بعد أن حطمت شركة "تسلا" أربعة أرقام قياسية ربع سنوية متتالية من حيث تسليم السيارات، يتعرض هذا الإنجاز لتهديد على مدار الأشهر الثلاثة الماضية، بسبب توقف مرافق التصنيع.
كانت شركة تصنيع السيارات الكهربائية أغلقت عدداً من منشآتها خلال الصيف بهدف إجراء تحديثات بها، وهو الأمر الذي كان الرئيس التنفيذي إيلون ماسك قد حذّر من أنه سيؤدي إلى إبطاء الإنتاج.
بالإضافة إلى ذلك، ففي ظل استمرار التضخم الذي يعصف بميزانيات الأسر، يواجه المستهلكون تحديات في عمليات الشراء الكبيرة.
يقدر المحللون الذين شملهم استطلاع أجرته "بلومبرغ" أن تعلن "تسلا" يوم الإثنين أنها سلّمت 456,722 سيارة خلال الربع الثالث، فيما يشكل عدداً أقل من 466,140 وحدة التي سلمتها الشركة في الربع الثاني، وسيكون أول انخفاض منذ أوائل عام 2022. كان بعض المحللين خفضوا توقعاتهم في الأيام الأخيرة في هذا الصدد.
ارتباك في تسليمات الربع الثالث
كتب بين كالو، المحلل في شركة "روبرت دبليو بيرد" (Robert W. Baird)، في مذكرة إلى العملاء هذا الأسبوع: "أدى التوقف المخطط له للمصانع والأسئلة المتعلقة بالطلب إلى حدوث ارتباك فيما يتعلق بتسليمات الربع الثالث". يتوقع بن كالو، الذي كان قد أوصى بتصنيف "ممتاز" لسهم "تسلا"، أن تبلغ التسليمات 439,200 سيارة في الربع الثالث.
بعد إخطار المستثمرين في يناير أنه يحتمل أن تنتج الشركة مليوني سيارة في عام 2023، قال ماسك في يوليو الماضي إن الشركة ستلتزم بهدف وضعته سابقاً وهو تسليم 1.8 مليون سيارة.
إلا أنه في ظل تباطؤ الإنتاج، لا تزال شركة صناعة السيارات الكهربائية، ومقرها في أوستن، تتخذ خطوات من أجل الحفاظ على ارتفاع المبيعات. وفي إطار هذا المسعى، خفضت الأسعار طوال العام استجابة للتضخم وارتفاع أسعار الفائدة.
إضراب ديترويت
يبدأ سعر "موديل واي" (Y) الذي يُعد الأكثر مبيعاً لدى "تسلا" حالياً، من 50,490 دولاراً بالولايات المتحدة، مقارنة بـ65,990 دولاراً في بداية 2023. يُعد هذا الطراز مستفيداً رئيسياً من قانون خفض التضخم، الذي اعتُمد منذ نحو عام. تُعد طرز من سيارات "تسلا" ذات المبيعات الكبيرة، بما في ذلك السيارة السيدان "طراز 3" وسيارة الدفع الرباعي "موديل واي"، مؤهلة للحصول على ائتمان ضريبي فيدرالي بقيمة 7500 دولار للمشترين المؤهلين.
تأتي أرقام تسليم "تسلا" في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى ديترويت، حيث تنظم "النقابة العمالية المتحدة للسيارات" إضراباً ضد شركات "جنرال موتورز" و"فورد موتور"، و"ستيلانتيس" (Stellantis NV) المصنعة لسيارات "جيب" و"كرايسلر" و"دودج". يتزامن الإضراب ضد شركات صناعة السيارات الثلاث الكبرى في ديترويت مع جهودها المكلفة للتحول من عصر محركات الاحتراق الداخلي إلى المركبات الكهربائية.
بيع مليون وحدة في عام
من المؤكد أن إعلان تسليمات "تسلا" يعني أن سوق الولايات المتحدة قد تجاوزت مبيعات سياراتها الكهربائية مليون وحدة خلال العام الجاري، فيما يشكل أول مرة تصل فيها إلى هذا العدد.
تضمن الربع الثالث أيضاً تحديثاً طال انتظاره لـ"موديل 3" من "تسلا"، حيث أدخلت شركة صناعة السيارات تخفيفاً على الواجهة الأمامية لهذه السيارة من فئة السيدان في أول عملية شد لواجهة هذا الطراز منذ طرحه قبل 6 سنوات.
هذا الطراز غير متوفر بعد في الولايات المتحدة، ولم تفصح "تسلا" سوى بتفاصيل محدودة بشأن الوقت الذي قد يحظى فيه المشترون في أميركا بالنسخة المحدّثة من هذا الطراز. تنتج الشركة "موديل 3" بمصانعها في كل من فريمونت وكاليفورنيا وشنغهاي. يُتوقع أن تبدأ عمليات تسليم هذا الطراز المحدّث خلال الربع الأخير من العام، على أن تُوجه الشحنات إلى العملاء في أوروبا.
أول شاحنة كهربائية
يتطلع المستثمرون وعشاق ماسك بفارغ الصبر إلى طرح الطراز التالي من سيارات "تسلا"، وهو عبارة عن شاحنة ضخمة مستوحاة من فيلم الخيال العلمي "بليد رانر" (Blade Runner). انتشرت صور الطراز عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة منصة "إكس" التي يملكها ماسك. مع ذلك، لا يزال تحقيق إنتاج بحجم كبير أمراً بعيد المنال. قال ماسك ذات مرة إنه سيقيم حفلاً لطرح الشاحنة في أوستن، حيث سيتم تسليم أول شاحنة كهربائية إلى أحد العملاء، لكنه لم يذكر توقيت ذلك بالتحديد. لا يتوقع المحللون أن تمثل الشاحنة الكهربائية جزءاً كبيراً من شحنات "تسلا" في أي وقت قريب. فهي سيارة معقدة الصنع، ويتوقعون أن يتزايد إنتاجها بوتيرة متباطئة.
في الوقت نفسه، بمجرد استكمال التحديثات في منشأة التصنيع، ستستمر "تسلا" على الأرجح في إنتاج أعداد متزايدة من السيارات. يتوقع المحللون أن يصل الإنتاج إلى مليوني مركبة في عام 2024.
كتب إيمانويل روزنر، المحلل لدى "دويتشه بنك: "تتمثل النقطة الرئيسية الآن في أن تستهدف تسلا تسليم نحو 2.1 مليون مركبة العام المقبل، مقابل 2.3 مليون وحدة التي يراها المحللون حالياً.
أما على الصعيد الإيجابي، ففي ظل عدم محاولة الشركة زيادة الإنتاج، يُحتمل أن يكون هناك ضغط تسعير أقل في العام المقبل".