المدعوون مجموعة حصرية من الممولين والفنانين من جميع أنحاء العالم

حفل مرتقب على شاطئ جزيرة سندالة لإثبات أن حلم نيوم حقيقة واقعة

تصميم فني لما ستكون عليه جزيرة سندالة في نيوم عند تشييدها - المصدر: بلومبرغ
تصميم فني لما ستكون عليه جزيرة سندالة في نيوم عند تشييدها - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

قبل أيام من إطلاق المملكة العربية السعودية مؤتمرها الاستثماري الرائد، ستحظى مجموعة مختارة بعناية من الضيوف بإلقاء النظرة الأولى على حلم تبلغ قيمته تريليون دولار، راهن فيه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على أن للمملكة مستقبلاً يتجاوز النفط.

مجموعة حصرية من الممولين والفنانين والشخصيات المؤثرة ستأتي من جميع أنحاء العالم هذا الأسبوع إلى جزيرة سندالة، أول مشروع يفتح أبوابه في مدينة نيوم التي تعتزم السعودية إنشاءها. يضم المنتجع الآن فنادق فائقة الفخامة مع شواطئ بكر، بالإضافة إلى مرسى يضم 86 رصيفاً حيث يمكن أن ترسو عليه يخوت الأثرياء بينما يغوصون هم في مياه البحر الأحمر الصافية.

أمور كثيرة تتوقف على نجاح مشروع سندالة والمنطقة الواقعة في شمال غرب المملكة التي أعيدت تسميتها إلى "نيوم" ومن المتوقع أن يتكلف بناؤها ما بين 500 مليار دولار إلى 1.5 تريليون دولار في أجرأ خطوة تنموية يتخذها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حتى الآن. 

يأتي الافتتاح قبل أيام من انطلاق النسخة الثامنة من "مبادرة مستقبل الاستثمار"، وهي عبارة عن مؤتمر على غرار مؤتمر دافوس.

وقالت كارين يونغ، الباحثة البارزة في مركز سياسة الطاقة العالمية في جامعة كولومبيا: "ما زال ضرورياً بذل جهود كبيرة في عقد الشراكات والاستثمار، لذا فإن توقيت مبادرة مستقبل الاستثمار اختيار منطقي". و"إذا رأى المستثمرون الانتهاء من بعض البنى التحتية الرئيسية في مجال الطاقة والمياه والنقل، فإن ذلك من شأنه أن يساهم كثيراً في تعزيز الثقة في مدى التزام الحكومة بالمشروعات الرئيسية في نيوم".  

عروض المشروع في نافذة العرض المؤقتة لنيوم تظهر مشروع تطوير جزيرة سندالة، إلى اليمين، ومدينة ذا لاين، في دافوس، سويسرا.شاشتان تعرضان صوراً للتصميم الحضري لجزيرة سندالة، إلى اليمين، ومدينة ذا لاين، خلال جولة تسويقية للمشروع في دافوس، سويسرا.

يعد تصميم نيوم الطموح مشروعاً شاملاً يهدف إلى توفير كل شيء، بدءاً من ميناء مستقبلي ووجهة سياحية فاخرة، وصولاً إلى مركز للطاقة النظيفة، بالإضافة إلى استضافة فعاليات رياضية عالمية مثل كأس العالم لكرة القدم ودورة الألعاب الآسيوية الشتوية. وتطمح هذه المدينة المستقبلية إلى "إحداث ثورة في الحياة اليومية"، حيث لا تسعى فقط إلى إعادة تشكيل المدن السعودية من خلال استبدال محطات توليد الطاقة التي تعتمد على النفط وتصدر غاز ثاني أكسيد الكربون بمحطات تعتمد على الطاقة المتجددة، بل تقدم أيضاً وعداً جريئاً بإعادة تصور شكل المدن العالمية وآليات عملها.

ومع ذلك، واجه مشروع نيوم تحديات في تحويل رؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى واقع ملموس. فقد تباطأ دعم المستثمرين الأجانب للخطط، كما تراجعت التوقعات المالية للمملكة مقارنة بما كانت عليه قبل بضع سنوات، حيث يتم تداول النفط بأسعار تقل كثيراً عن 100 دولار للبرميل. نتيجة لذلك، تم تخفيض الميزانيات وتأخر تطوير بعض أجزاء المشروع.

يستند هذا التقرير إلى مقابلات أجريت مع أكثر من ستة أشخاص مقربين من المشروع، طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم نظراً لأن المعلومات لم تُعلن بشكل رسمي.

