عندما يجتمع زعماء قطاع السيارات في ميونخ هذا الأسبوع في أول معرض كبير للسيارات في أوروبا منذ عامين، فإنهم سيفعلون أكثر من مجرد كشف الحجاب عن الصفائح المعدنية اللامعة. هذه هي المناسبات التي تُنجز فيها الصفقات الكبيرة.
لنلقي نظرة على إحدى المرات الأخيرة التي ظهر فيها عالم السيارات في مدينة أوروبية في منتدى مثل هذا في مارس 2019. قبل بدء الحدث في جنيف، التقى المديرون التنفيذيون لشركتي "بيجو" و"فيات كرايسلر" للتمهيد لما أسفر عن عملية اندماج ضخمة، وقفزت شركة "ستيلانتس" في نفس الفئة على غرار "تويوتا" و"فولكس واجن".
ليس هناك ما يدل على ما إذا كان المسؤولون التنفيذيون سيرتدون الكمامات ويتصافحون بثني الكوع في طريقهم إلى صفقة ضخمة أخرى في ميونيخ. حتى لن تحضر شركات "تويوتا"، و"ستيلانتس"، و"نيسان". كما أنه حتى شركات صناعة السيارات التي ستحضر سترسل فرقاً أصغر بسبب ارتفاع معدل تفشي متحول دلتا. إذا لم يكن ذلك كافياً، فقد تعطلت خطط سفر العديد ممن أرادوا الوصول إلى ولاية بافاريا بسبب إضراب السكك الحديدية في جميع أنحاء ألمانيا.
ومع ذلك، فإن هذا الأمر مؤكد تماماً: فالقوى نفسها التي دفعت "بيجو" و"فيات" إلى الاندماج أصبحت أكثر أهمية فقط بعد عامين من اجتماعهما الأولي بعيداً عن أرضية معرض جنيف لعام 2019.
قال بيتر فوس، الشريك في "إرنست أند يونغ": "يجب أن تكون مبتكراً، ولهذا يجب أن تمتلك قوة تأثير كبيرة وبصمة عالمية". تابع: "بخلاف ذلك، ستعتمد على أسواق معينة بشكل كبير جداً وستواجه مشكلة التوسع".
طموح كبير
تستضيف ميونيخ أول معرض كبير للسيارات في أوروبا منذ عامين، وعلى الرؤساء التنفيذيين أن يستغلوا ذلك لعقد الصفقات.
خصصت شركات صناعة السيارات 330 مليار دولار لإنفاقها على تشكيلاتهم من السيارات الكهربائية بحلول عام 2025، وفقاً للاستشاريين في "أليكس بارتنرز". على الناحية الأخرى يحد النقص العالمي في أشباه الموصلات، الذي لا تظهر أي علامات على نهايته في وقت قريب، يحد من الإيرادات. كما يجب بناء البنية التحتية للشحن لضمان جذب المركبات الكهربائية للجماهير. وبينما بدأت مبيعات السيارات الكهربائية في الظهور، فإن اللحاق بعمالقة التكنولوجيا في السباق لتحقيق تقنية القيادة الذاتية والاتصال بالإنترنت في السيارات سيكون مهمة شاقة.
وصف هربرت ديس، الرئيس التنفيذي لشركة "فولكس واجن"، المركبات بدون سائق بأنها "أكثر أجهزة الإنترنت تطوراً يمكنك تخيلها"، وتوقع أن تؤدي تقنية القيادة الآلية إلى إحداث تغيير أكبر في الصناعة من صعود السيارات الكهربائية.
يقاتل صانعو السيارات، الذين اعتادوا التسابق على تحقيق أفضل زمن لتسارع السيارة من صفر إلى 60 ميلا في الساعة، الآن للحصول على بيانات ذات قيمة مرتفعة داخل السيارة مع شركات التكنولوجيا الثرية. باتت السيطرة على ما يمكن أن يصبح سوقاً بقيمة 400 مليار دولار بحلول عام 2030 على المحك، وفقاً لشركة "ماكينزي أند كو".
قال فوس من "أرنست أند يونغ" إن السعي وراء عمليات الدمج والاستحواذ سيكون أمراً ضرورياً، لأن شركات صناعة السيارات "تشعر بحق" أنها تتحرك ببطء شديد. بينما تخطط شركة "فولكس واجن" لطفرة في الاستثمار المرتبط بالبرمجيات بما يزيد عن 30 مليار دولار، حتى دييس قال إن هناك هياكل قديمة مرصعة يجب على الشركة تفكيكها لتكون أكثر سهولة في الحركة.
