تركيا تغلق مجالها الجوي أمام الطائرات الروسية المشاركة في الحرب السورية

time reading iconدقائق القراءة - 7
سوريا في عام 2018 - المصدر: بلومبرغ
سوريا في عام 2018 - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

أغلقت تركيا مجالها الجوي أمام الطائرات الروسية المتجهة إلى سوريا، وهو تحول كبير في السياسة التركية، ويهدف إلى زيادة تكلفة الحرب في أوكرانيا على فلاديمير بوتين.

وفي هذا الصدد، منعت تركيا جميع الطائرات الروسية، بما في ذلك الرحلات الجوية المدنية التي تقِلّ الجنود، من عبور مجالها الجوي لأول مرة منذ تدخل روسيا في الحرب الأهلية السورية في عام 2015 لدعم الرئيس بشار الأسد.

ونقلت قناة "تي آر تي" (TRT) الرسمية عن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قوله، إنَّ الرئيس رجب طيب أردوغان أبلغ بوتين بقراره خلال مكالمة هاتفية دون أن يُحدّد موعد المكالمة.

يُشار إلى أنَّ معظم الرحلات الجوية الروسية إلى سوريا تمر عبر المجال الجوي التركي، على الرغم من عدم الكشف عن الأعداد الدقيقة للقوات أو العتاد علناً، إلا أنَّ هذه الخطوة تحمل أيضاً وزناً رمزياً، مما يشير إلى تضامن تركيا مع زملائها الأعضاء في الناتو، ويزيد من ضغط تركيا على روسيا من أجل التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب مع أوكرانيا.

علاقات معقدة

علاوةً على ذلك، تضيف هذه الخطوة طبقة أخرى إلى العلاقة المعقدة بالفعل بين تركيا وروسيا.

إذ تقف الدولتان في معسكرين متعارضين بخصوص النزاعات بدءاً من سوريا، مروراً بشمال أفريقيا، ووصولاً إلى القوقاز، وغالباً ما تدعمان الأطراف المتحاربة مع بعضها.

في الوقت نفسه، تصاعدت حدّة التوترات بين تركيا والولايات المتحدة بسبب قرار أردوغان شراء صواريخ دفاع جوي من روسيا، كما يُشكّل السياح الروس الجزء الأكبر من الزوار الأجانب، حيث يجلبون معهم العملة الصعبة التي تشتد الحاجة إليها في الاقتصاد التركي، في حين تبني الشركات الروسية محطة الطاقة النووية الوحيدة في تركيا.

وعندما غزت روسيا أوكرانيا، انضمّت أنقرة إلى حلفاء الناتو في إدانتها، كما فرضت تركيا قيوداً على وصول السفن البحرية الروسية عبر مضيق البوسفور.

ويشار إلى أنَّ الحكومة التركية امتنعت عن الانضمام إلى العقوبات خوفاً من الانتقام؛ حيث تُلبّي روسيا حوالي نصف طلب تركيا من الغاز الطبيعي، مما يمنحها نفوذاً هائلاً على الحكومة في أنقرة.

كما يخوض البلدان نزاعاً مريراً في سوريا. وينتشر آلاف الجنود الأتراك حول محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة، وهي عرضة لهجمات القوات الحكومية المدعومة من روسيا.

تصنيفات

قصص قد تهمك

حياد تركيا حيال أوكرانيا يكلفها غالياً

كان أردوغان يحسب في بداية النزاع أن بإمكانه استخدام صداقته مع بوتين كوسيلة ضغط على الغرب

time reading iconدقائق القراءة - 5
الرئيسان التركي أردوغان والروسي بونيت في إسطنبول - المصدر: بلومبرغ
الرئيسان التركي أردوغان والروسي بونيت في إسطنبول - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى "هدنة خطابية" في الصيف الماضي بعد سنوات مشحونة بالعداء. يتواصل الرئيسان اليوم بشكل مباشر سعياً للتوسط لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإنهاء حرب أوكرانيا.

لكن لم يحرز الرئيسان الطامحان للوساطة من أجل السلام حتى الساعة أي تقدم لدى الرئيس الروسي. غير أن بوتين الذي أهان كبرياء ماكرون عبر تجاهل دعواته لتجنب الغزو، يبدو متساهلاً أكثر مع محاولات أردوغان لأن يبدو وسيطاً في النزاع.

هل يدفع "الجنون" أو "اليأس" بوتين لقطع الغاز عن أوروبا؟

رغم أن بوتين أرسل مفاوضين إلى محادثات السلام في إسطنبول، إلا أنه لم يظهر أي نية لوضع حدّ للحرب. انقطعت المفاوضات بعد الكشف عن فظائع الأسبوع الماضي سبق أن ارتُكبت ضد المدنيين الأوكرانيين في بوشا، لكن تتمسك تركيا بأمل استئنافها.

