلومبرغ

عاودت السندات الحكومية اللبنانية المتعثر سدادها ارتفاعها بعد جمود استمر 3 أسابيع، في الوقت الذي يقول فيه متعاملون ومراقبون محليون للأوضاع السياسية إن المحادثات حول تعيين وزير للمالية وصلت إلى المرحلة الأخيرة.

حققت السندات الدولارية، التي يتراوح تاريخ استحقاقها ما بين عامي 2026 و2037، عائداً مجمعاً بنسبة 7.6% للمستثمرين خلال الأسبوع المنتهي يوم الأربعاء، لتحقق مكاسب بأكثر من 200% خلال العام الفائت، بحسب البيانات التي جمعتها "بلومبرغ". ويُعد ذلك أفضل أداء بين 70 دولة ناشئة وواعدة خلال هذا الأسبوع ومنذ فبراير 2024 أيضاً. ويأتي الارتفاع بعد موجة بيع قصيرة أدت إلى تسجيل سندات لبنان أسوأ أداء بين الأسواق الناشئة.

أدت الخلافات الحزبية بين المشرعين إلى تأخر تعيين وزير المالية، ما أثر سلباً على توقعات تشكيل حكومة فاعلة وإعادة هيكلة الديون في نهاية المطاف. مع ذلك، تشير التقارير الحديثة الواردة من البلاد إلى أنه يجري تذليل العقبات في المفاوضات والاستجابة لمطالب الفئات الدينية والسياسية المتنوعة التي تشكل المؤسسة السياسية في لبنان.

الوضع السياسي يدعم سندات لبنان

أرجع غويدو كاموروم، مدير أول لمحفظة استثمار في الأسواق الناشئة لدى شركة "بيكتت أسيت مانجمنت" (Pictet Asset Management)، عودة السندات للارتفاع إلى سببين، "الأول هو توقعات شغل منصب وزير المالية في وقت قريب جداً. والثاني أن لبنان واحد من بلدين فقط ضمن الأسواق الناشئة كلها، بجانب فنزويلا، التي لا يزال سعر سنداتها يُتداول بأقل من 20 سنتاً على الدولار".

اقرأ أيضاً: إقبال كبير على سندات لبنان وفنزويلا رهاناً على زيادة مكاسبها

يواجه لبنان أزمة اقتصادية منذ 2019 نتيجة الفساد وسوء الإدارة، ما أدى إلى تخلفه عن سداد سندات دولية بقيمة 30 مليار دولار. وفي ظل تفاقم الفقر وتزايد تكاليف الحرب، استمر الخلاف بين ساسة البلاد حول الطريق إلى المستقبل، ما ترك منصب الرئيس خالياً لمدة 26 شهراً. كما أخفقوا في تنفيذ الإصلاحات التي اشترطها صندوق النقد الدولي، ما حرم البلاد من حزمة إنقاذ بقيمة 3 مليارات دولار جرى الاتفاق عليها في 2022.

راهن مديرو الأموال لسنوات على تحسن المناخ السياسي في لبنان، ليكتشفوا خطأ توقعاتهم أكثر من مرة، ويشهدوا انخفاض أسعار السندات إلى 6 سنتات على الدولار. مع ذلك، شهدت الأوضاع تقدماً كبيراً مع بداية هذا العام، تمكنت القوى السياسية مؤخراً من انتخاب جوزاف عون المدعوم أميركياً رئيساً للجمهورية اللبنانية. كما تمّ تسمية نواف سلام، رئيس محكمة العدل الدولية، كرئيس للحكومة، بما يفسح المجال أمام تعيين وزير للمالية وحاكم لمصرف لبنان المركزي. غير أن الأمور لم تسر بسلاسة منذ ذلك الحين.

أوضح كريم إميل بيطار، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القديس يوسف في بيروت، أن "الثنائي عون وسلام يحظيان بتأييد دولي، لكن عليهما الحفاظ على رضا الأطراف المحلية نسبياً لينجحا في سعيهما".

صعوبة المفاوضات متوقعة

تُتداول السندات اللبنانية حالياً عند سعر يبلغ نحو 17 سنتاً، ما يُعد أعلى مستوى منذ 2021. ولم تكن المكاسب المستمرة نتاج التطورات السياسية المحلية وحدها، بل والتفاؤل بزيادة احتمالات إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط، بحسب ما قاله سويرين مويرتش، مدير محفظة استثمار لدى مصرف "دانسكه بنك" (Danske Bank)، والذي اشترى السندات العام الماضي بمتوسط سعر 6.5 سنت.

اقرأ أيضاً: وزير الاقتصاد السابق ياسين جابر بين المرشحين لتولي وزارة المال في لبنان

وأضاف مويرتش، الذي ما يزال يحوز السندات، أن صعوبة المفاوضات كانت متوقعة دوماً، ولم يكن مسار التقدم سيخلو من العقبات أبداً. كما أن عودة دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة زادت احتمال دعم الولايات المتحدة إجراءات لتعزيز أمن إسرائيل، ما فسره المستثمرون على أنه إضعاف لحزب الله، الجماعة العسكرية السياسية ذات النفوذ في لبنان. 

ما تزال البلاد تترنح تحت وطأة الحرب بين حزب الله وإسرائيل، وتواجه الحكومة الجديدة تحدياً يتمثل في الحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار الهش. حيث صرحت إدارة ترمب بأنه كان لا بد من تمديد فترة الستين يوماً التي حددها الاتفاق الأولي، وتنتهي في نهاية يناير، حتى 18 فبراير، لإمهال القوات الإسرائيلية مزيداً من الوقت للانسحاب.

واختتم مويرتش: "تتزايد الديمقراطية مع تراجع نفوذ حزب الله".

تصنيفات

قصص قد تهمك

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.