كان صعود بريان كيم مثيراً فقد تفوّق الرجل الذي تقاسم غرفة مع سبعة من أفراد عائلته في طفولته على وريث مجموعة سامسونغ جاي يي لي ليصبح أغنى شخص في كوريا الجنوبية.
ثم بدأت المفارقات.
أولاً، ظهرت مخاوف الاحتكار ذات الصلة بشركته "كاكاو" (Kakao) عملاقة التراسل، حيث اتخذت الدولة تدابير أكثر صرامة لتجنب مثل هذه الممارسات. ثم جاء رد فعل عنيف حين باع كبار المسؤولين التنفيذيين أسهمهم بعد فترة وجيزة من اكتتاب عام ناجح على أسهم إحدى الشركات التابعة. كما انتشرت أخبار الأسبوع الماضي بأن كيم ربما تهرب من دفع 886 مليار وون (722 مليون دولار) من الضرائب، وهي مزاعم نفتها "كاكاو" ووصفتها بأنها "لا أساس لها".
أثر ذلك على أسهم الشركة، التي تراجعت 48% عن ذروتها في يونيو لتشطب حوالي 7 مليارات دولار من ثروة كيم، وفقاً لمؤشر بلومبرغ للمليارديرات. هذا مثال آخر على انحسار مد مليارديرات التقنية مع انتهاء انتعاش أسهم شركاتهم المدفوع بوباء كورونا.
قال هيون يونغ كيم، المحلل في شركة "هيونداي موتور سكيوريتيز" (Hyundai Motor Securities) في سيئول: "للقضايا تأثير سلبي على معنويات المستثمرين، والتوقعات حول شركات التقنية الكبرى آخذة في التراجع".
عصامي أتى من فقر
أسس كيم، الذي عاش الفقر المدقع وكان أول إخوته التحاقاً بالجامعة، شركة قبل "كاكاو" في 2006 ثم أطلق تطبيق المراسلة عبر الهاتف المحمول "كاكاوتوك" (KakaoTalk) بعد أربع سنوات. بدأت الشركة بعد ذلك بالتوسع في الخدمات المصرفية عبر الإنترنت والتسوق والألعاب وخدمة طلب وسائل النقل للركاب. كما قدّمت جائحة كوفيد-19 دفعة أخرى لها، حيث دفع تقليل التفاعلات الشخصية المستهلكين نحو تطبيقات شركة "كاكاو".
طُرحت ثلاث من وحداتها للاكتتاب العام في غضون أقل من عامين وهي "كاكاو غيمز" (Kakao Games)، و"كاكاو بنك" (KakaoBank)، و"كاكاو بيّ" (Kakao Pay). ما يزال يُتوقع إدراج مزيد من الشركات، بما فيها "كاكاو موبيليتي" (Kakao Mobility) ووحدتها التي تدير منصة الرسوم الهزلية الرقمية "بيكّوما" (Piccoma).
وضع النمو السريع "كاكاو" تحت رقابة تنظيمية متزايدة، حيث تعرضت هيمنتها على السوق لانتقادات بسبب تهديدها للمتاجر الصغيرة. تعهد كيم في سبتمبر بمساعدة صغار التجار بمبلغ 300 مليار وون، قائلاً إنه سينظر بإلغاء الخدمات التي تنافسهم مثل توصيل الزهور.
كما قال كيم في جلسة استماع بالبرلمان في أكتوبر: "فكّرنا في الآونة الأخيرة حيال عدم إدراكنا لمسؤوليتنا الاجتماعية لأننا كنا مبتهجين بنمو الشركات التابعة؛ وبصفتنا شركة تلقت دعماً عاماً، فإننا سنبذل جهوداً مضنية لنتذكّر مجدداً كيف كنا حين بدأنا".
استقالات وتحقيقات
كذلك حدثت فضيحة أخرى قبل نهاية العام حين باع المسؤولون التنفيذيون في شركة "كاكاو بيّ" بعض أسهمهم في أعقاب الطرح الأولي الناجح للشركة في سوق الأسهم في نوفمبر، ما أدى لانخفاض أسهم جميع شركات المجموعة. قدّم ثلاثة من كبار المديرين التنفيذيين في القسم استقالاتهم الأسبوع الماضي.
قال متحدث باسم التحقيق الضريبي دون الخوض في التفاصيل إن الشرطة في الجزء الجنوبي من إقليم جيونغ جي خارج سيؤول كُلفت بالتحقيق الضريبي.
اتهمت المجموعة المدنية التي أبلغت الشرطة عن كيم بالتلاعب بالحسابات للتهرب من ضرائب أرباح رأس المال الناتجة عن اندماج "كاكاو" وموقع البوابة "داوم" (Daum) في 2014. أسقط مكتب المدعي العام لمحكمة منطقة سيؤول المركزية اتهاماً سابقاً حول نفس القضية في 2019، وفقاً للمجموعة.
قال ممثل عن "كاكاو": "استمر الاندماج بناءً على اتفاقيات المساهمين في كل من (داوم) و(كاكاو)، وكان يصعب على طرف معين التأثير عليها".
تعتمد ثروة كيم، التي تُقدّر الآن بنحو 8 مليارات دولار وفقاً لمؤشر بلومبرغ، بشكل أساسي على حصة تبلغ 24% يمتلكها في "كاكاو" مباشرةً ومن خلال شركة "كيه كيوب" (K Cube)، وهي شركة قابضة مهيكلة كمكتب لعائلته. يواجه كيم أيضاً مزاعم بأن "كيه كيوب" انتهكت اللوائح التي تحظر على الشركات القابضة التي تشارك في الاستثمارات المالية ممارسة حقوق التصويت في الشركات التابعة غير المالية.
مصاعب صناعة التقنية
تعهد كيم العام الماضي بشكل متزايد برد الجميل، ووعد في سبتمبر بأنه سيستخدم "كيه كيوب" لتمويل قضايا خلق القيم الاجتماعية مثل التعليم. وقّع هو وزوجته في مارس على مبادرة تعهد العطاء التي أطلقها وارين بافيت، ووعدا بالتخلي عن معظم ثروتهما خلال حياتهما.
تمرّ صناعة التقنية بمرحلة صعبة حيث تستعد البنوك المركزية العالمية لرفع أسعار الفائدة. وتراجع القطاع عن أعلى مستوياته في ديسمبر، مع تجنب المستثمرين الأسهم عالية القيمة بحثاً عن خيارات أرخص يراهنون على أنها ستساعدهم بجني مزيد من المال في بيئة ارتفاع تكاليف الاقتراض.
قال أوه دونغوان، المحلل لدى "سامسونغ سكيوريتيز" (Samsung Securities): "ما زلنا ننتظر لنرى إلى متى ستستمر المخاوف بشأن رفع أسعار الفائدة. هناك أيضاً مسألة التنظيم، حيث قد يستمر الاتجاه الحالي إلى أن تأتي نقطة تحول".