يمكن أن تؤثر إهانة بوتين لماكرون على حظوظ الرئيس الفرنسي بالفوز بالانتخابات في وقت لاحق هذا الشهر، بما أن ذلك يوجّه ضربة لمزاعمه بأنه وضع فرنسا في قلب الشؤون الأوروبية وهو بند رئيسي في حملته الانتخابية. لن يواجه أردوغان الناخبين الأتراك قبل عام من الآن، بالتالي فشله في التوسط بعملية السلام لن يشكل أي خطر سياسي داهم عليه. لكن ثمّة تكاليف جيوسياسية واقتصادية لا يقدر على تجاهلها.

حياد مدروس

كلّما طالت الحرب أكثر، يصبح من الصعب الحفاظ على حياد تركيا المدروس بعناية.

كان أردوغان يحسب في بداية النزاع أن بإمكانه استخدام صداقته مع بوتين كوسيلة ضغط على الغرب. إذ يعتقد أن حلف شمال الأطلسي سيكون حريصاً على إبقائه في المعسكر الغربي وسعيداً لاستخدامه كقناة تواصل مع "صديقه العزيز" في موسكو. حتى أن الغرب قد يكون مستعداً لمسامحته على تجاوزاته السابقة، مثل شرائه لنظام دفاع صاروخي روسي رغم اعتراض حلف شمال الأطلسي، ما أثار شكوك الحلفاء حيال تركيا وتسبب في فرض عقوبات أميركية عليها.

العدوان الروسي على أوكرانيا يضع أردوغان في مأزق

أمل أردوغان أيضاً أن يسهم استخدام أوكرانيا بنجاح للطائرات العسكرية التركية بدون طيار ضد الغزاة الروس في التغلب على النظرة إليه بأنه يقف إلى جانب الطرف الشرير في النزاع. إلا أن الولايات المتحدة والأعضاء الآخرين في حلف شمال الأطلسي لم يعلقوا على الموضوع، وهم محقون في ذلك. إن كان الرئيس التركي يرغب بالامتيازات التي تصاحب عضوية حلف شمال الأطلسي، فلا بد أن يكون جزءاً من الإجماع. إن لم يفعل، فسيُقصى أكثر نحو هامش التحالف، فيما يغرق الاقتصاد التركي أكثر.

فيما يرصّ حلف شمال الأطلسي صفوفه في وجه روسيا مغ تخلي ألمانيا عن موقفها المسالم، بدأ الصبر ينفد حيال مزاعم تركيا بالحياد، فبات صعباً على أردوغان أن يبرر رفضه الانضمام إلى العقوبات الغربية القاسية على موسكو مع ازياد الأدلة على ارتكاب الروس جرائم حرب. لن تبدو أنقرة في مظهر جيد إذا استخدم أصدقاء بوتين المتنفذين تركيا كمرسى ليخوتهم المترفة وللاحتفاظ بحقائبهم المليئة بالنقود بعدما انضمت سويسرا المحايدة إلى العقوبات.

عوض لا يكفي

كما لن تكفي رسوم المرسى التي يدفعها الروس ولا شراؤهم للشقق الفخمة لتعويض التكلفة التي يتكبدها الاقتصاد التركي بسبب الحرب. فقد ارتفع معدل التضخم في تركيا إلى أعلى مستوياته منذ عقدين، إذ ارتفعت أسعار المستهلك 61.1% على أساس سنوي في مايو مقارنة مع 54.4% في فبراير. ولا بدّ أن المستثمرين لاحظوا ذلك. خفضت "أس أند بي غلوبال ريتينغز" التصنيف الائتماني للعملة التركية في بداية أبريل إلى "B+"، أي أقل بأربع مستويات الدرجة الاستثمارية، بسبب الارتفاع الكبير في أسعار الطاقة نتيجة الحرب الروسية على أوكرانيا. قالت "أس أند بي" في بيان: "تداعيات النزاع، بما فيها ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة ستزيد من إضعاف ميزان المدفوعات التركي الهش بالفعل وتفاقم التضخم"، وأضافت أن التضخم "يسير نحو معدل 55% في 2022، وهو أعلى معدل في كلّ الدول التي نصنفها".

"أردوغان" يقيل رئيس معهد الإحصاء بعد جدل حول مصداقية بيانات التضخم

حتى إن كان أردوغان لا يرغب بفرض عقوبات على موسكو، فإن الإجراءات المتخذة ضد روسيا تعرقل بعض مشاريعها الكبرى في تركيا. مثلاً، يواجه مشروع الشركة الروسية التي تملكها الدولة "روساتوم" (Rosatom) لإنشاء مفاعل نووي بقيمة 20 مليار دولار عقبات بسبب الصعوبة التي تواجهها الشركة في الاستحصال على تجهيزات من دول أخرى.

بما أن حظوظ أرودغان بإقناع بوتين بالسلام ضئيلة للغاية، فقد يكون مسروراً بمكالماته مع ماكرون، فبعدما كان قد دعا في السابق الرئيس الفرنسي لأن "يفحص رأسه"، ربما يكون الرئيس التركي ممتن اليوم لأن ماكرون يصغي له.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات
النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

تغيير حجم الخط

أنقرة

10 دقائق

19°C
سماء صافية
العظمى / الصغرى 19°/20°
16.7 كم/س
19%

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.