تشديد قيود الشحن في قناة بنما بسبب الجفاف ومخاوف من ارتباك التجارة العالمية

القناة تستوعب 5% من تجارة العالم والإجراءات قد تدفع باتجاه طرق بديلة منها قناة السويس

time reading iconدقائق القراءة - 13
صورة لسفينة شحن في قناة بنما - المصدر: بلومبرغ
صورة لسفينة شحن في قناة بنما - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

أجبر الجفاف الشديد الذي أصاب قناة بنما بعض سفن الحاويات على تخفيف الحمولة، فضلاً عن دفع رسوم أعلى، مع توقُّع زيادة أخرى في تكلفة شحن البضائع عبر القناة هذا الصيف.

سيتعين على السفن الكبيرة تقليل الجزء الغاطس من بدنها في الماء، عن طريق تقليص حمولتها اعتباراً من 24 مايو، على أن يلي ذلك خفض آخر بداية من 29 مايو، كما أعلنت شركات كبرى في مجال الشحن البحري رسوماً جديدةً على البضائع المشحونة عبر ذلك الممر المائي من أول يونيو على خلفية القيود التي فرضتها القناة.

من المحتمل أن تؤدي هذه الإجراءات إلى تأخير السلع المنقولة عبر القناة وزيادة تكاليف شحنها. ويمر بالقناة 5% من التجارة البحرية العالمية سنوياً.

قلة الأمطار

تعاني القناة، التي تربط المحيطين الأطلسي والهادي، نقصاً في إمدادات المياه منذ ما قبل توسيعها في 2016، والذي سمح لسفن أكبر بكثير بالمرور فيها، لكنَّها تبدأ في تطبيق بروتوكول لرسوم العبور وقيود الوزن مع اشتداد الجفاف. وكان هطول الأمطار أقل من 50% من المعدل الطبيعي من فبراير إلى أبريل بالقرب من القناة والبحيرات التي تغذّيها.

تماثل كمية الأمطار تلك التي هطلت في عام 2019، الذي شهد أدنى مستوى خلال عقدين، وفقاً لـ"إيفرستريم أناليتيكس" (Everstream Analytics)، وليس هناك ما يشير إلى حلول موسم الأمطار الذي يبدأ عادة قبل الصيف. ومن المتوقَّع أن يصل منسوب المياه في بحيرة غاتون، وهي الكبرى بين بحيرتين تغذّيان القناة، إلى أدنى مستوى له بحلول يوليو، مما يحد من الجزء الغاطس من السفن وكمية البضائع التي يمكن أن تحملها.

اعتباراً من 24 مايو الجاري، سينخفض طول الجزء الغاطس من سفن "نيو باناماكس" - كبرى السفن التي تعبر الممر المائي- إلى 44.5 قدم (13.56 متر)، من 45 قدماً التي كانت قد خُفّضت بالفعل، وفقاً لمتحدث القناة أوكتافيو كوليندرس. وسينخفض حد الغطس مرة أخرى إلى 44 قدماً في 30 مايو. وفي حين أنَّ هذا يبدو وكأنَّه تغيير طفيف؛ لكن قد يستتبعه تقليص حمولة بعض سفن الحاويات 40%. ويعد الطول الطبيعي للجزء الغاطس من السفينة 50 قدماً، وخلال فترات الجفاف في عامي 2019 و2016، انخفض إلى 43 قدماً.

زيادة الرسوم

أعلن ما لا يقل عن أربع شركات شحن عبر المحيطات قيوداً على الوزن، أو فرضت رسوماً بين 300 و500 دولار على الحاوية اعتباراً من أول يونيو نتيجة الإجراءات التي فرضتها القناة. ومن المرجح أن تحذو المزيد من شركات النقل حذوها مع زيادة القيود.

قالت شركة الشحن عبر المحيطات "هاباغ لويد" (Hapag-Lloyd) في تقرير استشاري للعملاء في 30 أبريل: "مستويات المياه الأقل من المعتاد في بحيرة غاتون تسبب قيوداً شديدة على السفن العابرة لقناة بنما". وجاء في الإشعار أنَّ شركات الشحن من شرق آسيا إلى أميركا الشمالية سيتعين عليها دفع رسوم إضافية على جميع البضائع اعتباراً من أول يونيو.

شكلت سفن الحاويات 45% من حركة المرور في القناة بنما في أبريل، تلتها ناقلات غاز البترول المسال، ثم المواد السائبة الجافة، وناقلات الغاز الطبيعي المسال.

لا تتأثر ناقلات الغاز الطبيعي المسال، التي تعتمد بشكل كبير على القناة، بالتغييرات في طول الجزء الغاطس مثل السفن الأخرى، لأنَّ القيود المفروضة عليها في هذا الصدد أقل من تلك التي تحمل بضائع أو سلعاً صناعية أثقل، لكن أي اختناقات قد تحدث ستدعو للقلق، وخاصة في الولايات المتحدة، التي من المقرر أن تبدأ زيادة صادراتها من الغاز الطبيعي المسال في السنوات الخمس المقبلة.

