ازدادت السيارات وزناً وحجماً خلال العقود الثلاثة الماضية مع رواج سيارات الدفع الرباعي والشاحنات الصغيرة بدينة التصميم والمكتظّة بالأجهزة

لماذا تزداد السيارات الكهربائية حجماً ووزناً؟

موظف يحمل قابس شحن كهربائي في موقع لتزويد المركبات الكهربائية بالوقود تديره شركة Enercity في هانوفر ، ألمانيا. - المصدر: بلومبرغ
موظف يحمل قابس شحن كهربائي في موقع لتزويد المركبات الكهربائية بالوقود تديره شركة Enercity في هانوفر ، ألمانيا. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

تكون التقنية رائعة حين تتطور فتجعل الأشياء أصغر وأرخص قُدُماً، لكنَّ السيارات، وهي أغلى ما يشتريه الكثير منا، استثناء صارخ من هذا.

ازدادت السيارات وزناً وحجماً خلال العقود الثلاثة الماضية مع رواج سيارات الدفع الرباعي، والشاحنات الصغيرة بدينة التصميم والمكتظّة بالأجهزة، برغم أنَّ كثيرين لا يقومون بقيادتها بما يجاوز المسافة من البيت الى مركز التسوق. ثم أتى التحول من محركات الاحتراق إلى تلك الكهربائية ليفاقم مشكلة الوزن، على الأقل على المدى القصير؛ لأنَّ حزم بطاريات الليثيوم أيون المستخدمة لتشغيل المركبات الكهربائية ضخمة وثقيلة.

لم يشد صانعو السيارات إلا القليل من الاهتمام حتى الآن لاستهلاك الموارد الإضافية، ومشاكل السلامة المرتبطة بالمركبات الثقيلة، سواء أكانت كهربائية، أو ما كان سوى ذلك.

يبشّر معظم المنتجين حول الاستدامة حالياً، إلا أنَّهم يفوّتون فرصة توجيه المستهلكين نحو سيارات أصغر وأكفأ، لذا آن لهم أن يتلقوا وكزة من صانعي السياسات.

دعوني أوضح أنَّ مقصدي ليس إيجاد حجة ضد المركبات الكهربائية؛ فمن منظور انبعاثات الكربون، ينبغي أن نشجع الناس على اقتناء سيارات كهربائية في أسرع وقت ممكن. لكن أن يكون الكثير منها سميناً ليس أمراً مثالياً. تستطيع سيارة "هامر" الكهربائية من شركة "جنرال موتورز" أن تتسارع من 0 إلى 100 كيلومتر في 3 ثوانٍ، لكنَّها تزن نحو 4100 كيلوغرام، ويداني وزن السيارة الشاحنة "آر 1 تي" (R1T) من "ريفيان" (Rivian) 3175 كيلوغرام، في حين تزن سيارة "إف 150 لايتننغ" (F150 Lightning) من "فورد" حوالي 2950 كيلوغراماً، بزيادة نحو 35% عن نظيرتها التي تعمل بمحرك احتراق. في أوروبا ، يزن كل من "إي كيو سي" (EQC) من "مرسيدس بنز"، و "إي ترون" (E-tron) من "أودي"، و"إكس آي" (iX) من "بي إم دبليو" أكثر من 2250 كيلوغراماً.

تعد هذه السيارات بالطبع أفضل لكوكبنا من ذات محرك الاحتراق، إذ تهدر المحركات الكهربائية طاقة أقل بكثير، وتولد الكهرباء عبر الكبح لتشحن البطارية. لكن حتى المدافعين بشدة عن المركبات الكهربائية يواجهون مشكلة فيما يتعلق بفكرة أنَّ دبابات القتال هذه وسيلة نقل مستدامة تلبي متطلبات المسؤولية الاجتماعية.

رأي لا شعبية له: إقبال الأمريكيين على السيارات كبيرة الحجم سيىء الأثر على المناخ والمدن والترويج لها حتى لو كانت كهربائية فكرة سيئة. هل مطالبة الرئيس أن يستخدم سيارة أكثر مسؤولية لترويج ذلك يعد أمراً فيه إفراط؟ أم أن هذا التصرف منطقي فقط خارج الولايات المتحدة؟

مشكلة قديمة

كيف وصلنا الى هنا؟ حُدّد المسار قبل التحوّل نحو كهربة السيارات. إلى جانب رواج اقتناء سيارات الدفع الرباعي المرتفعة؛ ازداد حجم المركبات بسبب التقنية الإضافية وميزات السلامة. كما مكّن رخص التمويل والبنزين المستهلكين من تحمّل تكاليف اقتناء سيارات أكبر حجماً. وضع المصنّعون الذين لديهم أساطيل سيارات ثقيلة أهدافاً مستفزة لكونها أقل صرامة لخفض الانبعاثات، لتكون على الأقل حلاً وسطاً سياسياً لحماية السيارات الألمانية الفاخرة.

ازداد وزن السيارات المباعة في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، برغم أنَّها أقل حجماً بالمتوسط من السيارات الأمريكية، بنحو 15% منذ 2001، مما يقلل من فوائد مكافحة التلوث عبر تحسين كبير في اقتصاد استهلاك الوقود. يضيف التحوّل إلى الكهرباء ما لا يقل عن 200 كيلوغرام على كل مركبة.

