بين شح وغلاء.. أزمة الدواء تؤرق المصريين مع وعود حكومية بإنهائها

مصر ترفع أسعار 200 صنف دواء خلال آخر شهرين بنسبة تصل إلى 50%

time reading iconدقائق القراءة - 8
عبوة مفتوحة وقد تناثرت حولها حبات أدوية - المصدر: بلومبرغ
عبوة مفتوحة وقد تناثرت حولها حبات أدوية - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

الشرق

"البحث عن الدواء" أصبح أحدث بند يضاف إلى قائمة الصعوبات التي يواجهها المصريون يومياً، وسط أزمات عديدة تضغط على اقتصاد البلاد الذي بدأ يسترد جانب من قوته بعد أن أرهقته عدة أزمات بدءاً من وباء كورونا حتى الاضطرابات الجيوسياسية الجارية.

"بعد لفة طويلة على الصيدليات لا أجد ما احتاجه لمدة شهور من أدوية ".. هكذا يصف طلعت محمد أحد أصحاب الأمراض المزمنة معاناته للبحث عن الدواء في مصر. محمد الذي يحتاج إلى أدوية لعلاج القلب والضغط وأدوية أخرى للكبد قال لـ"الشرق" أنه لا يستطيع الحصول على أي من تلك الأدوية في السوق المحلية حتى الآن، ويضطر للتواصل مع أصدقائه بدول الخليج لتلبية طلباته وإرسالها مع أقرب زائر.

رفعت مصر أسعار نحو 200 صنف دواء بنسبة تصل إلى 50% خلال شهري يونيو ويوليو 2024، نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج، وهو ما ساهم في توفير نحو 20% من الأدوية الناقصة بالسوق، بحسب رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية على عوف لـ"الشرق".

رئيس الشعبة قال في حديثه مع "الشرق": "تم رفع أسعار 200 صنف دواء في السوق المحلية خلال الشهرين الماضيين بما يتراوح بين 10% و30% لأدوية الأمراض المزمنة وبين 30% و50% لغير المزمنة.. "أتوقع ارتفاع أسعار 200 صنف آخر خلال أغسطس الجاري وسبتمبر المقبل بنفس نسب الزيادة السابقة".

تستورد البلد العربي الأكثر اكتظاظاً بالسكان نحو 90% من الخامات الدوائية من الخارج.

عجز في توافر الأدوية

وأضاف رئيس الشعبة: "السوق المحلية بمصر لديها عجز في نحو 1000 صنف دواء من إجمالي 17 ألف صنف متداول بالبلاد". وأشار إلى توفير نحو 20% من الأدوية الناقصة بالسوق خلال أخر شهرين ومستهدف نفس النسبة خلال الشهرين الجاري والمقبل ليتم تغطية نحو 50% من الأدوية الناقصة بحلول سبتمبر.

عزا عوف أزمة نقص الأدوية في مصر إلى فروق العملة الناتجة عن تحريك سعر الصرف في مارس الماضي.

تقصر مصر تسجيل وتسعير وتداول ورقابة سوق المستحضرات والمستلزمات الطبية على "هيئة الدواء المصرية" التي انتقلت إليها هذه التخصصات حصراً قبل 4 سنوات، بدلاً من وزارة الصحة والسكان.

رئيس شعبة الأدوية في مصر أوضح لـ"الشرق" أنه بعد تعويم الجنيه في مارس الماضي، سمحت هيئة الدواء المصرية للشركات التقدم لرفع الأسعار، وخلال الفترة من شهر مارس وحتى يونيو، درست الهيئة بدقة زيادة الأسعار، وبدأت من يونيو الماضي منح الشركات زيادات لبعض الأصناف.

في يونيو الماضي، شكلت الحكومة المصرية لجنة استشارية تتولى مراجعة أسعار الدواء كل 6 أشهر، في محاولة منها لمراعاة مصالح المواطنين والشركات مع تذبذب سعر صرف الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية منذ تحرير سعر الصرف فى مارس 2024.

ياسين رجائي، مساعد رئيس هيئة الدواء المصرية، قال لـ"الشرق"، إن الهيئة رصدت نقص نحو أكثر من 81 صنفاً دوائياً في السوق المصرية، وشكاوي من المواطنين من عدم توافر نحو ألف صنف آخر سواء بسبب سوء توزيع وغياب البديل المحلي لهم، وهو ما عملت الهيئة على حله من خلال توزيع الدواء بطريقة أفقية تتيح لأكبر عدد من الموزعين والمخازن ضخ الأدوية في الصيدليات والأسواق لتوافرها للمواطنين.

عانت سوق الدواء المصرية من نقص في بعض الأصناف وزيادات متتالية في الأسعار خلال السنوات الماضية، بسبب نقص المواد الخام اللازمة للإنتاج، أو تكدس الأدوية بالموانئ لعدم توفر السيولة الدولارية المطلوبة للإفراج عنها.

