أخبر محامي الدفاع عن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب محكمة استئناف فيدرالية أن قيامها بالسماح لمجلس النواب الأمريكي بجلب السجلات المالية الخاصة بالرؤساء السابقين وعرضها على "العالم بأسره" سيجعل لدى الكونغرس تهديداً جديداً لاستعماله ضد الرؤساء أثناء فترة توليهم مناصبهم، وهو ما سيحدث إخلالاً بالتوازن في القوى.
محامي ترمب، كاميرون نوريس، قال للجنة المشكلة من 3 قضاة أثناء جلسة استماع عقدت أمس الإثنين في واشنطن حول جلب الوثائق من قبل لجنة الرقابة بمجلس النواب: "حين تسمح للكونغرس بفعل المزيد مع رئيس سابق، سيتصاعد نفوذه على حساب رئيس حالي". تابع:" سيحوم ذلك التهديد في الآفاق بطريقة هائلة حول كل ما تقوم به".
اقرأ أيضاً: إمبراطورية ترمب تترنح..كيف أضر "كورونا" بثروة الرئيس الأمريكي السابق؟
تقدم في شهر أغسطس الماضي كل من ترمب والديمقراطيين في مجلس النواب الأمريكي بطلب استئناف عقب صدور أمر من قاضي محلي يطلب من محاسبي الرئيس الأمريكي السابق في شركة "مزارز يو أس أيه" (Mazars USA) القيام بتسليم بعض السجلات المالية الخاصة به مع توفير الحماية من إفشاء حسابات الآخرين.
تعتبر هذه القضية واحدة من بين اشتباكات عديدة شديدة الخطورر تدور بين الديمقراطيين وترمب، الذي يدرس احتمالية قيامه بالترشح للرئاسة الأمريكية في 2024.
اقرأ أيضاً: قرار قضائي يتيح لشبكات التواصل الاجتماعي الاستمرار في "حظر المستخدمين"
ترمب رداً على منعه من "تويتر" و"فيسبوك": سأطلق منصتي الخاصة قريباً
هجوم على خصم سياسي
طرح القاضي في محكمة الاستئناف، كيتانغي براون جاكسون، سؤالاً حول ما إذا كان هدف النواب المشرعين ببساطة يتركز على شن هجوم على خصم سياسي لهم في البيت الأبيض. قال جاكسون: "أنت تقوم بافتراض أن ذلك هو الهدف أو الدافع وراء ما يسعى الكونغرس لفعله، ولدي اعتقاد بأن ذلك الأمر هو الجزء الذي لم أتثبت منه نوعاً ما".
القاضي قال إن لجنة مجلس النواب الأمريكي تدعي أنها تسعى لمعرفة ما إذا كان ما تقوم به في الوقت الحالي من عملية مراجعة على صعيد احتمالية وجود تضارب المصالح للرؤساء الجدد يحتاج إلى التحسين.
قام الأعضاء المشرعون بإثارة القضية عقب قيام "منظمة ترمب" (the Trump Organization) باستئجار مبنى مكتب البريد القديم الحكومي (Old Post Office) في واشنطن، والذي قام بتحويله إلى فندق فاخر.
قال جاكسون: "أسعى للتعرف على السبب الذي لا يجعل ذلك تحقيقاً قانونياً من قبل الكونغرس".
قام كبير القضاة، سري سرينيفاسان، باستجواب المحامي الممثل لمجلس النواب، دوغلاس ليتر، حول ما إذا كانت اللجنة قد أدت ما عليها فيما يتعلق بعملية "التدقيق الشديد" لمذكرات الجلب التي قامت المحكمة العليا الأمريكية بإصدارها. قال ليتر، إن مجلس النواب قام بفعل ذلك.
ليتر قال: "كانت توجد مشكلات خطيرة، كان من الممكن أن تتحول إلى مخاوف كبرى تتعلق بمسألة الأمن القومي جراء المصالح المالية الخاصة بترمب مع دول مثل المملكة العربية السعودية وتركيا وروسيا".تابع: "يوجد دخان كثيف هنا، الأمر الذي يتسبب في انعدام الرؤية وصعوبة في التنفس".
اقرأ أيضاً: مشاهير سياسة وبيزنس أمام القضاء في 2021.. إليك القائمة
لا توجد حاجة للسجلات
احتج نوريس أيضاً أنه بإمكان مجلس النواب الأمريكي التعديل من سياسات تضارب المصالح لديه "دون الحاجة مطلقاً لأي شيء من المعلومات المالية الخاصة بالرئيس السابق ترمب"، نظراً لأن مجلس النواب قد قام فعلياً بتحديد تلك المجالات التي تحتاج إلى تطوير.
لكن جاكسون نوّه إلى أنه يشعر بالقلق من أن تقييد مذكرات الجلب الخاصة بالرؤساء السابقين من الممكن أن يغير ميزان القوى ضد الكونغرس الأمريكي، وهو الأمر الذي ربما يعرقل القيام بواجبه المتمثل في حماية الجمهورية من التهديدات الخارجية والداخلية على حد سواء.
عند وجود وضع يعلم فيه الكونغرس أنه من المحتمل وجود سلوك يمثل تهديداً وسوء تصرف ومشكلات داخل البيت الأبيض، فربما يظن الشخص أن الفترة التي تعقب تلك الإدارة هي تحديداً الوقت المناسب لكي يقيّم فيه الكونغرس ما إذا كانت المنظومة التشريعية تكفي لمنع وقوع مثل ذلك النوع من الأمور في المستقبل، بحسب جاكسون.
طالع أيضاً: ابنة شقيق ترمب تكتشف احتياله للاستيلاء على ميراثها
الهدف التشريعي
وجه سرينيفاسان سؤالاً لـ"ليتر" حول ما إذا كانت مذكرات الجلب قد جرى إصدارها لتحقيق غرض تشريعي صحيح من أجل تحسين قواعد الإفصاح المالي، أو من أجل هدف تشريعي غير صحيح يتمثل في القيام بكشف المخالفات على سبيل الافتضاح.
سرينيفاسان قال: "كلما يبدو الأمر وكأن الترتيبات المالية الخاصة بالرئيس السابق ترمب كانت معقدة من الناحية التاريخية وذات طبقات متعددة ومتفردة ، كلما كانت هذه المعلومات تبدو وكأنها ذات أهمية أقل على صعيد التنبؤ بما ربما يقدمه الرئيس القادم في المستقبل".
أوضح ليتر أن الشؤون المالية المعقدة لترمب ربما لا تعد أمراً استثنائياً حسبما تبدو. مضيفاً "أظن أنه في وقت ما كان لدينا 3 أشخاص من أصحاب المليارات الذين أعلنوا عزمهم على الترشح لسباق انتخابات الرئاسة خلال عام 2020".
هدايا من حكومات أجنبية
دعا الحكم الذي أصدره قاضي المقاطعة الأمريكية، أميت ميهتا، في شهر أغسطس الماضي شركة "مزارز" إلى تسليم مستندات مرتبطة بعقد الإيجار الخاص بالفندق، علاوة على سجلات يمكنها إلقاء الضوء حول ما إذا كان ترمب حصل على هدايا أو مكافآت من حكومات أجنبية الأمر الذي يعبتر انتهاك لما يطلق عليه أحكام المكافآت في الدستور.
ستؤدي الطعون القانوينة المزدوجة من الطرفين إلى إطالة أمد المعركة القانونية التي تعود بدايتها إلى سنة 2019، حينما أصدر الديمقراطيون في لجنة الرقابة والإصلاح التابعة لمجلس النواب الأمريكي مذكرة جلب تطلب الحصول على سجلات ترمب المالية على مدى 8 أعوام. خاض ترمب معركة قضائية بكافة مستوياتها حتى الوصول إلى المحكمة العليا، التي أصدرت قراراها بإعادتها إلى المحاكم ذات الدرجة الأدنى في واشنطن.
أصدرت المحكمة العليا أمراً بالقيام بعملية تدقيق جديدة لتحديد ما إذا كانت مذكرات الجلب تركز بطريقة واضحة على تحقيق أهداف تشريعية متوافقة مع القانون، ولا تضع عبئاً مفرطاً على كاهل الرئيس.