الباطون.. ثالث أكثر "بلد" مسبب لانبعاثات الغازات الدفيئة في العالم

time reading iconدقائق القراءة - 5
الباطون والأسمنت أسوأ البصمات الكربونية في القطاع الصناعي - AFP
الباطون والأسمنت أسوأ البصمات الكربونية في القطاع الصناعي - AFP
المصدر:

AFP

لو جُمع الباطون المستخدم حول العالم وشُكّل منه بلد، لاحتل المرتبة الثالثة بين أكثر البلدان المسببة لانبعاثات الغازات الدفيئة في العالم، خلف الصين والولايات المتحدة.

لماذا يقال إن للباطون والأسمنت إحدى أسوأ البصمات الكربونية في القطاع الصناعي؟

الأسمنت هو أكثر مواد البناء استهلاكاً في العالم، بمعدل يقارب 150 طناً في الثانية. ويتم صب 14 مليار متر مكعب من الخرسانة كل عام، وفقاً للجمعية العالمية للأسمنت والخرسانة (جي سي سي ايه) ومقرها لندن، والتي تجمع اللاعبين الرئيسيين في هذا القطاع، بما يشمل المجموعات العملاقة "هولسيم" السويسرية و"سيميكس" المكسيكية و"سي ان بي ام" الصينية.

اقرأ أيضاً: كيف قدمت زيورخ نهجاً عالمياً للبناء الأخضر؟

ينتج عن إنتاج الأسمنت وحده، وهو مكون رئيسي في الخرسانة، 7% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، بحسب "جي سي سي ايه"، أي ثلاثة أضعاف الانبعاثات الناجمة عن قطاع النقل الجوي.

تقول فاليري ماسون ديلموت، الأخصائية في علم المناخ القديم وإحدى رؤساء مجموعة خبراء مناخيين تابعة للأمم المتحدة، إن هذا المستوى "يفوق انبعاثات الاتحاد الأوروبي أو الهند، وهو خلف مستوى الانبعاثات الصادرة عن الصين والولايات المتحدة مباشرة". ولا يبدو هذا الاتجاه قريباً من التوقف في ظل توسع التنمية الحضرية في آسيا أو أفريقيا.

اقرأ المزيد:قيمتها 20 مليون دولار.. شركتان تفوزان بجائزة "إكس برايز" لخفض الانبعاثات الخرسانية

كيف يبعث الأسمنت ثاني أكسيد الكربون؟

يحتوي الأسمنت، وهو مادة رابطة مسؤولة عن ربط الحصى والرمل في الباطون، على الكلنكر كمكوّن رئيسي يتم إنتاجه عن طريق تسخين الحجر الجيري والطين في الفرن. وتطلق عملية التسخين هذه انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. ولإنتاج طن من الأسمنت، ينتج عن الطهو عند 1400 درجة مئوية انبعاث ما يقرب من طن من ثاني أكسيد الكربون أيضاً، هذا التفاعل الكيميائي الضخم الذي لم يتغير كثيراً خلال 200 عام من تصنيع الأسمنت، يمثل 70% من انبعاثات قطاع الأسمنت. تأتي نسبة 30% المتبقية من استهلاك الطاقة للفرن نفسه، وهو أمر ضروري لتكليس الحجر الجيري.

كيف يُزال الكربون من البناء؟

حدد قطاع صناعة الخرسانة العالمي الذي أعلن العام الماضي نيته تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، في بداية أكتوبر هدف خفض انبعاثاته "بنسبة 25% إضافية بحلول عام 2030، ما من شأنه تجنب إطلاق 5 مليارات طن من ثاني أكسيد الكربون.

يعوّل القطاع بشكل كبير على نشر تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه في المستقبل لمواصلة الجهود حتى عام 2050. بالإضافة إلى الزيادة في إعادة تدوير وإعادة استخدام الخرسانة القديمة، تشمل السبل الجديدة للتخضير استبدال الوقود الأحفوري بالنفايات والكتلة الحيوية في أفران الأسمنت (المساحيق الحيوانية والمخلفات الخشبية).

في ما يتعلق باحتجاز الكربون، وهي تقنية لا تزال في مراحلها الأولية، تخطط الصناعة العالمية لتركيب "عشرة هياكل على نطاق صناعي لالتقاط الكربون بحلول عام 2030"، بحسب "جي سي سي ايه".

وعدت مجموعات عملاقة مثل الشركة الصينية الوطنية لمواد البناء (سي ان بي ام) بـ"لعب دورها" في إزالة الكربون.

انطلق الكثير من الشركات الناشئة في هذا المجال: إذ تقترح شركة "أميريكن سوليديا" التقاط ثاني أكسيد الكربون وإعادة استخدام جزء منه لتجفيف الخرسانة، ما يقلل من استهلاك المياه. وفي كندا، تقوم تقنيات "كربون كيور" بحقن ثاني أكسيد الكربون المسال المغطى بشكل دائم بالخرسانة. لكن قبل كل شيء، تعتمد الصناعة على الأسمنت "الأخضر" الجديد الذي يستخدم مواد متأتية من عمليات استرداد بدلاً من مادة الكلنكر.

في بريطانيا، يبلغ معدل الإحلال 26%، وفق "جي سي سي ايه"، وفي فرنسا، نُشرت معايير جديدة للأسمنت المنخفض الكربون في مايو.

اقرأ أيضاً: صندوق بيل غيتس يستثمر في صانع الأسمنت الأوروبي الأخضر

ما هو الأسمنت الأخضر أو منخفض الكربون؟

يتركز حالياً إطلاق هذه الأنواع الجديدة من الأسمنت بشكل أساسي على الشركات الناشئة. ويجد مصنعو الأسمنت التقليديون صعوبة أكبر في تحديث أدوات الإنتاج الخاصة بهم، والاستثمارات الضخمة المرتبطة بمقالعهم. في فرنسا، تُعتبر شركة "هوفمان غرين سيمنت"، ومقرها في منطقة فانديه، متقدمة بشكل خاص على هذا الصعيد، إذ تعتمد في صنع الأسمنت على النفايات الصناعية، وحمأة الطين أو حتى على الرماد المتطاير من الكتلة الحيوية. حتى مع تكلفة البناء الإضافية المقدرة بـ25 يورو للمتر المربع، تقول الشركة الناشئة التي تم طرحها للاكتتاب العام إنها تتلقى طلبات كثيرة.

تصنيفات

الاقتصاد الصيني مرشح لإظهار مرونة مع تصاعد الحرب التجارية

بكين تواجه الحرب التجارية بثبات اقتصادي لكنها تعاني تحديات في الاستهلاك

time reading iconدقائق القراءة - 6
أعلام الصين ترفرف أمام حاويات الشحن في ميناء يانغشان للمياه العميقة في شنغهاي، الصين - بلومبرغ
أعلام الصين ترفرف أمام حاويات الشحن في ميناء يانغشان للمياه العميقة في شنغهاي، الصين - بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

من المرجح أن يكون الاقتصاد الصيني قد حافظ على استقراره خلال أول شهرين من العام، رغم عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض وبدئه جولة جديدة من الحرب التجارية مع بكين على الفور تقريباً.

وبينما يحتفظ صُناع السياسات بحزم تحفيز لمواجهة الرسوم الجمركية، ستُظهر البيانات المقرر صدورها يوم الإثنين انتعاشاً في مبيعات التجزئة واستقراراً في الاستثمار مقارنةً بأرقام العام الماضي بأكمله، بحسب توقعات اقتصاديين استطلعت "بلومبرغ" آراءهم. وفي المقابل، لن ينخفض ​​الإنتاج الصناعي سوى بشكل طفيف، في فترة إغلاق المصانع بسبب عطلة رأس السنة القمرية الجديدة.

تأتي مؤشرات صمود ثاني أكبر اقتصاد في العالم في مواجهة تداعيات الحرب التجارية بعد أن حددت حكومة الرئيس شي جين بينغ هذا الشهر هدفاً قياسياً لعجز الميزانية، مع الإبقاء على هدف نمو سنوي قدره 5% تقريباً لعام 2025. لكن هذا الهدف التوسعي يواجه تحديات كبيرة، خاصة مع رفع ترمب للرسوم الجمركية على الصين مرتين، مما يشكل تهديداً للصادرات التي ساهمت العام الماضي في توليد ما يقرب من ثلث نمو الناتج المحلي الإجمالي.

قال اقتصاديو "سيتي غروب"، بمن فيهم شيانغ رونغ يو، في تقرير صدر الأسبوع الماضي: "نتوقع قراءات مستقرة للمؤشرات الاقتصادية الرئيسية خلال أول شهرين من هذا العام. كما نتوقع بداية قوية للعام، مع عدم ظهور تداعيات سلبية للحرب التجارية بعد".

من المنتظر أن يُصدر المكتب الوطني للإحصاء البيانات الاقتصادية لشهري يناير وفبراير يوم الإثنين عند الساعة 10 صباحاً بالتوقيت المحلي. وفيما يلي التوقعات:

  • من المتوقع أن ينمو الإنتاج الصناعي بنسبة 5.3% مقارنةً بـ5.8% لعام 2024 بأكمله.
  • يُتوقع أن تسجل مبيعات التجزئة نمواً بنسبة 3.8% مقارنةً بـ3.5% للعام الماضي بأكمله.
  • من المرجح أن يرتفع الاستثمار في الأصول الثابتة بنسبة 3.2%، وهو نفس معدل العام الماضي.