كان متوسط كتلة المركبات الكهربائية الجديدة المباعة في أوروبا في 2020 نحو 1700 كيلوغرام، أو أثقل بنحو 16% من متوسط جميع المركبات المباعة، وفقاً للمجلس العالمي للنقل النظيف. كما تجاوزت السيارات الهجينة التي توصل بالكهرباء، وهي تحمل محرك احتراق، فضلاً عن كهربائي آخر، 1900 كيلوغرام في المتوسط، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنَّ معظمها سيارات للدفع الرباعي، أو سيارات رفاهية.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

مزيد من الموارد

أعلن كارلوس تافاريس، الرئيس التنفيذي لشركة "ستيلانيس" (Stellantis)، في قمة "مورغان ستانلي" للسيارات الشهر الماضي: أنَّ "إحدى المشكلات التي سنواجهها في المستقبل ستكون في وزن السيارات العاملة بالكهرباء، لأنَّ الوزن يعني مزيداً من موارد المواد الخام."

تتجاوز هذه المشكلة الطلب المتزايد على المعادن المستخدمة في تصنيع البطاريات والتكاليف الباهظة للمواد الخام. تشير دراسة جديدة إلى أنَّه إذا اختار المستهلكون المركبات الثقيلة؛ فإنَّ الطلب على الكهرباء سيزداد أكثر مما هو متوقَّع حالياً، مما يتطلب شبكة أكبر خالية من الكربون.

كذلك؛ فإنَّ هناك مخاطر على السيارات الصغيرة والمشاة من الاصطدام بسيارات الدفع الرباعي والشاحنات الصغيرة الكهربائية عالية التسارع، والتي غالباً ما يكون لها واجهات أمامية مرتفعة يصعب من خلالها رؤية الأطفال الصغار. كما تتسبب المركبات الأثقل بمزيد من تآكل الطرق والإطارات، مما يؤدي لتلوث ناجم عن الجسيمات الدقيقة.

حققت السيارات الكهربائية الصغيرة نجاحاً كبيراً في الصين، في حين أثبتت الطرز صغيرة الحجم في أوروبا، مثل "رينو زوي"، و"داتشيا سبرينغ" شعبيتها. مع ذلك؛ غالباً ما يمنح كبار المصنّعين الأولوية لسيارات الدفع الرباعي الكهربائية، والسيارات الرياضية عالية الأداء لأنَّها أكثر ربحية. استحوذت سيارات الدفع الرباعي، وسيارات "كروس أوفر" العام الماضي على 41% من حصة مبيعات السيارات الكهربائية في غرب أوروبا، بحسب "شميدت أوتوموتيف ريسيرش".

عيوب المستهلك

إنصافاً لهذه الصناعة؛ تلعب تفضيلات المستهلك دوراً كبيراً. غالباً ما يقلق المستهلك من نفاد شحنة الطاقة من السيارة والتعطل، وهو ما يسمى بقلق المدى. تتميز البطاريات الأكبر حجماً، التي تعني مركبات أكبر وأثقل وزناً، بأنَّها تخفف من ذلك. يريد المستهلكون الذين اعتادوا على سيارات قوية تعمل بالبنزين أن تكون السيارات الكهربائية لدى انتقالهم لا تقل عن ذلك إثارة.

لهذا اتجهت غالبية التحسينات الهائلة في كثافة طاقة البطارية على مدى العقد الماضي نحو تعزيز مدى السيارة وقوتها، وليس على تقليل حجم البطارية ووزنها.

بدأت العقلية تتغير لحسن الحظ؛ فقد كشفت "مرسيدس–بنز" الشهر الماضي النقاب عن سيارة الرفاهية من طراز "إي كيو إكس إكس" (EQXX) زاعمة أنَّ مداها 1000 كيلومتر بشحنة واحدة، وتزن 1750 كيلوغراماً فقط، وهي مواصفات جيدة لسيارة فاخرة. يرجع الفضل في ذلك إلى الانسيابية الهوائية الأفضل، واستخدام المواد خفيفة الوزن، والبطاريات الأصغر حجماً ذات الكثافة العالية.

تساعد بلا شك الكيماويات الجديدة، مثل البطاريات الصلبة، السيارات الكهربائية على التخلص من مزيد من الأوزان مجدداً في السنوات المقبلة. كما قد تقنع شبكات الشحن السريع الموسعة المشترين بعدم الحاجة لمثل هذه البطاريات الكبيرة للتنقل. ستساعد ابتكارات مثل الكبح التلقائي في حالات الطوارئ، وهي ميزة قياسية بالفعل في بعض المركبات التي ذكرتُها، بالحفاظ على أمان مزيد من مستخدمي الطرق.

لكن لا بد أن تحض الحكومات الناس على شراء سيارات أصغر حجماً، وأكثر كفاءة عبر تشريعات ذكية بدلاً من مجرد الاعتماد على التقنية لحمايتنا.

إنَّ فرض ضرائب على المركبات الكهربائية الثقيلة هو أحد الخيارات، مما يساعد على تعويض النقص المتوقَّع في الإيرادات الضريبية من انخفاض استهلاك البنزين والديزل، وهناك نهج أخف وطأة؛ وهو تطبيق معايير كفاءة الأسطول بالنسبة للسيارات الكهربائية، على غرار قواعد "متوسط ​​اقتصاد الوقود للشركات الأمريكية". من شأن هذا أن يعالج في كثير من الأحيان فجوات واسعة في كفاءة الطاقة.

يستفيد الجميع في النهاية، إنْ أدرك المصنّعون أنَّ عليهم بذل جهد أكبر باستخدام موارد أقل. إن كانت هذه الصناعة ستصبح مستدامة حقاً؛ ينبغي أن تفكر بالكهرباء، وتصغير الحجم.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات
الآراء الأكثر قراءة