الشركة مازالت في صدارة قطاع السيارات الكهربائية بقيمة تصل إلى 659 مليار دولار وصفقة "تويتر" لم تضرها كما زعم المنتقدون

كيف قلب ماسك فشل "تسلا" إلى انتصار؟

إيلون ماسك - المصدر: بلومبرغ
إيلون ماسك - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

إذا ما بحث أي شخص في غوغل باستخدام جملة "فشل تسلا" سيجد فيضاً من نواحي القصور المزعومة بالشركة متعددة الجنسيات التي تعمل بقطاع السيارات والطاقة النظيفة، وتشمل أوجه قصور الشركة الانبعاثات الصفرية والمركبات الكهربائية وثقافة محل العمل والممارسات التجارية والسلامة المهنية، فضلاً عن انتقادات موجهة بصفة خاصة لرئيسها التنفيذي المثير للجدل، إيلون ماسك، ففي هذه الأوقات من المناسب أن نتذكر ما قالته غيرترود لابنها هاملت في أشهر مسرحيات شكسبير "يبدو أن السيدة تبالغ حقاً في الدفاع عن نفسها".

فمتى ذكرنا "تسلا"، يكون الانتقاد صفة ملازمة للتصريحات المذكورة عنها إلى حد بعيد. رغم ذلك، لا تضاهي أي شركة سيارات أخرى أداءها، بما يشمل تسجيل إيرادات قياسية كل سنة منذ بدأت إعلان نتائجها المالية في 2007، وبالنظر للقيمة السوقية لأسهمها والبالغة 659 مليار دولار يوم الجمعة الماضي، يمكن القول إن قيمة "تسلا" تتجاوز "تويوتا موتور "، و"مرسيدس بنز"، و"فولكس واجن"، و"بي إم دبليو"، و"جنرال موتورز"، و"ستيلانتيس" (Stellantis)، و"فورد موتور" مجتمعة.

وفي الوقت الذي ظن فيه الجميع أن تورط ماسك في صفقة "تويتر" سيضر بشركة "تسلا"، أثبتت النتائج غير ذلك، حيث تُحول "تسلا" الآن كل 100 دولار من إيراداتها إلى 26 دولاراً من الربح لرائدة قطاع السيارات بعد تكاليف الإنتاج، وهو أكبر هامش لمجمل الأرباح منذ بدأت الشركة -التي يقع مقرها في أوستن، تكساس- بيع ما يزيد عن 50,000 سيارة سنوياً في 2015، كما سجلت "تسلا" أعلى هامش ربح بين أكبر 10 شركات مصنعة للسيارات، ما منحها ميزة تنافسية تسمح لها باستثمار مزيد من الأموال في تحسين سياراتها، وتطوير منتجات أكثر من أقرانها، وفقاً للبيانات التي جمعتها بلومبرغ.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

جيل جديد من المركبات الكهربائية

زاد ماسك الجرعة التشويقية في الأسابيع الماضية بقوله إن "تسلا" ستكشف مزيداً من التفاصيل عن منصتها للمركبات الكهربائية من الجيل الجديد المتميز بصغر حجمه ورخص سعره، وستُعلن هذه التفاصيل على المستثمرين في الأول من مارس، ونظراً لأن الشركة لها حصة سوقية مهيمنة في مجال المركبات الكهربائية، فالأرجح أن يخشى منافسوها هذا اليوم.

لا عجب أن يوصي 30 محللاً بشراء أسهم "تسلا"، وهو رقم قياسي بالنسبة لشركة تم طرحها للاكتتاب العام الأولي في 2010، كما ارتفع عدد ترقيات التوصيات بنحو 32% مقارنة بالعام الماضي، رغم أن أسهم "تسلا" انهارت 65% خلال سوق هابطة عنيفة على أسهم شركات التقنية. وتجدر الإشارة إلى أن تصنيف إجماع توصيات بلومبرغ الذي يقيس ترشيحات المحللين كشف أنه لم تحظ أي شركة سيارات أخرى بذلك القدر من ترقيات التوصيات.

قد يرجع سبب افتتان المحللين بشركة "تسلا" لاستمرارها في إثبات خطأ المشككين بمجال كان يُعتبر منيعاً، حيث ارتفعت المبيعات السنوية من أبرز سياراتها السيدان "موديل 3" (Model 3) 278 مرة لتصل 493,310 سيارات في 2022 من أقل من 2,000 مركبة في 2017، وفقاً للبيانات التي جمعتها بلومبرغ، وعلى الجانب الآخر، هبطت تسليمات سيارة "تويوتا" طراز "بريوس" (Prius) بنسبة 66% خلال الفترة نفسها، رغم أن "بريوس" تُعدّ معيار الأداء في قطاع المركبات الهجينة. وتضاعفت مبيعات شركة "بي واي دي" الواقعة في شنزن في الصين 17 مرة فقط، والتي تُعتبر في الوقت نفسه المنافس الأكبر في تصنيع المركبات الكهربائية.

"تسلا" تُحبط المنتقدين

مع توجه كل شركات السيارات حالياً لبيع المركبات الكهربائية، وهي نتيجة من المتوقع أن تشكل بداية تراجع حصة الشركة الناشئة الواقع مقرها في كاليفورنيا والتي حثت مشترين السيارات عالمياً على نبذ محرك الاحتراق الداخلي الشائع.

ومنذ شهرين فقط كان المشهد مختلفاً، حيث صدرت تقارير عن ترنح "تسلا" تحت وطأة الهجوم الذي شنّه عليها المنتقصون من قدرها، وعلى رأسهم متخصصو البيع على المكشوف جيم تشانوس وديفيد إينهورن وأندرو ليفت.

والجدير بالذكر أن مؤسس "سيون أست مانجمنت" (Scion Asset Management)، مايكل باري، كان من ضمن المراهنين على استمرار المخاطر التي تحوم حول إيلون ماسك إلى ما لا نهاية. علماً بأن باري جمع ثروته وبنى سمعته بتوقعه الصحيح للأزمة المالية في الرهون العقارية عالية المخاطر.

يركز كثير من منتقدي "تسلا" على طرائف ماسك، فبالنسبة لهم، نجاح "تسلا" في سوق الأسهم وتقييمه الممتاز رغم تراجعه العام الماضي سببه الأوحد هو الطلب المتواصل من جحافل معجبي ماسك، وهم نفسهم من ظنوا أن سعر "بتكوين" سيبلغ مليون دولار وسيحل محل النظام المالي العالمي.

حصة سوقية كبيرة

لم يتطرق البعض لحقيقة أن "تسلا" التي خسرت 670 مليار دولار من قيمتها السوقية في العام الماضي ظلت ضعف قيمة منافستها "تويوتا" في ذروة صفقات البيع على المكشوف ومذبحة الأسهم، ولهذا السبب ما زالت حصة "تسلا" السوقية كبيرة، وحسب البيانات التي جمعتها بلومبرغ، تمثل "تسلا" 20% من إجمالي المركبات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات بأكثر من 3.6 مليون مركبة تجوب الطرق، بعدما كانت النسبة 13% في 2017. فمن كان ليتوقع في 2017 أن سيارة "تسلا" من "موديل إس" (Model S) ستبلغ علامة قيادة 1.6 مليون كيلومتر (مليون ميل) المرغوبة؟ لكن هذا حدث في 2022 وقد يجرى تسجيل هذا الرقم في موسوعة غينيس للأرقام القياسية.

قال ماسك في 25 يناير: "لدى (تسلا) المنتج الأشد إثارة بفارق كبير عن أي منتج لأي شركة على وجه الأرض"، وأدلى ماسك بهذا التصريح بعد إعلان الشركة عن نتائج أعمالها ربع السنوية. هل يعد قوله مبالغة؟ بالتأكيد، لكن من الصعب الجدال مع النتائج التي توضح بما لا يدع مجالاً للشك عدم "فشل تسلا".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

فى هذا المقال

الآراء الأكثر قراءة