إجراءات ترمب الصادمة مخيفة الأثر .. رغم وعوده بتسريع الاقتصاد

إعطاء الأولوية لترحيل مهاجرين وللحروب التجارية يخلق مخاطر تتهدد الاقتصاد الأميركي في 2025

time reading iconدقائق القراءة - 8
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يوقع أمراً تنفيذياً في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض - بلومبرغ
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يوقع أمراً تنفيذياً في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض - بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يدفع هيجان خطى إدارة ترمب الثانية خبراء الاقتصاد في وول ستريت ليعاودوا تقييم تأثير سياسات دونالد ترمب على الاقتصاد الأميركي بعدما أمضوا شهوراً في إعداد نماذج ليتحروا تأثيراتها المحتملة، ونسمع من قبيلهم تحذيرات بأن المخاطر المؤثرة على النمو سبق أن أُخذت في الاعتبار، وبأننا قد لا نرى نفعاً حتى العام المقبل على أقرب تقدير.

ولج ترمب البيت الأبيض في يناير حاملاً وعداً بتسريع الاقتصاد الأميركي، وباشر ولايته الثانية بقرارات محمومة، استهلها بإقرار رسوم جمركية قدرها ربع قيمة معظم ما يرد من المكسيك وكندا (وقد علقها لاحقاً) كما فرض رسوماً إضافية بواقع 10% على الواردات الصينية علاوةً على الرسوم التي أوجبها خلال إدارته الأولى.

العين بالعين.. رسوم ترمب تشعل بؤر حرب تجارية جديدة في آسيا

وطفقت السلطات تجمع المهاجرين غير المسجلين فيما أنشبت وزارة الكفاءة الإدارية الحكومية بقيادة إيلون ماسك مخالبها في جسد البيروقراطية الاتحادية. وقد كشف ترمب الأحد عن خطط لفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على واردات الصلب والألمنيوم من جميع المصادر مشيراً إلى أن هناك مزيداً من هذا القبيل مستقبلاً.

يُنظر إلى كل هذه الخطوات على أنها غالباً ستؤثر على النمو في الأمد القصير. كما أنها تسبق التخفيضات الضريبية وإلغاء القيود التنظيمية، التي يقول فريق ترمب إنها ستجدي دفعةً أكثر استدامةً. وفي هذا اختلاف عن مجريات ولاية ترمب الأولى، وخلالها ضربت آثار التخفيضات الضريبية لعام 2017 التي أقرها الكونغرس بقيادة الجمهوريين الاقتصاد، فيما كانت نيران الحروب التجارية تشتعل.

افتقاد أوروبا للقيادة يعيق التصدي لتهديدات ترمب

كان خبير الاقتصاد العالمي في ”سيتي غروب“ ناثان شيتس ممن راجعوا وجهات نظرهم بشأن اقتصاد ترمب بعد الأسابيع الأولى لتولي الرئيس مقاليد الحكم. شرح شيتس: "كانت نبرة ترمب بشأن الرسوم الجمركية أقوى وأكثر اندفاعاً مما كنت أتوقع"، وبيّن أن هناك سيناريو "نتعرض فيه لضربة على قصبة الساق في 2025، ثم نرى بعض الأشياء الأكثر تحفيزاً" توازن ذلك في 2026.

سهولة التدمير

موريس أوبستفيلد، الذي خدم لمدة ثلاث سنوات كبيراً لاقتصاديي صندوق النقد الدولي حتى 2018، أوضح أن ترمب أشار في الأسابيع القليلة الأولى من رئاسته الحالية إلى أنه توصل إلى أن جميع السياسات الداعمة للنمو التي تعهد باعتمادها ستستغرق عملاً ووقتاً، وأن زيادة الرسوم الجمركية وترحيل المهاجرين وخفض القوى العاملة الاتحادية أبسط منها. قال أوبستفيلد، وهو الآن زميل بارز في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي: "التدمير أسهل من البناء... والتدمير انكماشي".

نبّه أوبستفيلد أن أحد أكبر المخاطر هو أن الشركات تعلّق خططها الاستثمارية بانتظار استقرار الأحوال، وهذا ما كان حين أطلق ترمب رشقات تلو أخرى من الرسوم الجمركية خلال رئاسته الأولى. وأشار إلى أن أحد مقاييس عدم اليقين في السياسة التجارية الأميركية بلغ مستويات أعلى كثيراً ممّا سجلته خلال فترة ولاية ترمب الأولى.

في الأيام الأخيرة، أصبح الفارق بين عائدات سندات الخزانة الأميركية لأجل عشر سنوات ولأجل سنتين هو الأضيق منذ أواخر ديسمبر، ويعكس هذا توقعات بأن التأثيرات التضخمية لرفع الرسوم الجمركية قد تضيق المجال على الاحتياطي الفيدرالي في خفض الفائدة في الأشهر المقبلة. وهناك علامات مبكرة على أن الأسر متوترةٌ أيضاً. فقد هبطت معنويات المستهلكين في أوائل فبراير إلى أدنى مستوياتها لسبعة أشهر بسبب خشية أن الرسوم الجمركية قد تنعش التضخم.

كيف يمكن لسياسات ترمب الحمائية تعزيز التجارة الحرة؟

كتب خبراء الاقتصاد في ”جيه بي مورغان“ في مذكرة إلى العملاء في 3 فبراير: "الخطر هو أن مزيج السياسات يميل (ربما عن غير قصد) إلى موقف غير موائم للشركات". قال بروس كاسمان، كبير خبراء الاقتصاد لدى ”جيه بي مورغان“ ورئيس قسم البحوث الاقتصادية العالمية، إن الرسوم ليست الشاغل الوحيد.

خفض توقعات النمو

خلُص تحليل فريقه إلى أن الترحيل الجماعي قد يفضي إلى تقليص النمو في الولايات المتحدة بنصف نقطة مئوية في 2025. قال كاسمان إن شطب ما يصل إلى تريليون دولار من المدفوعات للمقاولين الاتحاديين قد يكون له أيضاً تأثير ملموس على الاقتصاد. كنظيره في ”سيتي“، يعتبر كاسمان أن خفض توقعات النمو في الولايات المتحدة يبدو أرجح مما كان عليه قبل بضعة أسابيع فقط.

شركات أميركية تتخوف من مداهمات تستهدف العمال المهاجرين

أما وزير الخزانة سكوت بيسنت، فقال في مقابلة في 6 فبراير على تلفزيون بلومبرغ: "هذه الإدارة الأكثر دعماً للشركات في التاريخ. كل ما نقوم به من شأنه أن يزيد من عائد رأس المال بعد الضريبة".

لكن الواقع هو أن المحفزات الحقيقية للنمو التي وعد بها ترمب، مثل خفض ضريبة الشركات وتقليل الرقابة التنظيمية على كل شيء من الطاقة إلى العملات المشفرة، ما تزال قاصيةً بعض الشيء.

كما أن الجمهوريين، المقيدين بأغلبية ضئيلة في كلا المجلسين، بدأوا لتوهم يرسمون الخطوط العريضة لكيفية تقديم التخفيضات الضريبية التي يريدها ترمب وكيفية دفع تكاليفها، بالتالي لن نشهد أي تأثيرات قد تخلفها على خطط إنفاق الشركات والأسر حتى العام المقبل على أقرب تقدير.

إجراءات غير ناجعة

طرح ترمب خفض ضريبة الشركات التي تصنع منتجاتها في الولايات المتحدة إلى 15%، وكذلك إلغاء الضرائب على الإكراميات لعاملي الخدمات. لكن الرئيس قد يضطر إلى الاكتفاء بتمديد تخفيضات 2017، وهو ما لن يُحدث بحد ذاته دفعةً للاقتصاد.

يُرجح أن يحدث تحرير القيود التنظيمية ببطء أكبر. فقد وقع ترمب في نهاية يناير أمراً تنفيذياً يلزم الوكالات بشطب 10 لوائح ناظمة مقابل كل لائحة جديدة تطرحها، وذلك بدلاً من نسبة 2 إلى 1 التي أقرها في ولايته الأولى. لكن عندما يتعلق الأمر بتخفيف الأعباء البيروقراطية، فإن الفترة الأولى لترمب في البيت الأبيض لم تسفر عن خفض صافٍ في التكاليف التنظيمية على الشركات: فقد قدر منتدى العمل الأميركي، وهو مركز أبحاث محافظ، أن هذه التكاليف زادت بنحو 40 مليار دولار خلال مجمل سنين ولايته.

قال ريان يونغ، كبير الاقتصاديين في معهد المشاريع التنافسية، إن استهداف التصاريح التي تبطئ الاستثمار في الإسكان أو البنية الأساسية أو التعدين "سيحقق كثيراً من الخير". لكنه حذّر من أن جلّ الأمر يعتمد على التزام ترمب. قال: "إنه يبالغ في الوعود ويُرجح ألّا يفي بها".

ترمب والرسوم الجمركية.. أداة تفاوض أم تهديد جدي؟

تبيّن أن مبادرة الكفاءة الإدارية التي أطلقها ماسك أكثر إرباكاً مما كان متوقعاً، إذ إنها تتهدد وجود وكالات برمّتها، مثل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وتخفض ما يصل إلى تريليون دولار من الإنفاق الحكومي.

يحتفي مؤيدوها، وقد قال كيفن روبرتس، الذي يدير مؤسسة هيريتيج وهي مؤسسة بحثية محافظة ساعدت في صياغة مخطط سياسي للإدارة، في مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ: "التدمير الإبداعي هو بالضبط ما تحتاجه واشنطن“.

كتب خبراء الاقتصاد في شركة ”تي إس لومبارد“ (TS Lombard) في مذكرة للعملاء في 5 فبراير: "يبدو الطول الواسع للسياسات الجمهورية توسعياً"، لكنهم حذروا من أن طرح الرسوم الجمركية قبل التخفيضات الضريبية فيه خطر تقليص إنفاق الأسر وأرباح الشركات.

في نهاية المطاف، قد تؤدي الاستثمارات في الإنتاج المحلي إلى تحويل الأمور، وكتبوا: ”يبدو أن افتراض أن يحدث هذا بسلاسة ينطوي على شيء من الجرأة“.

تصنيفات

قصص قد تهمك

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.