قبل تفشّي فيروس كورونا، كان من المقرَّر أن يكون عام 2020 عامًا حاسمًا بالنسبة إلى شركات صناعة السيارات التي تبيع السيارات الكهربائية في الصين، إذ يفتتح كثير من عمالقة القطاع الصناعي مصانع جديدة، وطرحوا طُرُزًا جديدة، بينما يكون لدى الدولة فعليًّا سيارات كهربائية أكثر من أيّ دولة أخرى، وذلك بفضل السياسات الحكومية التي تشجع الإنتاج، وإعانات الدعم السخية لمساعدة المستهلكين في شرائها. ولكن المبيعات تعثرت، وباتت التداعيات الاقتصادية الناجمة عن الوباء في الفترة الحاليّة تشكّل تهديدًا أسهم في إبطاء مبيعات السيارات الكهربائية الصينية، في الوقت الحاليّ على الأقل.
1- ماذا تفعل كبرى شركات صناعة السيارات؟
تهيمن الشركات الصينية بما فيها شركة "بي واي دي" -بدعم من "وارين بافيت"- على السوق، ولكن شركات صناعة السيارات الأجنبية لديها خطط طموحة من أجل اللحاق بالركب، ويكون من بين الدول ذات الوزن الثقيل التي تعمل على تعزيز استراتيجياتها في مجال السيارات الكهربائية في الصين هذا العام شركات: "فولكس فاغن" و"جنرال موتورز" و"دايملر". ويُعَدّ من بين النماذج الجديدة "شيفروليه مينلو" من "جنرال موتورز"، وهي تُعَدّ أول سيارة كهربائية في البلاد، غير أن شركة "دايملر" الأُمّ لشركة "مرسيدس" أنشأت فرع "إي كيو" للسيارات التي تعمل بالكهرباء، وتُعَدّ "إي كيو سي" أول سيارة "مرسيدس" من هذه العلامة التجارية في بكين. وتتمسك "فولكس فاغن" بخطط بدء إنتاج السيارات الكهربائية في الصين في عام 2020، وبدأت شركة "تيسلا" المحدودة في يناير عمليات تسليم من مصنع جديد في شنغهاي، وهي تُعَدّ الأُولى خارج الولايات المتحدة.
2- وما تأثير "كوفيد-19"؟
بمجرَّد أن فرضت الحكومة الصينية الإغلاق الشامل، ظلَّ المشترون في منازلهم واختفى الطلب، كما انخفضت مبيعات السيارات الكهربائية بنسبة 58 في المائة في الربع الأول مقارنة بالعام السابق، وهو مستوى أشدّ انحدارًا بنسبة تصل إلى 45% في سوق سيارات نقل الأشخاص بشكل عامّ، وذلك وفقًا لـ"بلومبرغ إن إي إف". ومن بين الأسباب الكبرى: تأجيل أو إلغاء طلبات محرك مبيعات السيارات الإلكترونية الصينية، مما أدى إلى انخفاض حجز سيارات الأجرة إلى نسبة تصل إلى 85% في شهر فبراير. ومن ناحية أخرى، شهدت المبيعات ارتفاعًا في مارس مع رفع قيود السفر، بينما سجلت "تيسلا" الجديدة رقمًا قياسيًّا في مارس، بعد أن ساعدت الحكومة المحلّية الشركة في الحصول على إمدادات مثل الأقنعة والمطهرات وأجهزة قياس درجة الحرارة لإعادة فتح مصنعها في شنغهاي.
3- هل فيروس كورونا العقبة الوحيدة؟
للأسف لا. وحتى قبل انتشار الوباء، كانت سوق السيارات الصينية في ورطة، إذ انخفضت مبيعات السيارات في عام 2018، وكان هذا الانخفاض الأول منذ أكثر من عقدين، إلا أنها كانت قد انخفضت مرة أخرى خلال العام الماضي مع الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، كأزمة الائتمان، فضلًا عن عوامل أخرى ضربت الاقتصاد، فقد انخفض الطلب على السيارات الكهربائية بشكل حادّ بعد أن خفضت الحكومة إعانات الدعم في منتصف عام 2019، كما عانت أكبر شركة لصناعة السيارات في الصين، شركة "سايك موتورز"، العام الماضي من انخفاض في الأرباح إلى نسبة 29 في المائة، بمبلغ 25.6 مليار يوان (3.6 مليار دولار)، بينما انخفضت أرباح "بي واي دي" إلى أكثر من 90 في المائة خلال الأشهر الستة الأخيرة من عام 2019، مقارنة بالعام السابق، قبل أن يظهر تأثير فيروس كورونا.
4- إذًا هل الفيروس عثرة في الطريق أم أشدّ خطورة؟
يصعب قول ذلك، إذ تشير الدلالات غير الرسمية من مدينة ووهان، التي تُعَدّ بؤرة تفشي وباء "كوفيد-19" في الصين، إلى أنّ تجّار السيارات يستفيدون من زيادة الطلب لأنّ المستهلكين على استعداد لعمليات شراء كبيرة. وتتوقع "رابطة سيارات الركّاب الصينية" أن تنتعش المبيعات الأسبوعية قريبًا إلى مستويات العام الماضي. ومع ذلك، تقول شركة "ستاندرد آند بورز" إنّ مبيعات السيارات الصينية قد تنخفض بنسبة تصل إلى 10 في المائة هذا العام.
وسوف يستمرّ الاقتصاد في المحاولة بقوّة في الوقت الذي يضرب فيه الوباء كثيرًا من شركاء الصين التجاريين. قد يهبط النمو إلى 1.4 في المائة فقط هذا العام، بعد أن كان 6.1 في المائة في عام 2019، وفقًا لـ"بلومبرغ إنتلجنس". وتبحث الجهات التنظيمية تأجيل إصدار قوانين أكثر صرامة على مستوى البلاد (كان قد بدأ تأثيرها بالفعل في بعض المناطق) من أجل السماح لصانعي السيارات والتجار بالاستمرار في بيع الطرُز القديمة في بضائعهم.
5- ماذا تفعل الصين لتحفيز الطلب على السيارات الكهربائية؟
تعتبر حكومة الرئيس الصيني، شي جين بينغ، هذه السيارات ضرورية لمستقبل الصين الصناعي طويل الأجل، حتى رغم أنّ السيارات التقليدية تمثل أغلب المبيعات اليوم وأعمال السيارات. وسوف تبقي الحكومة قيمة السيارات الكهربائية المحلّية معفاة من ضريبة المبيعات بنسبة 10 في المائة، كما وافقت على تمديد فترة إعانات الدعم لمشتريات السيارات الكهربائية (التي كان من المفترض أن تنتهي في 31 ديسمبر) لعامين آخرين، بهدف أن تستقر السوق وتزيد المبيعات (بلغت السيارات الكهربائية 1.5 في المائة من 260 مليون سيارة قيد الاستخدام في الصين بحلول نهاية عام 2019). ولكن في حين تخطط بعض البلدان في أوروبا على سبيل المثال لحظر بيع السيارات التي تعمل بالغاز بدءًا من عام 2035 أو ما قبل ذلك، فمن غير المرجَّح أن تحدّد الصين جدولًا أو موعدًا زمنيًّا، بحسب ما قاله وان جانج، وهو خبير صينيّ في مجال السيارات التقليدية والكهربائية في الصين، خلا حوار صحفيّ.
6- هل ينجح ذلك؟
راهن صانعو السيارات على طُرز جديدة لجذب المتسوقين المحتملين للعودة إلى صالات العرض، بينما تخفف الحكومة مطالبات الإقامة بالمنزل. ولكن بعض الشركات قد لا تتمكن من البقاء، فالبلاد لديها كثير من الشركات الناشئة في القطاع الخاصّ التي جمعت المال على أمل أن تُعتبَر بمثابة الردّ الصيني على شركة "تيسلا"، فهُم عُرضة لإعادة التنظيم. وتوجد أيضًا شركات أجنبية تتخلى عن قطاعات من السوق، فقد قالت شركة "رينو إس إيه" في منتصف أبريل إنها وافقت على تحويل حصتها البالغة 50% في مشروع محلّيّ إلى شركة "دونغفنغ موتور"، ولكن الشركة الفرنسية لصناعة السيارات سوف تحاول بيع السيارات الكهربائية في الصين من خلال شراكة أخرى.