تبحث جمهورية الكونغو الديمقراطية عن مشترين لأصول التعدين والنفط المملوكة لدان غيرتلر، والتي قد تصل قيمتها إلى مليارات الدولارات حيث تقترب من التوصل إلى تسوية مع رجل الأعمال الإسرائيلي لحل عددٍ من النزاعات بشأن أعماله في البلاد.
وقال مسؤولون يوم الخميس الماضي إن غيرتلر من المقرر أن يتخلى عن جميع تصاريح الموارد الخاصة به بعد توقيع مذكرة تفاهم مع الحكومة الأسبوع الماضي. وستشمل الصفقة كتلتين نفطيتين تطلّان على بحيرة ألبرت على طول الحدود مع أوغندا، وتصاريح مناجم ذهب "موكو – بيفيرندي" (Moku-Beverendi)، وعشرات التصاريح لخام الحديد. وسيتم تعويض غيرتلر عن بعض التكاليف والإبقاء على تدفقات رسوم الامتياز المربحة من ثلاثة مشاريع للنحاس والكوبالت.
وصرح باتريك مويايا المتحدث باسم الحكومة الكونغولية خلال إحاطة صحفية بُثّت عبر تويتر يوم الخميس بأن الاتفاقية "ستسمح لنا بالترويج للأصول وإعادة بيعها". وقال إن الحكومة رفضت إتاحة تفاصيل الاتفاقية الكاملة حيث لا يزال الجانبان يعكفان على صياغتها، ونظراً لبنود السرية بها.
وتجدر الإشارة إلى أن غيرتلر، البالغ من العمر 48 عاماً وينحدر من عائلة ألماس إسرائيلية بارزة، جاء إلى الكونغو في أواخر التسعينيات من القرن الماضي لتجارة الأحجار الكريمة عندما كانت البلاد في حالة حرب. وساعد في تمويل الرئيس لوران ديزاير كابيلا، وأصبح صديقاً لابنه جوزيف الذي تولى السلطة في عام 2001 عندما اغتيل والده. وتوطّدت العلاقة بين الاثنين، حيث عمل غيرتلر أحياناً كمبعوث سياسي لكابيلا.
صفقات غامضة
بشار إلى إن الاثنين مرتبطان بأعمال مشتركة، وذلك وفقاً للحكومة الأمريكية التي فرضت عقوبات على غيرتلر في عام 2017 من أجل الضغط على كابيلا للتنحي. وقالت وزارة الخزانة الأمريكية إن غيرتلر استغلّ "صداقته الوثيقة" مع كابيلا لجمع ثروة "من خلال صفقات التعدين والنفط الغامضة والفاسدة بقيمة تصل إلى مئات الملايين من الدولارات" في الكونغو.
وتسعى الحكومة الجديدة حالياً بقيادة الرئيس فيليكس تشيسكيدي استعادة بعض هذه الأصول.
وقال أندريه وامسو، نائب رئيس مسؤولي الشؤون الاقتصادية للرئيس تشيسكيدي، يوم الخميس الماضي: "كان دان غيرتلر، كما تعلمون جميعاً، أحد مهندسي نظام حكم متوحش في هذا البلد. وتمّ شراء أصول بلدنا بأسعار منخفضة للغاية من قبل وسطاء، بمن فيهم هو نفسه، وأُعيد بيعها بقيمة أعلى بكثير”.
ولم يتم توجيه أي تهم إلى غيرتلر وأصرّ على إنكار ارتكاب أي تجاوزات.ة، وأكد على الخطوط العريضة للاتفاق في بيان أرسله عبر البريد الإلكتروني متحدث باسمه يوم الخميس.
"تدقيق بلا هوادة"
قال غيرتلر: "التدقيق والنقد المستمر الذي واجهتُه وبلغ ذروته من خلال العقوبات الأمريكية المدمرة المفروضة عليّ والادعاءات الأخيرة التي واجهتها، أصبحت أمراً لا يُحتمل، مما يضغط بشدة عليّ وعلى أعمالي، وقبل كل شيء عائلتي. ليس من مصلحتي، ولا من مصلحة شعب جمهورية الكونغو الديمقراطية، أن تكون الأصول مثل كتل بحيرة ألبرت، خاضعة لعمليات التحكيم الدولي إلى الأبد."
من جانبه، قال وامسو إن الحكومة تقدر قيمة المربعات النفطية وحدها بين 1.5 مليار دولار و 1.8 مليار دولار.
وتسيطر شركة "توتال" (TotalEnergies SE) على الكتل الواقعة على الجانب الأوغندي من بحيرة ألبرت، وتخطط لاستثمار أكثر من خمسة مليارات دولار للتنقيب عن النفط الخام وشحنه عبر خط أنابيب إلى ميناء "تانغا" التنزاني. وقال مويايا إن العديد من الشركات أعربت بالفعل عن اهتمامها بالكتل الكونغولية، دون أن يحدد أسماءها.
ومن المقرر أيضاً أن يُطرح مشروع الذهب "موكو – بيفريندي" للبيع التابع لشركة غيرتلر، وهو مجاور لـ "كيبالي"، أكبر منجم ذهب في إفريقيا والمملوكة لشركتي "باريك غولد كورب" و"أنغلو غولد أشتاني". وكانت شركة "راندغولد ريسورسز" المالكة سابقاً لـ "باريك" جزءاً من شراكة لاستكشاف "موكو" بالتعاون مع "موكو غولدماينز" المملوكة لغيرتلر إلى أن تم فرض عقوبات على الإسرائيلي، واندمج "باريك" مع "راندغولد" في عام 2019.
وقال وامسو لـ "بلومبرغ" في رسالة نصية أمس الجمعة إن الكونغو ستعوّض غيرتلر في نهاية المطاف بـ 240 مليون يورو (264 مليون دولار) عن التكاليف التي تكبّدها لاستكشاف أصول التعدين والنفط بمجرد بيع تراخيص النفط.
وأضاف وامسو أمس إن غيرتلر سيحتفظ بعددٍ من أصوله الأكثر قيمة في الكونغو، ومن بينها تدفقات ملكية من منجمين للنحاس والكوبالت مملوكين لشركة "غلينكور" ومشروع نحاس وكوبالت مملوك لمجموعة "أوراسيا ريسورسز غروب". وأشار وامسو إلى أن غيرتلر سيدفع نحو 249 مليون يورو لشركة التعدين "غيكاماينز" الحكومية كجزء من الصفقة، والتي سيتم تعويضها في الغالب بقرض حصلت عليه "غيكاماينز" من غيرتلر في عام 2017 وتقدر قيمته حالياً بـ 192 مليون يورو شاملة الفوائد.
