"المركزي الأوروبي" يهيئ البنوك لضربة في متطلبات رأس المال عبر اختبار مخاطر المناخ

time reading iconدقائق القراءة - 7
مقر البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت، ألمانيا.  - المصدر: بلومبرغ
مقر البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت، ألمانيا. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تشعر البنوك الأوروبية بالقلق من أنَّ الجهة المنظمة العليا ستستخدم اختبار الإجهاد المناخي القادم لرفع حد رأس المال.

ووفقاً لأعضاء جماعات الضغط الذين يمثلون الصناعة؛ يمكن أن يتم استخدام الكمية الهائلة من البيانات التي يجب على البنوك تقديمها لـ"البنك المركزي الأوروبي" لتبرير متطلبات رأس المال الأعلى قريباً في العام المقبل. قوبلت الجهود المبذولة لاستيضاح الأمور من "البنك المركزي الأوروبي" بمراوغة إلى حد ما، مما يزيد من مستوى القلق، بحسب المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها نظراً لخصوصية المداولات.

قال "البنك المركزي الأوروبي" في بيان عام، إنَّ الاختبارات هي فرصة للبنوك والجهة التنظيمية لمعرفة مدى هشاشتهم تجاه الطقس القاسي، والقوانين الأكثر صرامة المتعلقة بالمناخ. ولن يتم الإعلان عن نتائج الاختبارات الفردية للعامة، وقد سعى "البنك المركزي الأوروبي" لطمأنة الصناعة عبر اتخاذ نهج دقيق عند استخلاص لأي استنتاجات بشأن رأس المال. لكنَّه أكد أيضاً أنَّه سيتم التعامل مع تغيّر المناخ في نهاية المطاف مثل أي مخاطر أخرى.

البنوك الأوروبية غير مستعدة لاختبارات المناخ التاريخية لـ "المركزي الأوروبي"

في هذا السياق، قال جوزيف ديكرسون، المحلل في "مجموعة جيفريز المالية": "لا أعتقد أنَّ الجهة التنظيمية ستضيّع الوقت على هذا الأمر، إذا لم تكن تنوي في مرحلة ما تطوير منهجية لمعايرة رأس مال البنوك وتوزيعاتها".

من جهتها، رفضت المتحدثة باسم "البنك المركزي الأوروبي" التعليق على الأمر.

سيبدأ الاختبار في مارس، ومن المقرر أن تصدر النتائج المجمعة في يوليو. من جهتها، انتقدت البنوك فكرة استخدام "البنك المركزي الأوروبي" للاختبار لإصدار قواعد جديدة لمعالجة مخاطر المناخ، فقد دعا الرئيس التنفيذي لـ"دويتشه بنك" كريستيان سوينغ الشهر الماضي الهيئة الرقابية لإظهار "رؤية قيادية واضحة" تجاه هذا الموضوع.

غالباً ما تقوم البنوك بحملة ضد متطلبات رأس المال الأعلى، لأنَّ من شأنها تقليل الأموال المتاحة للمكافآت وأرباح المستثمرين.

وأضاف سوينغ للصحفيين: "آمل وأعتقد أنَّ مثل هذا الاختبار لن يتم استخدامه لتغيير قواعد رأس المال بأي شكل من الأشكال".

يقول "البنك المركزي الأوروبي"، إنَّ النتائج ستجمع بواسطة "وجهة نظر نوعية" في مراجعة هذا العام للمخاطر التي تواجهها البنوك الفردية. مما يعني أنَّها يمكن أن تؤثر بشكل غير مباشر في متطلبات رأس المال التي حددها المنظمون لكل بنك على حدة على أساس سنوي.

جهود جماعات الضغط

يترك هذا مجالاً للجهة التنظيمية لرفع المتطلبات العام المقبل، وفقاً لجماعات ضغط بنكية تحدثت معها "بلومبرغ". التي قالت أيضاً، إنَّها قلقة أيضاً من أنَّ "البنك المركزي الأوروبي" سيستخدم نتائج اختبار المناخ لتبرير نهج أكثر صرامة عند تحديد متطلبات رأس المال لعام 2024.

يبدو أنَّ تعليقات كبار مسؤولي "البنك المركزي الأوروبي" تؤكد صحة مخاوف البنوك طويلة المدى.

قال إدوارد فرنانديز بولو، عضو مجلس الإشراف في "البنك المركزي الأوروبي"، خلال مقابلة مع "ريفو بنك" (Revue Banque) نُشرت هذا الشهر، إنَّ الاختبار "ليس نهاية القصة… في النهاية سيكون لدينا متطلبات رأس المال... على سبيل المثال، إذا توفرت لدينا أرقام موثوقة توضح أنَّ البنوك بحاجة إلى وضع رأس المال هذا جانباً".

