تحث شركة "ميرسك تانكرز" (Maersk Tankers) أسطولها من ناقلات الوقود على استخدام خيار تجنب البحر الأحمر بعد تصاعد الهجمات على السفن التجارية في المنطقة.
يعطي القرار، المنصوص عليه في إشعار اطلعت عليه بلومبرغ، سلطة تقديرية صارمة لإصدار أوامر لإبحار ناقلاتها حول أفريقيا بدلاً من ذلك، وهو مسار يضيف آلاف الأميال إلى الرحلات.
يهاجم الحوثيون، المتحالفون مع إيران، السفن التي لها علاقات مع إسرائيل المبحرة عبر البحر الأحمر، مما يتسبب في زيادة تكاليف التأمين.
يفتح إشعار "ميرسك" الباب أمام إجراء -يطيل أمد الرحلات لآلاف الأميال للإبحار حول أفريقيا- يمكن أن يعطل تدفقات الطاقة إذا تم اعتماده على نطاق واسع في السوق. إذ سينتج عن تحويل مسار السفن حرق مئات الأطنان من الوقود وتسليم حمولتها بعد أيام.
وتُعرف "ميرسك تانكرز" في صناعة الشحن على أنها مشغلة متعددة للغير، مما يعني أنها تدير الناقلات تجارياً للعديد من المالكين، ولديها أسطولاً قوياً مكوناً من 131 قطعة، وفق موقعها الإلكتروني.
تجدر الإشارة إلى أن "ميرسك تانكرز" منفصلة عن "إيه بي مولر ميرسك" (A. P. Moller-Maersk A/S)، عملاقة شحن الحاويات. وتعرضت إحدى سفن "مولر ميرسك" لهجوم في المنطقة يوم الخميس، ولكن لم يتم الإبلاغ عن أي أضرار.
ليس من المؤكد أن سفن "ميرسك تانكرز" ستتجنب الإبحار عبر البحر الأحمر فعلياً وفق هذا الإجراء، أو إلى متى.
في الماضي، تحولت شركات الناقلات الكبيرة بعيداً عن المنطقة لفترات قصيرة، لكن تكلفة الوقود الإضافية وتأخير الشحنات جعلت مثل هذه الإجراءات مؤقتة.
ورفضت متحدثة باسم "ميرسك تانكرز" التعليق على الأمر.
منظمة لقطاع الشحن البحري: سفن تلجأ للالتفاف حول أفريقيا ما يطيل رحلتها أسبوعين ويفاقم انبعاثاتها
ارتفاع تكاليف الشحن ومعدلات التأمين بالمنطقة بعد هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر
تبحر ناقلة النفط تشارلز إيدي، وهي ناقلة نفط خام مملوكة لشركة "يوروناف"، وهي شركة شحن بلجيكية، شمالًا عبر قناة السويس في الإسماعيلية، مصر. - المصدر: بلومبرغتبحر ناقلة النفط تشارلز إيدي، وهي ناقلة نفط خام مملوكة لشركة "يوروناف"، وهي شركة شحن بلجيكية، شمالًا عبر قناة السويس في الإسماعيلية، مصر. - المصدر: بلومبرغ
تتجنب بعض شركات الشحن البحري السفر عبر الشرق الأوسط، وتترقب أي إشارة على زيادة حركة المرور عبر قناة السويس، في ظل ارتفاع عدد الهجمات في البحر الأحمر وخليج عدن بالآونة الأخيرة، مع تعزيز الإجراءات الأمنية لضمان سلامة أطقم العاملين، بحسب وكالة "إس أند بي غلوبال".
عززت الوكالة رؤيتها بحديث ديفيد لوسلي، الأمين العام لمجلس "بيمكو" (Bimco)، وهي منظمة لقطاع الشحن البحري، في 10 ديسمبر.
وذلك على هامش قمة "تشكيل مستقبل الشحن البحري"، التي أقيمت بمتحف المستقبل في دبي، حيث قال إن بعض شركات الشحن تتحاشى المنطقة تماماً؛ وتفضل السفر حول أفريقيا عوضاً عن ذلك، ما يطيل مدة رحلتها بنحو أسبوعين، ويزيد الانبعاثات الناجمة عنها.
زادت المخاطر على الشحن البحري في منطقة البحر الأحمر ومضيق باب المندب، التي يمر عبرها نحو 10% من التدفقات العالمية من النفط المنقول بحراً، في أعقاب الحرب بين إسرائيل وحماس، بعدما أعرب الحوثيون المدعومون من إيران، في اليمن عن دعمهم للفلسطينيين.
تعرضت مجموعة كبيرة من السفن التجارية، تشمل حاملات سيارات وناقلات نفط وناقلات بضائع جافة، لهجمات الحوثيين، ما دفع القوات البحرية وخفر السواحل إلى إصدار تحذيرات بشأن الحاجة الواضحة إلى الأمن. وسبب ذلك ارتفاع أسعار الشحن عبر الناقلات في المنطقة، فضلاً عن معدلات التأمين، لكن التغيير الأكبر كان تغيير مسار السفن، بحسب لوسلي.
كان أحدث هذه الهجمات في ساعة متأخرة من مساء الإثنين، عندما تعرضت ناقلة نفط تجارية لهجوم بصاروخ "كروز" أطلق من منطقة يمنية يسيطر عليها "الحوثيون" قرب باب المندب، ما تسبب في وقوع أضرار ونشوب حريق بالسفينة، وتبنى الحوثيون الهجوم.
تشديد الإجراءات الأمنية
أُتخذ إجراء آخر لضمان سلامة الأطقم العاملة عبر زيادة عدد المراقبين، تحسباً لهجوم يُشن عبر المروحيات، كما جرى في أحد الحوادث. وقال لوسلي: "لا يوجد عدد كافٍ من الأشخاص على سطح تلك السفن، ومع حجمها الكبير، توجد مساحة واسعة لهبوط المروحيات"، وفق "إس أند بي".
قالت غرفة الشحن الدولية (International Chamber of Shipping)، في بيان نُشر في 29 نوفمبر على موقعها الإلكتروني، إن "الهجمات تمثل انتهاكاً صارخاً من القوات شبه العسكرية في اليمن للقانون الدولي وقواعد الملاحة والشحن البحري. وإنها مقتنعة تماماً بمواصلة تعزيز الهيكل الأمني البحري الموسع في المنطقة، لضمان عدم تعرض أي سفن أخرى وأطقمها لتلك الاعتداءات".
تصدر "هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية" (UK Maritime Trade Operations) إنذارات دورية تحذر السفن، وقتما تصلها تحذيرات بشأن تحرك نظم جوية غير مأهولة أو طائرات بدون طيار في المنطقة.
المصدر: الشرق
قناة السويس
في غضون ذلك، تترقب شركات الشحن ظهور أي دليل على ازدحام أكبر في قناة السويس، التي يمر عبرها 19 ألف سفينة سنوياً.
في حوار بقمة الشحن البحري في 10 ديسمبر، قال رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة "إم آي إس سي غروب" (MISC Group) الماليزية، القبطان راجالينغام سوبرامنيام، إن تأثير الهجمات على قناة السويس سيمثل مصدر قلق للكل، "(القناة) لم تتأثر على حد علمنا. المصدر الرئيسي للقلق لا يُفترض أن يكون الازدحام، بل أمن وسلامة موظفينا. يجب أن تُعطى الأولوية لحق المرور السالم، وهذا ما يجب على الكل حمايته".
أسطول "إم آي إس سي" يضم أكثر من 100 سفينة، مملوكة ومستأجرة، بما يشمل ناقلات الغاز الطبيعي المُسال، والإيثان، والنفط، والمنتجات، ونظم الإنتاج العائمة، ووحدات تخزين الغاز المسال العائمة.
وقال إن الشركة تعهدت في وقت سابق من العام الجاري بعدم شراء سفن جديدة إلا تلك المُجهزة لاستخدام أنواع الوقود البديل، مثل الغاز الُمسال أو الأمونيا.
هل يمكن تجنب الشرق الأوسط في الشحن؟
قبل تصريح سوبرامانيام، قال باد دار، النائب التنفيذي لرئيس مجموعة "إم إس سي ميديترينيان شيبينغ" (MSC Mediterranean Shipping)، المختص بالسياسة البحرية والشؤون الحكومية، لـ"إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايت" (S&P Gobal Commodity Insights) في 9 ديسمبر: "نراقب الوضع عن كثب. ونركز بشكل خاص على طبيعة أحدث الهجمات التي قد تكون- أو لا تكون- لها علاقة مباشرة بما نعتبرها الأهداف المقصودة. لا شك أنها ستؤثر بدرجة ما، مع الاعتبارات التشغيلية الحالية لقناة السويس، على مستقبل شبكات (الشحن)".
عند سؤاله عما إذا كان بمقدور شركات الشحن تجنب منطقة الشرق الأوسط أم لا، أجاب دار: "هناك بعض الخطوات التي يمكن لشركات الشحن اتخاذها من الناحية التشغيلية، اعتماداً على مكاني المُرسل والمستلم. لكن توجد بعض الأماكن لا تمكن خدمتها إلا عبر طريق واحد، مثل باب المندب، ما قد يمثل استثناءً. قدر المرونة التي قد تملكها يعتمد في الحقيقة على التجارة التي تعمل بها".
وقال إن "مدى تأثير الهجمات على التأمين البحري ما يزال غير محسوم. علينا مراقبة ذلك في الفترة المقبلة".
تشغل "إم إس سي" 800 سفينة و5 طائرات لنقل الشحنات عبر أكثر من 300 مسار و520 ميناء للتوقف المؤقت.
نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.