تقترب شركة "الدرعية" السعودية المكلفة بتطوير مشروع التراث الثقافي الضخم في قلب العاصمة الرياض من تأمين استثمارات أجنبية بقيمة 400 مليون دولار، مما يشير إلى نجاح المملكة في جذب التمويل الخاص لقطاع السياحة.
قال جيري إنزيريلو، الرئيس التنفيذي لشركة "الدرعية"، في مقابلة على هامش مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار" بالرياض، إن شركات من إيطاليا وكولومبيا والإمارات العربية المتحدة انضمت مؤخراً للمساهمين في تطوير الفنادق والفيلات داخل المشروع.
وأوضح إنزيريلو: "ما نشهده اليوم يتعدى الاستثمارات الخليجية أو السعودية، بل وصل إلى استثمارات أجنبية. الناس بدأوا يؤمنون بأن ما وعدنا به يتحقق على أرض الواقع".
أُبرمت الاتفاقيات الأولية في مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار"، وتأتي هذه الخطوة بعد منح الشركة عقوداً بقيمة 4 مليارات دولار منذ يوليو الماضي. وتُعتبر الدرعية مدينة تقليدية مبنية بالطين في موطن المملكة العربية السعودية الحديث، وتتضمن تطوير فنادق ومنازل ومطاعم ومواقع ثقافية.
تنفيذ مشروع الدرعية بوتيرة متسارعة
تعمل الشركة على الإسراع في تنفيذ المشروع لتلبية المواعيد المحددة ضمن أجندة التنويع الاقتصادي لرؤية 2030 التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. ويُعد مشروع الدرعية من المشاريع الضخمة القليلة التي تم فتحها للجمهور منذ إطلاق "رؤية 2030" قبل أكثر من ثمانية أعوام. كما أطلقت شركة "البحر الأحمر الدولية" فنادق فائقة الفخامة على ساحل البحر الأحمر، بينما افتتحت "نيوم" مؤخراً جزيرة سندالة لضيوف مختارين فقط.
تأتي هذه الافتتاحات في ظل التحديات التي تواجهها المملكة نتيجة انخفاض أسعار النفط وعجز الميزانية، ما أدى إلى تقليص التمويل لبعض مشاريع "رؤية 2030". غير أن مشروع الدرعية، الذي تبلغ تكلفته 64 مليار دولار ويموله صندوق الاستثمارات العامة، لم يتأثر بتخفيضات الميزانية حتى الآن، ولا يزال في مساره الزمني المحدد، وفق إنزيريلو.
أشار إنزيريلو إلى أن "الميزانية المخصصة للمشروع لم تُخفض بمقدار فلس واحد"، لكن هناك تحديات تتعلق بسلسلة التوريد "المعقدة للغاية" التي تؤثر على جميع المشاريع الضخمة في السعودية. وأضاف: "كان علينا جميعاً التكيف بسرعة. إنها مشكلة كبيرة".
الإصلاحات الاقتصادية في السعودية
في وقت سابق من هذا الأسبوع، أشار وزير المالية السعودي محمد الجدعان إلى أن الموارد البشرية والتنفيذ من أبرز التحديات التي تواجه الإصلاحات الاقتصادية. وأكد على أن الخطط يتم تنسيقها وإعادة تنظيمها لتخفيف المشكلات ومنع فرط النشاط الاقتصادي.
وقال الجدعان من على منصة مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار": "نحن لسنا متساهلين؛ نضاعف جهودنا للتأكد من أننا نسير في الاتجاه الصحيح".
كما أضاف الجدعان أن قطاع السياحة يتقدم بشكل يفوق التوقعات. وتهدف المملكة إلى جذب 150 مليون سائح سنوياً بحلول عام 2030، ارتفاعاً من حوالي 109 ملايين سائح في العام الماضي، وتخطط لاستثمار ما يقارب تريليون دولار في القطاع خلال العقد المقبل، وتسعى لجذب استثمارات خاصة بقيمة 80 مليار دولار بحلول 2030.
تشمل هذه الأرقام السياح الأجانب الذين يزورون المملكة والمواطنين السعوديين الذين يسافرون داخلها. كما يُحتسب القادمون لأغراض الحج والمؤتمرات والفعاليات وأغراض العمل ضمن عدد السياح.
وتزداد التكهنات حول إمكانية رفع الحظر على الكحول في السعودية لدعم الأهداف السياحية الطموحة. وفي هذا السياق قال إنزيريلو: "القوانين الحالية تمنع الكحول، ونحن كمديرين ملتزمون بها. لكن التوسع في بناء الفنادق وزيادة أعداد السياح قد يدفع إلى تغييرات مستقبلية".