يبدو أنَّ السيارات الكهربائية كانت طوال عام 2021، موضع الحديث الرئيسي كلما أراد الناس التحدث عن أي شيء في عالم السيارات.
في مارس، حثّت تسع دول من الاتحاد الأوروبي المفوضية الأوروبية على تسريع التخلص التدريجي من المركبات العاملة بالبنزين والديزل على مستوى الاتحاد الأوروبي. ثم في نوفمبر، أعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون تشريعاً يطالب بإدراج إمكانات شحن المركبات الكهربائية ضمن كل المنازل والمباني المكتبية المبنية حديثاً في البلاد. واعتباراً من الأول من ديسمبر؛ تعهدت أكثر من 15 ولاية أمريكية بالتخلص التدريجي من مبيعات السيارات الجديدة العاملة بمحركات الاحتراق، وهناك ما لا يقل عن حركتين أخريين مماثلتين هما قيد المراجعة.
اقرأ أيضاً: "مرسيدس" تتخطى "تسلا" في نظام القيادة الذاتية على الطريق السريع
اتجاهات جديدة
تحوّلت معارض السيارات، مثل ما تم تنظيمه في ميونيخ في سبتمبر، من كونها مناسبات تجارية سنوية هادئة إلى مؤتمرات حول وسائل نقل كهربائية مبهرة، نجومها كبسولات كهربائية ومفاهيم سيارات السباق الكهربائية. كما أنفقت "وول ستريت" مليارات الدولارات على الشركات الناشئة الكهربائية التي تعِد بمستقبل مشرق للسيارات الكهربائية التي لم تُصنع حتى الآن.
اقرأ المزيد: السيارات الكهربائية تحتل مرتبة متدنية في دراسة عن الموثوقية
أعلنت شركتا "هينيسي" (Hennessey)، و"رولز رويس" (Rolls-Royce) عن خططهما لإطلاق سياراتهما المذهلة فائقة الشحن، كما ضمّت "بوغاتي" (Bugatti) عضواً كهربائياً جديداً. وبذل عمالقة السيارات من التقليديين في ديترويت جهوداً حقيقية -وأنفقوا المليارات- لإقناع المستهلكين والمشرعين بأنهم يتبنّون مستقبلاً كهربائياً بالكامل. وتوجّه المحللون للإعلان عن أنَّ محرك الاحتراق أصبح شيئاً "هالكاً".
اقرأ أيضاً: غزو السيارات الكهربائية وصل بالفعل.. وتوقعات بطفرة في المبيعات
تقدّم أمريكي بطيء
مع ذلك، لا تدع الضجة تحجب الواقع. فحتى ولاية كاليفورنيا، التي تعد أكبر سوق للسيارات الكهربائية في البلاد، تفيد أنَّ 6% فقط من السيارات التي تسير على طرقها تعمل بالكهرباء، وما تزال نسبة السيارات الكهربائية في بقية الولايات المتحدة تبلغ 2% تقريباً. وبحلول عام 2040؛ ستبلغ المركبات الكهربائية ما نسبته 31% فقط من إجمالي السيارات على الطرق الأمريكية، بحسب " بلومبرغ لأبحاث تمويل الطاقة الجديدة" (BloombergNEF).
ما زال أمامنا طريق طويل لنقطعه قبل أن تبلغ المركبات الكهربائية مستوى الكمال. فمعظمها يتطلب علاوات سعرية باهظة مقارنة بالمركبات العاملة بالطاقة التقليدية، ويُظهر الكثير منها ثغرات في الوظائف الكهربائية والبرمجية أثناء القيادة التجريبية المبكرة، كما يملك بعضها الآخر تجهيزات داخلية سيئة، وجودة صناعة رديئة. وهناك أيضاً مسألة نطاق القيادة التي تتعلق بعدم وجود شبكة شحن كهربائية وطنية للسائقين.
مع ذلك؛ فإنَّ الإثارة تعكس شيئاً حقيقياً. لقد بدأت الكتابة عن السيارات، وسيارات الدفع الرباعي، والشاحنات، والدراجات النارية منذ نحو عقدين من الزمن، لكني لم أرَ قط وقتاً أكثر إثارة وتحدياً وإثارة للدهشة في صناعة السيارات مثل الذي نمرّ به الآن. ففي النهاية، سيكون المستهلكون أكبر الفائزين في عملية التحوّل نحو الكهرباء بأكملها مع استمرار تطور المركبات.
