لماذا تثير إعانات بايدن للصناعات الخضراء غضب حلفاء أميركا؟

الرئيس الأميركي يقدم مساعدات ضريبية بقيمة 370 مليار دولار.. وشركاء واشنطن يعتبرونها "تمييزية"

time reading iconدقائق القراءة - 13
علم الولايات المتحدة إلى جانب نظيره الخاص بالاتحاد الأوروبي - المصدر: بلومبرغ
علم الولايات المتحدة إلى جانب نظيره الخاص بالاتحاد الأوروبي - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يقدم الرئيس الأميركي جو بايدن إعانات وإعفاءات ضريبية بنحو 370 مليار دولار لتعزيز الصناعات الخضراء وخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الولايات المتحدة. لكن بعضاً من أكبر شركاء واشنطن التجاريين، بمن فيهم الاتحاد الأوروبي واليابان، يقولون إن الإجراءات ستفيد الشركات الأميركية على نحو غير عادل وتضر بالتجارة الحرة. وإذا تصاعد الخلاف، فمن المحتمل أن يعوق ذلك نمو التقنيات اللازمة للتحول إلى اقتصاد منخفض الكربون.

1) بؤرة الخلاف؟

يقدم قانون خفض التضخم، الذي أقرته الولايات المتحدة العام الماضي، إعانات وائتمانات ضريبية لإنتاج السيارات الكهربائية والكهرباء من مصادر متجددة، وكذا وقود الطائرات المستدام والهيدروجين. وتعمل مشاريع الطاقة الشمسية والصناعات الخضراء الأخرى على توفير آلاف الوظائف في الولايات المتحدة مع تعافي الاقتصاد من جائحة كورونا، وسيساعد الاقتصاد القوي بايدن إذا سعى للفوز بفترة رئاسية جديدة في 2024. لكن صانعي السياسة في أوروبا، واليابان، وكوريا الجنوبية يخشون من أن يجذب القانون استثمارات إلى الولايات المتحدة كانت ربما ستتدفق لولاه إلى مناطقهم.

2) ما هي المخاطر؟

قالت اليابان إن الإجراءات "تمييزية"، ويمكن أن تجعل شركات صناعة السيارات العملاقة لديها أكثر تردداً في الاستثمار بتحول الولايات المتحدة إلى السيارات الكهربائية. وذهبت شركة "هيونداي موتور" الكورية الجنوبية و"كيا كورب" إلى حد القول إن القانون يجعلهما في وضع غير موات لأنهما لا تملكان أي مصانع للسيارات الكهربائية في الولايات المتحدة حتى الآن (وإن كانتا ستفعلان ذلك قريباً). وجاء أقوى الشكاوى من أوروبا، حيث كان الدعم الصناعي في صميم بعض من أكثر الخلافات الشائكة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بما في ذلك نزاع دام لعقود بخصوص دعم شركتي "بوينغ" و"إيرباص" لصناعة الطائرات، ما أدى إلى فرض رسوم على تجارة بعشرات المليارات من الدولارات في 2019. ويمكن لهذه المواجهات أن تؤدي إلى تكاليف إضافية على عاتق الشركات، ما يرفع الأسعار ويضعف النمو. وهذا هو آخر شيء يحتاجه أي من الجانبين في الوقت الحالي، إذ تحرص الحكومات على تعزيز الصناعات التي يمكن أن تساعدها على الوفاء بتعهداتها الملزمة تجاه المناخ.

3) ما هي اعتراضات الاتحاد الأوروبي الرئيسية؟

تقول المفوضية الأوروبية، التي تتولى شؤون التجارة الدولية نيابة عن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27، إن الإجراءات الأميركية تشمل المحتوى المحلي ومتطلبات الإنتاج والتجميع، التي تنطوي على تمييز ضد الشركات غير الأميركية.

على وجه التحديد، يمنح القانون المستهلكين خصماً ضريبياً قيمته 7500 دولار للسيارات الكهربائية طالما أن 40% من المواد الخام في بطارياتها استُخرجت وعُولجت في الولايات المتحدة أو في البلدان التي لديها اتفاقية تجارة حرة معها. وهذا يعني أن شركاء الولايات المتحدة-مثل كندا والمكسيك- مُعفَون من قيود المحتوى الواردة في القانون، بينما لا يحصل منتجو السيارات الأجانب الآخرون على إعفاءات من هذا القبيل.

