مليارات في خطر.. عزلة روسيا المالية جمدت ثروات تجاوزت 100 مليار دولار

مبنى البنك المركزي الروسي في موسكو.. أخلّت روسيا بشروط إصدار سندات من خلال سداد مستحقات المستثمرين بالروبل بدلاً من الدولار - المصدر: بلومبرغ
مبنى البنك المركزي الروسي في موسكو.. أخلّت روسيا بشروط إصدار سندات من خلال سداد مستحقات المستثمرين بالروبل بدلاً من الدولار - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يراقب البنك المركزي الروسي من كثب جزءاً رئيسياً من البنية التحتية للسوق تستهدفه عقوبات الاتحاد الأوروبي.

في ردّها على سؤال بعد قرار خفض سعر الفائدة يوم الجمعة عمّا إذا كان "المركزي الروسي" سينضم إلى الدعاوى القضائية المحتملة لمواجهة تجميد مؤسسة الإيداع الوطني للتسوية الروسية، قالت المحافِظة إلفيرا نابيولينا إنّ المسؤولين "يعملون على تبني أفضل استراتيجية وتكتيكات".

قلة من المؤسسات تمثل العزلة المالية المفاجئة لروسيا منذ غزو أوكرانيا، ربما كان أبرزها مؤسسة الإيداع الوطني للتسوية الروسية.

بعد الهجوم على أوكرانيا، جرى تجميد ما قيمته أكثر من 100 مليار دولار من الأسهم والسندات، بعد أن جمدت أكبر أنظمة التسوية في العالم حساباتها، وفقاً لتقديرات شركة "آي تي آي كابيتال" (ITI Capital) للوساطة المالية في موسكو.

نظراً إلى إدراج الاتحاد الأوروبي مؤسسة الإيداع الوطني للتسوية الروسية في القائمة السوداء مباشرة بداية يونيو الجاري، فإنّ هناك فرصة ضئيلة في أن يجري تحرير المعاملات مع هذه الأصول في أي وقت قريباً.

وفي ما يلي نظرة فاحصة على أوضاع السوق المتهالكة في روسيا:

العلاقات الخارجية

أقامت مؤسسة الإيداع الوطني للتسوية الروسية، التي تقع في مكاتب حديثة مقابل كاتدرائية يلوخوفسكي بموسكو، ويعود تاريخ تأسيسها إلى القرن التاسع عشر، علاقات على مرّ السنين مع غرف المقاصة الأجنبية وأمناء الحفظ (الوسيط بين العميل وشركة الحفظ المركزي) والمنظمين الدوليين للأوراق المالية.

اقرأ أيضاً: ماذا يمكن لروسيا أن تتعلم من تجربة إيران مع العقوبات؟

أتاح ذلك للمستثمرين الأجانب الوصول بسهولة إلى الأصول الروسية، ما ساعد في كبح النفقات الإدارية للتداول، وخفض تكلفة رأس المال للشركات المحلية والحكومة.

لكن موجة العقوبات الدولية والقيود على رأس المال المحلي التي أعقبت غزو الرئيس فلاديمير بوتين لأوكرانيا أدت إلى عزل روسيا عن الأسواق المالية، ما دفع الحكومة نحو أول تخلف عن السداد للخارج لها منذ قرن.

تمثل حسابات مؤسسة الإيداع الوطني للتسوية الروسية لدى أكبر أنظمة التسوية في العالم –"يوروكلير بنك" (Euroclear Bank SA) و"كليرستريم بانكنغ" (Clearstream Banking AG)- المصدر الرئيسي للمتاعب.

تأثير الحرب

في أعقاب هجوم روسيا على أوكرانيا يوم 24 فبراير، جمد بنك "يوروكلير" المعاملات مع مؤسسة الإيداع الوطني للتسوية الروسية، إذ فحصها للتأكد من أنها لا تخرق العقوبات، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر، تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هوياتهم كون التفاصيل غير متاحة للرأي العام.

تباطأت معالجة التداولات تقريباً إلى درجة التوقف التام، وبعد ذلك في بداية يونيو وضع الاتحاد الأوروبي مؤسسة الإيداع الوطني للتسوية الروسية ضمن القائمة السوداء فوراً.

جرى اعتبار أن المؤسسة الروسية تساعد الحكومة "بشكل مباشر وغير مباشر"، بسبب "الدرجة العالية" من سيطرة الدولة على المالك لها، الممثل في بورصة موسكو، حسبما قال الاتحاد الأوروبي في جريدته الرسمية.

