وافق قاضٍ في ولاية ديلاوير على إلغاء حزمة تعويضات الملياردير إيلون ماسك البالغة 55 مليار دولار في شركة "تسلا"، بعد أن اعترض عليها أحد المساهمين ووصفها بأنها مبالغ فيها، وهو حكم قد يؤدي إلى تراجع ثروة ماسك بشكل كبير ويضع مصير شركاته موضع تساؤل. هذا إذا ظل الحكم بعد الاستئناف المحتمل.
القرار الصادر أمس الثلاثاء، والذي يعتبر أول خسارة كبيرة لماسك في المحكمة، يعني أنه بعد مرور أكثر من 5 سنوات من منح المؤسس المشارك لشركة صناعة السيارات الكهربائية أكبر خطة تعويض تنفيذية في التاريخ، سيتعين على مجلس إدارة "تسلا" البدء من جديد وتقديم مقترح جديد.
لم يحاول ماسك مطلقاً استخدام خيارات أسهمه منذ الطعن في صحتها في محكمة ديلاوير تشانسري. وانخفض سعر سهم "تسلا" بنسبة 3% تقريباً بعد ساعات التداول بعد الإعلان عن الخبر.
مستقبل ثروة ماسك
حث ماسك مجلس إدارة "تسلا" مراراً وتكراراً على منحه مكافأة أسهم ضخمة أخرى، بعد سنوات من بيع جزء كبير من حصته في الشركة للاستحواذ على "تويتر". قال الملياردير إنه يحتاج إلى حصة أكبر في "تسلا" للحفاظ على سيطرته على صانع السيارات الكهربائية والتوسع بشكل أكبر في مجال الذكاء الاصطناعي.
هذا الحكم يثير حالة من انعدام اليقين بشأن مستقبل ثروة ماسك. تبلغ قيمة خيارات الأسهم هذه حوالي 51.1 مليار دولار، وكانت واحدة من أكثر أصوله قيمة. وبدونها، ستنخفض ثروته الصافية إلى 154.3 مليار دولار، ليصبح بذلك ثالث أغنى شخص في العالم بعدما احتل المركز الأول خلال معظم فترات العامين الماضيين، وفقاً لمؤشر "بلومبرغ للمليارديرات".
لم يرد إيفان تشيسلر، محامي ماسك المقيم في نيويورك، فوراً على رسالة بريد إلكتروني ومكالمة هاتفية تطلب منه التعليق على القرار مساء الثلاثاء.
تفاصيل الحكم
بعد المحاكمة التي انتهت قبل أكثر من عام، قررت رئيسة محكمة ديلاوير، كاثلين سانت جيه ماكورميك، الوقوف في صف مستثمر اشتكى من أن مديري "تسلا" لم يقدموا إفصاحات سليمة حول حزمة التعويضات التنفيذية لعام 2018 ومعايير الأداء المطلوبة من ماسك. ووجدت أيضاً أن تضارب المصالح أثر سلباً على دراسة مجلس الإدارة لخطة الأجور.
كتبت القاضية في حكمها المؤلف من 200 صفحة: "في التحليل النهائي، أطلق ماسك عملية القيادة الذاتية، وأعاد ضبط السرعة والاتجاه وفقاً لما يراه مناسباً في طريقه، ووصلت العملية إلى سعر غير عادل، والمدعي يطلب رد الاعتبار من خلال هذه الدعوى القضائية".
تصدر ماسك، ذو الـ52 عاماً، قائمة ثروات بلومبرغ بفضل حصته في "تسلا"، وهي شركة السيارات الأكثر قيمة في العالم. وقد ارتفعت خيارات الأسهم الخاصة بمكافأته خلال الأعوام القليلة الماضية مع تحقيق أهداف الأداء، لكنه لم يستخدم أي منها، كما تظهر الإفصاحات التنظيمية.
سارع ماسك للرد على الحكم عبر منصته للتواصل الاجتماعي "إكس". وأوصى "بتأسيس الشركة في نيفادا أو تكساس إذا كنت تفضل أن يكون المساهمون هم من يقررون الأمور". وقال خلال تغريدته التي كانت بتاريخ 30 يناير 2024: "لا تقم أبداً بتأسيس شركتك في ولاية ديلاوير".
ماسك متهم بتحديد حزمة تعويضاته
عادةً ما ينتصر ماسك، الذي يفخر بتحدي معايير الشركات، في المعارك القضائية، بما فيها دعوى المساهمين حول استحواذه على شركة الطاقة المتجددة "سولار سيتي" (SolarCity).