فيما يلي نظرة على أفضل خمس سيارات كهربائية قدتها في عام 2021.
مرسيدس "إي كيو إس" (Mercedes EQS)
كانت "مرسيدس-بنز إس كلاس" أفضل سيارة قمت بقيادتها هذا العام، في حين تفتقر نظيرتها الكهربائية "إي كيو إس"، البالغ سعرها 102,310 دولارات، إلى القليل من الفخامة القصوى، والمعايرات الميكانيكية والتكنولوجية المثالية التي تتميز بها هذه "السيدان" النفاثة. لكنَّ مقصورة القيادة المزوّدة بشاشة لمس مركزية في السيارة الكهربائية -المتوفرة في موديل "إي كيو إس 580 4 ماتيك" (EQS 580 4Matic) الأفضل في فئته- وجودة القيادة السريعة القوية؛ تقدمان لمحة جيدة عن الكيفية التي ستبدو عليها أفضل سيارات "السيدان" الكهربائية في المستقبل.
بالمقارنة بمنافساتها، تعتبر سيارة "إي كيو إس" أبهظ ثمناً بفضل نطاقها البالغ 485 ميلاً، الذي يتفوق على سيارة "تسلا موديل إس" البالغ نطاقها 412 ميلاً، و"بورشه تايكان" (Porsche Taycan) التي يبلغ نطاقها 300 ميل، كما أنَّ شحنها يصل إلى 80% من السعة في غضون 31 دقيقة بفضل الشحن السريع بالتيار المستمر بالمقارنة مع معدلات الشحن الحالية.
إنَّها ليست أسرع مركبة في المجموعة؛ فقوة محرك "إي كيو إس 580 4 ماتيك" في الفئة الأعلى تبلغ 516 حصاناً، وعزم دورانها 631 رطلاً على القدم، كما أنَّ هيكلها الرباعي يمكنه الانطلاق من صفر إلى 60 ميلاً بالساعة في 4.1 ثانية، وهو ما يعد أبطأ من أعلى إصدارات "تايكان"، و"موديل إس" من "تسلا". لكن في ظل وجود تجهيزات وتقنيات داخلية تتفوق كثيراً على تلك الموديلات، لن يلاحظ مالك "إي كيو إس"- أو يهتم- بالفرق.
ريفيان "آر 1 تي" (Rivian R1T)
ربما كانت هذه المركبة الأكثر إثارة لهذا العام، إذ تجاوزت قيمة شركة "ريفيان" الناشئة العاملة في عالم المركبات الكهربائية حاجز 100 مليار دولار عندما طُرحت للاكتتاب العام في نوفمبر. يمكنني أنا وبعض المراسلين الآخرين تحمّل بعض اللوم على ذلك، إذ قلت إنَّ "آر 1 تي" هي السيارة التي أردت قيادتها بشدة في عام 2021.
تتوقَّع شركة الأبحاث "ألايد ماركت ريسيرش" (Allied Market Research) أن يرتفع حجم سوق الشاحنات الكهربائية العالمية من 422.5 مليون دولار في عام 2019 إلى 1.9 مليار دولار بحلول عام 2027. ومازال يتعين تنفيذ ما قدّمته "تسلا" للمركبات الكهربائية -التي أرغمتها على وضعها بعين الاعتبار- في الشاحنات الكهربائية أيضاً.
تعد سيارة "ريفيان آر 1 تي" المنافس الأول. فهذه السيارة التكنولوجية في وادي السيليكون تتميز بتصميم جيد يستهدف تسلقها الجبال (وهو مزيج جيد)، كما أنَّ الشاحنة الصغيرة البالغ سعرها 74,075 دولاراً، تدرج العديد من الاختراعات الجديدة باسمها، بما فيها مساحة تخزين عابرة أسفل صندوق الشاحنة، بالإضافة إلى ضاغط هواء مثبت على متنها لحالات الطوارئ في البرية. كما تتمتع الشاحنة أيضاً بمدى قيادة يصل إلى 314 ميلاً، ويبدو جيداً بما يكفي على الأقل لدعم ادعاء الشركة بأنَّها "باتاغونيا الشاحنات".
لقد قدتها لبضعة أيام على الطرق العادية والوعرة بالقرب من بريكنريدج في ولاية كولورادو. مازالت برمجيات "آر 1 تي" مليئة بالأخطاء -وهي ليست متينة مثل السيارات الموثوقة ذات الأسعار المماثلة من "جيب"، و"لاند روفر"- لكنَّها تعد عرضاً أولياً مثيراً من شركة نحن على يقين بأنَّها ستقدِّم الكثير.
أودي "آر إس إي ترون جي تي" (Audi RS eTron GT)
تتمتع سيارة أودي "آر إس إي ترون جي تي" البالغ سعرها 139,900 دولار، بالهيكل ذاته الذي تقوم عليه سيارة "بورشه تايكان"، مع ناقل الحركة الأوتوماتيكي ثنائي السرعة ذاته المقدَّم من الشركة الأم "فولكس واجن". وكلاهما يتفوق على "تسلا موديل إس" في التصميم، وجودة البناء، وبراعة التصميم الداخلي، وبديهية المعلومات والترفيه. لذلك من المهم أن نلاحظ كيف تختلف، خصوصاً أنَّ "تايكان" -التي ظهرت في السوق قبل عام من "إي ترون"- تعد خياراً قوياً للغاية لعشاق السيارات الكهربائية. وبخلاف ذلك؛ فإنَّك لا تختار سوى شارة تعجبك لغطاء محرّك السيارة، أليس كذلك؟
من وجهة نظري؛ تبدو "إي ترون جي تي" أفضل من "تايكان"، فهي أكثر رشاقة، وتتميز بخط سقف أكثر سلاسة -وهو أدنى مستوى من أي سيارة "أودي" أخرى باستثناء أودي "آر 8" (R8)- فضلاً عن تصميم قوي مزود بعجلات مقاسها 21 بوصة تتخذ شكل شفرات، ومصابيح ليد أمامية ساطعة بتصميم أزرق اللون. كما تتميز سيارة "جي تي" بسقف زجاجي بانورامي، في حين تأتي إصدارات "آر إس" (RS) المضبوطة بدقة، والأعلى تكلفة مع سقف من ألياف الكربون. (السقف الزجاجي في هذه السيارة اختياري).
العنصر الجديد الأكثر بروزاً في "إي ترون جي تي" هو "ناقل الحركة" الذي يأتي بحجم صندوق حلوى "تيك تاك" (Tic Tac)، والذي ينقل السيارة من الوضع المحايد إلى الرجوع إلى الخلف أو القيادة إلى الأمام. (سيارة "تايكان" تملك واحداً أيضاً). بخلاف ذلك؛ فإنَّ التصميم الداخلي يتمتع بقدر أقل من الجودة، مع عدد أقل من الحواسيب، وشاشات اللمس مقارنة بسيارة "تايكان"، وخيارات التصميم الخشبي الدافئ الذي تتمتع به.
بالنسبة إلى الأداء؛ فإنَّ سيارة "إي ترون جي تي" ذات الـ637 حصاناً، تسير بسرعة قصوى تبلغ 155 ميلاً في الساعة، وتسارع من صفر إلى 60 ميلاً في الساعة خلال 3.1 ثانية، وقد يصل مداها إلى 232 ميلاً للشحنة الواحدة أثناء القيادة المريحة. وتشير "أودي" إلى أنَّ سيارتها الجديدة يمكن شحنها من 5% إلى 80% على شاحن قوته 270 كيلوواطاً في غضون 22.5 دقيقة. في حين تتميز سيارة "تايكان توربو"، وسعرها 150900 دولار بقدرة 670 حصاناً، وسرعة قصوى تبلغ 161 ميلاً في الساعة، وتسارع من صفر إلى 60 ميلاً في الساعة في 3 ثوان، في حين يصل مداها إلى 212 ميلاً في أفضل الأحوال.
وبالتالي؛ فإنَّ السيارتين تعتبران قريبتين من بعضهما، لكنَّ العديد من المستهلكين سيختارون بناءً على ولائهم السابق للعلامة التجارية. مع ذلك؛ تثبت سيارة أودي "إي ترون" أنَّ سيارات "السيدان" الرياضية الكهربائية ستكون جذابة وفعالة لاستخدامها مثل أبناء عمومتها العاملة بمحرك الاحتراق الداخلي. وبما أنَّها أفضل سيارة لامعة قمت بقيادتها هذا العام، فأنا أعطيها الأفضلية.
بي إم دبليو "آي إكس" (BMW iX)
كانت سيارة "بي إم دبليو آي إكس" واحدة من السيارات الحاسمة المساهمة في تحسن أوضاع "بي إم دبليو". فهي أول سيارة دفع رباعي كهربائية من العلامة التجارية البافارية- بجانب "آي 4" (i4)- كما تعد العمود الفقري لهدف الشركة المتمثل في زيادة مبيعاتها من السيارات الكهربائية بمقدار عشرة أضعاف من عام 2020 إلى عام 2025، والتي ستمثل 15% من مزيج المبيعات، أو إجمالي وحدات يبلغ 450 ألف وحدة، بحسب "بلومبرغ إنتليجنس" (Bloomberg Intelligence).
