أثرياء الصين ليسوا أثرياء كما يبدو

زونغ شانشان، رئيس شركة  وانتاي ونونغفو وأغنى رجل في آسيا 2020 - الشرق/بلومبرغ
زونغ شانشان، رئيس شركة وانتاي ونونغفو وأغنى رجل في آسيا 2020 - الشرق/بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

أنت تدخل قائمة المليارديرات في يوم ما وتخرج منها في يوم آخر. ولكن تصنيفات المليارديرات في الصين تبدو مستقرة مثل استقرار الهيدروجين. ففي عام 2017، كان هوي كا يان، مؤسس شركة "تشاينا إيفيرغراند غروب" للتطوير العقاري (China Evergrande Group)، أغنى رجل في البلاد، وبعدها بعام واحد، تربع على هذا العرش "جاك ما"، مؤسس مجموعة "علي بابا". وحالياً، يعتبر زونغ شانشان، رئيس شركة "نونغفو سبرينغ" (Nongfu Spring Co) لتعبئة المياه، الأكثر ثراءً في الصين، وفي الواقع، إنه أكثر ثراءً من وارن بافيت. ويبدو أن تلك المليارات الملفتة للنظر تأتي من كافة جوانب الحياة.

ويعكس جزء من التعديل الوزاري السريع في الصين التغيرات الهيكلية في اقتصاد البلاد. فلقد بزغ نجم مطوري العقارات بشكل كبير، حتى أواخر عام 2017 عندما أطلقت بكين حملة صارمة لتخفيض مديونية تلك الشركات، ما أدى إلى توسع أصول لأشخاص مثل "هوي" الذي يدير أكثر الأعمال العقارية مديونية في العالم، كما مهدت الحملة الطريق إلى صعود أباطرة التكنولوجيا.

ثروة عابرة

إلا أن الرياح قد تغيرت مرة أخرى خلال الشهور الثلاثة الماضية، وفي هذه المرة، تتخذ بكين إجراءات صارمة ضد شركات التكنولوجيا الكبرى بشأن مكافحة الاحتكار. فعلى سبيل المثال، تكبد "ما" المليارات جراء تعليق بكين الاكتتاب العام الأولي لشركة "آنت غروب" (Ant Group Co) بقيمة 35 مليار دولار في اللحظة الأخيرة. وحالياً، تركز الصين على كبار مصنعي الأغذية، حيث يتمتع الجميع بمبيعات قياسية بفضل التقديرات المفاجئة للإنفاق الاستهلاكي. ويعد صعود "زونغ شانشان" الدرامي إلى عالم الشهرة جزء من تلك الظاهرة.

ولكن التقلبات في تصنيفات المليارديرات تعد أيضاً علامة على كيفية تحقيق الثروة العابرة في الصين. إليكم بعض الأسئلة الافتراضية: كم عدد المليارات التي كان سيحصل عليها "زونغ" إذا قرر بيع أصوله الآن؟ هل سيظل أغنى من وارن بافيت؟ ألا يجب أن تكون هذه هي الطريقة التي تُقاس بها الثروة على أي حال؟

ويبلغ صافي ثروة عملاق تعبئة المياه ما يقدر بـ91.5 مليار دولار، وهي أعلى من ثروة بافيت البالغة 88.9 مليار دولار، وفقًا لمؤشر بلومبرغ للأثرياء؛ فيما يعود الجزء الأكبر من ثروة "شانشان"، أي 74 مليار دولار، إلى حصته البالغة 84% في "نونغفو سبرينغ"، التي فاقت قيمتها أرباحه الآجلة بـ88 ضعفاً بعد أن حقق عائداً نسبته 180% منذ اكتتابه العام الأولي في سبتمبر الماضي بهونغ كونغ.

ما هو المبلغ الذي يمكن أن يحصل عليه "شانشان" إذا رغب في تسييل جزء من هذه الحصة الآن؟ يتضح أن سهم "نونغفو" لا يعتبر ضماناً جيداً للقروض الهامشية. فوفقاً لـ"فيليب سيكيوريتيز" (Philip Securities Group) ومقرها هونغ كونغ، فإن نسبة القرض إلى القيمة تصل إلى 50% فقط. وبالمقارنة، يمكن لقطب الأعمال في هونغ كونغ، "لي كا شينج" الذي يقل بكثير عن "شانشان" في التصنيف العالمي، أن يحصل على قرض هامشي بنسبة 80% مقابل أسهمه في شركة "سي كيه هاتشيسون هولدنغز" (CK Hutchison Holdings Ltd)، الممولة أيضاً بنسبة 80% أيضاً.

ثروة ورقية

تحدد البنوك حجم منح القروض الهامشية الممنوحة بناء على السيولة أو على مدى سرعة بيع الأسهم. وتلقائياً، تكون نسبة القرض إلى قيمة السهم أعلى إذا كانت جزءاً من مؤشر رئيسي مثل "هانغ سينغ" (Hang Seng) الذي تنتميان إليه "سي كيه هاتشيسون" و"علي بابا". من ناحية أخرى، تعتبر البنوك الأسهم غير السائلة قليلة القيمة ولا يمكن الاعتماد على مكاسبها.

إن النظر إلى الثروة الورقية للأثرياء الصينيين يمكن أن يكون مضللاً، لأن الجزء الأكبر من ثرواتهم يأتي من ممتلكاتهم. قد يجادل المرء أن ارتفاع تقييم "نونغفو" مبالغ فيه أو مصطنع لأن عدداً قليلاً من أسهمها معروض في السوق، ولا يتم تداول ثلثي أسهمها البارزة لأنها مملوكة من قبل المطلعين على الشركة، وفقاً لبيانات جمعتها بلومبرغ. وعلى نفس المنوال، فإن "هوي"، المصنف بالمرتبة الـ13 في قائمة أغنى رجال الصين بمؤشر بلومبرغ للأثرياء، لا يملك حقاً 25.9 مليار دولار منسوبة إليه أيضاً، كما لن يمنحك 100 دولار من أسهم "إيفيرغراند" سوى 20 دولاراً من القروض الهامشية. تأتي معظم ثروة "هوي" من حصته البالغة 77% في "إيفيرغراند".

ويتم تقييم صناديق الأسهم الخاصة ورأس المال الاستثماري من خلال إمكانية خروجهم من محافظهم الاستثمارية. ألا يجب أن نفعل الشيء نفسه في تصنيف أصحاب المليارات أيضاً؟ إن فاحشي الثراء الصينيين ليس لديهم طرق خروج كافية، فهم لا يزالون يمتلكون الكثير من الأعمال التجارية التي قاموا بتأسيسها. وفي الوقت نفسه، تخلق الأولويات السياسية والاقتصادية المتغيرة لبكين قصص الانتقال من الفقر المدقع إلى الثراء بين عشية وضحاها. وبقدر ما تود الصين التباهي بذلك، فلا يوجد لديها ملياردير أغنى من بافيت.

تصنيفات