رهانات على خفض "المركزي الأوروبي" لأسعار الفائدة بوتيرة أقوى

الأسواق تتوقع 3 تخفيضات لأسعار الفائدة حتى نهاية 2025 لتفادي تأثير الرسوم الجمركية ودعم النمو

time reading iconدقائق القراءة - 7
مقر البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت، ألمانيا - بلومبرغ
مقر البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت، ألمانيا - بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يراهن المتداولون على أن البنك المركزي الأوروبي سيضطر إلى تبني نهج أكثر قوة في خفض أسعار الفائدة، في الوقت الذي تضغط فيه مخاطر الرسوم الجمركية الأميركية المحتملة، والاضطرابات السياسية في المنطقة على اقتصاد التكتل. 

تتبنى الأسواق مراكز تشير نحو توقعات بضعف اليورو، ربما إلى مستوى يقل عن الدولار الأميركي الواحد، مقارنة بنحو 1.04 دولار حالياً، إلى جانب ارتفاع السندات خلال الأشهر المقبلة مع تيسير البنك المركزي الأوروبي سياسته النقدية. من المتوقع على نطاق واسع أن يعلن البنك عن خفض بربع نقطة مئوية يوم الخميس، فيما سيراقب المتداولون أي تغيّر في موقف صانعي القرار.

السيناريو الأساسي للأسواق هو أن البنك المركزي الأوروبي سيواصل الخفض ثلاث مرات أخرى حتى نهاية العام، ليصل معدل الفائدة على الإيداع إلى 2%. وهذا يمثل بالفعل تبايناً مع مجلس الاحتياطي الفيدرالي، لكن بعض الخبراء الاستراتيجيين يرون أن الفجوة ستتسع على نحو أكبر وأسرع، إذا تحققت تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترمب بفرض رسوم تجارية عقابية.

يمكن أن تؤدي الرسوم الأميركية على الواردات الأوروبية إلى دفع البنك المركزي الأوروبي نحو إجراء تخفيضات أعمق لدعم النمو، ما سيؤثر سلباً على اليورو. في المقابل، سيلقى الدولار الدعم من بقاء معدلات الفائدة الفيدرالية مرتفعة مما سيعوض أثر أي تسارع للتضخم قد ينجم عن الرسوم الجمركية.

اقرأ المزيد: لاغارد: المركزي الأوروبي متفائل بتحقيق مستهدف التضخم في 2025

الرسوم الجمركية وتعادل سعر الصرف

قال تيم بروكس، رئيس تداول عقود خيارات الصرف الأجنبي لدى "أوبتيفر" (Optiver): "يكفي إعلان واحد عن رسوم جمركية تستهدف أوروبا لإعادة سعر الصرف نحو مستوى التعادل". وأوضح أنه في المدى الأطول، يتطلع المشاركون في السوق "إلى التحوط ضد احتمال ضعف اليورو-دولار، وانخفاضه إلى ما دون مستوى التعادل".

تُظهر بيانات عمليات عكس المخاطر، وهي مقياس رئيسي لمراكز السوق ومعنوياتها في سوق الخيارات، أن تكلفة التحوط ضد ضعف اليورو بحلول نهاية العام قريبة من أعلى مستوياتها منذ يونيو. كما تضاعف الطلب على الخيارات التي تجني ربحاً في حال تراجع اليورو إلى التعادل أو أقل خلال هذا العام، بأكثر من الضعف هذا الشهر مقارنة بأحجام نوفمبر وديسمبر، وفقاً لبيانات مؤسسة الإيداع والمقاصة (Depository Trust & Clearing Corporation).

يتسرب هذا الحذر أيضاً إلي أسواق الفائدة، حيث وضع المتداولون رهانات كبيرة على خيارات تتوقع أن ينفذ البنك المركزي الأوروبي خفضاً لا يقل عن نصف نقطة مئوية بحلول منتصف العام، ما يشكل زيادة مقارنة بتخفيضات ربع نقطة المتبعة حتى الآن. كما اشترى أحد المشاركين في السوق استراتيجية خيارات تستهدف معدل فائدة على الودائع عند 2% بحلول منتصف العام.

كتب كونستانتين فايت، مدير المحافظ في "باسيفيك إنفستمنت مانجمنت" (Pacific Investment Management Co) في مذكرة: "نتوقع مخاطر إضافية لهبوط نمو منطقة اليورو بعد الانتخابات الأميركية، وإمكانية أن تكون معدلات الفائدة النهائية أقل مما هو مُسعّر حالياً".

اقرأ أيضاً: خبراء اقتصاد يقلصون توقعات نمو منطقة اليورو لعام 2025

تقلب السياسات يهز العملات

من جانبه، قلل محافظ بنك فرنسا، فرانسوا فيليروي دي غالو، وهو من بين أكثر صانعي السياسات اعتدالاً في البنك المركزي الأوروبي، من الحاجة إلى إجراء خفض كبير لأسعار الفائدة. جاءت البيانات الصادرة يوم الجمعة لتعزز هذا الرأي؛ حيث أظهرت أن القطاع الخاص في منطقة اليورو عاد إلى النمو في يناير بعد شهرين من الانكماش، وهو ما فاجأ المحللين.

في الوقت نفسه، أدت التقلبات الحادة في سياسات ترمب إلى موجة من التكهنات المحمومة، وهزت أسواق العملات في الأسابيع الأخيرة. ومنذ انتخابات نوفمبر، ظل المحللون يتوقعون وصول اليورو إلى مستوى التعادل مع الدولار.

كان اليورو قد ارتفع بأكثر من 3% خلال الأسبوعين الماضيين، وسط رهانات على تأجيل أو تخفيف الرسوم الجمركية. غير أن هذه المكاسب تلاشت يوم الثلاثاء بعد أن تعهد ترمب بفرض رسوم شاملة "أكبر بكثير" من نسبة 2.5%. تراجع اليورو 0.2% إلى 1.0407 دولار في الساعة 09:54 صباحاً بتوقيت لندن، وهو أدنى مستوياته منذ 23 يناير. 

على الصعيد المحلي، تسود حالة من عدم اليقين في فرنسا، حيث تواجه الحكومة الجديدة معركة صعبة لتمرير الموازنة وسط برلمان مضطرب. وفي ألمانيا المجاورة، سيتوجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع في فبراير بعد انهيار ائتلاف المستشار أولاف شولتس في نوفمبر.

من المتوقع أن تُظهر بيانات تصدر يوم الخميس، أي قبل ساعات فقط من إعلان البنك المركزي الأوروبي قراره، أن الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو نما بنسبة 0.1% فقط على الأرجح في الربع الرابع 2024، مقارنة بـ 0.4% في الربع الثالث، وفقاً لاستطلاع أجرته "بلومبرغ".

قال نيكولا جوليان، رئيس قسم الدخل الثابت العالمي في "كاندريام" (Candriam)، إن اجتماع البنك المركزي الأوروبي في مارس سيكون "مهماً بشكل خاص، بمجرد أن تتضح الخطوات الأولى للإدارة الأميركية، ونتائج الانتخابات الألمانية".

اقرأ المزيد: استطلاع: المركزي الأوروبي سيخفض الفائدة 6 مرات بحلول نهاية 2025

تفاؤل بالسندات

مع ذلك، لا تزال "كاندريام" متفائلة عموماً بشأن السندات الحكومية الأساسية في منطقة اليورو؛ نظراً لأن التضخم في الكتلة الاقتصادية يسير "بشكل أكثر استقراراً" نحو الانخفاض مقارنة بالولايات المتحدة. لا تزال مؤشرات توقعات التضخم طويلة الأجل في السوق مستقرة بالقرب من 2%، على عكس نظيراتها الأميركية. من المتوقع أن يبقي مجلس الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة دون تغيير خلال اجتماعه في وقت لاحق يوم الأربعاء.

أما سلمان أحمد، رئيس قسم الاقتصاد الكلي وتخصيص الأصول الاستراتيجية في "فيدليتي إنترناشونال" (Fidelity International)، فهو من بين الذين يتوقعون خفضاً أعمق لأسعار الفائدة من جانب البنك المركزي الأوروبي مقارنة بما تضعه الأسواق في اعتبارها حالياً. فهو يرى احتمال خفض إجمالي يصل إلى 150 نقطة أساس هذا العام، ليصل معدل الفائدة على الودائع إلى 1.5%، وهو ما يعتبره كثيرون سياسة تيسيرية. 

قال أحمد: "هذه هي الطريقة الوحيدة للحماية من مخاطر الرسوم الجمركية، بأن يكون البنك المركزي الأوروبي أكثر قوة". أضاف: "القضية ليست في اتجاه الخفض، بل في شدته".

تصنيفات

قصص قد تهمك

عودة التضخم للارتفاع في أوروبا لن تعيق مسار خفض الفائدة

ارتفعت أسعار المستهلك بنسبة 2.4% في ديسمبر على أساس سنوي بما يتوافق مع التقديرات

time reading iconدقائق القراءة - 6
مقر البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت، ألمانيا - بلومبرغ
مقر البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت، ألمانيا - بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تسارع التضخم في منطقة اليورو الشهر الماضي، وهو ما يدعم نهج البنك المركزي الأوروبي بالتدرج في خفض أسعار الفائدة، دون تغيير المسار بشكل كامل.

ارتفعت أسعار المستهلك بنسبة 2.4% في ديسمبر على أساس سنوي، وبصعود من 2.2% في نوفمبر، بما يتوافق مع متوسط التقديرات ​​في استطلاع "بلومبرغ". وقال المكتب الأوروبي للإحصاءات "يوروستات" إن الزيادة كانت مدفوعةً إلى حد كبير بتكاليف الطاقة، التي ارتفعت لأول مرة منذ يوليو.

بلغ التضخم الأساسي، الذي يستبعد المكونات متقلبة الأسعار، 2.7%، في حين ارتفعت الأسعار في قطاع الخدمات لتقترب من 4%.

هذا الارتفاع لن يكون مفاجئاً للبنك المركزي الأوروبي، الذي كرر تحذيره بأن الطريق إلى مستهدفه البالغ 2% سيكون صعباً. يتوقع المركزي الأوروبي الوصول إلى المعدل المستهدف بشكل مستدام بحلول نهاية العام. ويتوقع تقرير "بلومبرغ إيكونوميكس" حالياً استقرار التضخم عند 2.4% في يناير.

شهدت السندات تغيراً طفيفاً بعد البيانات. وانخفض العائد على السندات الألمانية لأجل عامين، والتي تُعد من بين الأكثر حساسية للسياسة النقدية، بنقطة أساس واحدة عند 2.18%، وهو أقل بقليل من أعلى مستوى لها في شهرين والذي بلغته يوم أمس. كذلك، كانت الرهانات على توقعات خفض أسعار الفائدة من جانب المركزي الأوروبي مستقرة، حيث أشارت أسعار المقايضات إلى انخفاض يزيد قليلاً عن 100 نقطة أساس بحلول نهاية العام.

رأي بلومبرغ إيكونوميكس

"يأتي جزء كبير من الزيادة بتأثير أساسي من أسعار الوقود - لا يوجد دليل على أن ضغوط الأسعار المحلية تتحرك فعلياً إلى أعلى. تظل الصورة الكبيرة تشير إلى انكماش شامل، ما سيسمح لمجلس إدارة البنك بمواصلة خفض الفائدة هذا العام – نتوقع خفضاً بمقدار 100 نقطة أساس". 

 

جيمي راش، كبير خبراء الاقتصاد الأوروبي

أظهرت التقارير الوطنية في الأيام الأخيرة ارتفاع الأسعار بأعلى من التقديرات في ألمانيا وإسبانيا، بينما زادت أقل من المتوقع في فرنسا، وتباطأت بشكل غير متوقع في إيطاليا. وأظهر تقرير منفصل من البنك المركزي الأوروبي أن توقعات المستهلكين للتضخم ارتفعت في نوفمبر.

مواصلة مسار خفض الفائدة

لا يزال المسؤولون على مسار مواصلة خفض تكاليف الاقتراض بعد قيامهم بالخفض الرابع في ديسمبر. وعند معدل 3%، لا يزال سعر الودائع يُنظر إليه من قبل الكثيرين على أنه يقيد النشاط الاقتصادي، في وقت يفشل فيه تكتل العملة الموحدة في تحقيق تعافٍ قوي.

في الوقت نفسه، لا يزال البنك المركزي الأوروبي يؤيد خفض أسعار الفائدة "تدريجياً" في الاجتماعات المقبلة، أي بمقدار ربع نقطة مئوية. لكن بعض أعضاء مجلس الإدارة، بمن فيهم محافظ بنك فرنسا فرانسوا فيليروي دي غالهاو، يصرون على أن خيار التخفيض بوتيرة أكبر يجب أن يظل مطروحاً على الطاولة.

وبينما انخفض التضخم بالفعل إلى ما دون 2% في العام الماضي، كان التراجع مدفوعاً بتأثيرات إحصائية مرتبطة بالتقلبات القوية في تكاليف الطاقة على مدى السنوات الأخيرة. ومع تلاشي هذه التأثيرات، بدأ المؤشر الرئيسي في الارتفاع مؤقتاً.

لكن المخاوف بشأن التضخم في قطاع الخدمات لا تزال قائمة. فقد ظل عالقاً قرب 4% لأكثر من عام، ويرجع هذا إلى حد كبير إلى ارتفاع الأجور، التي تلعب دوراً أكبر في هذا الجزء من الاقتصاد مقارنةً بقطاعات أخرى.

لا يرى البنك المركزي الأوروبي أن هذا الوضع سيستمر. فقد نمت الأجور بوتيرة أبطأ في الربع الثالث، وتشير المؤشرات المبكرة إلى هدوء في سوق العمل.

عوامل تهدد بارتفاع التضخم

قد لا تكون الزيادة في أسعار الطاقة هي الأخيرة. فالغاز الروسي لم يعد يُضخ عبر أوكرانيا، في حين أن أوروبا تحرق احتياطياتها من الغاز في الوقت الحالي بسرعة هي الأكبر خلال السنوات السبع الماضية، حيث يعمل الطقس البارد على ارتفاع الطلب لغرض التدفئة.

قالت رئيسة المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، الأسبوع الماضي، إنه بعد التقدم المحرز في عام 2024، "نأمل أن يكون عام 2025 هو العام الذي نسير فيه على المسار الصحيح كما هو متوقع له، وبحسب ما هو مخطط في استراتيجيتنا".

لا تزال هناك علامة استفهام كبيرة معلقة بشأن خطة الرئيس الأميركي القادم دونالد ترمب المتعلقة بفرض تعريفات تجارية واسعة النطاق. قد يؤدي فرض هذه التعريفات إلى هز اقتصاد منطقة اليورو، حيث سيكون حجم التأثير على التضخم من خلال عوامل تشمل سعر الصرف والإجراءات المضادة المحتملة من قبل الاتحاد الأوروبي والصين.

حذر رئيس البنك المركزي الهولندي كلاس نوت مؤخراً من أنه إذا نفذ ترمب تهديده، فقد تدخل السلع الصينية إلى أوروبا "بأسعار أقل كثيراً"، مما يعني فعلياً تصدير صراعات ذلك البلد مع الانكماش.

تصنيفات

قصص قد تهمك

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.