البنوك الأوروبية تبدأ ربط أجور عامليها بأهداف التغير المناخي والاستدامة

من جهة أخرى، قال أحد أعضاء جماعات الضغط، إنَّ هناك مخاوف من أنَّ بعض المنظمين يريدون الذهاب أبعد من النظر في كيفية تعامل البنوك مع المخاطر التي تواجههم، واستخدام رأس المال كأداة ضغط لمحاولة توجيههم بعيداً عن إقراض الشركات الملوثة. إذ قال "البنك المركزي الأوروبي" الشهر الماضي، إنَّ اختبار الإجهاد يهدف إلى تقييم مدى استعداد البنوك للتعامل مع الصدمات المالية والاقتصادية الناجمة عن مخاطر المناخ.

يرفض بعض أعضاء المؤسسة التنظيمية فكرة أنَّهم يحاولون توجيه سلوك البنوك التجارية. في هذا الصدد، قال مارك برانسون، رئيس "الهيئة الاتحادية للرقابة المالية" الألمانية وعضو في مجلس الإشراف التابع لـ"البنك المركزي الأوروبي" يوم الثلاثاء، إنَّ لديه "نظرة واضحة جداً بأنَّ تفويضنا يبدأ وينتهي عند المخاطر المالية".

وتابع أنَّ لديه أيضاً "رؤية واضحة جداً بأنَّ هناك مخاطر مالية مرتبطة بتغير المناخ يمكن أن تكون ملموسة جداً بمرور الوقت، ولدينا ما يكفي للنظر في ذلك، وإقناع الصناعة المالية بالتفكير بعناية شديدة فيها".

لا يقف "البنك المركزي الأوروبي" وحده في مساعيه لمعالجة مخاطر المناخ بين البنوك. ففي حين أنَّ الولايات المتحدة اتخذت إجراءات أقل حتى الآن من نظيرها "البنك المركزي الأوروبي" الذي يقع مقره في فرانكفورت، قال "الاحتياطي الفيدرالي" العام الماضي، إنَّه ملتزم بالعمل في إطار تفويضه لمعالجة الآثار المترتبة على تغير المناخ. وتعهدت المؤسسات المالية العالمية - التي تمثل حوالي 40% من الأصول العالمية بالحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي تتسبب بها القروض التي تمنحها - بالوصول إلى صافي صفر انبعاثات بحلول عام 2050.

برينارد: "الفيدرالي" لن يفرض قيود المناخ على قروض البنوك

محادثات خاصة

يقول منصور حسين، المحلل في "فيتش للتصنيف الائتماني"، إنَّ البنوك في أوروبا هي الأكثر عرضة لخطر مواجهة رسوم رأس مال أعلى إذا أدارت البيانات بشكل سيئ، في حال كان لديها حوكمة ضعيفة، أو إذا أظهر الاختبار أنَّها أكثر هشاشةً من أقرانها، أو إذا لم تعالج أوجه القصور". ورجح أن تدخل مثل هذه الرسوم حيز التنفيذ في 2023 وليس في هذا العام.

انتقد "البنك المركزي الأوروبي" بالفعل البنوك لكونها بطيئة للغاية في الاستعداد للمخاطر التي يفرضها تغير المناخ، قائلاً في نوفمبر، إنَّه لا يوجد بنك قريب من تلبية جميع توقُّعاته في هذا المجال.

اقرأ المزيد: المركزي الأوروبي: معظم بنوك القارة تفتقر لاستراتيجيات مواجهة تغير المناخ

يجادل أعضاء جماعات الضغط، بما في ذلك "الاتحاد المصرفي الأوروبي"، أنَّه في الوقت الحالي، من الأفضل التعامل مع مخاوف المناخ داخل مناقشات رأس المال المنتظمة مع مجلس الاشراف بدلاً من إجراء اختبار إجهاد مخصص. يذكر أنَّه عادةً تجري هذه المناقشات بسرية تامة.

وفي حين يشتكي المصرفيون من عدم وجود بيانات كافية لديهم لتقييم التهديدات المناخية بشكل كامل، يجادل بعضهم بأنَّهم يأخذون بالفعل هذه التهديدات في اعتبارهم.

من جهتها، قالت ليليانا كورتان كبيرة مسؤولي المخاطر في "مجموعة إي إن جي" الهولندية، الأسبوع الماضي: "إنَّه نوع شامل من المخاطر تم تضمينه بالفعل في تكلفة رأس المال لدينا". وأضافت أنَّ المناخ سيلعب دوراً أكبر في المستقبل، لكن يجب فرض المزيد من التنظيم إذا كان "البنك المركزي الأوروبي" يريد اتخاذ موقف أكثر صرامة في هذه الصناعة.

تصنيفات

قصص قد تهمك

الطريق ما يزال طويلاً أمام السندات الخضراء في مواجهة أزمة المناخ

time reading iconدقائق القراءة - 11
السندات الخضراء تواصل الانتعاش في أوروبا - المصدر: بلومبرغ
السندات الخضراء تواصل الانتعاش في أوروبا - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

قالت "مبادرة سندات المناخ"، إنَّ الطريق ما يزال طويلاً حتى يتم توفير الأموال الكافية لمواجهة تغير المناخ، برغم كل الأموال التي تجمعها الشركات والحكومات في سوق السندات الخضراء بهدف تمويل مشاريع بيئية على المستوى العالمي.

تشير الأرقام التي جمعتها "بلومبرغ" إلى أنَّ مبيعات السندات الخضراء عالمياً – وهي أكبر فئة من الديون المستدامة مقومة بالدولار الأمريكي – سجلت رقماً قياسياً بلغ 513 مليار دولار في العام الماضي.

ربما ترتفع مبيعات السندات إلى مستويات جديدة تتراوح بين 900 مليار دولار و تريليون دولار بحلول نهاية العام الحالي، ثم إلى 5 تريليونات دولار بحلول عام 2025، وفق تقديرات "مبادرة سندات المناخ" التي تتخذ مقرها في لندن.

برغم ذلك، يجب أن يجمع المقترضون في مختلف أنحاء العالم مزيداً من الأموال حتى يتمكّنوا من التعامل مع تغير المناخ، وسط تقدير مؤسسة "ماكينزي" حجم الاستثمارات المطلوبة بنحو 9.2 تريليون دولار سنوياً حتى نهاية عام 2050 للوصول إلى مستوى صفر الانبعاثات.

قال شون كيدني، الرئيس التنفيذي لـ "مبادرة سندات المناخ" غير الهادفة للربح، إنَّنا بحاجة إلى تحويل مزيد من رأس المال إلى المبادرات الخضراء – علاوة على جمع ديون جديدة – للحصول على تريليونات الدولارات المطلوبة.

أضاف كيدني في مقابلة عبر تطبيق "زووم": "نحتاج في سوق السندات الخضراء، التي تقوم معظمها بتمويل أو إعادة التفكير فيما نفعل، إلى الحصول على 5 تريليونات دولار سنوياً حتى تكون مساهمتنا معقولة".

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

قناة قوية ونشطة

قال "كيدني"، إنَّ توقُّعات "مبادرة سندات المناخ" بشأن توفير الأموال تعتمد على استمرار تسارع وتيرة إصدار السندات الخضراء، وقوة الطلب من قبل المستثمرين،

والتي ينتظر أن تشجع زيادة الديون المرتبطة بالمشاريع التي تلتزم بمعايير البيئة والمجتمع والحوكمة – المعروفة اختصاراً بمشاريع "إي إس جي" (ESG) – علاوة على المناقشات مع جهات ترويج وضمان الاكتتاب في هذه السندات، مع توقُّع قيام المزيد من الشركات بعقد صفقات جديدة، وأن تنمو سوق هذه السندات في الصين بنسبة 100% في العام الحالي.

يتوقَّع بنك "بي إن بي باريبا"، وهو واحد من أكبر مروجي وضامني الاكتتاب في السندات المرتبطة بالمشاريع الملتزمة بمعايير البيئة والمجتمع والحوكمة، أن تبلغ مبيعات السندات الخضراء عالمياً نحو 880 مليار دولار هذا العام، شاملة 265 مليار دولار من الأسواق الناشئة في 2022.

أما بنك "مورغان ستانلي"؛ فيتوقَّع أن تتراوح قيمة المبيعات من 750 مليار دولار إلى 950 مليار دولار، بقيادة الاتحاد الأوروبي. وتشمل هذه القيمة ما يعادل 238 مليار يورو من برنامج "نيكست جينيريشن إي يو" للسندات الخضراء.

تراب الذهب

ربما تشهد الأعوام القليلة المقبلة تغيراً هائلاً في السوق العالمية للسندات الخضراء، مع التزام مزيد من البلدان بأهداف صفر الانبعاثات الكربونية، وفق دراسة جديدة أجراها "معهد التمويل الدولي" (Institute for International Finance)، وشركة "بيكتيت أسيت مانجمنت" (Pictet Asset Management).

تتوقَّع الدراسة أن يتجاوز إصدار السندات الخضراء 1.2 تريليون دولار سنوياً بحلول عام 2025.

تستعد المملكة العربية السعودية، أكبر دولة تصدّر النفط في العالم، لإصدار أول سند أخضر لها في وقت ينظر إليه باعتباره لحظة فارقة. كذلك تتطلع حكومة قطر بعينيها إلى هذه السوق.

في الوقت نفسه، لم تقترض حكومة الولايات المتحدة من هذه السوق حتى الآن، غير أنَّ اللجوء إليها أمر بديهي بسبب الميزة السعرية في هذه السندات، وفقاً لتصريحات "كيدني".

تجذب السندات الخضراء في المتوسط طلباً أعلى، وتحقق أداءً أفضل في السوق الثانوية من نظيراتها من الديون التي لا تحمل علامة السند الأخضر.

أضاف "كيدني" أنَّ المستثمرين أيضاً يعتبرون السندات الخضراء منخفضة المخاطر مقارنة مع السندات التقليدية، كما يتوقَّع أن تتماسك هذه السندات بدرجة أفضل أثناء فترات هبوط السوق، مما يبرر ما يطلق عليه "غرينيوم" – أو العائد الأخضر.

تابع "كيدني": "إذا كنت مستثمراً دفاعياً، أي تستثمر في الأصول التي يكون أداؤها أفضل في السوق الثانوية، ولا تخسر قيمتها في فترات هبوط السوق؛ فهذا هو التراب الذهبي، وهذا ما لدينا".

تصنيفات

قصص قد تهمك

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.