غورغييفا: مصر ستستنزف احتياطياتها ما لم تخفض قيمة الجنيه مجدداً

المدير العام لصندوق النقد الدولي: القاهرة تؤخر أمراً لا مفر منه عبر الامتناع عن القيام به مرة أخرى، وكلما طال الانتظار، بات الوضع أسوأ

time reading iconدقائق القراءة - 17
كريستالينا غورغييفا، المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي - المصدر: بلومبرغ
كريستالينا غورغييفا، المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

قالت مديرة صندوق النقد الدولي، إن مصر "سوف تنزف" احتياطياتها الثمينة ما لم تخفض قيمة عملتها مرة أخرى، بينما أشادت بالخطوات الأخرى التي اتخذها ثاني أكبر مقترض من مؤسستها لتصحيح اقتصاده المتأزم.

وفي مقابلة شاملة، قالت كريستالينا غورغييفا إن زامبيا وغانا، اللتين عجزتا عن سداد ديونهما، تحرزان تقدماً في إطار برامج صندوق النقد الدولي، في حين أن تونس لا تحتاج إلى إعادة هيكلة بعد ولكن يجب أن تتحرك قريباً لدعم اقتصادها.

خفضت مصر قيمة الجنيه ثلاث مرات منذ أوائل 2022، لتفقد العملة ما يقرب من نصف قيمتها أمام الدولار. وقالت غورغييفا إنها (مصر) تؤخر أمراً لا مفر منه عبر الامتناع عن القيام به مرة أخرى، وكلما طال الانتظار، أصبح الأمر أسوأ.

"كلما كان أسرع، كان أفضل"

أضافت غورغييفا: "كلما تمكنّا من التوصل إلى اتفاق بشأن خارطة طريق لهذا الأمر بشكل أسرع، كان ذلك أفضل..المسألة هنا بسيطة للغاية، مصر سوف تنزف احتياطاتها لحماية الجنيه، كما أنه ليست الدولة ولا البيئة (الاقتصادية) الكلية في وضع يسمح بذلك، هذه مشكلة يجب حلها".

انخفض صافي الاحتياطيات الأجنبية لدى مصر العام الماضي إلى أدنى مستوى منذ 2017، قبل أن يستقر في الأشهر الأخيرة عند 35 مليار دولار في سبتمبر، أي مايزال متراجعاً بأكثر من الخُمس من أعلى مستوى له في 2020.

ومع ذلك، فإن الحفاظ على استقرار الجنيه يأتي بتكلفة، حيث أدى ذلك إلى استنزاف النقد الأجنبي من الاقتصاد عبر سحب صافي الأصول الأجنبية للبنوك التجارية، والتي تقلصت في أغسطس بأكثر من 5% إلى 13.1 مليار دولار، وفق حسابات إدارة الأبحاث لدى "إتش سي" (HC) ومقرها القاهرة.

تقدّم بمراجعة صندوق النقد الدولي

رغم ذلك، قالت غورغييفا إن مراجعة صندوق النقد الدولي في إطار برنامج الإنقاذ البالغة قيمته 3 مليارات دولار في البلاد تحرز تقدماً.

وأوضحت رئيسة صندوق النقد الدولي قبل خطاب ألقته في أبيدجان بساحل العاج: "في اليومين الماضيين كانت هناك بعض المشاركات البنَّاءة..سيكون هناك عمل منهجي أكثر لفريقنا مع مصر، لذا ترقبوا، دعونا نرى ما سيحدث في الأسابيع المقبلة".

الوضع في تونس أقل خطورة

على صعيد آخر، قالت غورغييفا إن الوضع في تونس- وهو اقتصاد مضطرب آخر في شمال أفريقيا- أقل خطورة، لكنه لا يزال بحاجة إلى إجراءات عاجلة لاستكمال الترتيبات المتعلقة بحزمة إنقاذ قيمتها 1.9 مليار دولار من البنك.