انتظار أطول

من المنتظر أن يقلص قيد الـــ44 قدماً، على طول الجزء الغاطس من السفن، المساحة لمعظم شركات الشحن على سفن "نيو باناماكس" 40%، وفقاً لناثان سترانج، مدير الشحن في المحيطات في شركة "فليكسبورت" (Flexport) لخدمات الشحن والتخليص الجمركي. وهذا يعني أنَّ الأمر سيتطلب المزيد من السفن لنقل الكمية نفسها من البضائع، مما قد يزيد أوقات الانتظار للسفن التي تريد العبور.

قال سترانج إنَّ بعض شركات الشحن ستضطر إلى تقسيم الحمولة الثقيلة على حاويتين بدلاً من واحدة، مع تأثر السفن التي تحمل بضائع أثقل على نحو أكبر. وأضاف أنَّ هذه الإجراءات قد تكلّف المستوردين وتجار التجزئة الذين يستخدمون ذلك الممر المائي 1500 دولار إضافية لكل حاوية.

وتابع: "إذا شحنتَ حاويتين أسبوعياً بوزن 12 طناً لكل منهما بنحو 3000 دولار للواحدة؛ فستحتاج إلى شحن ثلاث حاويات. لذا؛ فإنَّ سعر كل شحنة ارتفع من 6000 إلى 9000 دولار".

وبالنسبة لشركات الشحن التي تنقل عادة حاويات زِنة كل منها 25 طناً؛ فإنَّها ستحتاج الآن إلى ثلاث أو أربع حاويات. وقال: "هذه ضربة أكبر بكثير، وشركات الشحن هذه لن تستخدم ببساطة القناة".

طرق بديلة

يمكن للبضائع من آسيا إلى الولايات المتحدة أن تسلك طرقاً بديلة عبر قناة السويس. أو يمكنها استخدام الموانئ في جنوب كاليفورنيا، والتي قد تتضمن تحميل الحاويات على شاحنات أو قطارات متجهة إلى المراكز السكانية في الغرب الأوسط والساحل الشرقي. وذكر سترانج أنَّ شركات شحن تفكر بالفعل في اللجوء لهذه الخيارات.

قال جون ديفيس، كبير خبراء الأرصاد الجوية في "إيفرستريم أناليتيكس": "من المتوقَّع هطول أمطار أقل من المعتاد على بنما في المستقبل المنظور. ونتيجة لذلك؛ نتوقَّع أن ينخفض منسوب المياه في البحيرة، وأن يزداد التأثير على الشحن عبر القناة".

تصنيفات

قصص قد تهمك

الشحن البحري يحتاج لتنويع الوقود بعد الاعتماد على صنف واحد

اقتراح بدائل لزيت الوقود من الغاز المسال والميثان والأمونيا.. و50% من الشركات تجرب وقوداً منخفض الكربون

time reading iconدقائق القراءة - 10
إحدى سفن الحاويات المملوكة لشركة \"هاباغ-لويد\" تبحر قبالة أحد الموانئ - المصدر: بلومبرغ
إحدى سفن الحاويات المملوكة لشركة "هاباغ-لويد" تبحر قبالة أحد الموانئ - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

يُعد الشحن الدولي من القطاعات التقليدية التي "يصعب الحد من انبعاثاتها"، فبناء سفن الحاويات، وناقلات بضائع المعادن الخام والنفط والحبوب، وناقلات الركاب الكبيرة مرتفع التكلفة، كما أن عمرها الافتراضي يدوم لعقود. ومن الناحية التاريخية، ارتفعت كفاءة سفن الحاويات بزيادة حجمها.

يعمل أكثر من 95% من السفن في الوقت الراهن باستخدام المنتجات البترولية التي توفر الوقود لمحركات الديزل التي عُدلت لتلائم أغراضها الخاصة. وتنقل السفن نحو 90% من التجارة العالمية.

بينما توشك انبعاثات قطاع الطاقة العالمي على بلوغ ذروتها، لم تبدِ انبعاثات خطوط الشحن البحري أي علامة على ذلك. وبحسب وكالة الطاقة الدولية (International Energy Agency)، ارتفعت الانبعاثات الناتجة عن الشحن بمقدار الثلث تقريباً في القرن الحالي. ومع زيادة التجارة الدولية ونقل المدخلات والمنتجات منتهية التصنيع، سترتفع انبعاثات الشحن نتيجة لزيادة الحركة. فالتغيير في قطاع الشحن مسألة صعبة.

ضرورة تغيير نوع الوقود

لكن التغيير أصبح ضرورة أيضاً، حيث استخدمت أكبر السفن أنواع الوقود نفسها لعقود، والتي تعرف معاً باسم "وقود السفن"، وهي عبارة عن المخلفات الناتجة عن تكرير النفط لاستخراج أنواع وقود ومنتجات أخرى. ورغم أن وقود السفن أقل سعراً من أنواع الوقود الأخرى، إلا أنه ثخين اللزوجة فعلياً (تحتاج بعض الأنواع لتسخينها للانتقال عبر نظام الوقود)، ويسبب التلوث بالتأكيد. فوقود السفن غني بالكربون، ومن الطبيعي أن يمُزج بملوثات أخرى مثل الزئبق والكبريت، رغم أن اللوائح الجديدة خفضت نسبة الأخير بشكل كبير.

أظهرت دراسة جديدة عن القطاع كيف يفكر مالكو السفن في مستقبلهم، وكانت الإجابات مفيدة. كما كشفت دراسة مشتركة أجراها "المنتدى البحري العالمي"، و"المركز العالمي لإزالة الكربون من البحار"، ومركز "مكيني مولر للحياد الكربوني في الشحن" عن إجراءات تتخذ في الوقت الحالي، كما تقترح الدراسة سبلاً لتغيير القطاع.

النتيجة الأهم أنه بينما يُعد زيت الوقود هو المعيار المسلم به في القطاع حالياً، فلا تتوقع شركات الشحن التوصل إلى خيار موحد للوقود بحلول منتصف القرن الحالي. ويُنظر إلى مجموعة من أنواع الوقود، تتنوع ما بين الغاز الطبيعي المسال والميثان والأمونيا، على أنها تتساوى تقريباً في قابليتها للاستعمال عند المستوى المطلوب. كما يمكن أن تؤدي أنواع وقود أخرى، مثل الهيدروجين، دوراً، لكن الأرجح أنها ستستخدم على نطاق ضيق. ويمكن أيضاً أن تضطلع الطاقة النووية المستعملة في التطبيقات العسكرية بدور، وإن لم يكن كبيراً.

إجراءات جديدة

من النتائج المهمة الأخرى أن جهود الحد من انبعاثات القطاع في الوقت الحالي تتمحور حول الكفاءة، أي تنفيذ نفس العمل بكمية أقل من الوقود التقليدي. وتشمل تلك الجهود أنشطة مثل توجيه السفن إلى مناطق ذات طقس أفضل، ورفع كفاءة هياكل السفن ومراوحها الدافعة، وتطوير العمليات بغرفة المحرك. كلها إجراءات جيدة، لكن زيادة الكفاءة لن تغير نوع الوقود أو حجم الانبعاثات الناتج عن حرقها.

هنا تظهر ضرورة الابتكارات الأخرى، مثل: أنواع الوقود منخفضة الكربون من الديزل الحيوي والأمونيا المصنعة باستخدام الطاقة المتجددة، ومصادر الطاقة البديلة كالكهرباء المولدة على السفن باستخدام طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية. فما زالت خبرات القطاع متنوعة بشكل كبير.

استخدم نصف شركات الشحن المشاركة في دراسة القطاع أنواع وقود منخفضة الكربون بشكل ما، وأغلبها ما زال في مراحل التجربة المبكرة، بينما لم يعتمد 35% منها فقط على الوقود منخفض الكربون على الإطلاق. مع ذلك، لم يجرب إلا 4% من الشركات مصادر الطاقة البديلة، فيما يخطط نصف الشركات- لكنها لم تجرب بعد- لذلك، وأكثر من ثلثها لا يخطط للاعتماد عليها بأي شكل.

دور الأطراف المعنية

نتيجة مهمة أخيرة: الشحن هو قطاع عالمي منظم، وأن يكون مالكو السفن ومشغلوها يجهلون الحاجة للحد من انبعاثات الكربون بشكل كبير هو احتمال ضئيل. فمن الطبيعي أن تكشف الدراسة عن أن العامل الفاصل الأهم لحد انبعاثات الشحن سيكون ما تفرضه الجهات التنظيمية على القطاع.

مع ذلك، فإن مالكي السفن ومصنعيها هم من سيحددون المسار. ما زالت الصين وكوريا واليابان تهيمن على بناء السفن، بينما تستمر شركات "دايو" (Daewoo)، و"سامسونغ"، و"هيونداي"، و"ميتسوبيشي" في التوسع عالمياً. وأي قرار تتخذه إحدى هذه الشركات شديدة التنافس سيحث الأخريات على الحذو حذوها.

وبوجه مشابه، يمكن لشركات تشغيل السفن مثل "ميرسك"، أو"مديترينيان شيبينغ كومباني" (MSC)، أو "كوسكو" أيضاً استخدام نفوذها لاختيار أنواع الوقود، ما سيقتضي أن يلحق بها أقرانها.

نعم، ستكون اللوائح ومعايير الانبعاثات مسألة جوهرية، لكن الأرجح أن العمل على مستوى الشركة سيحدد مزيج الوقود المستقبلي المعقد في القطاع.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

تغيير حجم الخط

دبي

12 دقائق

19°C
سماء صافية
العظمى / الصغرى 19°/19°
15 كم/س
83%

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.