أضاف رجائي لـ"الشرق"، أن كافة شركات الأدوية في مصر قدمت طلبات لهيئة الدواء الفترة الماضية، بزيادة أسعار بعض أصناف الأدوية لديها نتيجة التأثر بزيادة سعر صرف الدولار الفترة الماضية، وارتفاع أسعار المواد الخام للأدوية، ويتم بحث ذلك وفق معايير محددة من قبل لجنة تسعير الدواء، والتي تراعي في عملها البعد الاجتماعي للمواطن المصري.

رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، قال في يوليو الماضي، إنه سيحدث ارتفاع بسيط في أسعار بعض أصناف الأدوية لضمان توافرها بالأسواق، وسيتم حل مشكلة نقص الأدوية خلال 3 أشهر عندما تحدث عن الأمر في يوليو.

طلب جماعي لرفع الأسعار

رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية أضاف لـ"الشرق" أنه يتم حالياً العمل على توفير الأدوية الناقصة بالأسواق. وهيئة الدواء تتابع توزيع الأدوية منذ خروجها من المصنع وحتى وصولها للموزعين والصيدليات.

يوجد في مصر نحو 180مصنعاً يعمل في قطاع الأدوية بحجم عمالة مباشرة وغير مباشرة يصل إلى نصف مليون عامل.

محفوظ رمزي، رئيس لجنة التصنيع الدوائي بنقابة الصيادلة بالقاهرة، يقول لـ"الشرق"، إن جميع شركات الأدوية في مصر تقدمت بطلبات لهيئة الدواء خلال الفترة الماضية، لزيادة أسعار الأدوية لديها بنسب لا تقل عن 25%، نتيجة ارتفاع أسعار المواد الخام للأدوية، وارتفاع تكاليف الانتاج، وتم الاستجابة لبعض الشركات ومن المتوقع حل أزمة نقص الأدوية في الأسواق خلال شهرين بحد أقصى.

هناك نحو مليون و300 ألف عبوة من عقار الأنسولين الذي يُعد من الأدوية الناقصة في السوق لعلاج مرض السكر المزمن، في الموانئ المصرية وبدأ الإفراج عنها منذ أيام قليلة، وهو ما يشير إلى انفراجة قادمة في أزمة الأدوية، كما أن بعض الشركات بدأت في ضح كميات كبيرة من منتجاتها التي كانت ناقصة بالأسواق، وبخاصة الأدوية المستوردة التي كانت بها مشكلة كبيرة الفترة الماضية، نتيجة عدم توافر العملة الصعبة لاستيرادها، بحسب رمزي.

يتزامن ذلك مع تصريحات رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، نهاية الأسبوع قبل الماضي، بعد أن أعلن عن توفير 7 مليارات جنيه؛ للعمل على سرعة توافر الأدوية والمستلزمات الطبية المطلوبة بالمستشفيات والصيدليات في مصر.

أكد محفوظ، عودة عمل خطوط الانتاج في معظم مصانع وشركات الأدوية في مصر، بشكل طبيعي، لكن الأزمة لم تحل بشكل نهائي، ومن المتوقع خلال الشهرين المقبلين، توفير كافة الأدوية المحلية والمستوردة في الأسواق واستقرار أسعار الأدوية وتوفير كافة الأصناف الناقصة.

ضوء أخضر لرفع الأسعار

منذ أسبوعين، حصلت شركة العاشر من رمضان للصناعات الدوائية (راميدا) على موافقة الهيئة المصرية للأدوية على رفع أسعار جميع منتجاتها الأساسية التي تضم 22 صنفاً دوائياً، بمتوسط زيادة يتراوح ما بين 40%-50%، بحسب بيان الشركة.

"راميدا" ليست وحدها التي تحصل على موافقة هيئة الدواء لرفع أسعارها، فقد حصلت شركة يوني سواب المتخصصة في صناعة الأدوية على موافقة بالزيادة بنسب مختلفة للعديد من الأصناف، تبدأ من 20% و30% وتصل إلى 50% في بعض الأصناف لديها بحسب تصريحات نسيم أحمد مدير المبيعات بشركة يوني سواب لـ"الشرق".

على بعد 200 كيلو متر من القاهرة إلى صعيد مصر، يقول حسام سيد الذي بلغ مطلع العقد الرابع من عمره ومقبل على الزواج: "احتاج إلى دواء (ستاجيرون) لعلاج مشكلة الأذن الوسطى والدوار الذي أعاني منه لكن لا أجده، ما يضطرني للسفر إلى القاهرة بحثاً عنه، ونادراً ما أجد منه عبوة بل يصل الحال أحيانا لشراء شريط واحد فقط والذي لا يكفي لمدة أسبوع".

تصنيفات

قصص قد تهمك

مصر تسمح مؤقتاً بالإفراج عن السيارات للوكلاء فقط

مسؤول لـ"الشرق": الإفراج يشمل الحاصلين على تصريح "بند تسجيل" قبل حلول يونيو فقط

time reading iconدقائق القراءة - 5
مجموعة من سيارات أودي في طريقها للشحن  - المصدر: بلومبرغ
مجموعة من سيارات أودي في طريقها للشحن - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

الشرق

سمحت مصر بالإفراج المؤقت عن السيارات المستوردة التي حصلت على تصريح يسمى "بند تسجيل" قبل حلول شهر يونيو الماضي، مع حصر هذا الإفراج على الوكلاء فقط في مصر، بحسب متعاملين تحدثوا مع "الشرق".