اقرأ أيضاً: هزيمة بوتين تتطلب مزيداً من العقوبات وقدرة على التحمل

طبّق "يوروكلير" تجميد أصول مؤسسة الإيداع الوطني للتسوية الروسية رداً على ذلك، ما وقف عمليات العناية الواجبة التي كانت تقوم بها. من جانبها، علقت مؤسسة الإيداع فوراً إجراء التعاملات باليورو، معلنة عن حالة "طوارئ".

نطاق الضرر

أدت القيود المفروضة على حسابات مؤسسة الإيداع الوطني للتسوية الروسية إلى تجميد أوراق مالية بقيمة عشرات المليارات من الدولارات.

كان لدى غير المقيمين انكشاف على ما قيمته نحو 48 مليار دولار من الأسهم الروسية و38 مليار دولار من أدوات الدخل الثابت -معظمها من سندات الروبل الحكومية المعروفة باسم "سندات القروض الفيدرالية"– عبر مؤسسة الإيداع الوطني للتسوية الروسية، وفقاً لإسكندر لوتسكو، كبير محللي الاستثمار في " آي تي آي"، وهي واحدة من أكبر عشر شركات وساطة مالية في روسيا.

قال لوتسكو إن "يوروكلير" جمّد أيضاً نحو 27 مليار دولار من الأصول الأجنبية، وهي عبارة عن الأسهم المملوكة للروس بشكل أساسي.

اقرأ أيضاً: الإجهاد وتراجع الروح المعنوية بشأن العقوبات يعرقلان جهود أوروبا لمواجهة بوتين

على الرغم من العقوبات، فإن الشركات والدولة الروسية تمكنت حتى الآن من دفع قسائم وأوراق مالية مستحقة السداد بقيمة 6.5 مليار دولار للمستثمرين منذ أوائل مارس، وفقاً لبيانات جمعتها "بلومبرغ".

وفقد السكان المحلّيون الذين يعتمدون على حسابهم لدى مؤسسة الإيداع الوطني للتسوية الروسية في "يوروكلير" الوصول إلى المدفوعات، كما توقف أيضاً تحويل شهادات الإيداع الدولية الخاصة بالشركات الروسية المدرجة في الخارج إلى أسهم محلية بسبب الحظر على مؤسسة التسوية الروسية.

عنق الزجاجة

قبل القيود الأخيرة، كانت المعاملات التي تنطوي على أصول مقومة بعملات غير الروبل مؤهلة للتسوية، بشرط ألا تكون الأوراق المالية أو الأطراف المقابلة المعنية خاضعة لعقوبات الاتحاد الأوروبي، وفقاً لموقع "يوروكلير" الإلكتروني.

عند إجراء أي صفقة مع طرف روسي، كان "يوروكلير" يطلب ما يسمى بشهادة "إم تي 599" لإثبات عدم انتهاك أي عقوبات، وأنه جرى اتخاذ إجراءات العناية الواجبة.

في حين أن هذا الأمر سمح للبنوك الروسية غير الخاضعة للعقوبات والمشاركين في السوق الذين لديهم حسابات لدى "يوروكلير" الخاصة بهم بالاستمرار في تسوية التعاملات، فقد جرى حظر أولئك الذين يمرّون عبر حسابات مؤسسة الإيداع الوطني للتسوية الروسية لدى "يوروكلير".

اقرأ أيضاً: "التمويل الدولي": اقتصاد روسيا سينكمش 15% بسبب العقوبات

تفاؤل روسي

تتناقض عزلة روسيا مع التفاؤل الذي كان سائداً قبل عقد من الزمن، عندما كانت وزارة المالية الروسية تمضي قدماً في إقامة علاقة مباشرة مع غرف المقاصة الدولية بشأن سندات الروبل الحكومية المعروفة باسم "سندات القروض الفيدرالية" المحلية الخاصة بها.

في نهاية المطاف، بدأ "يوروكلير" تسوية مباشرة للديون الحكومية الروسية المقومة بالروبل في فبراير 2013، وفتح السوق أمام المستثمرين الأجانب، الذين لم يعودوا بحاجة إلى التداول عبر الوسطاء المحليين.

أتاح ما حدث الوصول إلى أسواق الديون البلدية والشركات في الأشهر التي تلت ذلك، في حين استغرق الأمر عدة سنوات أخرى لبنوك الحفظ العالمية كي تكون قادرة على فتح حسابات مباشرة في مؤسسة الإيداع الوطني للتسوية الروسية.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك