واجهت تشان هوي- وان حملة تشكيك بقدراتها منذ صعودها غير المتوقَّع لتولي رئاسة شركة عقارية تقدَّر قيمتها بمليار دولار في هونغ كونغ. إلا أنَّها قررت تجاهل كل تلك الأصوات.
وقالت تشاي، المراسلة السابقة المتخصصة في شؤون الترفيه، في أوَّل مقابلة لها منذ تعيينها في منصب الرئيسة التنفيذية لشركة "تشاينيز إستيت" القابضة (Chinese Estates Holdings Ltd): "لطالما كانت الأصوات المنتقدة موجودة".
وأضافت: "ليسوا هم الأشخاص الذين يجب أن أكترث لأمرهم"، مشيرة إلى أنَّها تستند إلى الدروس التي اكتسبتها من "لاو"، وعلى الأرجح لن تبعد كثيراً عن الخط الذي رسمه.
يذكر أنَّ زوج تشان، الملياردير "جوزيف لاو"، كان قد حوَّل "تشاينيز إستيت" إلى أحد كبار اللاعبين في الساحة العقارية في هونغ كونغ.
عواصف في بداية الطريق
وتمنح تصريحات تشان لمحة نادرة عن ذهنيتها، في حين تتولى قيادة شركة "تشاينيز إستيت" التي تمرُّ بإحدى أصعب المراحل في تاريخها في ظلِّ تراجع قيمة أسهمها بنحو 90% خلال الـ 6 سنوات الماضية، وتقلص أرباحها بفعل وباء كورونا الذي ألقى بثقله على القطاع العقاري في هونغ كونغ.
وقالت تشان البالغة من العمر 41 عاماً: "الوباء هو التحدي الأكبر الذي أواجهه".
وأضافت: "شهية الناس غير مفتوحة على التسوق، وقطاع الإيجارات العقارية لدينا يرزح تحت ضغوط متزايدة من أجل تخفيض الإيجارات. وأنا أعمل مع فريقي على إعداد طرق متنوعة من أجل جذب المستهلكين".
صعود تشان هوي- وان
ويشكِّل تعيين تشان في منصب الرئيسة التنفيذية خطوة جديدة ضمن سلسلة من الإجراءات التي منحتها المزيد من السيطرة على ثروة "لاو" بعد إدانته بتهم الرشوة وغسيل الأموال في ماكاو.
وكانت تشان موظفة في صحيفة "أبل ديلي" التي أسسها القطب الإعلامي جيمي لاي، حين تعرفت على "لاو" قبل عقدين من الزمن، وقد تزوجا في عام 2016 بعد عامين من إدانة "لاو" والحكم عليه غيابياً بالسجن لخمس سنوات وثلاثة أشهر.
ولم ينفذ "لاو" عقوباته بما أنَّه لا توجد اتفاقية لتبادل المطلوبين بين هونغ كونغ وماكاو.
وكانت تشان التي اتخذت لنفسها اسماً مستعاراً هو "كيمبي" تيمناً بسمكة ذهبية في مسلسل كرتوني ياباني، عملت في قسم التجميل في شركة "تشاينيز إستيت" من العام 2002 حتى 2005، قبل أن تصبح مديرة في الشركة في 2017.
وكانت إحدى شقيقاتها قد تولَّت منصب الرئيسة التنفيذية حتى الشهر الماضي، فيما شقيقتها الأخرى مديرة في الشركة أيضاً.
ولدت تشان في كنف عائلة من خلفية متواضعة في هونغ كونغ، إلا أنَّ نفوذها على شركة "تشاينيز إستيت" تزايد بعد أن منحها "لاو" أسهماً في الشركة في 2017.
وفي العام الماضي، نقل لاو مينغ واي، ابن زوجها من زوجته الأولى، 25% من الشركة لهيئة تمَّ إنشاؤها لأطفال "تشان" القاصرين، مما يضعها على رأس حصة بنسبة 75% تقدَّر قيمتها اليوم بـ 750 مليون دولار. وهذا المبلغ ما هو إلا جزء من ثروة "تشان" التي تقدَّر قيمتها بنحو 5 مليارات دولار، بحسب مؤشر بلومبرغ لأصحاب المليارات.
