هل يبيع "وارن بافيت" الأسهم أم يشتريها؟

وارن بافيت - المصدر: بلومبرغ
وارن بافيت - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

لقد كان واضحاً بالنسبة لي أنَّ وارن بافيت لم يشارك في شراء "غيم ستوب" التي غلب عليها الحماس مؤخراً. في حين تظهر الإفصاحات المعلن عنها يوم الثلاثاء الماضي أنَّ بافيت لايزال متردداً بشأن أسواق الأسهم بشكل عام، بعد تكدُّس السيولة لدى ذراعه الاستثماري "بيركشاير هاثاواي" وسط تأثر السوق بتداعيات جائحة كورونا، وتزامنها مع ارتفاعات الأسعار بشكل مبالغ فيه.

كان النشاط الاستثماري لـ"بيركشاير" خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2020 متشعِّباً، بما يعكس الفوضى، وحالة عدم اليقين التي يمر بها العالم، وذلك قبل أن نرى في العام الجديد ظاهرة "غيم ستوب"، وأسهم "الميم" الغريبة التي سيطرت على الأسواق في الأسابيع الأخيرة.

تخارجت "بيركشاير" من أسهم البنوك بما في ذلك "جيه بي مورغان تشيس"، وعزَّزت حصصاً في بعض شركات الأدوية العملاقة، لكنَّها تخلَّت عن شركة "فايزر"، وقلَّصت من حيازتها في "آبل"، واشترت حصصاً جديدة في "فرايزون كوميونيكيشنز"، و"شيفرون".

وكما رأينا في الربع الثالث من العام الماضي سيطرت حالة التفاؤل على بيركشاير، بعدما سجَّلت تعاملاتها صافي شراء للأسهم بعد عمليات بيع قوية في الربع الثاني. وكانت على ما يبدو متفائلة بكل شيء بدءاً من شركات الأدوية، وصولاً لشركات التجزئة اليابانية، وشركات تكنولوجيا الاتصالات، وشبكات الجيل الخامس، وزخم اكتتابات شركات التكنولوجيا، مثل "سنوفليك"حتى كتبت مقالاً وقتها، بعنوان: "وارن بافيت عاد لحب الأسهم مرة أخرى".

المصدر: إفصاحات "بيركشاير هاثاواي"
المصدر: إفصاحات "بيركشاير هاثاواي"

بانتظار المردود المالي

لا نعرف بالضبط ماذا يدور في عقل بافيت، إذ لا تغطي بيانات إفصاح يوم الثلاثاء حيازات بافيت من الأسهم خلال يناير أو فبراير، وهو ما سيتمُّ إعلانه الأسبوع المقبل، عندما يستعد الملياردير لإصدار رسالته السنوية إلى مساهمي "بيركشاير". ومع ذلك، يمكننا جمع بعض الاستنتاجات من المعلومات القليلة التي ظهرت في الأشهر الأخيرة.

أما بالنسبة للمبتدئين، يبدو أنَّ "بيركشاير" متمسِّكة بالشركات التي لديها أعمال واضحة المعالم (طالما أنَّها ليست بنوكاً)، وهي تعلن الآن عن استثمارات في كلٍّ من "تي موبايل". و"فرايزون"، التي تركِّز بالكامل على شبكات الجيل الخامس. وربما تمَّ استبعاد "أيه تي اَند تي" (AT&T Inc) من هذا الرهان، إذ تخوض الشركة تحدِّيات دمج أعمالها مع "تايم وارنر" التي استحوذت عليها مؤخراً، وكذلك لم يتضح بعد المردود المالي لغزوها تطبيقات بث الفيديو عبر منصة "إتش بي أو ماكس" (HBO Max).

وكان شعار بافيت في انتقاء الأسهم، هو التمسك بالأعمال البسيطة التي يفهمها، وقد كان هذا دفاعه عن شراء "بيركشاير" المفاجئ لأسهم "أمازون" في عام 2019، وهو استثمار لم يقم به بافيت، بل قام به أحد نوابه، وقال في الاجتماع السنوي للشركة في ذلك العام: "إنَّهم يبحثون عن الأشياء التي يشعرون أنَّهم يفهمونها"، في إشارة إلى مديري الاستثمار تود كومبس، وتيد ويسشلر.

في البداية، بدا أنَّ الوباء خلق ظروفاً مواتية لسوق مثالي بالنسبة لبافيت، بالنظر إلى أنَّ تاسع أغنى رجل في العالم هو صائد صفقات يبحث عن أصول غير مرغوبة، ولكنَّها تحمل إمكانية انتعاش. وبدلاً من ذلك، فإنَّ التقييمات المرتفعة للغاية نفسها التي استحوذ عليها في السنوات القليلة الماضية كانت صحيحة في بعض الصناعات، في حين أنَّ بعضهم الآخر ربما يكون قد تعرَّض لضربة دائمة نتيجة للأزمة.

تُظهر متغيرات التداول الخاصة بـشركة "غيم ستوب" مؤخراً مدى بُعد السوق عن بافيت البالغ من العمر 90 عاماً، الذي حصل في وقت ما على لقب "أوراكل أوماها".

ارتفعت أسعار الأسهم التي لا توزع أرباحاً في محفظة بيركشاير بنسبة 8.6% خلال الـ12 شهراً الماضية، متخلِّفة عن إجمالي عائد مؤشر S&P 500 البالغ 18%. إذ تتبع "بيركشاير" المؤشر على أساس 5 و10 سنوات أيضاً.

وتعدُّ اختيارات "بيركشاير" للأسهم الأفضل أداءً خلال الـ12 شهرا الماضية بمثابة رمز للتطور المذهل لمحفظتها في السنوات الأخيرة، إذ سجَّلت أسهم شركة "بي واي دي" (BYD)، الصينية المصنِّعة للسيارات الكهربائية، زيادة بمقدار خمسة أضعاف، تليها شركة البرمجيات السحابية في وادي السيليكون "سنوفليك"، التي زادت قيمتها بأكثر من الضعف منذ بدء تداولها في سبتمبر.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

ضربة حظ

وكذلك هناك استثمار "بيركشاير" بشركة "آر اتش" المعروفة سابقاً بـ"ريستوريشن هاردوير"، الذي كان رهاناً راَه بعضهم في غير محلِّه في البداية، لكن أثبت لاحقاً أنَّه كان في توقيت جيد. ففي ضربة حظ، اشترت "بيركشاير" "آر اتش" قبل انتشار الجائحة التي جاءت، ودفعت الأمريكيين الأثرياء لشراء وتأثيث منازل ثانية في هروب من حياة المدينة الخانقة بما يدعم القيمة السوقية لها.

وقد تكون حصة "بيركشاير" في "آر اتش" صغيرة نسبياً (تقدَّر قيمتها بـ844 مليون دولار فقط)، ولكن هذا يزيد بنحو 600 مليون دولار عن سعر الشراء.

ومن المقرَّر أن يشارك بافيت المزيد من البيانات والرؤى حول الأسواق في الأسبوع المقبل، ولكن ما هو واضح أنَّه حتى الآن وخلال الأزمة؛ لم يفعل سوى القليل لخفض السيولة البالغة 146 مليار دولار.

وبدأ صانع الصفقات المعروف عنه البصيرة والجرأة في استخدام رأس المال، في كسب لقب جديد وهو البخيل، وربما الدرس الجديد الذي يعلمنا إياه، هو أن نجمع الاثنين معاً.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات
الآراء الأكثر قراءة