وأوضحت غورغييفا أن إعادة هيكلة الديون ليست مطلوبة لأن البلاد "ليست في وضع خطير بعد.. ومع ذلك كلما أسرعت الدولة في اتخاذ بعض التدابير لتعزيز وضعها المالي، وتعزيز أدائها الاقتصادي العام، كان ذلك أفضل".

عوائد سندات مصر وتونس تُعدّ من الأعلى عالمياً، مما يؤكد مدى قلق المستثمرين من حيازة ديونهم. ويبلغ متوسط ​​عائد أوراق الدين المصرية الدولارية 18.5%، وفق مؤشرات بلومبرغ، في حين يتم تداول السندات التونسية المُستحقة في 2025 فوق مستوى عائد 40%.

إذا ما توجهنا جنوباً، قالت غورغييفا إن كلاً من زامبيا وغانا، الدولتين اللتين تخلفتا عن سداد ديونهما، في انتظار المزيد من الدعم. وأشارت إلى أنه تم الاتفاق من حيث المبدأ على مذكرة تفاهم مع الدائنين الثنائيين لزامبيا، وسيتم التوقيع عليها بعد الانتهاء من بعض التفاصيل.

"ما البديل؟"

تخضع غانا، التي حصلت على دعم بقيمة 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، لمراجعةٍ أولى لهذا البرنامج وسيتم الانتهاء منها في نوفمبر، وفق غورغييفا.

"غانا في حالة جيدة بالفعل، لقد لاحظنا تحسّن موقفهم خلال الشهر الماضي، كما أن الاقتصاد في وضع أفضل بكثير..آمل بشدة أن نتمكن من صرف هذا المبلغ"، في إشارة إلى شريحة بقيمة 600 مليون دولار من أموال الصندوق مُقرَّر صرفها في نوفمبر، وأضافت غورغييفا: "هذا جزء من بناء الثقة الذي نتوقعه".

وفي تعليقات أشمل، قالت غورغييفا إن حل أزمات الديون غير المستدامة في العديد من الدول هو "الأولوية القصوى"، ودافعت عن الإطار المشترك لمجموعة العشرين لمعالجة الديون، والذي تعرّض لانتقادات بسبب الوتيرة البطيئة التي يمر بها المتقدمون للحصول على حزم الإنقاذ.

ومع تقدم المزيد من الدول، تصبح العملية أسرع; قالت غورغييفا إن تشاد استغرقت 11 شهراً بين الاتفاق الأوّلي على مستوى الموظفين والضمانات المالية، فيما استغرقت زامبيا تسعة أشهر، وستة أشهر في حالة سريلانكا، واستغرق الأمر خمسة أشهر في طلب غانا.

أضافت: "أسمع الكثير من الناس يقولون، الأمر لا يجدي نفعاً..سؤالي لهم هو، حسناً لقد نسيتم الأمر، ما البديل المتاح لديكم؟"

وفي اعتراف آخر بالصعوبة التي تواجهها العديد من أفقر دول العالم في سداد ديونها، قالت غورغييفا إنها تدعم فكرة تعليق سداد الديون عندما تتعرّض البلدان لكوارث مناخية.

قالت غورغييفا: "أنا أؤيد بشدة إدراج بنود في الديون- سواء كانت سندات أو قروض- تضع تعليق خدمة الدين موضع التنفيذ، إذا حدثت كارثة طبيعية، فلن تضطر البلاد إلى الاختيار بين إنقاذ الأرواح والدفع للدائنين.. ويتعين علينا جميعا أن نفكر في كيفية التعامل مع خدمة الديون في عالم يتسم بالكوارث المناخية الأكثر تواتراً وتدميراً".

تصنيفات

قصص قد تهمك

تسريع الإنشاءات وسيلة تحوط المطورين المصريين ضد تقلبات السوق

زيادات أسعار مواد البناء وخفض قيمة الجنيه أكثر ما يؤرق مسؤولي شركات التطوير العقاري

time reading iconدقائق القراءة - 18
بنايات سكنية في العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة، مصر (صورة ملتقطة في 8 مارس 2021) - المصدر: بلومبرغ
بنايات سكنية في العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة، مصر (صورة ملتقطة في 8 مارس 2021) - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

الشرق

لجأت كبريات شركات التطوير العقاري في مصر إلى التحوط من التقلبات الاقتصادية التي ضاعفت أسعار مدخلات صناعة العقارات في السوق المصرية، وذلك عبر تسريع عمليات الإنشاء.

وقال مسؤولون في عدد من شركات التطوير لـ"الشرق"، إن زيادة الإنفاق على الأعمال الإنشائية جاءت في مقدمة أولوياتهم للتحوط من مخاطر أي زيادات محتملة في الأسعار، والتي قد تنعكس بدورها على التكلفة، بالتزامن مع خطط للاقتراض من المصارف لتوفير السيولة اللازمة للمشروعات الجاري تطويرها.

في أغسطس الماضي، وصلت الزيادة في أسعار الحديد المستخدم في عمليات البناء إلى 82.4% على أساس سنوي، فيما ارتفع سعر الإسمنت بمعدل 25.5%، وفق أرقام وزارة الإسكان والمرافق المصرية التي تضمنتها نشرة أسعار مواد البناء على موقعها الإلكتروني.

تخزين مواد البناء

قال أحمد شلبي الرئيس التنفيذي لشركة "تطوير مصر"، إن شركات التطوير العقاري باتت أكثر حرصاً في عملية البيع والتسعير بعد قرارات خفض قيمة الجنيه المصري.

كانت مصر قد خفضت قيمة الجنيه ثلاث مرات منذ مارس 2022، بداية الأزمة الروسية الأوكرانية، لتنخفض قيمته منذ ذلك الوقت بأكثر من 95%. وحالياً، تراهن الأسواق على قرب تعويم جديد للعملة المصرية نظراً للضغوط المتزايدة التي تتعرض لها في ظل استمرار شح السيولة من العملات الأجنبية في البلاد.

في العادة، يجري تمرير ارتفاع تكلفة الإنشاءات المتمثلة في أسعار المواد الخام إلى المشتري النهائي. لكن رغم ذلك، تلجأ شركات عديدة إلى التحوط من ارتفاع تكاليف مواد البناء من خلال تخزينها بكميات كبيرة.

أشار شلبي إلى أن من بين الآليات التي تعتمدها شركته، تأمين ما تتراوح نسبته بين 10% و15% من مواد البناء اللازمة لكل مرحلة من مراحل الإنشاءات قبل المباشرة في عملية البناء، إضافة إلى تسريع أعمال الإنشاءات، والتوسع في إنشاء مخازن ومستودعات للمواد الخام تحسباً لأي تقلبات في السوق والأسعار.

يرى شلبي أن الاقتراض من المصارف لزيادة وتيرة الانشاءات -رغم أسعار الفائدة المرتفعة- أقل تكلفة ومخاطرة من تأثير تعويم سعر الصرف على تكاليف التنفيذ. وقال إن ذلك يتزامن مع دراسات دقيقة للتسعير تحافظ على حجم المبيعات والتدفقات النقدية المستهدفة.

إدارة للتسعير والتخطيط

في هذا السياق أيضاً، دشّنت شركة "مصر إيطاليا العقارية" إدارة متكاملة للتسعير والتخطيط منذ تحرير سعر صرف الجنيه المصري في مارس 2022، وما رافق ذلك من ارتفاعات متتالية لأسعار مواد البناء، بحسب محمد هاني العسال، الرئيس التنفيذي للشركة.

قال العسال إن هدف هذه الإدارة دراسة التغيرات التي تحدث في السوق لاحتساب زيادة أسعار العقارات وأي زيادات متوقعة جراء ارتفاع أسعار مواد البناء كالنحاس والحديد والإسمنت، وذلك بشكل دوري، مع إعداد دراسات أيضاً للتكاليف والتسعير للمشروعات.

لجأ مطورون مصريون في الآونة الأخيرة، إلى استخدام سعر صرف الدولار مقابل الجنيه كمقياس لضبط السعر مع التكلفة، لا سيما في العقود الخاصة بمجال المقاولات ومواد البناء، بحسب ما أوضحه تقرير نشرته "الشرق" في أبريل الماضي.