كما قلت في استعراضي بعد قيادتها في جبال الألب خارج ميونخ؛ فإنَّ قيادة هذه المركبة التي يبلغ سعرها 83.200 دولار أمر ليس مثيراً، وهي تفتقر إلى تعديلات التصميم التي تتمتع بها سيارة "بي إم دبليو إكس 6 إم" (BMW X6M ) التي تعد إحدى سيارات الدفع الرباعي المفضلة بالنسبة إليَّ على الإطلاق. لكنَّها تتمتع بمقصورة جيدة التصميم ومجهزة بعناية، ومن السهل التعامل مع حجمها الواسع، فهي تضم مقاعد تتسع لخمسة أفراد أو أكثر، ومدى قيادة يصل إلى 300 ميل.
إن الجزء المفضل بالنسبة لي، كان في بساطة المقصورة عالية الجودة، والمثيرة للهدوء، وواجهة المعلومات والترفيه الجديدة الممتازة. هناك أيضاً الأبواب المصممة بدون إطار، وفتحة السقف الزجاجية البانورامية، ولوحة العدادات الخشبيية التي تبدو كأنَّها مزوّدة بمسامٍ مفتوحة، والأزرار البلورية، وناقل الحركة. كل هذه الأشياء تبدو حديثة بشكل دافئ، وليست باردة وروبوتية كما نجدها في بعض الأحيان.
"بورشه تايكان كروس توريزمو" (Porsche Taycan Cross Turismo)
من المنتظر إطلاق الشاحنات الكهربائية والشاحنات الكهربائية التقليدية بشكل أكثر بالفعل في الفترة المقبلة، لكن هناك بالفعل مركبة كهربائية استثنائية؛ وهي "بورشه تايكان كروس توريزمو" البالغ سعرها 90900 دولار، والتي تجمع بين القوة المثبتة، والتصنيع الألماني الجيد لسيارة "تايكان" مع المساحة الإضافية، والطبع العملي لسيارة "الهاتشباك".
بالنسبة إلى الأداء؛ تأتي "تايكان كروس توريزمو" ذات المستوى الأساسي بمحرك قوته 469 حصاناً، وهو يقبع أسفل هيكلها، بالإضافة إلى أربعة أوضاع للقيادة على ناقلي الحركة- أحدهما للقوة القوية في ظل السرعات المنخفضة، والآخر للكفاءة المستدامة عند السرعات العالية- ومدى سيارة "تايكان" العادية. ويشار إلى أنَّ مستوى انتقال السيارة سلس للغاية، فهي تتسارع من صفر إلى 60 ميلاً في الساعة خلال 4.8 ثانية، مع سرعة قصوى تبلغ 136 ميلاً في الساعة.
تتألق هذه السيارة رباعية الدفع حقاً بفضل خياراتها التي تجعلها مجهزة للمناطق النائية؛ فحزمة التصميم المجهزة للطرق الوعرة (تكلفتها 1780 دولاراً) ترفعها بمقدار 10 مم فوق السيارات العادية (وهو ما يزيد في مجموعه بمقدار 30 مم على سيارة "تايكان" أي ما يعادل إنشاً واحداً تقريباً)، وهذا يمنح ألواحها حماية إضافية على طول الجزء السفلي من الأمام، والجوانب، وأقواس العجلات، كما تعد رائعة للزحف على طول قيعان النهر التي تتسم بالغبار.
علاوة على ذلك؛ فإنَّها مزودة بقدمين مكعبين إضافيين من مساحة التخزين الخلفية لتصل حتى نحو 16 قدماً مكعبة مقارنة بـ14.3 قدم مكعبة في سيارة "تايكان" العادية. وبشكل عام؛ تضم "تايكان كروس توريزمو" مساحة تخزين خلفية تبلغ 42.8 قدم مكعبة عندما تكون المقاعد الخلفية مطوية.
يكفي أن تجعل أي شخص يريد الانخراط في الأمر للاستكشاف، فحقيقة أنَّها سيارة كهربائية جيدة الصنع، وقابلة للاستخدام حقاً في الحياة اليومية؛ تعتبر ميزة رائعة.