بنوك سنغافورة تستفيد من محنة البنك السويسري وبنوك هونغ كونغ تدخل المنافسة والمستثمرون يخشون المخاطرة

هل يتجه كبار الأثرياء إلى سنغافورة بعد أزمة "كريدي سويس"؟

يخوت راسية أمام مجمع سنتوسا كوف السكني الخاص، سنتوسا، سنغافورة  - AFP
يخوت راسية أمام مجمع سنتوسا كوف السكني الخاص، سنتوسا، سنغافورة - AFP
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

أعرب الرئيس التنفيذي لشركة "دي بي إس غروب هولدينغز" (DBS Group Holdings)، بايوش غوبتا، في اجتماع عبر الهاتف عن أمله في تحقيق نمو بالإيرادات لا يقل عن 1% من خلال إدارة مزيد من أصول كبار الأثرياء. توشك أمنيته تلك على التحقق. فبعد انهيار "كريدي سويس"، ستبحث شركات بعض بالغي الثراء وعائلاتهم عن خيارات تتجاوز الخيار التلقائي للجوء إلى "يو بي إس غروب " (UBS Group) –مُنقذ "كريدي سويس"- لتلبية كل احتياجاتهم في إدارة الثروة، خاصةً إذا كانوا من عملاء البنك السويسري الكبير.

الوجهة هي آسيا

تُعتبر آسيا هي الوجهة الواضحة، فالبنوك في سنغافورة مثل "دي بي إس" ومنافسيه الأصغر حجماً، "أوفرسيز تشاينا بانكينغ كورب" و"يونايتد أوفرسيز بنك"، إلى جانب أكبر بنوك هونغ كونغ مثل "إتش إس بي سي هولدينغ" و"ستاندرد تشارترد"، تستفيد من محنة "كريدي سويس"، لكن هذه الاستفادة تأتي مع وجود خطر بحدوث تُخمة.

يكمن السبب في أن جمع مزيد من المال ليس إلا جزءاً واحداً من التحدي، إذ يجب أن يتحلى الأثرياء بالشجاعة الكافية للسعي إلى المخاطرة.

من السابق لأوانه أن نقول ما إذا كان إخفاق 3 بنوك أميركية وانهيار بنك "كريدي سويس" يمكن أن تمثل ذروة الذعر أم لا، إذ توضح أزمة "فيرست ريبابليك بنك"، وهو بنك إقليمي أميركي، أن مخاوف الهشاشة المالية لم تتلاش بعد.

أسعار الفائدة وخوف المستثمرين

قد يتوقف الكثير على اجتماع "الاحتياطي الفيدرالي" لتحديد سعر الفائدة الأسبوع الحالي، فإذا أوقفت الولايات المتحدة الأميركية حملة التشديد النقدي مع اقتراب انحسار التضخم، قد تبدأ الشهية للمخاطر في التحسن. لكن إذا اشتدت الأزمة المالية أو أهمل "الاحتياطي الفيدرالي" التعامل مع دوامة ارتفاع الأجور والأسعار، قد يتزايد خوف المستثمرين. سيعيد هذا الأمر بنوك سنغافورة إلى أواخر 2022، عندما أودع الأثرياء الكثير من المال بها لكنها لم تستغله.

رغم ارتفاع عائدات القروض في بنك "أوفرسيز تشاينا" بالربع الرابع بفضل أسعار الفائدة المتزايدة، تراجع دخلها بعيداً عن الفوائد، جزئياً بسبب انخفاض رسوم إدارة الثروات.

أوضح "غوبتا" عند إعلان نتائج التقرير المالي الشهر الماضي في مكالمة مع المحللين والمستثمرين أن "التدفقات الداخلة الكبيرة لم تتسبب في نشاط استثماري كبير، فغالباً ما احتفظ العملاء بأموالهم في شكل ودائع، وحدث بعض النشاط التمويلي الهامشي الضئيل. ومع ذلك، إذا تغير وضع الأسواق، قد نشهد زيادة في قروض إدارة الثروات. نرى نشاطاً متزايداً في شمال آسيا".

الوقت المناسب للعمل

إعادة فتح الاقتصاد في الصين بعد الجائحة توفر أيضاً نوعاً من الموازنة مع التباطؤ الاقتصادي العالمي المتزامن. وضاعفت وحدة "ستاندرد تشارترد" في هونغ كونغ دخلها من إدارة الثروات في يناير مقارنة بديسمبر، عندما كانت الحدود مع بر الصين الرئيسي ما زالت مغلقة.

يجعل ذلك من الفترة الحالية الوقت المناسب لبدء نشاط مديري علاقات الثروات بالمراكز المالية في هونغ كونغ وسنغافورة، فإذا أراد الأثرياء الانضمام إلى ركب شركات الاستثمار الخاصة الآسيوية، يمكن لبنك "دي بي إس" تسهيل الصفقات عبر قسم الخدمات المصرفية الاستثمارية التابع له.

بدلاً من ذلك، إذا كان الأثرياء يسعون للاستثمار في العملات المشفرة، يقدم البنك بورصة رقمية، حيث تضاعف عدد عملات "بتكوين" الذي وضعه العملاء ودائع لدى البنك في العام الماضي.

وارتفعت الأصول الخاضعة لإدارة قسم إدارة الثروات بالبنك من 291 مليار دولار سنغافوري في 2021 إلى 297 مليار دولار سنغافوري (221 مليار دولار أميركي) في 2022، أي بنسبة زيادة 3% وفقاً للسعر الثابت للعملة، حسب "ستاندرد أند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس" (S&P Global Market Intelligence).

رغم ذلك، قد لا يتمكن الأثرياء من إنقاذ الموقف. فحتى لو جلبت الشهية للمخاطر عائدات كبيرة، فإن الدخل الإضافي من رسوم إدارة الأصول قد لا يساعد إلا في تعويض بعض مكاسب تسعير القروض التي لن تتحقق بعد الآن. في العام الماضي، رفعت البنوك السنغافورية الثلاثة صافي هامش الفائدة ما بين 30 إلى 35 نقطة أساس.

قد ينهي توقف "الاحتياطي الفيدرالي" المؤقت عن التشديد النقدي التحسن، أو حتى يعكس اتجاهه في حالة الركود العالمي، ما سيحول الانتباه إلى التركيز على حجم القروض، لا سيما في سوق العقارات السكنية في سنغافورة. مع استبعاد حدوث تعافٍ مستمر بأسعار المنازل في هونغ كونغ العام الجاري.

يُرجح خروج "كريدي سويس" من المشهد بعد 166 عاماً انتقال مزيد من الثروة العالمية إلى الدولة المدينة الأسيوية المرحِّبة بها، لتساعد البنوك المحلية في المدى الطويل. لكن السؤال بشأن ما إذا كانت البنوك ستستفيد من هذه الثروات العام الجاري أم لا، فلا يمكن القول إن هناك إجابة واضحة.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

الآراء الأكثر قراءة