استراتيجية "مصر إيطاليا العقارية" في هذا الإطار للعام الجاري، تركز بحسب رئيسها التنفيذي، على تسريع عمليات الإنشاء والتسليم، خصوصاً في المشروعات التي تطورها في العاصمة الإدارية. وقد ضخت الشركة بالفعل 3 مليارات جنيه في أعمال الإنشاء لتسريع عملية التسليم. وقال العسال إن قطاع العقارات في مصر خالف التوقعات خلال 2023، محققاً طفرة في المبيعات والإنشاءات، حيث بدأ يسهم بنسبة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد تتراوح بين 25% و30%. وتوقع أن ترتفع هذه النسبة أكثر خلال الأعوام المقبلة.

ضمان توافر السيولة

شركة "الأهلي صبور للتنمية" بدورها حددت 4 عوامل للتعامل مع المتغيرات التي تشهدها السوق، بحسب رئيسها التنفيذي أحمد صبور، تتمثل في تسريع عمليات الإنشاء؛ والتوسع في التعاقد على شراء مخزون من الخامات ومواد البناء؛ والاحتفاظ أو عدم بيع 30% من وحدات المشروع لتعويض أي فروق لاحقة في الأسعار؛ إلى جانب الحصول على قروض مصرفية لضمان توفير السيولة اللازمة لكل مشروع.

قال صبور إن شركته ضاعفت إنفاقها على الأعمال الإنشائية خلال العام الجاري ليصل إلى 5 مليارات جنيه مقابل 2.5 مليار جنيه في عام 2022، بهدف تسريع عمليات التسليم وتقليل مخاطر السوق في ما يتعلق بزيادة أسعار التكاليف.

تسريع الجدول الزمني للتنفيذ

من جهته، قال أيمن عامر مدير عام شركة "سوديك للتطوير العقاري" على هامش مشاركته في معرض "سيتي سكيب القاهرة" الذي أُقيم أواخر الشهر الماضي، إن شركته تتبع سياسة تحوطية لمدة زمنية تتخطى العام. وأضاف: "هذا يجعلنا لا نتأثر كثيراً بتقلبات سعر الصرف، ويمكّننا كذلك من تسعير الوحدات بالشكل الصحيح".

أشار إلى أن "سوديك" عادة ما تستبق الجدول الزمني لتنفيذ الوحدات، وهو ما يأتي ضمن سياستها التحوطية، باعتباره أحد الحلول للتغلب على التغييرات التي تطرأ على الظروف الاقتصادية.

ارتفاع أسعار المنتجات العقارية

أما محمد عادل، مدير عام شركة "رؤية" التابعة لـ"مجموعة بايونيرز القابضة"، فقال إن شركته تتحوط ضد زيادات الأسعار عبر اتباع خطوات عدة، من ضمنها العمل على تسريع معدلات التنفيذ في المشروعات القائمة، والتعاقد مع شركات المقاولات لفترات زمنية كافية، مع المحافظة على مخزون كافٍ من مواد البناء يسمح لها بالاستمرار في التنفيذ. وأضاف أن زيادة أسعار المنتجات العقارية بكل أنواعها، من سكني وتجاري وفندقي، تراوحت بين 15% و20% خلال 2023.

رغم كل التحديات التي تواجه قطاع العقارات والإنشاءات في مصر، مع وصول معدل التضخم السنوي إلى 37.5% في أغسطس الماضي، لا يزال القطاع يشهد إقبالاً من المشترين، سواء من الداخل أو من الخارج. وقد أشارت شركة "نايت فرنك" مؤخراً إلى أن 94% من المستثمرين الأثرياء في دول الخليج الذين يمتلكون أكثر من مليون دولار كأصول استثمارية، يرغبون في شراء عقارات بمصر، إذ يُعتبر القطاع العقاري ركيزة أساسية للنمو المستقبلي في وقت يبدو فيه الاقتصاد المصري على وشك الدخول في فترة من الاستقرار النسبي، بحسب الشركة.

تصنيفات

قصص قد تهمك

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.