الشركات تحتاج لاستثمار مليارات في منشآت إنتاج سيارات كهربائية ويجب أن يأتي المال من مكان ما

أنت لم تشتر ِ سيارة كهربائية.. لكنك تدفع ثمن واحدة منها

شاحنات خفيفة من "فورد" - المصدر: بلومبرغ
شاحنات خفيفة من "فورد" - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

لطالما كانت السيارات جزءاً كبيراً من مشهد التضخم في الولايات المتحدة خلال العام الماضي، حيث أبطأ نقص رقائق الكمبيوتر الإنتاج ورفع أسعار السيارات، جديدها وقديمها. كان يُفترض أن يعيد إصلاح مشاكل سلاسل التوريد في 2022 السوق لطبيعتها، ويساعد على تهدئة التضخم على نطاق أوسع. للأسف لم يكن الأمر كذلك.

لا يرى صانعو السيارات الوضع بهذه الطريقة، وليس هذا ما يبغون، إذ يحتاجون لاستثمار مليارات الدولارات في منشآت إنتاج جديدة للسيارات الكهربائية، ويجب أن تأتي هذه الأموال من مكان ما. بالنسبة لشركات مثل "فورد" و"جنرال موتورز"، ستأتي من خط إنتاجهم من المركبات التقليدية التي تعمل بالبنزين.

ما تعتمد عليه الشركات المصنعة للسيارات الآن هو أن أسعار السيارات المرتفعة تعني مزيداً من الأرباح، وهم يضعون خطط إنتاج موجهة لإبقاء الأسعار مرتفعة.

قد تكون هذه هي التكلفة قصيرة الأجل على المستهلكين لتحقيق قفزة إلى مستقبل الكهربة، لكن هذا يعني أيضاً أن التضخم قد يظل مرتفعاً لفترة أطول من التقديرات الحالية.

ترددت وجهة النظر هذه بين المستثمرين عقب ما سمعوه خلال الجولة الأخيرة من مؤتمرات نتائج الربع الرابع. قال إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة "تسلا"، إن الشركة لا تعمل حالياً على السيارة التي ناقشتها سابقاً بقيمة 25 ألف دولار، حيث إنها مشغولة بالعمل على كثير من الأشياء الأخرى. لا يوجد حالياً سبب يدفع شركة صناعة السيارات لبذل جهود استثنائية لصنع سيارات منخفضة السعر وأقل ربحية، نظراً لبيئة التكلفة ونقص المكونات الرئيسية مثل أشباه الموصلات.

بيئة تسعير قوية

ذهبت "فورد" لأعمق ما في استراتيجيتها لتوازن بين إنتاج السيارات التي تعمل بالبنزين والسيارات الكهربائية. أعطت توقعات لهامش "الأرباح قبل الفوائد والضرائب" المعدل بنسبة 8%، وهو مستوى أعلى من توقعات الشركة العام الماضي. قال مدير الشركة المالي إنه رغم أن أحجام مبيعات "فورد" تزيد 10% إلى 15% عن العام الماضي، إلا أنها تتوقع أن تظل بيئة التسعير قوية ويعود ذلك جزئياً لكونها تعمل "بمخزونات أقل مما كان لدينا في الماضي".

تتوقع "جنرال موتورز" نمواً في الحجم أكبر من "فورد"، لكنها أدلت بتعليقات مماثلة حول المخزونات والتسعير. قال كبير مسؤولي التقنية في اجتماع تناول أرباح الشركة: "رغم زيادات الإنتاج التي شهدناها في الربع الرابع، ما زلنا فعلياً لا نبني المخزون كثيراً، وأعتقد أن هذا سيستمر على الأرجح طيلة العام". بلغ ذلك حد أنها تخطط لإنتاج سيارات منخفضة السعر في 2022، لأنهم يرون أن الطلب في هذا المجال لم يستوف بعد عجز الإنتاج في 2021، وليس هناك نية لإغراق السوق بالمخزون.

حتى فيما ترتفع أسعار السيارات وينخفض المخزون، فإن صانعي السيارات لديهم سبب وجيه للمضي قدماً بحذر. كما أسلفت، تمر الصناعة بمرحلة تحدث مرة في العمر فيما تنتقل من السيارات التي تعمل بالبنزين إلى السيارات الكهربائية. إنها لحظة تستوجب تسخير الجهود والمخاطرة من صناعة كثيفة رأس المال، ولا تستطيع خلال هذه العملية أن تتعثر إلى أن تكمل هذا التحول. يمنحهم انخفاض المخزونات وارتفاع الأسعار هامش أمان لأي انتكاسة. إن كان الطلب على السيارات الكهربائية أبطأ مما كان متوقعاً، على سبيل المثال، أو إن حدثت عثرة في الاقتصاد الكلي، فإن انخفاض المخزونات وارتفاع الأسعار يمنحهم مزيداً من المنعة.

عدم يقين

هناك كثير من عدم اليقين حيال الطلب المستقبلي في حال المركبات التي تعمل بالبنزين، تماماً كما هو الحال في صناعة النفط والغاز، ويُتوقع أن يتراجع مع مرور الوقت. عندما تكون الصناعة في انكماش، لا تكون المخاطرة بالإفراط في الإنتاج أمراً حسناً.

إن نما الطلب على السيارات الكهربائية بأسرع من المتوقع، قد تجد صناعة السيارات نفسها في 2023 أو 2024 غير قادرة على تلبية الطلب على المركبات الكهربائية فيما تحاول بيع مخزون من سيارات تعمل بالبنزين لا يرغبها المستهلكون، عندها ستتعرض للضغط من كلا الطرفين. ستستمر شركات صناعة السيارات، كما هو الحال في صناعة النفط والغاز، بانتظار ارتفاع الأسعار قبل زيادة الإنتاج لحماية ربحيتها.

لا يعني هذا أن أسعار السيارات ستستمر بالارتفاع في 2022. سيتوسع الإنتاج وهذا من شأنه أن يساعد بتخفيف بعض النقص والأسعار المرتفعة التي شهدناها العام الماضي. لكن الصناعة لا تريد ولا تستطيع تحمل الظروف إن عادت إلى مستويات ما قبل الوباء. تعتمد هذه الصناعة على امتلاك قوة تسعيرية أكثر مما كان الحال عليه في الماضي لتحقيق رؤيتها على مدى السنوات العديدة المقبلة. لذلك، بينما يمكن للمستهلكين توقع بعض التحسن في السوق هذا العام، يجب ضبط الآمال.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات