خفض الإنفاق الحكومي يشكل تهديداً جديداً للأهداف المناخية

time reading iconدقائق القراءة - 9
بخار  متصاعد من أكوام المداخن في محطة أجيوس ديميتريوس للطاقة - المصدر: بلومبرغ
بخار متصاعد من أكوام المداخن في محطة أجيوس ديميتريوس للطاقة - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تواجه استثمارات الطاقة النظيفة والأهداف المناخية خطراً جديداً وسط تعرُّض الحكومات في أميركا وأوروبا لضغوط خفض الإنفاق وتضييق العجز، كما يقول المحللون الاستراتيجيون والاقتصاديون.

الضغوط السياسية لخفض الإنفاق آخذة في الازدياد، إذ تخطط المملكة المتحدة لرفع الضرائب وخفض الميزانية سعياً لتحقيق الاستقرار في ماليتها العامة. وفي الولايات المتحدة، تنذر الأغلبية الجمهورية الضيقة في مجلس النواب بحدوث مواجهة بشأن الإنفاق. وحتى البرازيل، التي انتخبت لتوّها لولا الصديق للبيئة رئيساً للبلاد، حريصة على تحقيق "الاستقامة المالية".

يمكن أن تبدو الطاقة المتجددة مكاناً سهلاً لخفض التكاليف. على الرغم من أن مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية تخفض تكلفة الطاقة بشكل كبير على الأمد الطويل، فإنها تتطلب تكاليف مقدمة كبيرة. حتى المشاريع الممولة من القطاع الخاص غالباً ما تعتمد على الالتزامات العامة. كما تصبح التعهدات المالية التي قطعتها الدول الغنية بدعم الطاقة النظيفة في العالم النامي عملية بيع سياسية أصعب عندما يتعامل الناخبون مع التضخم داخل البلاد.

من جهته، قال إريك بيرغلوف، كبير الاقتصاديين في البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية: "عندما تكون مقيداً بموارد الاستثمار، تكون مصادر الطاقة المتجددة في وضع غير مُوات"، مشيراً إلى أن هذا الأمر سيشكل صراعاً في نهاية المطاف.

خلال الأسابيع الأخيرة، اكتسب تمويل الانتقال إلى الطاقة الخضراء في العالم زخماً ملحوظاً، مع عقد اتفاقات جديدة خلال قمة المناخ "كوب 27" المنعقدة في مصر، وخلال قمة مجموعة العشرين في بالي. يتوقف اتباع الدول الأخرى لهذا المسار على مدى استعداد البلدان الغنية لمواجهة مرحلة ما بعد التضخم في الأمد القريب، والسياسة النقدية الأكثر تشدداً، والتقلبات في قيمة العملة.

الانتقال إلى الطاقة المتجددة

بينما تعاني بعض الأسواق المتقدمة لتحقيق التوازن في ميزانياتها الحكومية، يمكن أن تضاف المشكلات المالية إلى السياسة النقدية الأكثر تشدداً مع ارتفاع تكاليف التمويل، ما يؤدي إلى إبطاء الاستثمارات في الطاقة الخضراء التي تشهد طلباً كبيراً"، وفق تقرير "بنك أوف أميركا".

تراجعت إصدارات الديون المستدامة بأكثر من 30% هذا العام مقارنة بعام 2021، وفقاً لبيانات "بلومبرغ إن إي إف" (Bloomberg NEF)، وقد يزداد الأمر سوءاً وسط المناخ المالي والاقتصادي الذي لا يرحم، فمن المتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 1.2% فقط في العام المقبل، ما يوازي تقريباً المستويات التي كان عليها في عام 2009، عندما كان العالم لا يزال يخرج من الأزمة المالية العالمية، وفقاً لمعهد التمويل الدولي.

وفي الوقت نفسه، يحفز ارتفاع أسعار الطاقة هذا العام التزاماً أكبر بالانتقال إلى الطاقة المتجددة على المدى الطويل، كما قال غرانت ميتشل، الشريك في الاستراتيجية والمعاملات في "إرنست ويونغ" (EY).

وأضاف: "يمكن للرؤساء التنفيذيين الذين يشهدون تضخم أسعار الطاقة أن يقوموا بعدد كبير من البحوث والدراسات لاختيار أنظمة الطاقة والأسواق التي يريدون اعتمادها في غضون 10 سنوات"، مشيراً إلى أن التركيز على الانتقال إلى الطاقة النظيفة يمكن أن يزيد في هذه الفترة.

الحاجة إلى التمويل

يتطلب الابتعاد عن الوقود الأحفوري الذي يسبب ارتفاعاً في درجات الحرارة وبناء القدرة على الصمود في مواجهة آثار تغير المناخ، مزيداً من التمويل، لا أقل. أشارت الأمم المتحدة إلى أن هذه الخطوة ستتطلب 125 تريليون دولار لتحقيق أهداف 2050 التي حددها اتفاق باريس. وتقدر "سويس ري" (Swiss Re) تكلفتها بنحو 270 تريليون دولار.

في تقرير صدر في نوفمبر، أشار "سيتي بنك" إلى مدى أهمية الدعم العام لجذب رأس المال الخاص، مدافعاً عن الضمانات والقروض منخفضة الفائدة وأنواع أخرى من الضمانات للمستثمرين الخارجيين. وفي حال خفض القطاع العام دعمه لمشاريع الطاقة المتجددة في الداخل أو المساعدات المخصصة للمناخ في الخارج، سيطال ذلك بدوره التمويل الخاص.

في هذا الإطار، أشار نويل كوين، الرئيس التنفيذي لبنك "إتش إس بي سي" (HSBC)، في منتدى "بلومبرغ" للاقتصاد الجديد في سنغافورة في 16 نوفمبر، إلى أن بعض المشاريع تعتمد بشكل كبير على سياسة الحكومة المعتمدة، مضيفاً: "هل من اتفاق بين الأطراف؟ هل هو مستدام؟ هل سيصمد في ظل تغيير الإدارة؟ وهل يحتاج هذا النوع من المشاريع، لا سيما في الأسواق النامية، إلى مزيج من تمويل القطاع العام والخاص؟ لا يمكن لهذه المشاريع الصمود بمفردها".

تصنيفات

قصص قد تهمك

"كوب 27" مصر تشهد ولادة صندوق الخسائر والأضرار المناخية

time reading iconدقائق القراءة - 4
إحدى جلسات قمة المناح (Cop27) المنعقدة في شرم الشيخ، مصر - المصدر: بلومبرغ
إحدى جلسات قمة المناح (Cop27) المنعقدة في شرم الشيخ، مصر - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

الشرق

اتفقت الدول المشاركة في قمة المناخ "كوب 27"، صباح اليوم الأحد، على إنشاء صندوق لمساعدة الدول الفقيرة المتضررة من الكوارث المناخية، لكن المحادثات توقفت قبل دعم اتفاق أوسع بشأن مكافحة تغير المناخ.

بعد مفاوضات شابها التوتر استمرت طوال الليل، أصدرت الرئاسة المصرية لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ، المنعقد في مدينة شرم الشيخ، مسودة الاتفاق ودعت إلى عقد جلسة عامة لإقرارها كاتفاق نهائي شامل.

وزير الخارجية المصري سامح شكري، رئيس الدورة 27 لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ، حثّ الدول على الموافقة على اتفاقيات المناخ النهائية المقدمة في نهاية المؤتمر، قائلاً الساعة 4:10 صباحاً بتوقيت مصر: "أناشدكم اعتماد مشاريع القرارات التي سأقدمها لكم.. العالم يتابع، وأنا أدعونا جميعاً إلى الارتقاء لمستوى التوقعات التي عهد إلينا بها المجتمع الدولي، وخاصةً المتعلقة بالدول الأكثر تأثراً التي ساهمت بأقلّ قدرٍ في تغير المناخ".

الصين والهند تواجهان ضغوطاً لتمويل الخسائر والأضرار المناخية

الجلسة وافقت على بند في النص يقضي بإنشاء صندوق "للخسائر والأضرار" لمساعدة الدول النامية على تحمل التكاليف الفورية للتداعيات الناجمة عن تغير المناخ مثل العواصف والفيضانات.

لكن عقب ذلك مباشرةً، دعت سويسرا إلى تعليق المحادثات لمدة 30 دقيقة لإتاحة الوقت لدراسة النص الجديد، وفقاً لوكالة رويترز.

لجنة انتقالية

أعرب المفاوضون في وقتٍ سابق عن قلقهم بشأن التغييرات التي يجري التفاوض بشأنها، وإزاء صياغتها في وقتٍ متأخر جداً من العملية.

كانت بلومبرغ أفادت، في وقتٍ متأخر من مساء أمس، أن المحادثات في "كوب 27" اقتربت من التوصل إلى اتفاق في اللحظة الأخيرة، بعدما كانت على وشك الانهيار صباح السبت.

القرار نصّ على أن تقدّم "لجنة انتقالية" توصيات للدول لاعتمادها بعد ذلك في قمة المناخ "كوب 28"، التي ستنعقد في الإمارات في نوفمبر 2023. هذه التوصيات ستتضمّن "تحديد مصادر التمويل وتوسيعها"، في إشارةٍ إلى السؤال الشائك حول أيٍّ من الدول ينبغي أن تساهم في الصندوق الجديد.

مصر تحصل على تمويل بـ10 مليارات دولار في محادثات المناخ

يُمثّل الصندوق اتفاقاً تاريخياً تحصل بموجبه الدول الفقيرة على تمويل مقابل الأضرار الناجمة عن ظاهرة الاحتباس الحراري. وينص القرار على إنشاء صندوق جديد في العام المقبل لتغطية تكاليف الكوارث المناخية. وفي المقابل، ضغطت أوروبا من أجل لغة أكثر صرامة بشأن خفض الانبعاثات. وبعد ساعات من الجدل، جرى الاتفاق على تغييرات في هذا الجزء، ما جعل النص النهائي بمتناول اليد.

مواقف مؤيدة ومنتقدة

وزيرة المناخ الباكستانية شيري رحمن اعتبرت أن التوصل إلى "إجماع تاريخي" بشأن إنشاء صندوق الخسائر والأضرار كان استجابةً "لأصوات الضعفاء والمتضررين في العالم بأسره".

وأضافت: "لقد كافحنا لمدة 30 عاماً.. واليوم في شرم الشيخ، نحقق أول خطوة نحو تحقيق إنجاز حقيقي في هذه الرحلة، فالصندوق يمثل دفعةً أولى للاستثمار في العدالة المناخية ".

بدوره، قال كولينز نزوفو، وزير البيئة في زامبيا، إنه ينوب عن القارة الأفريقية عندما يحتفل بقرار إنشاء صندوق للخسائر والأضرار. منوّهاً بأن مصر وعدت أن تشكّل هذه القمة نقلةً من الوعود إلى التنفيذ "ووفت بوعدها".

وزيرة المناخ الألمانية جنيفر مورغان، عبّرت عن استيائها من عدم وجود اتفاق على تخفيضات أكثر صرامة للانبعاثات. لكنها قالت إن "الاتفاق حول صندوق الخسائر والأضرار خرج إلى النور، رغم ذلك، لأننا نريد الوقوف مع الدول الأكثر عرضةً للمخاطر المناخية".

أمّا فرانس تيمرمانس، مسؤول سياسات المناخ في الاتحاد الأوروبي، فشدّد على أن اتفاق المناخ الذي تمّت الموافقة عليه "ليس خطوة كافية للأمام"، منتقداً محدودية التزام بعض الدول بجهود الحدّ من ارتفاع درجة حرارة الأرض، حيث قال: "هذا العقد هو عقد النجاح أو الفشل، لكن ما لدينا هنا ليس كافياً كخطوة للأمام للشعوب أو للكوكب".

تصنيفات

قصص قد تهمك

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.