4) هل تصدت الولايات المتحدة للمخاوف؟

لا يأبه الرئيس بايدن بما قد يثيره هذا القانون من خلافات، فهو يقول إنه يفيد العمال الأميركيين ويساعد في مكافحة تغير المناخ. ومع ذلك، أقر بوجود بعض "الثغرات" في القانون، وأخبر المراسلين في أواخر 2022 بوجود فرصة لإجراء تعديلات لـ"تسهيل مشاركة الدول الأوروبية". وبشكل منفصل، أشارت وزارة الخزانة الأميركية إلى أن بعض السيارات المستوردة ستكون مؤهلة للحصول على الائتمانات الضريبية المخصصة للسيارات الكهربائية، مما هدأ المخاوف نوعاً ما.

5) ما رد الاتحاد الأوروبي؟

ما يزال يتعين على الدول الأعضاء الاتفاق على موقف مشترك إزاء القانون الأميركي. ودعت المفوضية وزعماء الاتحاد الأوروبي مثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون واشنطن إلى تغيير القواعد.

كما أبدت المفوضية مخاوفها مباشرة لوزارة الخزانة الأميركية. ودعا رئيس لجنة التجارة في البرلمان الأوروبي، بيرند لانغ، المفوضية إلى تقديم شكوى إلى منظمة التجارة العالمية. وإذا ادعى الاتحاد الأوروبي لدى هيئة التجارة العالمية وحُكم لصالحه، فقد تضطر الولايات المتحدة إلى تغيير قواعدها أو مواجهة الانتقام التجاري. لكن قد يستغرق ذلك عدة سنوات.

6) ما صلة الصين بهذه المعركة؟

يهدد النزاع بتقويض جهود بايدن لبناء تحالف من الحلفاء الغربيين لمواجهة الانتهاكات التجارية المزعومة من قبل الصين. وبسبب استعدادهم لتقديم الدعم المالي لصناعاتهم المحلية؛ من الصعب عليهم الشكوى من توزيع الصين إعاناتها الخاصة على مجموعة من السلع الحيوية. ففي الآونة الأخيرة، وتحديداً العام الماضي، كانت واشنطن وبروكسل تتفاوضان على اتفاق لوضع قواعد دولية جديدة تهدف إلى كبح الدعم الصيني المشوّه للتجارة.

يمثل القانون الأميركي الجديد تغييراً في الأساليب، حيث يهدف إلى إعادة توجيه سلاسل التوريد العالمية لمواد الطاقة النظيفة بعيداً عن الصين، ولمنع بكين من إساءة استخدام هيمنتها على بعض المواد الخام الرئيسية. ويمكن أن يؤثر أي تعطل في سلاسل التوريد نتيجة لذلك على الاتحاد الأوروبي بشكل غير متناسب لأنه يعتمد على الصين في 98% من احتياجاته من المعادن النادرة وأحجار المغناطيس التي تستخدم في بطاريات السيارات، والألواح الشمسية، ومولدات الطاقة، ومعدات تخزين الهيدروجين.

7) ماذا تقول منظمة التجارة العالمية؟

لم تصدر المنظمة شيئاً رسمياً بعد، حيث لم يقدم الاتحاد الأوروبي شكوى. لكن المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية، نغوزي أوكونجو إيويالا، حثت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على محاولة تسوية الخلاف ودياً لمنع "التنافس المحموم" بشأن الإعانات.

8) هل يمكن أن يضاهي الاتحاد الأوروبي إعانات بايدن الخضراء؟

نعم. فقد حثت إدارة بايدن الاتحاد الأوروبي على تقديم إعانات خضراء خاصة به. وفي يناير الماضي أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، عن "قانون الصناعات التي تهدف إلى الوصول للانبعاثات الصفرية" ويركز على زيادة تمويل التقنيات الخضراء ليكون معادلاً لقانون المناخ الأميركي الوشيك. إذا تمكنت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من مواءمة خططهما للدعم الأخضر بنجاح، فقد يؤدي ذلك إلى تسريع الجهود العالمية للتخلص من الكربون، ويصبح الطرفان نموذجاً يحتذى للدول الأخرى.

9) هل ستندلع حرب تجارية أخرى عبر الأطلسي؟

من السابق لأوانه قول ذلك. فبايدن يقول إنه ملتزم بمعالجة مخاوف الاتحاد الأوروبي، ووزارة الخزانة مستمرة في العمل على ذلك. وأعرب المستشار الألماني أولاف شولتز عن اقتناعه بأنه لن تندلع حرب تجارية، بل ويتوقع أن تتوصل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى اتفاق لتبديد مخاوف أوروبا.

تصنيفات

قصص قد تهمك

خطة أوروبية شاملة للمنافسة عالمياً في التكنولوجيا النظيفة

الاتحاد الأوروبي يواكب حزمة الحوافز الخضراء الأميركية بتوفير إعفاءات ضريبية وإعانات للشركات

time reading iconدقائق القراءة - 6
رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني - المصدر: بلومبرغ
رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يسعى الاتحاد الأوروبي إلى إسراع وتيرة إنتاج التكنولوجيات النظيفة، عبر توفير إعفاءات ضريبية وإعانات للشركات، في محاولة لمواكبة حزمة التحفيز الأمريكية الخضراء المهمة التي أطلقها الرئيس جو بايدن.

من المقرر أن تتقدم المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، بخطة تسمح للدول بتفادي توابع الاستراتيجية الأميركية عن طريق تنويع الموردين وتطوير الإنتاج المحلي، حسب مسودة "خطة الاتفاق الأخضر الصناعي" التابعة للمفوضية، التي اطلعت عليها "بلومبرغ نيوز".

ستخفف المبادرة، التي ما زالت عرضة للتعديل قُبيل التصديق عليها الأربعاء، من قواعد المساعدات الحكومية لمنافسة "قانون خفض التضخم الأميركي"، الذي يتضمن 500 مليار دولار تقريباً من الإنفاق الجديد والإعفاءات الضريبية على مدى عقد. عبرت بعض الدول الأعضاء عن وجود مخاوف لديها من أن خطة الاتحاد الأوروبي قد تفيد بطريقة مجحفة الدول الأغنى التي تحظى بقدرة مالية أكبر.

قالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني أمام الصحفيين في روما يوم الاثنين: "يتطلب الأمر توخي الحذر عند تخفيف قواعد مساعدة الدول، ومن المفترض أن نساعد الشركات لكن ليس في إمكاننا أن نخاطر بإضعاف السوق الموحدة، ويتعين أن نضمن توافر حالة من تكافؤ الفرص".

اجتماع زعماء أوروبا

يناقش زعماء الدول الـ27 الأعضاء بالاتحاد الأوروبي الاقتراح المقدم من المفوضية ببروكسل الشهر المقبل. حسب مسودة الاقتراح، ستصدر خطة خاصة بصندوق سيادي لتمويل القطاعات الإبداعية، التي اقتُرحت للمرة الأولى في سبتمبر الماضي، مع حلول صيف العام الجاري ضمن مراجعة لميزانية الاتحاد الأوروبي طويلة الأمد.

فون دير لاين: على الاتحاد الأوروبي زيادة تمويل التكنولوجيا النظيفة لمواجهة الولايات المتحدة

نستعرض في ما يلي بعض البنود الأساسية التي تضمنها اقتراح اللجنة:

  • "قانون صافي صفر انبعاثات للقطاع الصناعي" لتبسيط القواعد والإسراع من وتيرة صدور التصاريح وتدعيم المشروعات العابرة للحدود لتسريع تحقيق هدف الحياد المناخي.
  • تخفيف أكثر لقواعد مساعدة الدول لمدة محدودة. سيشمل ذلك نشر كل تكنولوجيات الطاقة المتجددة وإزالة الكربون من العمليات الصناعية. سيعزز أيضاً دعم الاستثمار إنتاج تكنولوجيات الطاقة النظيفة الاستراتيجية، بجانب تقديم مساعدة أكبر لمواكبة ما يطرح في الولايات المتحدة الأميركية والصين.
  • توفير الدعم للاستثمارات الحديثة بالمصانع في القطاعات الخضراء المهمة، متضمنة ما يُقدم من خلال المزايا الضريبية لمواكبة ما تقدمه دول ثالثة. ستستمر هذه المساعدة لفترة محدودة وستكون موجهة إلى المناطق التي توجد بها مخاطر إعادة توطين الوظائف والاستثمارات بأماكن أخرى. ستحاول اللجنة الوصول إلى قدر أكبر من الشفافية لدى الدول الأعضاء حول الحوافز الضريبية المقدمة على المستوى القومي.
  • زيادة حدود الاختصاص التي تطلب إخطار المفوضية بحجم الدعم المقدم لقطاعات على غرار الهيدروجين أو المركبات النظيفة، وتسهيل إجراءات مبادرة "المشروعات المهمة ذات المصالح الأوروبية المشتركة". تتبنى هذه المبادرات دول عديدة أعضاء بحقول خاصة بتكنولوجيات فائقة التطور.
  • تخلو مسودة خطة اللجنة من اقتراح بتوفير تمويل جديد في الأجل القريب. سيُستثمر 380 مليار يورو على الأقل (ما يعادل 413 مليار دولار) من أموال الاتحاد الأوروبي الحالية بعملية التحول الأخضر حتى 2030، وستساعد المفوضية البلدان الأعضاء في جعل الأموال المخصصة للتعافي من وباء كورونا لتصبح ملائمة للمبادرات الخضراء، ويشمل ذلك إمكانية استعمال الإعفاءات الضريبية.
  • أول مزاد لإنتاج طاقة الهيدروجين المتجددة. سيتمتع الفائز بعلاوة تشجيعية ثابتة لكل كيلوغرام وقود ينتجه لمدة 10 أعوام. ستصل الميزانية المخصصة لأول مزاد إلى 800 مليون يورو. سيشبه تأثير البرنامج الإعفاء الضريبي للإنتاج في حزمة حوافز التكنولوجيا النظيفة الأميركية. سترمي اللجنة أيضاً إلى جعل عملية شراء مضخة حرارية أكثر يسراً للمستهلكين عن طريق اقتراح ملصق موحد لبيانات للطاقة مع نهاية السنة الجارية.
  • سيعمل التكتل الأوروبي الموحد على إنشاء تجمع حيوي خاص بالمواد الخام يضم المستهلكين والبلدان الغنية بالموارد معاً بهدف وضع مبادئ مشتركة. سيصمم الاتحاد الأوروبي أيضاً استراتيجية لاعتمادات الصادرات، فيما باتت المفوضية جاهزة لاستعمال أدوات للدفاع التجاري وغيرها من الأدوات المستخدمة في مكافحة الممارسات المجحفة.

أشارت صحيفة "فاينانشيال تايمز" إلى مسودة الاقتراح في تقرير لها في وقت سابق من يوم الاثنين.

هل تعدل أميركا قوانينها من أجل أوروبا؟

طالب الاتحاد الأوروبي الولايات المتحدة الأميركية بتعديل قانونها لإعطاء الشركات الأوروبية قدراً أكبر من المرونة للاستفادة من الاعتمادات المقدمة. لكنّ مسؤولين باتوا يشككون بأن واشنطن ستُدخِل تعديلات مؤثرة، وشرعوا في رسم خريطة طريق توفر الحماية لقطاع الصناعة الأوروبية.

حذرت رئيسة المفوضية الأوروبية لشؤون المنافسة بالاتحاد الأوروبي مارغريت فيستاغر من أن كثيراً من الدعم المقدم للشركات على المستوى الوطني قد يلحق الضرر ببلدان أصغر وأفقر ذات قدرة مالية أقل. استفادت ألمانيا وفرنسا، وهما الاقتصادان الأكبر في الاتحاد الأوروبي، أكثر من غيرهما جراء تخفيف المفوضية من القواعد الحالية لمساعدة الشركات في التصدي لتكاليف الطاقة الباهظة.

صرح وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر للصحفيين ببرلين يوم الاثنين: "لسنا بحاجة إلى تمديد دعم الاتحاد الأوروبي بطريقة مُبالَغ فيها، ومن المفترض أن تصبح قواعد الدعم أكثر مرونة، ويتعين أن نتخذ قرارات بسرعة أكبر، لكننا لا نحتاج إلى تمديد إعانات الاتحاد الأوروبي على نحو مفرط".

تصنيفات

قصص قد تهمك

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.