أفاد مزوِّد البيانات "إس.تي.آر "أنَّ الفنادق في العاصمة السعودية الرياض سجَّلت في يناير أفضل أداء لها منذ بدء جائحة كوفيد-19، مدعومة بطلب محلي.
وأشارت تقديرات حكومية أولية إلى أنَّ السعودية شهدت انكماشاً اقتصادياً 4.1% في العام الماضي، إذ تأثرت بالصدمة المزدوجة الناجمة عن أزمة فيروس كورونا، ونزول أسعار النفط.
وتعدُّ السياحة من ركائز إستراتيجية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للإصلاح من أجل تقليص الاعتماد على النفط، وقد تضرَّرت بفعل إجراءات حكومية ترمي لمنع انتشار فيروس كورونا، لكنَّ السياحة المحلية خفَّفت من حدَّة الصدمة، إذ تدعم الاستهلاك المحلي نتيجة تقلص نشاط السفر عالمياً.
56 % معدل الإشغال في فنادق العاصمة
وأفادت بيانات أولية من "إس.تي.آر" أنَّ معدَّلات الإشغال في الرياض بلغت 56.2% في يناير، وبلغ الإيراد لكل غرفة متاحة 327.56 ريالاً (الدولار يعادل 3.75 ريالاً).
وقال مزوِّد البيانات "المستوى المطلق للإيراد لكل غرفة كان الأعلى بالنسبة لأي شهر في الرياض منذ فبراير الماضي"، لكن على أساس سنوي، ما تزال معدَّلات الإشغال منخفضة بنحو 24%.
ومدَّدت السعودية الشهر الماضي حظراً على سفر مواطنيها، وأجَّلت إعادة فتح موانئها من 31 مارس إلى 17 مايو، وفي وقت سابق هذا الشهر، منعت الدخول من 20 دولة للمساعدة في كبح انتشار الفيروس.
وقالت مونيكا مالك كبيرة الاقتصاديين لدى بنك أبوظبي التجاري "في يناير، كانت القيود في بداية الشهر أخف بعض الشيء، وكان هناك كذلك سفر لأغراض العمل أكثر قليلاً، لكنَّ الاتجاه العام منذ بدء إجراءات الإغلاق في العام الماضي، هو أنَّ السعوديين يقل سفرهم، ويزيد إنفاقهم محلياً، وهو عامل دعم لقطاع الخدمات المحلي".
ويتوقَّع الاقتصاديون تعثُّراً للتعافي في السعودية في بداية العام، إذ تضغط تخفيضات طوعية لإنتاج الخام على قطاع النفط، لأسباب منها: القيود المرتبطة بالجائحة.
وقالت كابيتال إيكونوميكس في لندن هذا الأسبوع "في ظل كل تلك المعطيات، نتصور نمواً متواضعاً عند 2.3% هذا العام يتبعه نمو أقوى يبلغ 6.3% في 2022... تفترض توقُّعاتنا أنَّ الناتج المحلي الإجمالي سيكون دون مساره قبل الفيروس بنسبة 1.5% بحلول نهاية 2022".
يقف الاقتصاد الأردني في محيط ملتهب من الأزمات المتتالية ليس آخرها حرب غزة، وتداعياتها على عدد من القطاعات الرئيسية، لكن جاء تهديد دونالد ترمب بقطع المساعدات الأميركية عن عمان في حال رفضها لخطته بتهجير فلسطينيين من قطاع غزة إليها، ليزيد الأعباء على البلد الذي يعاني شحاً في الموارد وارتفاعاً في فاتورة الطاقة وتراجعاً في معدلات السياحة والاستثمار.
ويتلقى الأردن مساعدات أميركية سنوية تقدر بأكثر من 1.5 مليار دولار، منها 350 مليون دولار مخصصة لمشاريع حيوية تديرها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، تشمل قطاعات التعليم والصحة والبلديات وغيرها. وتأتي تهديدات ترمب الجديدة، بعد إعلانه مؤخراً عن تعليق التمويل للوكالة الأميركية للتنمية في مختلف دول العالم لمدة 90 يوماً، ما نتج عنه مواجهة مئات المشاريع التنموية في الأردن لخطر التوقف، وفقدان العاملين لوظائفهم، ما يزيد الضغوط على الحكومة الأردنية.
"الشرق" رصدت من خلال تغطية خاصة تحت عنوان "مستقبل الاقتصاد الأردني"، رؤى مسؤولين وخبراء أردنيين، بشأن تداعيات تنفيذ ترمب لتهديداته على الاقتصاد الأردني، وتأثير الأزمات المحيطة بالبلاد على قطاعات السياحة والطاقة، وكيفية خروج عمان من هذه الأزمات المتلاحقة وما البدائل للمساعدات الأميركية إذا تم قطعها بالفعل.
بعد زيارة فريق من موظفي صندوق النقد الدولي، للأردن في أكتوبر الماضي، لإجراء المراجعة الثانية لبرنامج تمويلي، قال الصندوق إن استمرار الصراع في المنطقة واتساع رقعته، أثر على اقتصاد الأردن أكثر مما كان متوقعاً عند الموافقة على برنامج قرض بقيمة 1.2 مليار دولار في يناير 2024.
جواد العناني نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية الأردني الأسبق، استبعد في مقابلة مع "الشرق" أن يوقف ترمب المساعدات الأميركية للأردن، موضحاً أنه "لاتوجد مساعدات بالمجان" فالأردن حليف استراتيجي لأميركا ولديها تعاون عسكري قوي وشراكة اقتصادية معها، ومن الصعب فك ارتباطهما بسهولة.
الرئيس الأميركي دونالد ترمب، هدد بإيقاف المساعدات للأردن ومصر إذا لم تستقبلا اللاجئين من قطاع غزة، وعبر مجدداً خلال لقائه ملك الأردن عبد الله الثاني، يوم الثلاثاء الماضي، عن اعتقاده في أنه سيحصل على "قطعة أرض في الأردن، وأيضاً في مصر".
وفي المقابل، قال الملك عبد الله الثاني، في منشور على منصة "إكس"، عقب اللقاء إنه أكد خلال مباحثاته مع ترمب، موقف الأردن الثابت ضد تهجير الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية.
واعتبر العناني أنه إذا حدث وقف للمساعدات، فسيكون تأثير ذلك محدوداً على البلاد، خاصة أن إجمالي المساعدات الأميركية لا تمثل سوى 6% من الموازنة العامة ويمكن تعويضها من أكثر من مصدر.
في عام 2022، وقعت الولايات المتحدة والأردن مذكرة تفاهم مدتها 7سنوات، وبموجبها تقدم واشنطن لعمان مساعدات اقتصادية وعسكرية بقيمة 10.15 مليار دولار، وهو ما يقدر بنحو 1.45 مليار دولار سنوياً في الفترة من 2023 حتى 2029، أي بزيادة قدرها 13.7% مقارنة بالمذكرة السابقة.
رعد التل رئيس قسم الاقتصاد في الجامعة الأردنية، اعتبر أن وقف المساعدات الأميركية التي تصب مباشرة في الموازنة، سيزيد العجز وسيتم تعويض تلك المساعدات عبر الاقتراض، مشيراً إلى ضرورة العمل على زيادة الإيرادات وتوقيع اتفاقيات تمويلية ومنح بديلة مثل اتفاقية الشراكة الأوروبية لتعويض هذه المبالغ.
الحكومة الأردنية تأتي على رأس أبرز القطاعات المستفيدة من المساعدات الأميركية، ثم منظمات المجتمع المدني يليها قطاع التعليم الأساسي وقطاع الأعمال، وكذلك إمدادات المياه وبرامج صحة المرأة والطفل.
ارتفاع فاتورة الطاقة
يعاني اقتصاد الأردن من ارتفاع فاتورة الطاقة، وسط رؤية حكومية لتحديث الاقتصاد، وتستورد عمان معظم احتياجاتها من الطاقة، وسط خطط طموحة للتحول الأخضر بالتركيز مصادر الطاقة البديلة.
استنزفت الطاقة الاقتصاد الأردني لعقود وزادت من عجز الميزان التجاري، وقد يساهم وقف المساعدات الأميركية في إعاقة التوسع في استخدام الطاقة المتجددة، بحسب أحمد عوض، مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية.
وفي عام 2024 بلغ حجم المساعدات الأميركية المقدمة للأردن 1.3 مليار دولار منها 845.1 مليون دولار لدعم الموازنة العامة، وفي العام الجاري كان من المتوقع أن تصل المساعدات السنوية للأردن التي أقرها الكونغرس إلى 2.1 مليار دولار.
وأرجع عوض أزمة الطاقة في البلاد إلى سببين، الأول الرؤية القاصرة التي لم تأخذ بعين الاعتبار مخاطر التذبذبات في السوق، والثاني عدم مواكبة التطورات في سوق الطاقة من حيث المصادر البديلة والتقنيات المستخدمة في استخراج الغاز الطبيعي.
وتمثل الطاقة المتجددة 27% من الطاقة المستخدمة في البلاد حالياً، مع خطط لرفعها إلى 30% خلال السنوات المقبلة.
بيانات وزارة الطاقة الأردنية، تشير إلى أنه سيكون هناك اكتفاء ذاتي من الغاز عام 2035، في ظل الاحتياطي المقدر بنحو 12 تريليون قدم مكعب، بحسب هيثم زيادين رئيس لجنة الطاقة النيابية، موضحاً أن الدولة تستهلك نحو 350 مليون قدم مكعب من الغاز يومياً.
بدوره، اعتبر رائد الأعرج، الخبير في مجال الطاقة أن استخراج النفط والغاز في الأردن يساعد في أمن الطاقة، وزيادة النمو الاقتصادي عبر تقليل التكاليف على الصناعات وخفض البطالة والحفاظ على العملات الأجنبية. تشير تقديرات بأن تشكل الطاقة المتجددة 40% من إجمالي الطاقة المستخدمة في الأردن بحلول 2033.
خسائر قطاع السياحة
شهد قطاع السياحة في الأردن خسائر وصلت إلى ملايين الدولارات مع إغلاق عدد من المنشآت السياحية نتيجة الحرب على غزة والتوترات الإقليمية، بينما تحاول الحكومة إيجاد حلول تتعلق بتعزيز الطيران منخفض التكاليف وفتح أسواق سياحية جديدة. وشهد القطاع الفندقي الضربة الأقوى، مع إغلاق 40 منشأة سياحية، فيما انخفضت نسب الإشغال في بعض الفنادقِ لتصل إلى الصفر، إضافة إلى تسريح آلاف العمال، ما دفع الحكومة إلى التدخل بإجراءات عاجلة لمحاولة احتواء الخسائر المتزايدة. فادي بلعاوي أمين عام وزارة السياحة والآثار، قال في مقابلة مع "الشرق" إن الحكومة قامت بالعديد من الإجراءات التي خففت الأعباء على القطاع، منها جدولة المبالغ المستحقة من ضريبة الدخل والضمان الاجتماعي، مع إعطاء فترات سماح لمستحقات أكثر من 15 سنة والعديد من الإجراءات من خلال البنك المركزي والبنوك التجارية. يعدّ القطاع السياحي أحد أعمدة الاقتصاد الأردني، إذ يرفد خزينة الدولة بما بين ثلاثة وستة مليارات دولار سنوياً، البيانات الرسمية كشفتْ عن تراجعِ النشاط السياحي بنسبة 70% منذ الربع الأخير 2023، وصولاً إلى بداية عام 2025 في مؤشر واضح على عمقِ الأزمة التي يواجهها القطاع.
نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.