يُعد العام الحالي دليلاً على قدرة إيلون ماسك على قيادة أسهم شركة "تسلا" نحو التراجع والانتعاش. فقد شهدت "تسلا" فترة من التقلبات حتى وفقاً لمعاييرها، حيث خاض الرئيس التنفيذي معركة من أجل تعزيز سيطرته على الشركة، وتراجع عن إطلاق سيارة كهربائية بقيمة 25 ألف دولار، وأمر بتسريح جماعي للموظفين. ساهمت هذه التطورات المتقلبة في انخفاض السهم بـ43% حتى 23 أبريل، وهو اليوم الذي أعلنت فيه "تسلا" عن أحدث أرباحها.
منذ ذلك الحين، واصلت الأسهم ارتفاعها بشكل ملحوظ، رغم مجموعة من النتائج غير المشجعة، وتراجع التوقعات لأرقام الربع الثاني التي ستعلنها "تسلا" اليوم الثلاثاء. كان إيلون ماسك المحرك الرئيسي وراء هذه القفزة التي أضافت أكثر من 386 مليار دولار إلى قيمة "تسلا" السوقية في 11 أسبوعاً.
تمكن الرئيس التنفيذي من جذب اهتمام المستثمرين إلى إمكانيات "تسلا" المستقبلية التي يهيمن عليها الذكاء الاصطناعي بشكل يفوق مبيعاتها وأرباحها البطيئة في الوقت الحاضر. قدرته الفائقة على تلبية توقعات السوق ومهاراته التسويقية المستمرة ستتعرض للاختبار بعد إغلاق السوق، حيث من المتوقع أن تعلن الشركة عن انخفاض في الإيرادات للربع الثاني على التوالي، وتراجع الأرباح للمرة الرابعة على التوالي.
الريادة في الذكاء الاصطناعي
قال آدم سارهان، مؤسس ومدير تنفيذي لشركة "50 بارك إنفستمنتس" (50Park Investments) إن "التغير الحقيقي في تقييم تسلا يكمن في قدرة ماسك على تعزيز سمعة الشركة بشكل مقنع كرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا القيادة الذاتية"، وأضاف أن "هذا التحول في السرد حول تسلا أمر حاسم لتبرير تقييمها الممتاز، مقارنة بشركات صناعة السيارات التقليدية".
لطالما كان أداء سهم "تسلا" غير المتوقع تحت تأثير جاذبية الرئيس التنفيذي، والجدل الذي يحيط به، ويبدو أن المستثمرين يستعدون للمزيد من ذلك مع اقتراب إعلان الأرباح.
تشير تداولات عقود الخيارات إلى أن السهم قد يتحرك بـ8% في أي اتجاه بسبب نتائج الربع الثاني، ومن المرجح أن يتناول ماسك تقرير "بلومبرغ" في 11 يوليو الذي ذكر أن الشركة قد أجلت الكشف عن نماذج سيارة الأجرة ذاتية القيادة التي كان من المقرر إطلاقها في أغسطس.
بينما أكد ماسك أنه طلب "تغييراً مهماً في التصميم" لمقدمة السيارات، لم يوضح التغيير أو يقول كم من الوقت الإضافي تحتاجه الشركة لجعل السيارات جاهزة للطرح.
قال توم ناريان، محلل الأسهم في "آر بي سي كابيتال ماركتس" (RBC Capital Markets) الذي يصنف الأسهم بما يعادل الشراء: "ستكون نتائج الربع الثاني من تسلا تحدياً للمستثمرين؛ نظراً لجميع العوامل المتغيرة". أضاف: "من المحتمل أن يكون بعض هذا التغير مرتبطاً بإطلاق سيارة الأجرة ذاتية القيادة القادمة. نتوقع أن يساعد ذلك في تغيير التقارير حول السهم، ونحن نثق بهذه الفرضية إلى حد بعيد، لكن نتساءل عن مدى أخذها في الحسبان بالفعل من قبل المستثمرين".
تقديم نماذج جديدة
حفز ماسك الارتفاع في أسهم "تسلا" من خلال الإعلان إلى جانب نتائج الربع الأول، أن الشركة ستسرع تقديم نماذج جديدة -بما في ذلك المركبات الأكثر تكلفة- في وقت قريب من أواخر هذا العام. قالت الشركة سابقاً إنها تتوقع بدء تصنيع الجيل التالي من السيارات الكهربائية في النصف الثاني 2025.
كان الرئيس التنفيذي متحفظاً بشأن تفاصيل تلك المركبات، لكنه أيضاً كان حازماً حيال هذه الخطط بشكل لا يقبل المساومة، قائلاً للمستثمرين إنه لا يجب عليهم المراهنة على أسهم "تسلا" إلا إذا كانوا يعتقدون أن الشركة ستحل مشكلة تكنولوجيا القيادة الذاتية.
تشير النسب العالية التي تتداول بها أسهم "تسلا" -حيث تُتداول بحوالي 94 ضعف الأرباح المستقبلية- إلى أن هناك الكثير من الواثقين بأن ماسك سيحقق في النهاية توقعاته بشأن السيارات ذاتية القيادة. على النقيض من ذلك، تُتداول أسهم شركتي "جنرال موتورز" و"فورد" بمضاعفات أحادية الرقم.
ومع ذلك، فإن تحركات ماسك المحمومة لربط مصير "تسلا" بتكنولوجيا القيادة الذاتية لها سلبياتها. عندما أفادت "بلومبرغ" هذا الشهر بأن الكشف عن سيارة الأجرة ذاتية القيادة سيتأجل حتى أكتوبر، انخفض السهم بـ8.4%، وهو أكبر انخفاض للسهم في يوم واحد منذ يناير.
قال سيث غولدستين، استراتيجي الأسهم في شركة "مورنينغستار" (Morningstar): "البيع الذي شهدناه عندما أرجأ ماسك الحدث، يخبرني أن الكثير من الارتفاع الأخير مرتبط بالذكاء الاصطناعي".
مبيعات أفضل من المتوقع
يتوقع المحللون أن تكون أرباح "تسلا" في الربع الثاني حوالي نصف ما كانت عليه قبل عام، رغم أن التوقعات زادت قليلاً في الشهر الماضي، ربما نتيجة لمبيعات المركبات التي جاءت أفضل من المتوقع في 2 يوليو. تتوقع الشركة الآن تحقيق ربح يبلغ 58 سنتاً للسهم، وإيرادات تبلغ 24.1 مليار دولار، وفقاً لبيانات جمعتها "بلومبرغ".
بينما يشير العديد من المحللين إلى إمكانيات "تسلا" في الذكاء الاصطناعي كأكبر دعم للسهم، لا يزال المستثمرون يريدون من ماسك أن يعيد إحياء النمو في أعمال المركبات الكهربائية، بينما يعمل المهندسون على تكنولوجيا القيادة الذاتية. ستلقي نتائج الثلاثاء الضوء على كيفية تنفيذ الشركة لهذه الأهداف قصيرة وطويلة الأجل.
قال آدم جوناس من "مورغان ستانلي"، الذي لديه تقييم يعادل الشراء على السهم: "تسلا لديها سمات كبيرة جديرة بالتقييم كمستفيد من الذكاء الاصطناعي، ولكن يجب على الشركة أن ترى استقراراً في مراجعات الأرباح السلبية ضمن قطاع السيارات أولاً".