لم يكن هناك من جديد بالنسبة إلى الملياردير الروسي غينادي تيموشينكو، عندما فرضت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن عقوبات جديدة عليه هذا الأسبوع. يعد تيموشينكو من بين الروس الأكثر ثراءً القلائل الذين فرض عليهم الاتحاد الأوروبي وبريطانيا والولايات المتحدة عقوبات. لكن هذه المرة، كانت هناك عقوبات إضافية، شملت زوجته وابنتيه.
تجعل العقوبات الجديدة من تيموشينكو، أول ملياردير روسي يتم تطبيق عقوبات أمريكية مباشرة على أفراد أسرته، في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة إلى إيجاد طرق جديدة لتكثيف الضغط على فلاديمير بوتين وحلفائه بعد شهر من غزو أوكرانيا.
اقرأ أيضاً: عقوبات أمريكية جديدة تستهدف مخزون الذهب الروسي
أعلن الرئيس جو بايدن يوم الخميس في تغريدة، عن فرض عقوبات على أكثر من 400 فرد وكيان قائلاً: "إنهم يستفيدون شخصياً من سياسات الكرملين. وعليهم أن يشتركوا في المعاناة".
لم ترد عائلة تيموشينكو على طلبات التعليق المرسلة إلى مؤسسة "إلينا أند غينادي تيموشينكو" (Elena & GennadyTimchenk).
اقرأ المزيد: كندا تفرض عقوبات على أبراموفيتش كبير مساهمي "إيفراز"
تأتي الخطوة التي اتخذتها الولايات المتحدة مؤخراً ضمن حملة عقوبات موسعة ضد النخب الروسية وأفراد أسرهم الذين قد يستفيدون من أصولهم أو يساعدون في حمايتهم. تيموشينكو البالغ من العمر 69 عاماً، هو مؤسس مجموعة "فولغا غروب" (Volga Group)، الاستثمارية التي تعمل في مجالات الطاقة والنقل والبناء، وتخضع لعقوبات في الوقت الحالي، وتبلغ ثروته 12.9 مليار دولار، وفقاً لـ"مؤشر بلومبرغ للمليارديرات".
اقرأ أيضاً: أغنى رجل في روسيا يعارض سياسة بوتين الانتقامية ضد العقوبات
قال جون سميث، المدير السابق في "مكتب مراقبة الأصول الأجنبية" التابع لوزارة الخزانة الأمريكية، والذي يعمل حالياً في شركة "موريسون آند فورستير" (Morrison & Foerster): "في النهاية، تشعر الحكومات بعدم الارتياح تجاه الاستهداف وفقاً لدرجة القرابة. فلا تريد الحكومات فعل ذلك، ولكنها تجد نفسها مجبرة على ذلك بسبب الأفعال السيئة للأشخاص الذين يستخدمون أسرهم كدروع بشرية".
روابط غربية
تتمتع بنات تيموشينكو اللواتي يخضعن للعقوبات بصلات في الغرب، حيث تحمل كسينيا فرانك، التي كانت عضوة في مجلس إدارة شركة "ترانس أويل" (Transoil) المملوكة لتيموشينكو، وترأس المجلس الإشرافي لمؤسسة العائلة، الجنسية الفنلندية.
بحسب موقع مؤسسة العائلة الإلكتروني على الإنترنت، درست فرانك الفرنسية والفلسفة في جامعة إدنبرة، كما حصلت على درجة الماجستير من كلية "إنسياد" للأعمال، الجامعة الأم لزوجها غليب فرانك، نجل وزير النقل الروسي السابق في عهد بوتين، والذي تمت معاقبته أيضاً.
طالت العقوبات إيلينا زوجة تيموشينكو، التي قامت بتأسيس مؤسسة الأسرة، وتحمل الجنسية الفنلندية أيضاً، وابنتها ناتاليا براوننغ، التي تحمل الجنسية البريطانية. كما ضمت قائمة العقوبات، يخت لينا البالغ طوله 131 قدماً، والذي احتجزته السلطات الإيطالية.
لم تشمل قائمة العقوبات، إيفان تيموشينكو، نجل غينادي تيموشينكو.
قالت راشيل ألبرت، رئيسة أنشطة الأمن القومي والعقوبات وضوابط التصدير والشريك في "جينر آند بلوك" (Jenner & Block)، إن الإجراءات تشير إلى أن الولايات المتحدة أصبحت أكثر صرامة في تطبيق العقوبات، حيث كان يتم استهداف أفراد الأسرة في جولات مبكرة من العقوبات لوجود صلة ما بالدولة الروسية أو جيشها، ولكن الآن "يكفي مجرد كونك ابنة بالغة لشخص يخضع لعقوبات".
حياة فاخرة
منذ غزو أوكرانيا، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على عائلات روسية بارزة أخرى.
ذكرت وزارة الخزانة الأمريكية أن المقربين من دميتري بيسكوف، المتحدث باسم بوتين، "يعيشون حياة ترف لا تتناسب مع راتب موظف حكومي". يتضمن ذلك شقة تبلغ تكلفتها ملايين الدولارات، قدمتها الحكومة الروسية لزوجته، تاتيانا نافكا، المتزلجة الأولمبية على الجليد. كتبت ليزا ابنة بيسكوف التي لديها حساب شهير على "إنستغرام"، على قناتها على "التليغرام"، أن العقوبات تشبه "مطاردة الساحرات"، التي تقوم على "الكراهية المسعورة لكل ما هو روسي". وقد تم فرض عقوبات على كافة أفراد الأسرة.
فرضت "وزارة الخزانة" أيضاً عقوبات على أفراد عائلة يفغيني بريغوزين، الذي مول "وكالة أبحاث الإنترنت"، ذراع الكرملين الإلكترونية التي كانت وراء التدخل في الانتخابات الأمريكية لعام 2016.
كذلك، استهدفت العقوبات زوجة وابنة نيكولاي توكاريف، رئيس "ترانسنفت" (Transneft)، الذي عمل مع بوتين في أجهزة المخابرات خلال ثمانينيات القرن الماضي. وتقول وزارة الخزانة الأمريكية، إن الإمبراطورية العقارية لابنة توكاريف، التي يبلغ حجمها 50 مليون دولار، تضم فيلا على جزيرة مطلة على المحيط في كرواتيا.
لا يقتصر فرض العقوبات على أقارب حلفاء بوتين على الولايات المتحدة وحدها، إذ فرضت المملكة المتحدة هذا الأسبوع عقوبات على بولينا كوفاليفا، التي وُصفت بأنها ابنة زوجة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي يملك عقاراً في لندن تبلغ قيمته نحو 4 ملايين جنيه إسترليني (5.3 مليون دولار).
قال جون سميث، المدير السابق في مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، إن السلطات تستخدم الإستراتيجية ذاتها التي تُستخدم في حروب المخدرات عند تطبيق العقوبات على الروس ذوي النفوذ، حيث يجري استهداف أفراد أسر الزعماء الذين يُستخدمون لإخفاء الأصول.
عقوبات انتقائية
تبدو العقوبات المفروضة على أفراد أسر الأثرياء الروس انتقائية، حيث نقل سليمان كريموف أصوله الرئيسية، والتي تمثل حصة في "بوليوس" (Polyus)، أكبر شركة لتعدين الذهب في روسيا، إلى نجله سعيد، في عام 2015. وقد فرضت الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي في عام 2018، عقوبات على سليمان الذي تبلغ ثروته 12.4 مليار دولار، إضافة إلى عقوبات بريطانية وأمريكية ومن الاتحاد الأوروبي هذا الشهر، لكنها لم تشمل سعيد.
نقلت عائلة كريموف مقر الشركة القابضة التي تسيطر على حصتها في "بوليوس"، من جيرسي إلى قبرص، وفقاً لإفصاح هذا الأسبوع.
أظهر تقرير لمجلس الشيوخ الأمريكي لعام 2020، أن إيغور روتنبرغ ساعد والده في تجنب عقوبات عام 2014، عن طريق نقل أصول، باستخدام شركات وهمية وسرية، من خلال دور المزادات الفنية في نيويورك.
قال سميث: "إذا كان هناك عدد قليل يستخدم أفراد عائلته لنقل ثروته، من السهل أن تقول الحكومات إننا سنوقف ذلك التهرب من العقوبات، ونعاقب الزوجة أو الأطفال".
ولد تيموشينكو في أرمينيا عام 1952، ونشأ في أوكرانيا وألمانيا الشرقية، ودرس الهندسة قبل أن يعمل في شركة سوفيتية لبناء المفاعلات النووية. انضم تيموشينكو إلى وزارة التجارة الخارجية السوفيتية، ثم بحلول عام 1991، بالتزامن مع انهيار الاتحاد السوفيتي، انتقل للعمل لدى مستورد أوروبي رئيسي للنفط الروسي.
صديق بوتين
في عام 2000، أسس شركته الخاصة "غنفور" (Gunvor) لتجارة النفط، ومنذ ذلك الوقت، أصبح صديقاً لبوتين عندما كان نائباً لرئيس بلدية سانت بطرسبرغ. وقد شارك تيموشينكو في رعاية نادٍ للجودو، كان بوتين رئيساً له.
مع ازدهار شركة "غنفور"، أسس تيموشينكو عام 2007 شركة الاستثمار "فولغا ريسورسيز" (Volga Resources)، والتي استطاع عن طريقها، شراء حصص في "نوفاتك" (Novatek) المنتجة للغاز، التي أصبحت بعد ذلك أكبر ممتلكاته من حيث القيمة.
قبل العقوبات الاقتصادية الأمريكية، باع تيموشينكو حصته في "غنفور" القبرصية عام 2014، وزعمت وزارة الخزانة الأمريكية أن بوتين لديه استثمارات في "غنفور"، ويمكنه السيطرة على أموال الشركة.
من ذلك الوقت، يتوسع تيموشينكو في صناعات أخرى، حيث اشترى حصصاً في شركتي "ستروي ترانس غاز" (Stroytransgaz) للإنشاءات، وشركة "ترانس أويل" لنقل النفط، والتي تعرضت هذا الأسبوع للعقوبات إلى جانب "فولغا".
استقال تيموشينكو في 21 مارس من مجلس إدارة "نوفاتك". ولم تقدم الشركة سبباً لاستقالته، لكنها جاءت بعد أسابيع من فرض الاتحاد الأوروبي وبريطانيا عقوبات عليه.