هل تتحسن مواجهة تغير المناخ عبر مسار جديد؟

علماء المناخ يعتمدون على 5 سيناريوهات مختلفة للمستقبل تُعرف بـ"المسارات الاجتماعية والاقتصادية المشتركة"

time reading iconدقائق القراءة - 12
المهندسة المعمارية ديما عساف تتفحص شجرة الفستق الفلسطينية البرية النادرة في حديقتها الصغيرة في حي ماركا، عمان، الأردن - المصدر: بلومبرغ
المهندسة المعمارية ديما عساف تتفحص شجرة الفستق الفلسطينية البرية النادرة في حديقتها الصغيرة في حي ماركا، عمان، الأردن - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

في عام 2019، تولى ويليام ريبل، العالم البيئي في جامعة ولاية أوريغون، مهمة رئيسية بقيادة فريق لكتابة مقال أعلن بشكل صريح وحازم أن الأرض تمر بأزمة مناخية. المقال سلط الضوء على "علامات حيوية" تشير إلى الوضع المتأزم الذي يواجهه كوكبنا. وقبل نشره، حظي المقال بتوقيع ودعم أكثر من 11 ألف عالم من مختلف أنحاء العالم.

والآن يرى ريبل وزملاؤه أن السيناريوهات التي يستخدمها خبراء المناخ للتعامل مع المستقبل ليست كافية. ففي ورقة بحثية نُشرت يوم الثلاثاء في "إنفايرونمينتال ريسيرش ليترز" (Environmental Research Letters)، دعوا إلى أن تشمل النماذج المناخية "مساراً تصالحياً" جديداً، لا يقتصر على خفض العالم لانبعاثات الغازات الدفيئة فحسب، بل يحقق أيضاً سلامة بيئية وعدالة اجتماعية أكبر في سياق هذه العملية.

يعتمد علماء المناخ حالياً على خمسة سيناريوهات مختلفة للمستقبل، تُعرف باسم "المسارات الاجتماعية والاقتصادية المشتركة" (SSPs). وقد طور فريق دولي هذه المجموعة من المسارات التي تستخدمها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة، وهي تتتبع كيفية تطور الاحترار العالمي في الأعوام المقبلة، استناداً إلى مدى سرعة خفض البلدان لانبعاثاتها، بجانب عوامل اجتماعية واقتصادية مثل السكان والتعليم والتطور التكنولوجي.

في أفضل السيناريوهات الحالية، أي "المسار الاجتماعي والاقتصادي المشترك الأول" (SSP1)، يصل العالم إلى الحياد الكربوني بحلول 2050 تقريباً. وفي أسوأ السيناريوهات، أي "المسار الاجتماعي والاقتصادي المشترك الخامس" (SSP5)، يُسرع العالم من وتيرة استخدام الوقود الأحفوري، مما يضاعف الانبعاثات الكربونية بحلول 2050 ويرفع درجات الحرارة بمقدار 4.4 درجة مئوية بحلول نهاية القرن.

يضيف المسار الإصلاحي أهدافاً بيئية وأخرى تتعلق بالمساواة إلى منحنى الانبعاثات الهبوطي في سيناريو "المسار الاجتماعي والاقتصادي المشترك الأول" (إس إس بي 1). ووفقاً لهذا المسار، ستنخفض الأراضي الزراعية في العالم بحلول 2100، مقارنة مع توسعها في إطار "إس إس بي 1"، كما سينخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بدلاً من الارتفاع كما هو الحال في هذا المسار.

كتب المؤلفون أن المسار الجديد قد يشمل "تقارباً أكبر بين نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، واستهلاك اللحوم، واستخدام الطاقة حول العالم" لتعزيز المساواة بين شمال العالم وجنوبه.

طلبنا من ريبل التحدث بشكل أوسع عن الاقتراح، وقمنا بتحرير هذه المقابلة وتلخيصها بغرض الوضوح.

ما هو المسار الإصلاحي؟

نقترح سيناريو أكثر إنصافاً على الصعيدين البيئي والاجتماعي، وذلك لمعالجة الأزمات المتداخلة بما فيها تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي والظلم الاجتماعي.

