أثَّرت أزمة سلاسل التوريد في العالم على مراكز صيانة السيارات في الولايات المتحدة. فقد أجبر تحدي العثور على قطع غيار السيارات العادية، مثل فلاتر الزيت أو الفرش الداخلي، مراكز الصيانة على تخزين ما لديها وإيجاد حلول بديلة ومطالبة العملاء بالصبر حتى وصول الشحنات الجديدة.
امتدت التأخيرات المعتادة ليوم أو يومين قبل ذلك، إلى أسابيع في بعض الحالات، حسب تصريحات أصحاب الورش.
إنها حلقة مترابطة، فقد أدى النقص العالمي في أشباه الموصلات إلى انخفاض إنتاج السيارات الجديدة، وهو ما أدى إلى زيادة الطلب على السيارات المستعملة وارتفاع أسعارها، كما أجبر الناس على الاحتفاظ بسياراتهم القديمة لفترات أطول. في المقابل تحتاج هذه المركبات إلى إصلاحات والتي تواجه مشاكل بشكل متزايد بسبب الأزمات في سلاسل التوريد.
اقرأ أيضاً:انهيار أسهم "تويوتا" بعد تقرير عن خفض إنتاجها 40% بسبب نقص الرقائق الإلكترونية
اقرأ المزيد: سلاسل التوريد.. مشكلات لا تنقصها الأسباب
قائمة انتظار
في ضواحي سياتل، انتظر بريان كيلي، صاحب مرآب للسيارات، 60 و90 يوماً لاستلام قطع غيار في مناسبتين منفصلتين لصيانة شاحنات البيك أب. قال كيلي، مالك شركة "فالي" لخدمات صيانة وكهرباء السيارات، إن أحد الأجزاء، وهو جهاز استشعار عمود المرفق، والذي كان لا يستغرق أكثر من نصف ساعة للوصول من مركز التوزيع، قد استغرق وقتاً طويلاً لدرجة أن العميل كان مستعداً للتخلي عن سيارته موديل "دودج رام 1500".
أضاف كيلي، الذي يشغل أيضاً منصب رئيس مجلس إدارة مجموعة "نورث ويست" التجارية لصيانة السيارات " أن العميل ذهب إلى حد القول، سأقوم بقطرها وشراء شاحنة أخرى، غير أن الأمر تفاقم عليه عندما اكتشف أنه لا يستطيع شراء شاحنة أخرى".
اقرأ المزيد: مستثمرو الأسهم قلقون من تأثير أزمة سلاسل التوريد على أرباح الشركات
من جانبه، قال بول مكارثي، الرئيس التنفيذي لاتحاد خدمات ما بعد البيع، إن صناعة قطع غيار السيارات والصيانة والتي تبلغ قيمتها 300 مليار دولار تواجه تحديات تشغيلية واسعة النطاق، بدءاً من الارتفاع الحاد في أسعار الصلب والمواد الأخرى إلى نقص الأيدي العاملة، ومشكلة التأخير في تفريغ البضائع في الموانئ البحرية الأمريكية والتي تواجه القطاعات الأخرى.
أضاف أنه لم يتم تزويد أي متجر بقطع الغيار، سواء تجار الامتياز الذين يحصلون على قطع الغيار من شركات صناعة السيارات الكبرى، أو المستودعات المستقلة أو مراكز صيانة السيارات الصغيرة.
ذكر ويليام رودس، الرئيس التنفيذي لشركة "أوتو زون" خلال إعلانه عن أرباح سبتمبر "هذه أصعب ظروف سلسلة إمداد رأيتها على الإطلاق". أضاف رودس، الذي بدأ مسيرته المهنية في عملاق تجارة قطع غيار السيارات في ممفيس بولاية تينيسي في التسعينيات ويشغل منصب المدير التنفيذي منذ 2005، "إن المخزون لدى أوتو زون بلغ أدنى مستوى أستطيع تذكره على الإطلاق".
اقرأ أيضاً: بيوت الاستثمار تسعى لاقتناص حصة من سوق صيانة السيارات في الصين
الخطوط الأمامية
في الوقت الحالي يتعين على الخطوط الأمامية من عاملي الصيانة أن يجدوا حلولاً مبتكرة، بينما يحافظ مالكو السيارات على هدوئهم وسط انتشار الأخبار السيئة. هذا السلوك ساعد عندما عانى الكثير من العملاء من نقص في جميع أنواع المنتجات خلال الوباء في العام والنصف الماضيين.
في ضواحي فيلادلفيا، غمرت المياه سيارة نيسان سنترا المملوكة لـ ليزا ماتلوك عندما ضرب إعصار إيدا الساحل الشمالي الشرقي في أوائل سبتمبر. وهو ما أدى إلى تلف الجزء الداخلي للسيارة مسببا رائحة كريهة. تقول ماتلوك "لا أستطيع وصف كيف كانت الرائحة".
ووسط صعوبة في الحصول على فرش بديل، قام عاملو الصيانة، في "كولكيت تكنيكال سيرفيس" في لانسديل بولاية بنسلفانيا، بالقيام بأفضل شيء ممكن من خلال قص الفرش الداخلي وتنظيفه بشكل احترافي ومن ثم إعادة وضعه مرة أخرى.
قد تفهمت ماتلوك الوضع عندما أخبرها مالك المتجر، روس كولكيت، عن صعوبة العثور على الفرش في أي مكان. فهي بصفتها عاملة في متجر بقالة تعاني مؤخراً في العثور على أغلفة بلاستيكية لسندوتشات متجرها.
أوضحت ماتلوك "لم أكن متفاجئة أو ثائرة بسبب أن روس يواجه صعوبة في العثور على الفرش".
اقرأ أيضاً: أزمة نقص الرقائق تجبر صانعة سيارات "جيب" على تسريح مؤقت للعمالة
ممارسة شائعة
أصبح التخزين للأشياء المرغوبة ممارسة شائعة، قال داني توماسيان، مدير "ريفر رود" لخدمة صيانة السيارات في بيثيسدا بولاية ماريلاند: "أصبح العثور على فلاتر السيارات أكثر صعوبة، لذلك عندما أجدها أشتريها بكميات كبيرة قدر الإمكان".
تبدو التأخيرات في قطع غيار السيارات حادة بشكل خاص في الولايات المتحدة، لأن قطع الغيار المنتجة في آسيا تزداد تعقيداً مع عوائق الشحن العالمي وتكدس البضائع في الموانئ البحرية.
قال شو هايدونغ، نائب رئيس المهندسين في الاتحاد الصيني لمصنعي السيارات، إن إنتاج وتوريد قطع الغيار كافيان في بلاده. أما في اليابان، فيقول هيروشي أراي، الأمين العام للاتحاد الياباني لتجار الجملة لقطع غيار السيارات، إن العثور على بعض الأجزاء الإلكترونية أصبح أكثر صعوبة في اليابان، مثل أنظمة الملاحة، غير أن الأجزاء الأخرى متاحة بسهولة.
توقع مكارثي، العضو في اتحاد الموردين، أن تواجه صناعة قطع الغيار لخدمة ما بعد البيع في الولايات المتحدة نقصاً محتملاً خلال العام المقبل.
يتعامل كولكيت، صاحب مرآب في فيلادلفيا، مع المشكلة بهدوء، وصل الأمر إلى ابتكاره لقباً ساخراً لتلك التأجيلات المستمرة "نحن نفضل أن نسميها طلبات متأخرة عابرة للمجرات".