في قضية التعويضات، اعتبر محامو ريتشارد تورنيتا، المساهم في "تسلا"، أن أعضاء مجلس الإدارة فشلوا في التمتع باستقلالية أثناء وضع حزمة الأجور للرئيس التنفيذي للشركة وسمحوا له بتصميم تفاصيل خطة أجوره بطريقة تناسب رغبته.
ذكر محامو تورنيتا في مذكراتهم أن ماسك هو الذي حدد إطار العمل والشروط المالية، التي ظلت دون تغيير جوهري، طوال عملية موافقة مجلس الإدارة. وأشارت القاضية ماكورميك في قرارها إلى أن ماسك أقر بأنه كان في الأساس يتفاوض ضد نفسه بشأن أجره.
كتبت القاضية أن الإغفال اللافت للنظر في هذه العملية هو غياب أي دليل على وجود مفاوضات عدائية بين مجلس الإدارة وماسك بخصوص حجم المنحة. وقد تأخر صدور القرار جزئياً بسبب جراحة ظهر أجرتها القاضية العام الماضي.
فشل دفاع ماسك في تفسير سبب خطة التعويضات غير المسبوقة تاريخياً التي كانت ضرورية لتحفيز الرئيس التنفيذي على تحقيق نمو محوري. وقالت القاضية إن ماسك لم يكن لديه أي نية لترك "تسلا"، وكانت حصته في الملكية كافية للحفاظ على تركيزه على النمو.
اتجاه صعودي
كتبت القاضية: "في ظل تأثرهم بشعار كل شيء في الاتجاه الصعودي، أو ربما انبهارهم بجاذبية ماسك، لم يطرح مجلس إدارة الشركة مطلقاً سؤالاً قيمته 55.8 مليار دولار، وهو هل كانت الخطة ضرورية لتواصل الشركة الاحتفاظ بماسك وتحقيق أهدافها؟".
خلال مكالمة الأرباح الأسبوع الماضي، كان ماسك مثابراً في سعيه للحصول على حصة أكبر في "تسلا"، معتقداً أن القضية تتعلق بقيادته لشركة صناعة السيارات وليس المال.
قال ماسك: "لا أريد قيادتها، لكن إذا كان تأثيري ضئيلاً في الشركة بهذه المرحلة، فقد يتم التصويت لاستبعادي من قبل شركة استشارية عشوائية تابعة للمساهمين".
استدعى ماسك شركات الاستشارات بالوكالة "غلاس لويس" (Glass Lewis) ومؤسسة خدمات المساهمين المؤسسيين (Institutional Shareholder Services)، وأشار مازحاً إلى الأخير باسم المجموعة المتطرفة "داعش"، وادعى اختراقهم من قبل نشطاء لديهم "أفكار غريبة".
أشاد غريغ فارالو، أحد محامي تورنيتا، بإلغاء حزمة الأجور المبالغ فيها التي يتقاضاها ماسك. وأضاف في رسالة بريد إلكتروني أن القرار يلغي تأثير خفض الأسهم الذي عانى منه مساهمو "تسلا" بسبب هذه الخطة الضخمة.
لم يتضح بعد ما إذا كان ماسك سيستأنف ضد الحكم الصادر أمس الثلاثاء أم أن مجلس إدارة "تسلا" سيحدد حزمة أجور جديدة.
طموحات ماسك
أمضى ماسك سنوات، متعهداً بجزء كبير من ثروته، لتحقيق طموحاته في الذهاب إلى المريخ من خلال شركة "سبيس إكس" (SpaceX)، التي أصبحت ثاني أكبر شركة ناشئة قيمة في العالم وقوة طاغية في صناعة الفضاء التجارية. وتعهد باستخدام خيارات أسهم من حزمة 2018 لتمويل عمليات استيطان المريخ إذا تم تأييدها.
كتبت القاضية أن استيطان المريخ مسعى باهظ التكلفة. يعتقد ماسك أن لديه التزاماً أخلاقياً بتوجيه ثروته نحو هذا الهدف، ويعتبر أن مكافأته من "تسلا" وسيلة لتمويل تلك المهمة.
قال ماسك في تغريدة على "تويتر" خلال 2018: "نصف ثروتي تقريباً مخصصة للمساعدة في حل المشكلات على الأرض، والنصف الآخر للمساعدة في إنشاء مدينة مستدامة على المريخ لضمان استمرار الحياة (أمام جميع أنواع الكائنات) في حال اصطدام الأرض بنيزك مثل الديناصورات أو في حال نشوب الحرب العالمية الثالثة وتدميرنا لأنفسنا".