نقترح شيئاً شاملاً، وهو أن يكون لدينا حلول لتحديات متعددة في نفس الوقت بدلاً من العمل عليها بشكل منفصل. لذلك نعتقد أن تغير المناخ ليس مشكلة قائمة بذاتها، بل هو عرض لمشكلة أكبر بكثير. والمشكلة الأكبر تشمل الاقتصاد والتفاوت الاجتماعي والحفاظ على الطبيعة، إضافة إلى انبعاثات الغازات الدفيئة التي يتحدث عنها الكثيرون.

لم نجر كافة الحسابات للتوصل إلى النسبة الدقيقة لخفض الانبعاثات، لكن بشكل عام، يتشابه السيناريو الخاص بنا مع مسار "إس إس بي 1"، حيث تتراجع انبعاثات الغازات الدفيئة تراجعاً كبيراً مع مرور الوقت.

كيف طورتم هذا المسار؟

حددنا مجموعة متنوعة من المتغيرات في نظام الأرض في الأعوام الخمس مئة الماضية، بما فيها انبعاثات الوقود الأحفوري والكثافة السكانية والناتج المحلي الإجمالي واستخدام الأراضي وانبعاثات الغازات الدفيئة ودرجة الحرارة. وبداية منها حتى عام 2100، استخدمنا توقعات "المسارات الاجتماعية والاقتصادية المشتركة" لبعض المتغيرات، لكننا نختلف في كيفية تعاملنا مع الأراضي الزراعية المستقبلية وأكسيد النيتروز (الغاز الدفئ).

كيف يختلف هذا السيناريو أيضاً عن سيناريوهات "المسارات الاجتماعية والاقتصادية المشتركة" الحالية؟

بالمقارنة مع "المسارات الاجتماعية والاقتصادية المشتركة"، فإن السيناريو الخاص بنا يعتمد بشكل أقل على التطورات التكنولوجية لإزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي. إضافة إلى ذلك، فإنه يركز بشكل أكبر على معالجة التفاوت في الاستغلال المفرط للكوكب، ونحن نتوقع تحسن التنوع البيولوجي في السيناريو الخاص بنا.

وهناك فارق رئيسي آخر هو ما نتوقعه للناتج المحلي الإجمالي، فالسيناريو الخاص بنا يدعم استقرار الناتج المحلي الإجمالي بمرور الوقت بدلاً من صعوده باستمرار.

ما هو نوع التطورات أو السياسات العالمية اللازمة لتحقيق هذا السيناريو؟

من الناحية الاقتصادية، ربما توضع سياسة عالمية لضريبة الكربون، وهذا من شأنه أن يحقق هدفين، وهما إمكانية تقليل انبعاثات الوقود الأحفوري والمساعدة في إعادة توزيع الثروة حيث يدفع الأثرياء مزيداً من ضرائب الكربون.

كما أننا نسعى للحفاظ على الطبيعة، حيث سنحقق زيادة في أراضي الغابات، مع تخفيض مساحة الأراضي التي نقتطعها من الطبيعة بهدف استخدامها في الزراعة. ما نقترحه لتحقيق مزيد من المساواة على مستوى العالم هو رفع مستوى تعليم الفتيات والنساء، مما يؤدي إلى انخفاض معدلات الخصوبة وارتفاع مستويات المعيشة.

وفقاً للورقة البحثية، سيستقر الناتج المحلي الإجمالي العالمي في هذا السيناريو مع توزيع أعلى 10% من الدخل بشكل أكثر تكافؤاً بين السكان. كيف سيبدو ذلك بالنسبة للاقتصاد العالمي؟

نظراً لأن طبيعة النشاط الاقتصادي المعتادة ليست مثمرة والنمو الاقتصادي اللامتناهي يمثل مشكلة، فإننا بحاجة للتحول نحو اقتصاد ما بعد النمو، حيث تُعطى الأولوية لجودة الحياة ورفاهية المجتمع. سنحتاج إلى خبراء في الاقتصاد البيئي للمساعدة في التخطيط لعصر اقتصادي مختلف.

تصنيفات

قصص قد تهمك

ملياردير روسي يسعى لمكافحة الانبعاثات بالعودة إلى العصر الجليدي

رجل الأعمال أندريه ميلينشينكو يموّل مشروع " بليستوسين بارك" الذي يحاكي الأجواء قبل 14 ألف عام

time reading iconدقائق القراءة - 11
حاضرون يشاهدون عرضا في \"بليستوسين بارك\" - المصدر: بلومبرغ
حاضرون يشاهدون عرضا في "بليستوسين بارك" - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

جمع الملياردير الروسي أندريه ميلينشينكو ثروة من الفحم والأسمدة قبل أن يجد نفسه معاقباً بعد غزو أوكرانيا، ولديه الآن خطة لوقف انبعاثات غاز الميثان من ذوبان التربة الصقيعية في سيبيريا، وهي العودة إلى أجواء زمن كان فيه حيوان الماموث الصوفي يجوب التندرا، وهي سهول جرداء.

فضمن جناح فخم في قمة المناخ (كوب28) في دبي، يعرض ميلنيتشنكو خطة لاستعادة جانب من البيئة الروسية يعود إلى 14 ألف عام، وهي فكرة غريبة لمواجهة مشكلة خطيرة للغاية وهي انبعاثات غاز الميثان، الغاز الذي يعتبر أقوى بكثير من ثاني أكسيد الكربون، ومليارات الأطنان منه محصورة في التندرا الشاسعة في روسيا. وتقول النظرية إن استعادة النظام البيئي للعصر الجليدي في سيبيريا، قد تؤدي إلى إبطاء إطلاقه.

على مدى الأسبوعين المقبلين، يزور أكثر من 70 ألف مندوب وآلاف من المقيمين في الإمارات، الموقع المترامي الأطراف الذي يستضيف مؤتمر الأطراف، حيث تتاح لهم فرصة رؤية مجموعة رقمية من حيوانات العصر الجليدي وهي تجوب سهول التندرا في فصل الربيع على شاشات معرض يخوض بهم غمار عالم الميتافيرس الذي يمزج ما بين الواقع والخيال. وبينما يسير الزوار، ينقشع الضباب الرقمي من حولهم، ليكشف عن حيوانات الماموث والرنة والخيول البرية وثيران المسك، بالإضافة إلى الأسود والجمال.

يدرج الموقع الرسمي لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ مؤسسة أندريه ميلينشينكو على أنها "داعمة للمناخ". وحصلت على هذه المكانة من خلال رعاية الجناح الذي تبلغ مساحته 160 متراً مربعاً في ما تسمى بالمنطقة الخضراء للقمة، حيث يعرض مشروع "بليستوسين بارك" (Pleistocene Park) الروسي الذي يموّله ميلينشينكو خططه، وفقاً لممثل المشروع. ولا شيء يشير للجناح على الخريطة الرسمية للقمة سوى اسم "أندريه ميلينشينكو".

يعكس الجناح ما تغير في مؤتمرات الأطراف، التي تعتبر فرصة سنوية لإعطاء دفعة لدبلوماسية المناخ ووضع إطار للسياسة العالمية لمكافحة تغير المناخ. وأصبحت المفاوضات الرسمية مجرد جزء صغير من المنتدى.

أكبر مؤتمر للأطراف

تعد قمة دبي أكبر مؤتمر أطراف على الإطلاق، حيث تضم منطقة خضراء ضخمة مجاورة للمنطقة الزرقاء التي تستضيف المفاوضات. وهنا، تعرض الأجنحة جداول الأعمال المناخية للدول والشركات والمنظمات غير الحكومية. ويمكن أن تبدو المنطقة وكأنها معرض تجاري.

قال روبرت ستافينز، أستاذ الاقتصاد البيئي في جامعة هارفارد والذي حضر أكثر من 15 من مؤتمرات الأطراف: "يمكنك أن تفكر في هذا باعتباره سيركاً، حيث تطغى العروض الجانبية على الحدث الرئيسي في بعض الأحيان. لهذا السبب توصلت إلى وصف مؤتمر الأطراف السنوي، مثل مؤتمر هذا العام، بأنه إكسبو المناخ 2023".

تقرير: زيادة قياسية في مستويات الميثان في الغلاف الجوي

أصبح ميلينشينكو، الذي يخوض تحدياً قانونياً ضد عقوبات الاتحاد الأوروبي المفروضة عليه بعد غزو روسيا لأوكرانيا، شريكاً في "بليستوسين بارك" في وقت سابق من العام الجاري. والمنطقة المسيجة التي تبلغ مساحتها 20 كيلومتراً مربعاً، والتي استلهمت اسمها من "جوراسيك بارك" (الحديقة الجوراسية أو حديقة الديناصورات)، موجودة منذ أكثر من عقد من الزمن، وكانت ترعاها في السابق شركات روسية أخرى، منها شركة تعدين الألماس "ألروسا (Alrosa).

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

ثيران المسك

يقول العلماء الذين يقفون وراء حديقة البليستوسين إن حيوانات الرعي مثل خيول الياكوت وأبقار الكالميك -التي تتجول هناك حالياً- يمكن أن تعزز النباتات التي تمتص المزيد من ثاني أكسيد الكربون وتقلل من الحرارة التي تمتصها الأرض. ورعى ميلينشينكو نقل 14 ثوراً من ثيران المسك إلى الحديقة، التي تخطط لتوسيع مساحتها 10 مرات في السنوات المقبلة. وقبل غزو روسيا لأوكرانيا، كانت الحديقة تعمل مع شركة "كلوسال لابوراتوريز آند بايوساينسيز" (Colossal Laboratories and Biosciences)، ومقرها الولايات المتحدة، والتي تخطط لإعادة الماموث الصوفي إلى الحياة.

دراسة تتوقع ذوبان الجليد 600 متر يومياً بسبب ارتفاع الحرارة

يقول صوت بلكنة أميركية لزوار الجناح، الذي يقع بالقرب من أجنحة شركات "آي بي إم" وبيور هيلث هولدينغ" (PureHealth Holding) و"مايكروسوفت": "يجب أن تظل التربة الصقيعية مجمدة، مهما كان الثمن". وينتشر في المعرض فريق من الممثلين لتوضيح المفهوم للزوار باللغات الروسية والعربية والإنجليزية. ويعمل مهندسو الصوت الروس داخل وخارج المساحة المليئة بالأسلاك خلف الشاشات.

ومكتوب على الشاشة: "تعمل مؤسسة أندريه ميلينشينكو على تعزيز ودعم تنفيذ الحلول القائمة على الطبيعة في جميع أنحاء العالم".

تداول حصص الكربون

من المقرر أن يتحدث رجل الأعمال، الذي يرأس مبادرات المناخ لمجموعة من الأثرياء الروس الخاضعين للعقوبات، في إحدى فعاليات "كوب28" بعد غد الخامس من ديسمبر، ليقود لجنة روسية بخصوص الاستدامة وتغير المناخ إلى جانب مسؤولين وعلماء روس، وفقاً للبرنامج.

ويريد أيضاً تقديم نظام جديد لدول "بريكس+" لتداول حصص الكربون من الحلول القائمة على الطبيعة، وهي خطة يقول إنه يمكن تنفيذها في قمة "بريكس+" 2024 في روسيا، وفق مقال افتتاحي حديث لميلينشينكو نُشر في صحيفة "خليج تايمز".

ميلينشينكو، الذي تقدر ثروته بأكثر من 17 مليار دولار حسب مؤشر بلومبرغ للمليارديرات، هو مواطن روسي وإماراتي أيضاً، إذ كان حصل على جنسية الإمارات قبل الحرب في أوكرانيا. وفرض عليه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عقوبات بعد ظهوره في اجتماع تلفزيوني مع الرئيس فلاديمير بوتين، سعى خلاله إلى تبرير الحرب لنخبة رجال الأعمال الروس بعد ساعات من إرسال قوات إلى أوكرانيا.

وميلينشينكو، هو أحد مؤسسي مجموعة "يوروكيم غروب" (EuroChem Group)، إحدى أكبر شركات تصنيع الأسمدة في العالم، و"سويك" (Suek)، أكبر شركة منتجة للفحم الحراري في روسيا.

تصنيفات

قصص قد تهمك

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.