لا يقتصر استيراد السيارات في مصر على الوكلاء فقط، بل يتم السماح لشركات الاستيراد والتجار والأشخاص العاديين بالاستيراد من الخارج.

منتصف مايو 2023، اكتشفت شركات السيارات أن بند التسجيل الخاص بسيارات الركوب على منظومة التسجيل المسبق للشحنات (ACI) معطل، وهو ما دفع البعض للاستيراد على "بند مخالف" مما تسبب في احتجاز مصلحة الجمارك المصرية نحو 18 ألف سيارة من مختلف الفئات (شخصي وتجاري ومخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة).

وتم الإفراج عن تلك السيارات بشكل تدريجي مقابل دفع غرامة 10 آلاف جنيه عن كل سيارة. فيما أكدت مصلحة الجمارك نهاية يونيو الماضي، أنه في حالة إدراج بند مغاير لسيارات الركوب ومخالفة أحكام قانون الجمارك ولائحته التنفيذية، "لن يتم السماح بتعديل البند، ولن يتم السير في إجراءات الإفراج عن السيارة، ويلتزم مالكها بإعادة شحنها مرة أخرى، وإلا سيتم إحالتها للمهمل لاتخاذ الإجراءات القانونية حيالها".

أمير هلالي، رئيس لجنة المستوردين بشعبة السيارات في غرفة القاهرة التجارية، قال إن "الإفراج عن السيارات حالياً في مصر يتم بشكل مؤقت ومحدود للوكلاء فقط، كل الوكلاء الذين حصلوا على رقم تسجيل على منظومة (ACI) ولم تتم الموافقة عليه مع وقف الاستيراد يونيو الماضي، سيسمح لهم باستيراد السيارات والسماح بدخولها للبلاد".

موانئ التصدير

أضاف هلالي لـ"الشرق" أن "تكدس السيارات بموانئ الدول المصدرة تسبب في اتجاه الحكومة إلى تلك الإفراجات المؤقتة والتي تعتبر استثنائية".

أقرت مصر تطبيق نظام التسجيل المسبق للشحنات سنة 2020، وبدأ التشغيل الإلزامي لهذا النظام في أكتوبر من العام التالي. ويعتمد هذا النظام على إتاحة بيانات ومستندات الشحنة قبل الشحن بـ48 ساعة على الأقل، ما يتيح للمستورد الحصول على رقم تعريفي للشحنة "بند جمركي" (ACID)، وذلك من خلال منصة "نافذة".

مسؤول حكومي بمصلحة الجمارك المصرية قال لـ"الشرق" مشترطاً عدم نشر اسمه نظراً لحساسية الأمر، إن "المصلحة بدأت الإفراج عن السيارات التي كان قد تم تسجيل استيرادها من الخارج خلال الفترة الماضية. لايزال بند التسجيل الخاص بسيارات الركوب على (ACI)  متوقفاً للسيارات الجديدة، وذلك لحين وضع ضوابط جديدة تنظم عملية الاستيراد في الوقت الراهن".

وضعت مصر، بدءاً من شهر يونيو الماضي، سقفاً لعدد السيارات الممكن استيرادها بواقع 10 آلاف سيارة كحد أقصى شهرياً، بحسب تصريحات سابقة لـ 3 مسؤولين حكوميين تحدثوا لـ"الشرق"، مبررين الإجراء الجديد بأنه يصب ضمن محاولات الحكومة لترشيد استخدام الدولار وعدم الإفراط في الاستيراد.

سيارات ذوي الاحتياجات الخاصة

المسؤول الحكومي قال لـ"الشرق" إنه "تم وقف استيراد السيارات الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة لأجل غير معلوم أيضاً، حيث من المنتظر أن يتم تعديل القانون الخاص بضريبة الجمارك المتعلقة باستيراد سيارات الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة من قبل الحكومة في الفترة المقبلة، على أن يتم عرض تلك التعديلات على مجلس النواب خلال شهر أكتوبر المقبل، للبت فيها وإصدارها بالتعديلات الجديدة بشكل رسمي".

التعديلات المقترحة تضمنت عدم تجاوز السعة اللترية لمحرك السيارة 1200 سي سي، وفي حالة الرغبة باستيراد سيارات ذات سعات لترية أكبر، يتم التعامل معها مثل السيارات العادية ذات نفس السعة اللترية.

شملت التعديلات المقترحة بحسب وثيقة اطلعت عليها "الشرق"، إجراء بحث اجتماعي عن الشخص المتقدم للحصول على سيارة لأصحاب الاحتياجات الخاصة، يفيد بقدرته المالية على سداد المستحقات المطلوبة.

تصنيفات

قصص قد تهمك

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.