القطاع الصناعي يقود نمو الصين

تفوق القطاع الصناعي على نمو الاستهلاك خلال العام الماضي، حيث اعتمدت الصين على نموذج نمو ثنائي المسار، ويبدو أن هذا الاتجاه سيستمر. ووفقاً لمتوسط توقعات الاقتصاديين الذين استطلعت "بلومبرغ" آراءهم، من المتوقع أن ينمو الإنتاج الصناعي بنسبة 5.3% خلال أول شهرين من العام، بانخفاض عن 5.8% للعام الماضي بأكمله.

ورغم أن إدارة ترمب أشعلت حرباً تجارية عالمية، أظهرت البيانات الرسمية الصادرة الشهر الماضي أن نشاط المصانع في الصين عاد إلى التوسع، فيما ارتفع النشاط غير الصناعي في قطاعي البناء والخدمات بما يتماشى مع التوقعات.

كما سجلت صادرات الصين مستوى قياسياً في الشهرين الأولين، حيث بلغت قيمة المبيعات 540 مليار دولار، مدفوعةً بزيادة الشحنات المتجهة إلى رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) والاتحاد الأوروبي.

في إطار جهود تعزيز القطاع الخاص، عقد الرئيس الصيني اجتماعاً مع قادة شركات التكنولوجيا، بمن فيهم جاك ما، الشريك المؤسس لمجموعة "علي بابا غروب هولدينغ" (Alibaba Group Holding)، الذي كان قد تعرض للتهميش سابقاً، وذلك سعياً لاستعادة الثقة.

تباطأ إنفاق المستهلكين رغم انتعاش الطلب خلال رأس السنة القمرية. ورغم الحوافز المعلنة في مارس، يظل تحقيق هدف النمو 5% لعام 2025 تحدياً

تشانغ شو وديفيد كو

تحديات نمو الاستهلاك في الصين

كان تحفيز الاستهلاك يشكل تحدياً رئيسياً للحكومة الصينية منذ رفع قيود "كوفيد-19"، وتشير البيانات المبكرة إلى استمرار هذه التحديات. وأوضح الاستطلاع أن مبيعات التجزئة ارتفعت بنسبة 3.8% خلال الشهرين الماضيين، وهي زيادة طفيفة عن 3.5% المسجلة في العام الماضي بأكمله، لكنها لا تزال أقل من معدل 5.5% المسجل خلال الفترة نفسها من العام السابق.

سجلت الصين انخفاضاً في معدل التضخم خلال الفترة من يناير إلى فبراير للمرة الأولى منذ عام 2021. ورغم أن التوقيت المبكر للعطلة الوطنية ساهم في دفع التضخم إلى ما دون الصفر، إلا أن التراجع كان أكثر حدة من المتوقع.

كما شهدت الواردات الصينية تراجعاً غير متوقع بنسبة 8.4% في بداية العام، مما يشير إلى ضعف الطلب المحلي.

خلال الاجتماع السنوي للبرلمان الصيني هذا الشهر، شدد كبار القادة على أن تعزيز الاستهلاك أصبح أولوية قصوى ضمن تقرير العمل الحكومي، وهي المرة الأولى التي يتم فيها التركيز على هذا الجانب منذ تولي شي السلطة قبل أكثر من عقد.

ومع ذلك، لا يزال المحللون متشككين في تدابير، مثل مضاعفة دعم الدولة لبرنامج استبدال المنتجات إلى 300 مليار يوان (41.4 مليار دولار)، وما إذا كانت كافية لتحقيق تحول إيجابي في الاقتصاد.

الاستثمار في الأصول الثابتة

لا تزال أزمة قطاع العقارات تُعد من أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد الصيني، إذ تسبب انهيار سوق الإسكان خلال الأعوام الأخيرة في تباطؤ النشاط الاقتصادي. إضافة إلى أنها أحدثت ضغوطاً انكماشية أثرت سلباً على أسعار المساكن، التي تُعد المصدر الرئيسي لحفظ ثروة غالبية الأسر الصينية.

ومع ذلك، أدت التدابير الحكومية الداعمة للقطاع إلى تحقيق بعض الاستقرار. وفي إشارة مشجعة، تباطأ تراجع أسعار المنازل الجديدة للشهر الخامس في يناير، مع تكثيف صُناع السياسات لجهودهم الرامية للتصدي لركود قطاع العقارات.

ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه، حيث تشير التوقعات إلى أن الاستثمار في الأصول الثابتة ارتفع بنسبة 3.2% خلال أول شهرين من العام، وهو نفس معدل النمو المسجل للعام الماضي بأكمله.

تصنيفات

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.