لماذا عدنا إلى ادخار النقود تحت الفراش؟

صورة مرتبة لرجل يعد أوراق نقد أمريكية ادخرها تحت فراشه - المصدر: بلومبرغ
صورة مرتبة لرجل يعد أوراق نقد أمريكية ادخرها تحت فراشه - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

في حين يشهد العالم تحولاً نحو دفع ثمن السلع والخدمات إلكترونياً، من المتوقَّع أن يتضاءل حجم وقيمة العملة الورقية المتداولة. ومع ذلك، ما يثير الدهشة هنا، أنَّ الطلب على الأوراق النقدية الآن هو أكبر من أي وقت مضى.

إنَّ المزيج بين أسعار الفائدة المنخفضة للغاية في جميع أنحاء العالم والادخار المستوحى من الوباء لا يحرِّض على تفضيل النقد فحسب، بل أيضاً على النقود ذات الفئات الأعلى.

في المملكة المتحدة، هناك دليل على أنَّ المزيد من الناس كانوا يخزِّنون ثرواتهم تحت "الفراش" كما يقول المثل. وفي حين قاوم "بنك إنكلترا" حتى الآن سياسته حول دفع سعر الفائدة الرئيسي إلى ما دون الصفر، شدد مسؤولو البنك المركزي على أنَّ المعدَّلات السلبية ممكنة كجزء من صندوق الأدوات النقدية. وعلى أي حال، فإنَّ أسعار الفائدة المتاحة للبريطانيين على حسابات التوفير الخاصة بهم، هي بالفعل الأدنى على الإطلاق، وفقاً للبيانات التي جمعتها "موني فاكتس" (Moneyfacts). وفي الوقت ذاته، يتزايد الطلب على أعلى فئة نقدية متاحة بالجنيه الإسترليني.

المصدر: بنك انكلترا
المصدر: بنك انكلترا

زادت قيمة الأوراق النقدية المتداولة إلى 78 مليار جنيه إسترليني (106 مليار دولار) بنهاية الربع الثالث من العام الماضي، مما يعني ارتفاعاً من حوالي 70 مليار جنيه إسترليني عندما دخل الاقتصاد البريطاني في حالة الإغلاق بسبب الوباء لأوَّل مرة في شهر مارس. ويعتقد البنك المركزي أنَّ الطفرة كانت مدفوعة بأشخاص يقومون بتخزين الأوراق النقدية، كإجراء وقائي ضد الحاجة إلى طرق دفع طارئة. لكنَّ العملات الورقية المتداولة نمت بالفعل بنسبة 25% تقريباً من 56 مليار جنيه إسترليني في عام 2014. إذ قال "بنك إنكلترا" في نوفمبر: "ينفق الناس نقوداً أقل، لكنَّ القيمة الإجمالية للأوراق النقدية المتداولة زادت، إذ يبدو أنَّ اختيار الناس هو الاحتفاظ بمزيد من النقود، ولقد استمرت هذه النزعات لعدد من السنوات، لكنَّها تضخَّمت بسبب الوباء."

الطلب على الفئات النقدية الأكبر

أما سويسرا، فتمتلك أدنى معدَّل للسياسة النقدية الرسمية في العالم عند -0.75%.

ومع تسرُّب المعدَّلات دون الصفر بشكل أكبر من خلال النظام المصرفي، فإنَّ المودعين الذين يواجهون احتمالية أن يطلب منهم مصرفهم رسوماً مقابل الاحتفاظ بأموالهم في حساب التوفير قد يقررون بدلاً من ذلك تخزين أموالهم نقداً. فعلى سبيل المثال، اعتباراً من شهر يوليو، سيتعيَّن على العملاء الدفع مقابل امتياز الخدمات المصرفية لمبلغ 250 ألف فرنك سويسري (280 ألف دولار أمريكي) أو أكثر مع بنك "يو بي إس"، وتبدأ الرسوم على حسابات اليورو أيضاً من عتبة مماثلة. علماً أتَّه في السابق، كان من الممكن طلب المبالغ منهم، والتي تزيد عن مليوني فرنك.

تقدِّم سويسرا أيضاً واحدة من أعلى الفئات النقدية المتاحة بأيَّة عملة، وقد ارتفع الطلب عليها. فمن ناحية القيمة، تمثِّل فئة 1000 فرنك (1120 دولاراً) حوالي 60% من إجمالي جميع فئات النقود المتداولة في سويسرا، مما يعني ارتفاعاً من حوالي %25 في بداية السبعينيات، وفقاً لتقرير البنك المركزي السويسري المنشور في فبراير 2020.

وعلاوة على ذلك، تقدِّر الدراسة أنَّ الادخار قد أخرج ما يصل إلى 90% من تلك الأوراق النقدية من التداول، مقارنة بحوالي خمس الأوراق النقدية من فئة 100 فرنك. أي للمقدار نفسه، تخزن الفئة النقدية ذات القيمة الأعلى عشرة أضعاف تلك القيمة.

وفي هذا السياق، تقول الدراسة السويسرية: "تشير النسبة العالية من الفئات الكبيرة إلى أنَّ الأوراق النقدية تستخدم ليس كوسيلة للدفع فقط، ولكن أيضاً -إلى حدٍّ كبير- كمخزن للقيمة، كما أنَّ استمرار انخفاض مستوى أسعار الفائدة، هو عامل رئيسي في ارتفاع الطلب على الأوراق النقدية."

ويعكس الارتفاع في عدد الأوراق النقدية عالية القيمة في المملكة المتحدة وسويسرا في السنوات الأخيرة اتجاهاً مماثلاً يجري في الولايات المتحدة، فقد تجاوز حجم الأوراق النقدية من فئة 100 دولار حجم الأوراق النقدية فئة 1 دولار في عام 2017، واستمر ذلك في التسارع.

في هذا السياق، قال بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو في تقرير له نشر في عام 2018 عن الطلب على سندات فئة 100 دولار: "عندما تكون أسعار الفائدة منخفضة، تكون تكلفة إمكانية احتفاظ الناس بالعملة النقدية بدلاً من وضع أموالهم في البنك أقل، وقد يميلون إلى الاحتفاظ بالمزيد من العملة النقدية".

المصدر: الاحتياطي الفيدرالي
المصدر: الاحتياطي الفيدرالي

لذلك إذا كنت تسعى إلى عزل مدَّخراتك عن خطر أسعار الفائدة السلبية، أو تخزين الأموال في حالة انهيار النظام المصرفي، أو إبقاء ثروتك بالعملة الورقية بعيداً عن أعين السلطات المتطفِّلة؛ فأنت لست وحدك. فبالنسبة لكثير من الناس، لا يزال النقد هو الملك.

بالتأكيد، هناك احتمال أن يؤدي الحريق أو الفيضان أو السطو إلى إتلاف صافي ثروتك. ولكن على الأقل لا داعي للقلق بشأن كلمة المرور التي قد تنساها أو تسرق منك، مما يجعل ثروة الـ"بيتكوين" الخاصة بك بعيدة المنال.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات
الآراء الأكثر قراءة