قبل أسابيع من توجه ألمانيا إلى صناديق الاقتراع، سعى أرمين لاشيت، إلى صقل أوراق اعتماده مع الناخبين البارعين في مجال التكنولوجيا من خلال لقاءه إيلون ماسك في مصنع جديد يجري تشييده على قطعة أرض رملية بالقرب من برلين.
كان مصنع "تسلا" غير المكتمل، يوم الجمعة، بمثابة المسرح الخلفي لحملة متذبذبة للوصول لمنصب مستشار ألمانيا القادم.
لقد كان لاشيت يتراجع في استطلاعات الرأي، مما خلق فرصة لمنافسيه الرئيسيين، مرشحة حزب الخضر أنالينا بيربوك، ووزير المالية أولاف شولتس عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي.
دفعة لمصنع "تسلا"
وكان لدى ماسك فرص لاغتنامها أيضاً. لقد تعثرت شركته لصناعة السيارات بسبب مشكلات تتعلق بالحصول على التراخيص، ما جعلها تتراجع أشهراً عن الجدول الزمني في محاولته الفتح أول مصنع للشركة في أوروبا، حيث تنتشر السيارات الكهربائية بسرعة.
قال لاشيت، إن مصنع "تسلا" سيكتمل قريباً، بينما كان يقف بجوار ماسك، الذي كان يرتدي وشاحاً على رقبته. وأضاف الطامح لخلافة أنغيلا ميركل: "يجب أن يكون لدينا الطموح لتشجيع الآخرين على الاستقرار هنا أيضاً، والعمل بشكلٍ أسرع، والقيام بالاستثمارات وأخذ "تسلا" كمثال".
يمكن أن يساعد هذا اللقاء الشخصي مع قائد الشركة ذي الشخصية الجذابة في إضفاء بعض من خصال ماسك النجومية على لاشيت (60 عاماً)، الذي يحتل أكثر جانب عملي في الطيف السياسي. فطالما سيطر الخضر على الحديث المتعلق برسم المسار نحو مستقبل السيارات الكهربائية والطاقة الشمسية.
قال لاشيت، إن جذب المزيد من الاستثمارات مثل مشروع "تسلا" إلى ألمانيا "هي المهمة التي أمامنا، ونحن بحاجة لإنجازها".
بالنسبة لماسك، أتاح الاجتماع فرصة لبناء علاقة مع الرجل الذي يبدو في هذه المرحلة أنه المرشح المرجح لتولي قيادة أكبر اقتصاد في أوروبا.
انتخابات ساخنة
وفي حين استطاع منافسو لاشيت اللحاق بركبه، يظل حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي هو الحزب الأكثر شعبية بدعم 23%، يليه حزب الخضر بنسبة 20%، ثم الحزب الاشتراكي الديمقراطي بنسبة 19%، وفقاً لاستطلاع أجراه معهد " فورزا" (Forsa) مؤخراً.
تراجع تفضيل الناخبين للاشيت كمستشار قادم للبلاد، إذ انخفض7 نقاط مئوية ليحصل على 28% من الذين تم استطلاع آرائهم.
في غضون ذلك، تمكن شولتس من تحسين مكانته واستحوذ على 59 %من تفضيل الناخبين له كزعيم قادم للبلاد، وفقاً لأحدث استطلاع لـ"مجموعة بحث الانتخابات".
كان أحد وعود حملة لاشيت الرئيسية هو تخفيف البيروقراطية التي طالما سببت مشكلات لمشروعات ذات عمر طويل كمشروع "تسلا". وسواء نجح ماسك بتحقيق ذلك لشركته أم لا، سيتابعه أكثر من 59 مليون متابع على "تويتر".
تمت متابعة رحلات الرئيس التنفيذي المتكررة إلى برلين بشدة على وسائل التواصل الاجتماعي. التقط حساب على "تويتر" مخصص لتتبع حركة طائرة ماسك الخاصة وجوده في العاصمة الألمانية قبل أن يكون مسؤولو حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي على دراية بخطط ماسك ليكون جزءاً من حفل ترحيب يقيمه له لاشيت.
يعد المصنع الذي يجري إنشاؤه في بلدة غرونهايدي الصغيرة أمراً أساسياً لشركة "تسلا"، إذ أنه يعزز خطط توسعها الأوروبية، تماماً في الوقت الذي تستعد كل من "فولكس واجن"، و"دايملر"، و"بى ام دبليو" لتوسيع تشكيلات مركباتها الكهربائية.
بالنسبة لألمانيا، يَعدُ المصنع بوظائف جديدة في منطقة فقدت معظم صناعتها الثقيلة خلال الحرب العالمية الثانية.
وتحت الضغوط بسبب كونها بطيئة في مجاراة التحول نحو السيارات الكهربائية، مدت حكومة ميركل يد الترحيب إلى ماسك، ووعدت الرئيس التنفيذي بأي مساعدة مطلوبة لتجهيز منشأة "تسلا" وتشغيلها.
لكن التقدم كان أقل سلاسة مما كان مأمولاً، حيث واجهت "تسلا" دعاوى قضائية من مجموعات بيئية تتعلق باستخدام المياه والحياة البرية مما أدى إلى اضطرابات.
وفي وقت سابق من هذا العام، أعربت الشركة عن أسفها بسبب عملية الموافقة "المزعجة" في ألمانيا على المنشأة، وحثَّت الحكومة على إزالة العقبات البيروقراطية لتسريع المشاريع التي تساعد في مكافحة تغير المناخ.
سخر ماسك يوم الجمعة من المخاوف المتعلقة بالمياه، قائلاً إن المنطقة لديها الكثير من المياه. مضيفاً أن المصنع سيكون مصدر إلهام وحماس للألمان وللأوروبيين بشأن المستقبل.
وقال ماسك: "سنفعل أشياء تجعلنا نريد أن نعيش - لا يمكن في كل يوم أن يتعلق الأمر دائماً بالمشاكل".