تبحث وزارة العدل الأميركية عن سبل جديدة للحد من التهرب من العقوبات على روسيا بالتركيز على مستشاري الاستثمار وصناديق التحوط وشركات المحاماة ومديري الاستثمارات الخاصة الخارجيين الذي نجوا من التدقيق سابقاً.
قال أندرو أدامز، رئيس قوة عمل "كليبتو كابتشر" (Task Force Kleptocapture) التابعة لوزارة العدل، لـ"بلومبرغ" في حوار الأسبوع الجاري: "من يجلسون في بنوك حيث لا يهتمون بالعقوبات الأميركية أو غسيل الأموال أو مخاوف الاحتيال الحقيقية، هم من تنطبق عليهم المواصفات عندما أقول إننا نعطي الأولوية للوسطاء".
وأضاف: "المصرفيون والمديرون الماليون ومستشارو الاستثمار في بعض الحالات، ومديرو صناديق التحوط أو شركات الاستثمار الخاصة في الخارج، وغيرهم".
تكتيكات جديدة وسرية
يمكن اعتبار تعليقات "أدامز" على أنها تحذير من توسيع نطاق الحملة الأميركية في الكشف عن المتهربين من العقوبات، كما أنها تؤكد مشكلة مزمنة، وهي معاناة جهاز إنفاذ القانون للحد من قدرة الأثرياء الروس والشركات على إخفاء أموالهم.
كما يفحص المحققون أيضاً كيفية استخدام العملات المشفرة في تمويه المعاملات الخاصة بالسلع المحظورة أو تحويل المدفوعات على مستوى التجزئة إلى "الأوليغارشية" أو الشركات المفروض عليها العقوبات أو الميليشيات الروسية.
بينما تمتثل البنوك في الولايات المتحدة وغرب أوروبا بشكل جيد نسبياً، فإن "هناك مناطق في العالم لا توجد بها تلك الثقافة"، حسب "أدامز".
تستخدم قوة إنفاذ العقوبات سلسلة من التكتيكات الجديدة والسرية لتحديد ومطاردة الشركات والأشخاص الذين يخفون أصول الأثرياء الروس ويساعدون في تمويل آلة الحرب الروسية في أوكرانيا.
قال "أدامز": "لا نقدم دوماً طلب استدعاء ونرجو أن يبوح لنا الناس بالمعلومات... نرسل المصادر، حيث ندير عمليات خاطفة، ونعتمد على المبلغين عن المخالفات ومذكرات التفتيش والعمل السري".
خبرات سابقة
تم اختيار "أدامز "في العام الماضي لقيادة قوة الإنفاذ، ويستخدم الدروس المستفادة من سنوات من مطاردة الجريمة المنظمة حينما شغل منصب مساعد المدعي العام الأميركي في مانهاتن لكبح تدفق الثروات غير المشروعة والتقنيات والمواد إلى المجهود الحربي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ورفض "أدامز" تحديد أسماء شركات أو أشخاص أو مناطق بعينها يركز عليها المحققون.
امتلأت عناوين الصحف بمصادرة فريق الإنفاذ للأصول الفاخرة التي يملكها الأثرياء الروس، بما يتضمن اليخوت والطائرات النفاثة الخاصة والعقارات. قالت الوزارة إن قوة الإنفاذ صادرت أو تحفظت على أكثر من 500 مليون دولار أميركي من الأصول الروسية خلال العام الماضي منذ بدء الحرب، حيث ترغب الولايات المتحدة في تحويل العائدات إلى أوكرانيا للمساعدة في جهود إعادة الإعمار.
لم ينل أسلوب قوة الإنفاذ إلا قليلاً من الاهتمام، حيث تستخدم طرق مبتكرة لضم المؤسسات المالية والشركات الأخرى إلى جهودها عبر الكشف عن أكبر قدر ممكن من المعلومات، بما يشمل المذكرات والإفادات المشفوعة بالقسم عن الشركات الصورية التي تخفي الملكية الحقيقية للأصول. أدى هذا، كمثال، لإلغاء شركات التأمين لوثائق التأمين على الطائرات التي يستخدمها الأثرياء الروس، ما نجح في منعها من الطيران، حسب "أدامز".
وأضاف: "يوجد مستشارو استثمارات خارجيون من جميع الأطياف تنطبق عليهم المواصفات هنا، أو شركات محاماة في أنحاء العالم تتيح هذا النوع من الأعمال وتسهله عبر حسابات ضمان وما يشابهها أو من خلال تأسيس هياكل شركات صورية".
عقوبات على مستشارين
في وقت سابق من الشهر الحالي، أعلنت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة عقوبات ضد أهم مستشاري المليارديرين الروسيين رومان أبراموفيتش وأليشر أوسمانوف، بزعم مساعدتهم للأوليغارشية على إخفاء أصولهم وتجنب العقوبات المرتبطة بغزو أوكرانيا.
اتُهم القبرصيان ديمتريس يوانيديس والمحامي كريستودولوس فاسيليادس بمساعدة المليارديرين على نقل ثروتيهما إلى أقارب أو صناديق ائتمان بعيداً عن أيدي منفذي العقوبات.
سلطت القضية الأضواء على المساعدين المحترفين، ورغم أن مقرات العديد منهم في الخارج، إلا أنهم يساعدون الأقطاب الروس على تجنب ومناورة العقوبات على روسيا والوصول إلى أصول مجمدة أو يجب تجميدها.
بعد موجة من النشاط في حجز اليخوت والطائرات التي يملكها الروس قبل نقلها إلى مناطق أكثر وداً مع الأوليغارشية، قال "أدامز" إن قوة الإنفاذ تركز حالياً على المواقع الجغرافية أو التقنيات التي يصعب فيها القضاء على المخالفات.
تحويل العائدات لإعادة الإعمار
قال "أدامز": "هناك مناطق تلبي احتياجات الأوليغارشية المفروض عليها عقوبات وتتيح لهم أنظمتها المالية، وفي بعض الأحيان تفعل ذلك بطريقة تجعل تحقيقنا مستحيلاً... أو ربما تسهل المعاملات بالدولار الأميركي عبر طبقات من الشركات الوهمية ما يجعل من المستحيل تحديد المالك النهائي والتأكد من ملكيتها لشخص بعينه مفروض عليه عقوبات".
منح الكونغرس مؤخراً وزارة العدل الصلاحية لنقل عائدات الأصول المصادرة بسبب مخالفة العقوبات إلى أوكرانيا، لكن ذلك لا يشمل الأصول المتحفظ عليها مثل الطائرات، بموجب مخالفات الرقابة على الصادرات. وبينما لا يمثل ذلك إلا "نقطة في بحر"، قال "أدامز" إن هناك نحو 5,4 مليون دولار سُمح بتحويلها.
وأضاف: "مع أخذ كل شيء في الاعتبار، نأمل أن نجمع ملايين الدولارات لتسليمها".