ترمب قادر على تقديم ما يحتاجه ماسك لــ"تسلا"

الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري الرئاسي الحالي دونالد ترمب وإيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركة 'تسلا' مع ستيف بانون مستشار ترمب في رئاسته الأولى (على اليسار) في البيت الأبيض عام 2017 - المصدر: بلومبرغ
الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري الرئاسي الحالي دونالد ترمب وإيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركة 'تسلا' مع ستيف بانون مستشار ترمب في رئاسته الأولى (على اليسار) في البيت الأبيض عام 2017 - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

تجمع إيلون ماسك والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب علاقة معقدة. فقبل عامين، غرد ماسك بأن ترمب سيكون طاعناً في السن بدرجة تحول دون توليه فترة ولاية ثانية كاملة. كان ماسك يفضل حينها حاكم فلوريدا رون دي سانتيس.  لكن قبل أسبوعين، أعلن ماسك عن تأييده الكامل لترمب-الذي لم يتغير تاريخ ميلاده، على ما أعتقد-لترشيح الحزب الجمهوري.

وفي العام الماضي فقط، وضع الرئيس التنفيذي لإحدى أبرز شركات التكنولوجيا النظيفة في العالم خطة رئيسية لإزالة الكربون من قطاع الطاقة العالمي. وفي الوقت ذاته، يصف ترمب الأمر برمته بأنه احتيال؛ على الرغم من أنه قال أيضاً، بشكل مثير للاستغراب، إن قيادة المركبات الكهربائية "مذهلة". في الأسبوع الماضي، نفى ماسك تقريراً سابقاً يفيد بأنه سيتبرع بمبلغ 45 مليون دولار شهرياً للجنة عمل سياسية فائقة تدعم ترمب، لكنه غرد قائلاً إنه سيتبرع بمقدار أقل بكثير.

السؤال عما إذا كانت سياسات ماسك الشخصية تتوافق حقاً مع تلك التي ينتهجها ترمب هو افتراضي بطبيعته، على الرغم من أن الاثنين بارعان في الحديث عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول الوعي والهجرة ومعارضة المساعدات الأميركية لأوكرانيا. لكن سؤالاً في مكالمة مع المساهمين بخصوص نتائج شركة "تسلا" الأسبوع الماضي، يشير إلى تفسير مباشر واحد على الأقل لسبب دعم قطب التكنولوجيا النظيفة لمرشح يرى أن طاقة الرياح تسبب السرطان.

عندما سُئل ماسك عما إذا كان احتمال تراجع إدارة ترمب الثانية عن إعانات قانون خفض التضخم من شأنه أن يضر بـ"تسلا"، قال إن هذا لن يكون له سوى تأثير طفيف -رغم أن الإعانات تمثل نحو نصف أرباح الشركة الفصلية- قبل أن يضيف: "قيمة تسلا التي لا تدانيها قيمة هي القيادة الذاتية".

يمكن إضافة صفة "محتمل" لهذا الرأي، لكن ماسك محق بلا شك. فأعمال "تسلا" في مجال السيارات الكهربائية لم تتمكن من تبرير القيمة السوقية الهائلة، حتى قبل أن تبدأ مبيعاتها في التباطؤ في 2023. لذا، وفي حين قد يبدو من الغريب أن يكثف ماسك هذا النوع من الخطاب اليميني الذي قد يردع العملاء في معقل السيارات الكهربائية مثل كاليفورنيا عندما تحتاج "تسلا" إليهم أكثر من أي وقت مضى، فإن هذا يتجاهل كيف تغير الرأي.

مقصلة الجهات التنظيمية 

لم تعد السيارات الكهربائية المبرر الرئيسي المقدم لسعر سهم "تسلا"، وبالتالي، معظم ثروة ماسك. المحللون ينسبون عادة جزءاً ضئيلاً فقط من التقييم إلى قسم السيارات الكهربائية، الذي يمثل أربعة أخماس إيرادات "تسلا"، ويروجون بدلاً من ذلك لإمكانات سيارات الأجرة ذاتية القيادة والروبوتات.

هذا هو بالضبط الجانب من "تسلا"، وقطاع السيارات الأوسع، الذي يخضع لتدقيق الجهات التنظيمية المتزايد. ولكنك لن تعرف من ثقة ماسك في مكالمة يوم الثلاثاء أن الجهات التنظيمية ستكون ملزمة أخلاقياً بالموافقة على تكنولوجيا القيادة الذاتية بمجرد حصولها على البيانات التي تثبت أنها "آمنة بدرجة كافية، أو أكثر أماناً بشكل أكبر من البشر".

اتخذت الإدارة الوطنية لسلامة المرور على الطرق السريعة إجراءات صارمة للغاية لمواجهة إخفاق جهود القيادة الذاتية أو المدعومة لدى العديد من الشركات، ومنها "تسلا".

وجدت الإدارة أن نظام "أوتو بايلوت" أو القيادة الذاتية لشركة "تسلا" شجع على الثقة المفرطة في السائقين-تخيل ميزة تسمى "القيادة الذاتية" تفعل ذلك-مما يساهم في وقوع حوادث يمكن تجنبها.

على نحو مماثل، رفعت إدارة المركبات الآلية في كاليفورنيا دعوى قضائية ضد "تسلا"، زاعمة أن إعلانها عن قدرات ميزتي "القيادة الذاتية" و"القيادة الذاتية الكاملة" يشوبه "الزيف". ورفض قاضٍ في الشهر الماضي طعن "تسلا" في القضية.

وفي أبريل، توصلت "تسلا" إلى تسوية في اللحظة الأخيرة قبل بدء محاكمة حظيت بتغطية إعلامية واسعة بشأن حادث تصادم مميت يتعلق بالقيادة الذاتية. في غضون ذلك، تكشف ملفات "تسلا" السنوية دورياً عن تعاون الشركة مع أوامر استدعاء من جهات مثل وزارة العدل ولجنة الأوراق المالية والبورصات أو الاستجابة لها، وإن كان ذلك بتفاصيل قليلة.

كما كتبتُ هنا، فإن العامل الأساسي المتعلق بالقيادة الذاتية للمركبات لا يقتصر على الحصول على التكنولوجيا الصحيحة فحسب، وإنما أيضاً على إقناع المجتمع بقبول المخاطر التي تنطوي عليها. فرؤية التحول التام للقيادة الذاتية توسع على نحو مذهل السوق الإجمالية التي يمكن لـ"تسلا" دخولها، ولكنها تضاعف أيضاً احتكاكها بالجهات التنظيمية والمتقاضين المحتملين.

شخصية الملهم!

ماسك، مثل ترمب، يلهم تفانياً أشبه بالطابع المقدس، وهو ما ينعكس في مساهمين متساهلين للغاية مع قراراته ومجلس إدارة سلبي في "تسلا" يعتمد عليه في كل ما يتعلق بقرارات الشركة.

بعد تحقيق أرباح ضعيفة، استطلع ماسك متابعيه عبر موقع "إكس" بخصوص استثمار "تسلا" المحتمل لخمسة مليارات دولار في "إكس إيه آي" (xAI)، وهو مشروع الذكاء الاصطناعي الخاص به (رهناً بموافقة مجلس الإدارة والمساهمين، كما تعلمون). لن تكون مثل هذه الصفقة مجرد تكرار لعملية إنقاذ شركة "سولار سيتي كورب" (SolarCity Corp) في 2016-وهي الصفقة التي عجت بصراعات شملت ماسك وأقاربه-وإنما تجعل من مبرر "تسلا" الأخير لإعادة حزمة رواتب ماسك الضخمة من أجل إبقاء تركيزه على الشركة بلا قيمة ومثار سخرية. لكن عندما تكون نجماً، فإنهم يسمحون لك بذلك، على حد اعتقادي.

مع ذلك، فإن الانتكاسات الأخيرة التي وجهها قاضي ولاية ديلاوير لماسك، من إجباره على الاستحواذ على "تويتر" إلى إلغاء حزمة التعويضات الضخمة تلك في بادئ الأمر، فضلاً عن الحملة التنظيمية الصارمة على القيادة الذاتية، تثبت وجود قوى أخرى أقل خضوعاً، ولها من الأهمية والبأس ما يمكنها من الوقوف بوجهه ورغباته.

بالتالي، إذا نظرنا إلى الأمر من منظور قيمة "تسلا" السوقية، فإن دعم مرشح رئاسي، وحزب أقل ميلاً إلى التنظيم المؤسسي، هو أمر أكثر منطقية من شخص يحمي إعانات دعم التكنولوجيا النظيفة. يبدو ترمب بالتأكيد ليناً يعدل من مواقفه وآرائه، إذ أشاد بماسك في تجمع انتخابي أقيم في الآونة الأخيرة، وأضاف: "يتعين علينا أن نجعل الحياة أفضل لشعبنا الذكي". وشخص ذكي واحد قد يحقق أقصى استفادة من تركه وشأنه.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

الآراء الأكثر قراءة