وقال روبرت موغيلنيكي، الباحث المقيم الأقدم في معهد دول الخليج العربي في واشنطن: "هذه المشاريع الطموحة تعد مغامرة جريئة، وأرى أن الحكومة السعودية مستعدة لتحمل عبء التمويل الرئيسي للعديد من المشاريع العملاقة على المدى القصير، مع توقع زيادة استثمارات القطاع الخاص والاستثمار الأجنبي على المديين المتوسط والطويل".

من جانبه، أكد متحدث باسم "نيوم" في بيان أن جميع المناطق الخمس التابعة للمشروع "قيد التطوير الفعلي".

جدول زمني طموح

بدأ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في وضع تصور لنيوم في عام 2015، واصفاً حاجة المملكة العربية السعودية إلى "عاصمة تجارية واقتصادية". ووضع رؤيته لمدينة يرتبط فيها كل شيء بالذكاء الاصطناعي، من التسوق إلى الترفيه إلى الرعاية الصحية والسفر. وقد وضع جدولاً زمنياً طموحاً يتصور طرحاً عاماً أولياً للمدينة قبل عام 2020 وافتتاح المشروع الرئيسي بحلول عام 2025. 

لكن تحويل هذه الرؤية إلى واقع أثبت أنه أصعب من مجرد التخيل.

إلى جانب سندالة، تم الإعلان عن نحو عشرة مشاريع سياحية مستقبلية أخرى، تبدو العديد منها وكأنها مستوحاة من أفلام الخيال العلمي. ومن بين هذه المشاريع، يتم بناء مصنع للهيدروجين الأخضر بتكلفة 8.4 مليار دولار. وفي منطقة جبلية تعرف باسم تروجينا، سيتم بناء منحدرات للتزلج استعداداً لاستضافة دورة الألعاب الآسيوية الشتوية في عام 2029. ومن المقرر افتتاح كلا المشروعين في عام 2026.

أما المشروع الذي جذب أكبر قدر من الاهتمام والإثارة –وأيضاً أثار الشكوك– فهو مشروع"ذا لاين"،الذي يتكون من مبانٍ شاهقة يصل ارتفاعها إلى 500 متر، ويمتد طولها إلى 170 كيلومتراً، مكسوة بالزجاج العاكس، وتمر من الساحل إلى الصحراء، حيث تندمج أحياناً مع الطبيعة الجبلية المحيطة.

اقرأ أيضاً

السعودية "تنقل الجبال" لبناء مدينة "نيوم" المستقبلية

بدأت السعودية أعمال نقل التربة وحفر الأنفاق عبر الجبال، لبناء مدينة مستقبلية طولية التصميم، يأمل المسؤولون أن تستقبل أوائل قاطنيها عام 2024

أكثر من أي جزء آخر من نيوم، أثبت مشروع "ذا لاين" أنه الأكثر تحدياً. ووفقاً لأحد المطلعين على المشروع، تواجه الخطط المتعلقة بتطوير المصاعد التي يمكنها التحرك عمودياً وأفقياً حول ناطحتي السحاب عقبات تكنولوجية كبيرة.

تحديات مماثلة تواجه أيضاً خطة الربط بين سكان المدينة بواسطة قطار فائق السرعة، يهدف إلى ضمان أن تكون المسافة بين أي قاطن وآخر لا تتجاوز 15 دقيقة، رغم الامتداد الكبير للمدينة.

وفي تعليق من المتحدث باسم نيوم، أكد أن مدينة "ذا لاين" تُبنى على مراحل، وأن المرحلة الأولى جارية بالفعل. وأضاف أن تكنولوجيا المصاعد متعددة الاتجاهات موجودة، ويجري تقييم الخيارات المختلفة ومقدمي الخدمات لتحديد الأفضل للمشروع.

الضغوط والصعوبات المالية 

لا يقتصر الأمر على الجوانب العملية لبناء بعض المنشآت والخصائص المستقبلية في المشروع التي تمثل تحدياً. فالحجم الهائل للخطة يهدد بإجهاد الموارد المالية للمملكة، رغم ضخامتها. إذ تعتمد المملكة على صندوق الثروة السيادي الذي تبلغ قيمة أصوله حوالي تريليون دولار أميركي، إلى جانب عائدات النفط الهائلة.

ومع ذلك، وافقت الحكومة على حوالي 80% فقط من الميزانية التي طلبتها نيوم لهذا العام، في واحدة من الحالات النادرة التي لم تتم فيها الموافقة الكاملة والفورية على خطط الإنفاق، وفقاً لما ذكرته بلومبرغ في وقت سابق. ولتغطية هذا العجز، كانت نيوم تخطط للاستعانة بالمستثمرين السعوديين من خلال إصدار أول صكوك لها. لكن هذه الخطوة تأجلت أيضاً، بسبب عدم جاهزية حسابات الشركة لعام 2023 لعرضها على المستثمرين، وفقاً لشخص مطلع على الوضع.

إن التحديات المالية والعملية التي تواجه مشروع "ذا لاين" دفعت إلى ضرورة تعديل بعض خطط المدينة. في وقت سابق، كانت الحكومة تأمل في أن يستقر 1.5 مليون شخص في المدينة بحلول عام 2030، لكن هذا العدد تقلص حالياً، حيث تهدف الخطة الجديدة إلى إسكان أقل من 300 ألف شخص بحلول ذلك التاريخ.

في الأصل، كانت نيوم تصوراً لمستقبل البلاد، ليس فقط كمشروع عقاري ضخم، بل كمنطقة ذات نظام قانوني ولوائح تنظيمية خاصة بها. ومع ذلك، وبعد مرور سبع سنوات على إطلاق المشروع، لا يزال تطوير الإطار القانوني الموعود يواجه تحديات مشابهة لتلك التي تواجه تطوير المشروع نفسه.

على الرغم من أن فريقاً من المحامين قضى سنوات في صياغة الإطار القانوني للمدينة، فإنه لم يكتمل بعد. وبدون هذا الإطار الواضح، تبقى عملية جذب المستثمرين الأجانب صعبة في ظل عدم وضوح الوضع القانوني للمنطقة.

وفي هذا الصدد، قال روبرت موغيلنيكي، الذي ألّف كتاباً عن دور المناطق الحرة في المنطقة: "سأكون مندهشاً إذا لم يتم تطبيق شكل من أشكال نظام المنطقة الاقتصادية الخاصة في نهاية المطاف على نيوم. صياغة أطر قانونية فعالة وجذابة للمناطق الاقتصادية يستغرق وقتاً طويلاً، كما أن بناء الثقة لدى المستثمرين الأجانب في هذه الأطر يستغرق وقتاً أطول. ورغم رغبة صناع القرار في تسريع ذلك، لا توجد طرق مختصرة وسهلة في هذا المجال".

جذب المستثمرين الأجانب

من المؤكد أن نيوم نجحت في جذب بعض الشركات الأجنبية. فعلى سبيل المثال، يحظى مشروع الهيدروجين الأخضر بدعم من شركة "إير برودكتس" (Air Products) الأميركية، التي تعد من كبار موردي الغاز الصناعي. بالإضافة إلى ذلك، من المقرر أن تستضيف جزيرة سندالة عدة فنادق تديرها شركة "ماريوت إنترناشونال". وأوضح متحدث باسم نيوم أن هناك اهتماماً متزايداً من المستثمرين بالأجندة التشريعية التي يجري العمل على تطويرها للمدينة.
 

وفي محاولة لتعزيز سمعة مشروع نيوم وإقناع المستثمرين والممولين وشركات التشييد بأن المشروع سيتحقق على أرض الواقع، نظمت الشركة عدة فعاليات في الموقع. ففي أبريل الماضي، استضافت ممثلين من 48 مؤسسة عالمية وإقليمية لعرض التقدم المحرز في المشروع.

كما أطلقت أيضاً موقعاً إلكترونياً باسم "غراوند إكس" (Ground X) لعرض صور من شبكة تضم 452 كاميرا ذات لقطات متتابعة و63 كاميرا حية وأكثر من 300 موقع لطائرات مسيرة بدون طيار من جميع أنحاء الموقع لإظهار تقدم العمل، وذلك في إطار محاولة للرد على المشككين.

تظهر صور من الموقع، بما في ذلك صور الأقمار الصناعية، حجماً هائلاً من أعمال البناء والخنادق الطويلة التي حفرت في الصحراء، والتي تحدد المسار المتوقع لمدينة "ذا لاين" عبر الأراضي السعودية. وتؤكد هذه الصور أن المملكة مستمرة في تطوير المشروع، رغم التحديات التقنية والشكوك المحيطة به.

في الوقت الراهن، تُعلق الآمال الكبيرة على جزيرة سندالة. وعلق يونغ قائلاً: "أعتقد أن الحكومة تعمل على موازنة التوقعات، مع إظهار الحكمة المالية والتخطيطية من جهة، والتمسك بعامل الإبهار الذي تسعى لتحقيقه للجمهورين المحلي والدولي من جهة أخرى".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك