"كارتييه" مدينة بتصاميمها للفن الإسلامي

time reading iconدقائق القراءة - 7
المصدر: PICTO NUM - المصدر: بلومبرغ
المصدر: PICTO NUM - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

ولّد اقتناء متحف اللوفر لصندوقين رائعين من العاج في عام 2018، معرضاً كاملاً حول الروابط الخفية بين دار "كارتييه" وعالم الفن الإسلامي.

سيستمر معرض "كارتييه والفن الإسلامي: بحثاً عن الحداثة" حتى 20 فبراير في متحف الفنون الزخرفية في باريس، ثم يسافر إلى متحف دالاس للفنون، حيث يقام خلال الفترة من 14 مايو إلى 18 سبتمبر من عام 2022.

اقرأ أيضاً: "لويس فيتون" و"كارتييه" و"برادا" تدعم حلاً بتقنية "بلوكتشين" لضمان أصالة المنتجات

الصندوقان اللذان صُنعا في الأصل لبلاط الشاه عباس (1587-1629)، الذي كان حاكماً لما يطلق عليه الآن إيران، شقّا طريقهما إلى مجموعة لويس كارتييه في عام 1912.

كان كارتييه شخصاً متذوقاً للجمال، وهو ينتمي إلى الجيل الثالث من الإخوة الذين حولوا الشركة العائلية إلى علامة تجارية دولية. لقد كان ثرياً بفضل زيجتين نافعتين، وجمع مجموعة كبيرة من المخطوطات والأعمال الفنية والقطع التي باعها ورثته في النهاية.

تقول جوديث هينون رينود، نائبة مدير قسم الفن الإسلامي في متحف اللوفر، والتي شاركت في تنظيم المعرض في متحف الفنون الزخرفية، إنه عند البحث عن مكان نشأة الحقائب التي توضع فيها الأقلام، "أدركت أن أحداً لا يعرف بمجموعة كارتييه الشخصية من الفن الإسلامي".

اقرأ المزيد: جولة في قاعة الأحجار الكريمة ضمن متحف التاريخ الطبيعي في نيويورك

أدركت هينون رينود أنها تستطيع استخدام هذه الحقائب كنقطة انطلاق -ليس فقط لتوضيح نشأة استشراق كارتييه، ولكن لإثبات "أهمية وتأثير اكتشاف الفن الإسلامي على الفنانين الغربيين في بداية القرن العشرين"، على حد تعبيرها.

تقول رينود، إنها قطعة من تاريخ التصميم، "ضاعت مع الوقت، والفن الإسلامي كان نقطة الانطلاق لبعض روائع الفن الزخرفي والمجوهرات".

تزايد النفوذ

انخرطت أوروبا الغربية في حوار مع الفن الإسلامي منذ ألف عام، لكن لأوائل القرن العشرين، حتى تم الإقرار بأن الفن الإسلامي يحتوي على أعمال فنية متميزة، عوضاً عن الظن بأن قطعه مثيرة لأنها غير مألوفة.

تقول رينود: "كان هناك معرض كبير في متحف الفنون الزخرفية عام 1903، وهو فعلياً البداية لرؤية تنظيم علمي وتصنيف تاريخي للفن الإسلامي... ثم نظم معرض كبير في ميونيخ عام 1910 عن محمد والفن، ما مثل تحولاً رئيسياً في الاستشراق، لأن الأمر أصبح يتعلق بالأشياء من أجل الأشياء".

اقرأ أيضاً: عواصم الموضة تخسر 600 مليون دولار بسبب "كورونا"

جزء من هذا التحول كان ببساطة نتيجة لزيادة العولمة. وعامل آخر تمثّل في الثورة الدستورية الإيرانية عام 1906.

تقول رينود: "سمح ذلك للعديد من اللوحات والمخطوطات بمغادرة البلاد –وكانت تلك قطع من المجموعة الملكية ذات الجودة العالية جداً، التي لم يسبق للناس رؤيتها من قبل... وهذا خلق عنها شغفاً لدى متذوقي الفن في باريس وأوروبا".

صنع الروابط

بعبارة أخرى، كان اهتمام كارتييه بالفن الإسلامي جزءاً من روح العصر الأوسع. ولذا كان الأمر متروكاً لهينون رينود، جنباً إلى جنب مع إيفلين بوسيمي، كبيرة أمناء المجوهرات القديمة والحديثة في متحف الفنون الزخرفية، والقائمتين على متحف دالاس للفنون، هيذر إيكر وسارة شليونينغ، لإظهار كيف تنقل روح العصر هذه إلى مجوهرات كارتييه الشهيرة؟.

تقول بوسيمي: "اخترنا أولاً المجوهرات من مجموعة كارتييه، التي يبدو أنها تحتوي على عناصر من الزخارف من الفن الإسلامي... وبعد ذلك، حاولنا العثور على رابط لها مع الأرشيفات والرسومات من مجموعة كارتييه الأصلية.

تم تسهيل ذلك من قبل "كارتييه"، الشركة المملوكة اليوم من قبل مجموعة السلع الفاخرة

"ريتشمونت" (Richemont)، لذا ليس من قبيل الصدفة أن "كارتييه" هي الجهة الراعية للمعرض. فتحت الشركة أرشيفها في جنيف للقائمين على المعرض، الذين بحثوا في المواد في محاولة للعثور على روابط لا جدال فيها.

إلهام مباشر

كانت النتيجة هي عرض أكثر من 500 قطعة فنية، تم إظهارها في معرض مصمم من قبل شركة الهندسة المعمارية "ديلر سكوفيديو + رينفرو" (Diller Scofidio + Renfro).

كانت بعض الروابط في غاية الوضوح. تقول هينون رينود: "خذ مثالاً، للصندوق الإيراني ذي التصميم المحدد للغاية... تمكنا من العثور على الزخرفة التي كانت موضوعة على ميدالية الصندوق، ثم وجدنا بعض الرسومات، حيث حاول وضعها على حقيبة تزيين".

يُعرض كل من الصندوق الأصلي وحقيبة التزيين في المعرض.

كذلك، فإن حقائب الأقلام التي أطلقت شرارة المعرض لها أوجه جمالية متوازية بشكل مباشر. تتضمن الرسومات المعروضة في المعرض، التي رسمها تشارلز جاكو، المصمم الرئيسي في دار "كارتييه"، زخارف من الحقائب، وعلبة تزيين مصنوعة من الذهب من عام 1925 مزينة بالياقوت، والماس، واللؤلؤ، والعقيق، والمينا، تحتوي على زخرفة متماثلة.

نسخة أخرى شبه مباشرة هي جزء من الزخرفة المعمارية من أواخر القرن الرابع عشر إلى أوائل القرن الخامس عشر. شكلت تلك القطعة أساس علبة البودرة –وهي الرسم الذي يصاحب القطعة.

إعادة إحياء ماهرة

القطع الأخرى، على الرغم من أنها مبهرة، إلا أن لديها أوجه تشابه أقل وضوحاً.

كتاج مذهل مصنوع من الفولاذ الأسود المزين بالبلاتين والألماس والياقوت مقترن بملاط برونزي من القرن الحادي عشر إلى القرن الثاني عشر.

تقول بوسيمي: "الرابط هو شكل الإجاص"، مشيرة إلى الماس المصمم على شكل الإجاص، والزخارف على شكل الإجاص على السطح الخارجي للملاط (الهاون).

في مكان آخر، تمكن القائمون على المعرض من العثور على كتاب تصميم في أرشيفات "كارتييه" من تأليف أوين جونز، الذي أعاد إحياء أنماط من قصر الحمراء في غرناطة لاستخدامها في التصميم الصناعي الأوروبي.

في هذا السياق، تقول هينون رينود: "اكتشفنا أن هذا الإكليل المذهل (التاج) جاء من لوح لجونز"، وتضيف "أنه عرض توضيحي كامل لأعمال المصدر الأصلي".

تطور

بحلول ثلاثينيات القرن الماضي، بدأت "كارتييه" في الابتعاد عن التأثيرات الصفوية والفارسية واتجهت نحو تصاميم المغول من الهند -كسوارها الشهير الذي يطلق عليه اسم "توتي فروتي".

لكن لم تكن هناك لحظة محددة انفصلت فيها "كارتييه" عن تأثراتها الإسلامية، وهذا هو الهدف، على حد تعبير هينون رينود.

تقول رينود: "عندما بدأنا في تنظيم العرض، فكرنا في تنظيم الأشياء وفقاً للترتيب الزمني.. لكن لم يظهر شيء -لأننا افترضنا وجود نمط واحد يمكن أن يظهر في البداية- لكن في الواقع، ليس هناك تطور. لقد كانوا يستخدمون كل هذه الأنماط الإسلامية طوال الوقت".

تصنيفات

قصص قد تهمك

متاحف إيطاليا تفتح أبوابها مجدداً للسياح لجمع بيانات عمّا يعجبهم

time reading iconدقائق القراءة - 5
متحف إيطالي يفتح بابه لتقنية تدرس جاذبية معروضاته بعد انقضاء الإغلاق بسبب الوباء. - المصدر: بلومبرغ
متحف إيطالي يفتح بابه لتقنية تدرس جاذبية معروضاته بعد انقضاء الإغلاق بسبب الوباء. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تعيد المتاحف والمعارض الفنية في إيطاليا فتح أبوابها، لترحب بالسياح، وتسعى لتعويض بعضاً من 190 مليون يورو (225 مليون دولار) خسرتها العام الماضي، فيما برز مشروع بيانات جديد قد يساعد مقيّميها في تبيان أي لوحات أو منحوتات أشد جذباً للمتذوقين.

فقد طوّر فريق بحثي لدى الوكالة الوطنية للتقنية الجديدة والطاقة والتنمية الاقتصادية المستدامة "إينيا"، حديثة النشأة، نظاماً يقوم على أجهزة لقياس أمد ومدى تمعن زوار المتاحف والمعارض لعملٍ فنيٍ.

يعتمد نظام "شير آرت" (ShareArt) على وضع كاميرات قرب تحفة، فيجمع البيانات عن أعداد المشاهدين وسلوكياتهم، فيما هم ينظرون إلى اللوحة أو المنحوتة أو ما سواها، بما يشمل الوقت الذي قضوه في مشاهدتها ومدى اقترابهم منها.

من شأن ذلك أن يسهم في تقدير "قيمة الجاذبية" التي تتمتع بها أعمال فنية معينة، بما قد يؤدي إلى تغيير التصميم الداخلي لمتاحف أو معارض وكذلك جداولها، وفقاً لباحثي "إينيا" ستيفانو فيرياني، وغيسيبي مارغيلا، وسيمونيتا باغنوتي، وريكاردو سيبينوتي.

رغم أن سيبينوتي ابتكر هذا النظام في 2016، إلا أن تجريبه على أرض الواقع لم يبدأ إلا في الأسابيع القليلة الماضية، إثر قرار الحكومة الإيطالية إعادة فتح المتاحف والمعارض الفنية بشكل كامل، بعد الإغلاق واسع النطاق في فترة الوباء.

يُوضع حالياً 14 جهاز "شير آرت" في إطار مشروع مشترك مع "مؤسسة متحف بولونيا" (Istituzione Bologna Musei) في موقع يتيح للباحثين تجربة هذه التقنية على معارض تضم تنوعاً في الأعمال الفنية من أشكل وأحجام وفترات زمنية متباينة، دونما تعدٍ على خصوصية المشاهد.

وقال فيرياني، في مقابلة "بفضل التفسير البسيط للبيانات، يمكن تحويل نظرة المشاهد إلى رسم بياني... بالتالي، يصبح بإمكاننا أن نستنتج أين يتركز انتباه معظم الزوار".

فإذا أخذنا لوحة "سان سيباستيان تسعفه سانت إيرين" لـ"تروفيم بيغو" على سبيل المثال "نرى أن المشاهدين لا يركزون على وسط اللوحة ولكن إلى يمين وجه القديس قليلاً، بفضل تداخل الضوء بالظلّ الذي رسمته فرشاة الفنان".

التسمّر في المكان

يرصد نظام "شير آرت" أيضاً عدد الزوار الذين يقفون لمشاهدة عمل فني، والمدة التي يشاهدونه فيها. وبحسب الباحثين، قلة نادرة من الأعمال الفنية تبقي زوار المتاحف والمعارض "متسمرين" في مكانهم لأكثر من 15 ثانية، حيث إن معدل وقت المشاهدة يتراوح بين 4 و 5 ثوان فقط.

حتى أن بعض النتائج التي توصّل إليها الباحثون كانت غير متوقعة. فحين تحققوا من بيانات مشاهدي عمل فني ذي لوحين، بريشة فيتالي ديغلي إكوي، يعود إلى القرن الرابع عشر، كان من اللافت أن انتباه المشاهد "يذهب فوراً إلى الرسم الأكثر تفاصيلاً لمباركة القديس بطرس الى جهة اليمين،" كما قال روبيرتو غراندي، رئيس متحف بولونيا. وقال أنه تفاجأ بتخطي عدد الزوار اللوح الأيسر.

وسأل غراندي: "هل السبب في ذلك أنه حين يشاهد شخص ما عملاً فنياً، فإنه يملح في الوقت عينه عملاً آخر في زاوية نظره؟" وأضاف متسائلاً: " هل يعود ذلك إلى مسائل لوجستية تتعلق بالتصميم الداخلي؟ ليس لدينا صيغة سحرية، ولكن كلما جمعنا معلومات موضوعية أكثر، نستطيع أن نحسن عرضنا".

وقال غراندي، يمكن لهذه البيانات أن تساعد على إحداث تغييرات على صعيد الإضاءة والعرض ومواضع الأعمال الفنية بالنسبة لبعضها بعضاً، إذ قد تدفع هذه الاستنتاجات المتاحف والمعارض إلى إعادة التفكير في طرق لإبراز بعض اللوحات والمنحوتات.

يطرح "تمثال أبولو ڤيي" بالحجم الحقيقي الذي يعود إلى ما بين عاميّ 510 و500 قبل الميلاد حالة أخرى من الواقع. فرغم أن التمثال يعدّ واحداً من كنوز متحف الأتروسكان الوطني في روما، إلا أن تقنية "شير آرت" أظهرت في تجربة أخرى منفصلة أن عدداً قليلاً نسبياً من الزوار يمنحونه الانتباه الذي يعتقد الخبراء أنه يستحقه. وقال مارغيلا، الباحث لدى "إينيا" إن وضع التمثال قرب نهاية مجموعة، ما قد يكون لصالح ترك الأفضل للختام، ربما جعل الزوار يتخطون التمثال كليةً.

إلى جانب فتح أبواب المتاحف والمعارض أمام عشاق الفنان، فإن تخفيف القيود المرتبطة بجائحة كورونا في إيطاليا يفتح أيضاً أبواباً جديدة أمام الباحثين في مجال البيانات. مع طرح الكمامات، قد يتمكن "شير آرت" بفضل تقنياته المتطورة من تقييم تعابير وجوه المشاهدين، ما يتيح مطابقة البيانات الكمية مع التحليل النفسي الإدراكي، حسب غراندي.

إلا أن الفريق حذر في الوقت نفسه من تبني فرضيات تستند إلى استجابة الناس. وقال غراندي "سيكون من المضلل استخلاص العديد من الاستنتاجات حول سلوك المشاهدين استناداً إلى ردة فعلهم الجسدية تجاه عمل فني". وأضاف "يمكن لابتسامة أن تعني أموراً مختلفة حسب اختلاف الثقافات".

تصنيفات

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.