من الأفضل أن يسرع هو وأقرانه. أظهرت شركة "أمازون.كوم" طموحاتها في مجال النقل من خلال دعم شركة "ريفيان أوتوموتيف". وسارعت بشراء شركة "زوكس" (Zoox) الناشئة للسيارات ذاتية القيادة. واجهت "غوغل" صعوبات لديها في توسيع نطاق جهودها في مجال القيادة الذاتية للمركبات، لكنها لا تزال يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها رائدة في هذا المجال. انتشرت التكهنات في وقت مبكر من هذا العام بأن أنشطة السيارات لشركة "أبل" ستنتعش.
كثير من النشاط
تنفذ شركات صناعة السيارات في أوروبا بالفعل الكثير من الصفقات لمكافحة التهديدات. ففي هذا العام فقط، درست شركة "فولكس واجن" احتمالية طرح أسهم وحدة "بورشه" في البورصة والتخلي عن سيطرتها على حصة الأغلبية في "بوغاتي". كما تفصل "دايملر" وحدة تصنيع الشاحنات لتصبح شركة مستقلة، وهي أكبر عملية إعادة هيكلة للشركة منذ بيع "كرايسلر".
خارج ألمانيا، تعمل "رينو" لملء ما وصفه رئيسها التنفيذي بأنه فراغ غير مقبول في الصين من خلال توحيد الجهود مع مجموعة "جيلي هولدينغ غروب". في غضون ذلك، تستكشف "جيلي" طرح أسهم "فولفو للسيارات" في البورصة في وقت لاحق من هذا العام، ويقال إن شركة "بولستار" التابعة لها، التي تصنع المركبات الكهربائية، قد ناقشت طرحها للاكتتاب العام من خلال الاندماج مع شركة "شيك على بياض" يمكن أن تصل قيمة الشركة فيه إلى 25 مليار دولار.
كان قطاع قطع غيار السيارات نشطاً أيضاً. فازت شركة "فوريسيا" (Faurecia) الفرنسية للتو في معركة مزايدة مع نظرائها حول شركة "هيلا" الألمانية في صفقة قيمتها 8 مليارات دولار. كما تستعد شركة "فيونيير" السويدية لأن ينتهي بها الأمر في أيدي شركة "كوالكوم" أو شركة "ماغنا إنترناشيونال". كما أعلنت شركة "فيتسكو تكنولوجيز"، وهي وحدة توليد الحركة والمستشعر المقرر فصلها عن شركة "كونتيننتال" هذا الشهر، عن شهيتها بالفعل تجاه الاندماج والاستحواذ.
"فوريسيا" الفرنسية تشتري حصصاً في "هيلا" الألمانية بـ8 مليارات دولار
في حين أن معارض السيارات كانت منتديات مثالية لعقد الصفقات، فقد تكون الآفاق أفضل لتلك التي ستعقد بعد معرض ميونيخ. لا يزال السفر التجاري في حالة ركود ناتج عن الجائحة، وفي ألمانيا - حيث جري تطعيم ستة من كل 10 أشخاص بجرعة كاملة - تمكن معدل الإصابة من الارتفاع بمقدار خمسة أضعاف في الشهر الماضي.
بينما يعتمد منظمو المعرض هذا الأسبوع على المساحات الخارجية والفعاليات الداخلية للمدينة، مما يساعد على فتح المساحة لعدم تكدس المشاركين، إلا أن بعض المديرين التنفيذيين لا يزالون قلقين. سترسل "أودي" فريقا صغير العدد للمعرض وستقلل حضورها في المعرض التجاري إلى جناح خارجي واحد، وفقاً لما قاله الرئيس التنفيذي ماركوس دوسمان.
صرح للصحفيين في 27 أغسطس الماضي: "إنه أمر مرعب - بالنسبة لنا جميعاً، على ما أعتقد - كيف تتطور معدلات الإصابة، ونحن نعلم أن ما يتبعه عادة هو العلاج في المستشفيات والوفيات المتزايدة". أضاف: "أحب هذه الفكرة، لكني أرى التوقيت حرج بسبب الإصابات".