لن تنضم المملكة المتحدة إلى تحالف الدول التي وضعت موعداً لإنهاء إنتاج الوقود الأحفوري تدريجياً، في خطوة تثير التساؤل عن القيادة في مجال المناخ في الدولة المستضيفة لمؤتمر المناخ (COP26).
تتزعم حكومتا الدنمارك وكوستاريكا تحالف "ما بعد النفط والغاز"، ومن المتوقع أن يعلن التحالف عن انضمام أعضاء جدد غداً الأربعاء في محادثات المناخ في جلاسكو بإسكتلندا.
يعد الحد من إنتاج النفط والغاز أحد الأولويات الرئيسية لوضع حد لظاهرة الاحتباس الحراري عند 1.5 درجة مئوية. في وقت سابق من هذا العام، قالت وكالة الطاقة الدولية إنه لا ينبغي تشغيل حقول نفط وغاز جديدة إن أرادوا تجنب أزمة مناخية.
لكن المملكة المتحدة، التي اضطرت مؤخراً إلى التعامل مع أسعار الغاز الطبيعي القياسية المرتفعة، تقول إنها لن تدعم التحالف لأن إنهاء إنتاج الوقود الأحفوري قد يتسبب في وضع إمدادات الطاقة عند حافة الهاوية.
وقال متحدث رسمي في بيان: "ليست هناك دولة أخرى كبيرة تنتج النفط والغاز قطعت شوطاً بعيداً مثل المملكة المتحدة في دعم الانتقال التدريجي للقطاع نحو مستقبل منخفض الكربون"، وأضاف: "في الوقت الذي يستمر فيه اعتماد المملكة المتحدة على الوقود الأحفوري في الانخفاض، ستتواصل الحاجة المستمرة و المتناقصة للنفط والغاز خلال السنوات القادمة، حتى نعمل على زيادة استطاعة الطاقة المتجددة".
تسعى المملكة المتحدة إلى أن تصبح محايدة مناخياً بحلول عام 2050، وأعلنت في مارس عن خطة لإزالة الكربون من إنتاج النفط والغاز في بحر الشمال.
مارك كارني، نائب الرئيس ورئيس قسم الاستثمار الانتقالي لدى "بروكفيلد أسيت مانيجمنت" (اليسار)، خلال مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ في محادثات قمة المناخ "كوب 26" بمدينة غلاسكو في المملكة المتحدة - المصدر: بلومبرغمارك كارني، نائب الرئيس ورئيس قسم الاستثمار الانتقالي لدى "بروكفيلد أسيت مانيجمنت" (اليسار)، خلال مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ في محادثات قمة المناخ "كوب 26" بمدينة غلاسكو في المملكة المتحدة - المصدر: بلومبرغ
تعهدت بنوك وصناديق، تمثل 40% من الأصول المالية بالعالم، بتحقيق الأهداف المنصوص عليها في اتفاقية باريس للمناخ، بعدما ارتفع عدد أعضاء التحالف الذي أيده محافظ البنك المركزي الإنجليزي السابق مارك كارني تحت أنظار العالم الذي يزداد قلقه بشأن الاحتباس الحراري.
تنتمي حالياً أكثر من 450 شركة، تُدير 130 تريليون دولار من الأصول، إلى "تحالف جلاسكو المالي لصفر الانبعاثات"، أي حوالي ضعف ما يقرب من 70 تريليون دولار، عندما تم إطلاق التحالف في شهر أبريل، وفقاً لتقرير مرحلي منشور من قبل التحالف اليوم الأربعاء. يتعيّن على الموقعين استخدام المبادئ التوجيهية الاسترشادية العلمية من أجل الوصول إلى صافي الانبعاثات الكربونية الصفرية بحلول منتصف القرن، وتقديم الأهداف المؤقتة للعام 2030.
يتألف "تحالف جلاسكو المالي لصفر الانبعاثات"، الذي تم إنشاؤه في شهر أبريل وعقدته الأمم المتحدة، من ست مجموعات تغطي جميع أنحاء الصناعة المالية. كما أعلنت المجموعة يوم الأربعاء أن مايكل آر بلومبرغ، مالك ومؤسس شركة "بلومبرغ نيوز"، التابعة للشركة الأم "بلومبرغ إل بي"، سوف يشارك في رئاسة التحالف مع "كارني".
وفي مقال رأي مشترك اليوم، شدد الاثنان على الحاجة إلى مساهمات القطاع الخاص إذا كان العالم يريد مكافحة تغيّر المناخ بنجاح.
وكتب الرؤساء المشاركون للتحالف: "يتطلب تكثيف تبني الطاقة النظيفة والبنية التحتية المستدامة الأخرى سريعاً، لتجنب أسوأ آثار تغير المناخ، استثمارات جديدة بتريليونات الدولارات، ومن المحتمل أن تكون في حدود 100 تريليون دولار. يجب أن يأتي معظم ذلك من القطاع الخاص، لا سيما بعد الخسائر الهائلة التي تسبب بها الوباء في الميزانيات الحكومية".
لحظة فارقة
يُمثّل هذا الإعلان بالنسبة لـ"كارني" لحظة فارقة بعد أن تمكّن من إقناع بعض أكبر الشركات المالية في العالم بالتسجيل في الساعة الحادية عشرة. ووصف وزير الخزانة البريطاني ريتشي سوناك في بيان منفصل الالتزامات بأنها "تاريخية". كما استغل الفرصة للإعلان عن خطط لجعل بريطانيا، التي تستضيف قمة المناخ "كوب 26"، أول مركز مالي متوافق مع صافي الصفر في العالم.
رغم العدد الهائل من العناوين الرئيسية، إلا أن المتشككين يتساءلون عن الشروط التي تتضمنها الالتزامات. ووفقاً للمنظمة الفرنسية غير الربحية، "ريكلايم فاينانس"، لا يطلب أي من التحالفات الفرعية التي تُشكّل "تحالف جلاسكو المالي لصفر الانبعاثات" من الموقعين التوقف عن تمويل التوسع في الوقود الأحفوري. ومنذ إبرام اتفاق باريس في العام 2015، ضخّت البنوك العالمية 4 تريليونات دولار في النفط والغاز والفحم، مع تخصيص ما يقرب من نصف تريليون دولار خلال هذا العام وحده، وفقاً لبيانات "بلومبرغ".
في خطاب مؤخراً، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش :"إن إدمان الجنس البشري على الوقود الأحفوري يدفع بالبشرية إلى حافة الهاوية. هناك عجز في المصداقية وفائض من الارتباك بشأن خفض الانبعاثات وأهداف الصفر الصافي، وهناك معاني مختلفة ومقاييس مختلفة لها".
لهذا السبب، قال غوتيريش إنه يخطط لإنشاء لجنة خبراء "لاقتراح معايير واضحة لقياس وتحليل الالتزامات الصفرية الصافية من الجهات الفاعلة غير الحكومية".
ونشرت مبادرة الأهداف المستندة إلى العلم، التي تصادق على السياسات المناخية للشركات، وقدّمت مؤخرًا معيار صافي الصفر" Net Zero Standard"، تقريراً اليوم الأربعاء قالت إنه ينشئ النواة الأساسية للتوصل إلى إجماع حول صافي الصفر.
وقالت المبادرة إن: "الافتقار إلى مبادئ وتعريفات ومقاييس وأدلة مُتسقة للاستراتيجيات الفعالة من أجل تحقيق الأهداف، يحد من قدرة المؤسسات المالية على دعم الحد من الانبعاثات في الاقتصاد الحقيقي، والمطلوبة لتثبيت درجات الحرارة عند 1.5 درجة مئوية فوق مستويات المراحل التي تسبق التصنيع".
التقرير المرحلي
يوضح تقرير "تحالف جلاسكو المالي لصفر الانبعاثات" أيضاً العمل الجاري لتحديد مسارات صافي الصفر بالقطاعات كثيفة الكربون، والمواءمة بشأن ما يعتبر خططاً انتقالية مناسبة للبنوك والشركات، وخطة للقطاع بأكمله من أجل رأس المال اللازم لإزالة الكربون في الأسواق الناشئة.
قال "كارني" في مقابلة أجريت معه مؤخراً إنه سيراقب الموقعين "بلا رحمة وبلا هوادة" للتأكد من أنهم يوفون بوعودهم. وسيحل الرجل، البالغ من العمر 56 عاماً، مركز الصدارة عندما يتحول تركيز قمة "كوب 26" إلى الصناعة المالية والدور الذي يجب أن تلعبه في مكافحة تغيّر المناخ.
كانت قمة "كوب 26" فرصة للحكومة البريطانية لكي تحاول البلاد إعادة اكتشاف نفسها كقائد مناخي في العالم بعد "بريكسيت". وقال "سوناك" إن الهدف المُتمثّل في أن تصبح بريطانيا مركزاً مالياً متوافقاً مع صافي الصفر سوف يستلزم وضع قواعد جديدة لضمان اتباع الشركات لمعايير محددة بشكل جيد عند الإبلاغ عن خطط الانتقال لديها.
وأضاف "سوناك" في البيان: "للحماية من الغسل الأخضر، سيتم وضع معيار ذهبي علمي لخطط الانتقال من قبل فريق عمل جديد لخطة الانتقال، يتألف من قادة الصناعة، والأكاديميين، والمنظمين، ومجموعات المجتمع المدني".
بصفتها مضيفاً لمحادثات "كوب 26"، قال "سوناك" أيضاً إن المملكة المتحدة عقدت اجتماعات لأكثر من 30 دولة متقدمة ونامية، تمثّل أكثر من 70% من إجمالي الناتج المحلي العالمي، لدعم إنشاء معايير عالمية جديدة للإبلاغ عن المناخ من قبل مؤسسة المعايير الدولية، وذلك بهدف إعداد التقارير المالية التي "ستعطي المستثمرين المعلومات التي يحتاجونها لتمويل صافي الصفر".
وقالت هيذر مكاي، مستشارة السياسات في المنظمة الفكرية لأبحاث المناخ "إي 3 جي" E3G: "يعد هذا الأمر بالغ الأهمية إذا أردنا إعادة توجيه النظام المالي لمنع انهيار المناخ. آمل أن تحذو دول أخرى حذوها".
نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.