"تشاينيز إستيت"
وتعمل "تشاينيز إستيت" في السنوات الماضية على التخلُّص من بعض أصولها. وفيما وزَّعت الشركة عوائد البيع على المستثمرين من خلال توزيعات أرباح خاصة، إلا أنَّ قيمة أسهمها تراجعت بنسبة 87% مقارنة بالذروة التي بلغتها في 2014.
وقد آلت بعض أصول الشركة إلى الصين، بما يشمل حصة في بنك "شينغجينغ" الرائد في مقاطعة "لياونينغ" قرب الحدود مع كوريا الشمالية/ ومحفظة سندات تصل قيمتها إلى 8 مليارات دولار هونغ كونغي (مليار دولار أميركي).
ويتمُّ تداول أسهم الشركة اليوم بأقل من 0.3 مرة قيمتها الدفترية، وهي نسبة أقل بكثير من نظيراتها من الشركات مثل "سون هانغ كاي بروبرتيز" Sun Hung Kai Properties Ltd و"نيو وورلد ديفولبمنت"New World Development Co.
تتخصَّص الشركة التي استحوذ عليها "لاو" في عام 1986 بتطوير العقارات السكنية والتجارية في هونغ كونغ، بما يشمل أبراجاً ومراكز تسوق في المستعمرة البريطانية السابقة، وفي والبرّ الرئيسي الصيني(هونغ كونغ وماكاو)، وفي المملكة المتحدة.
وقد وجَّه فيروس كورونا ضربة موجعة للمجموعة بعد أن أجبر السكان على ملازمة منازلهم، مما أدى إلى تراجع أرباحها بأكثر من الخمس في العام الماضي.
وتستثمر الشركة أيضاً في الأوراق المالية المدرجة في البورصة، أبرزها حصة في الشركة العقارية "تشاينا إيفرغراند غروب" بلغت قيمتها نحو 1.7 مليار دولار حتى 31 ديسمبر، وتشكِّل حوالي ثلث أصول شركة "تشاينيز إستيت".
مواصلة طريق "لاو"
وقالت تشان، إنَّها تعتزم الاستمرار في اعتماد الاستراتيجية الحالية للشركة بعد نيلها منصب الرئيسة التنفيذية، في حين يحاول قطاع البيع في التجزئة في هونغ كونغ التعافي بعد الظروف الصعبة التي مرَّ بها.
فقد تقلَّص الناتج المحلي الإجمالي للمدينة بنسبة قياسية بلغت 6.1% في 2020، فيما ارتفعت معدَّلات البطالة في فبراير لأعلى نسبة لها منذ 2004.
ولا تزال أبواب المدينة مغلقة أمام السياح الذين يشكِّلون مصدراً مهماً للإيرادات بالنسبة للمؤسسات المحلية.
وتقرُّ تشان أنَّها لا تزال تطلب مشورة "لاو" من حين لآخر، حين تقوم بدراسة استثمار في قطاع أعمال ليست متمرسة فيه، إلا أنَّه لا ينخرط في العمليات اليومية للشركة.
وقالت عن زوجها الذي خضع لعملية زراعة كلية في 2016 إنَّه "رجل أعمال منذ سنوات طويلة، لذا يفكر دائماً بالسوق والأعمال، حتى حين يكون في المنزل"، مضيفة "ولكن إذا لم أطلب رأيه، فهو لا يتحدَّث معي عن أعمال الشركة".
من جهته، قال جوزيف فان، الأستاذ المتخصص بحوكمة الشركات، والشركات العائلية في الجامعة الصينية في هونغ كونغ، إنَّه على الرغم من تولي تشان السيطرة على الشركة، إلا أنَّه من الأصعب أن تستحوذ على "أصول لاو غير الملموسة"، أي حسّه في مجال الأعمال وعلاقاته.
وأضاف: "لا نعرف الكثير عن قيادة السيدة تشان وأختيها، ونقاط قوتهنَّ الأخرى". وتابع: "تراجع أداء المجموعة بشكل كبير في السنوات الخمس الماضية، كما أنَّ التوقُّعات المتعلِّقة بمجالات الأعمال التقليدية التي تنشط فيها الشركة في هونغ كونغ وماكاو سيئة".
كيني نغ، المتخصص باستراتيجيات الأوراق المالية في شركة "أفيربرايت سان هونغ كاي" في هونغ كونغ، له رأي مغاير.
فهو يرى أنَّ "تعيينها لن يكون له تأثير كبير على الشركة بما أنَّها كانت مديرة تنفيذية قبل تعيينها في منصب الرئيسة التنفيذية. كما أنَّ الرئيسة التنفيذية السابقة كانت قريبتها، لذا لن يؤدي ذلك إلى تغيير في سياسة الشركة".
استثمارات "تشان"
وكانت تشان قد قامت بعدَّة استثمارات كبرى تحت اسمها الشخصي في السنوات الماضية. فبالإضافة إلى الحصة في بنك "شينغجينغ" ومحفظة الديون التي استحوذت عليها من "تشاينيز إستيت"، فهي شاركت الشهر الماضي في شراء قطعة أرض حطمت الأرقام القياسية في منطقة بيك الفخمة في هونغ كونغ.
كما أنَّ تشان منخرطة جداً في شركة "إيفرغراند" التي يملكها "هوي كا يان"، والشركات التابعة لها. فقد استحوذت على 5% من ذراع الخدمات العقارية بالشركة في شهر أغسطس، وقد تضاعفت قيمة الحصة لتصل إلى أكثر من مليار دولار، فيما قالت الشركة الناشئة المتخصصة بالمركبات الكهربائية التابعة للمجموعة، إنَّ "تشان" ستستثمر في أسهمها.
وعلى الرغم من أنَّه لم يتم إبرام الصفقة بعد، فإنَّ التوقُّعات تشير إلى أنَّ تشان ستحقق عوائد تصل إلى 110% على الرغم من أنَّ الشركة لم تبدأ بعد بإنتاج السيارات على نطاق واسع.
وقالت تشان، إنَّها على تواصل دائم مع "هوي" من خلال الاتصال عبر تقنية الفيديو. وهي تشارك أحياناً عبر حسابها على "انستغرام" صوراً تظهرها، وهي تختلط مع زملائها من أصحاب المليارات، مثل هوي، وجاك ما، مؤسس شركة "علي بابا"، وتوماس كوك، الذي ينتمي إلى أثرى عائلة في هونغ كونغ.
وعلى الرغم من أنَّ رهانات تشان لم تكن جميعها مثمرة – فقد باعت معظم حصتها في بنك "شينغجينغ" بخسارة- إلا أنَّ "نغ" من شركة "أفيربرايت سان هونغ كاي" قال، إنَّ تجربتها في الاستثمارات الشخصية بشركات مثل "إيفرغراند" يمكن أن تعزز ثقة المستثمرين.
وأضاف "نغ": "على المستثمرين أن يؤمنوا أن تشان تهتم باستثماراتها الشخصية، واستثمارات الشركة بشكل متساوٍ".
وتسعى "تشاينيز إستيت" للقيام باستثمارات في منطقة الخليج الكبرى في هونغ كونغ، وماكاو، وقوانغدونغ، للاستفادة من النمو المستقبلي المتوقَّع في الصين، بحسب ما قالت تشان.
كما تخطط الشركة لإقامة برج تجارة جديد في لندن لاستهداف المؤسسات المالية بعد استقرار الأوضاع إثر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
ويبقى للزمن أن يحكم على أداء تشان، وفي غضون ذلك تقول المراسلة السابقة، إنَّها لا تتوقَّع أن تؤدي مسؤولياتها الجديدة لتغيير جذري في حياتها. فهي لا تزال تعدُّ وجبة الفطور لأولادها، وتصحبهم إلى المدرسة، قبل أن تتوجه لممارسة عملها كرئيسة تنفيذية.
وقالت: "جدول أعمالي، وتركيز أعمالي لم يتغيرا كثيراً مع اللقب الجديد، ولكنَّني سأحاول أن أراقب السوق عن كثب أكثر مع فريقي".