المملكة تحتل المرتبة الرابعة بين الوجهات الأكثر شعبية للمسافرين الصينيين في الشرق الأوسط

كيف تعمل السعودية على جذب 5 ملايين سائح صيني؟

أحد أعضاء فرق الرقص الصينية يحمل رأس التنين خلال أحد المراسم في السعودية - AFP
أحد أعضاء فرق الرقص الصينية يحمل رأس التنين خلال أحد المراسم في السعودية - AFP
المصدر:

الشرق

في سبتمبر الماضي، أعلنت السعودية أنها تهدف لجذب 3 ملايين سائح من الصين سنوياً. ومؤخراً، رفعت المملكة هذا المستهدف إلى 5 ملايين بحلول 2030، في إطار خطة أوسع لزيادة عدد الزيارات الدولية إلى البلاد.

جاء الإعلان الجديد على لسان كبيرة المستشارين الخاصين في وزارة السياحة السعودية غلوريا غيفارا في تصريحات لوكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا" الشهر الماضي، مشيرة إلى أن "الصين بلد مهم للغاية، وسوق رئيسية بالنسبة لنا.. ولدينا استراتيجيات متعددة نقوم بتنفيذها" تصب في خانة تحقيق هذا الهدف.

يمثل المستهدف الجديد قفزة ضخمة في توقعات المملكة بالنسبة للسياح الصينيين، خصوصاً أن عددهم لم يتجاوز 100 ألف سائح العام الماضي، حسبما كشفت غيفارا في مقابلة أخرى مع وسيلة الإعلام الصينية المختصة بشؤون الأعمال "كايكسن" (Caixin).

إجراءات لزيادة عدد الزوار

لجذب ملايين السياح الصينيين، عملت المملكة على مبادرات عدة، من بينها توقيع اتفاقية سياحية في سبتمبر تهدف لجعل المملكة "وجهة رئيسية" للزوار من بلاد التنين. وأعلن وزير السياحة أحمد الخطيب آنذاك أن الاتفاقية من شأنها زيادة عدد السياح الصينيين إلى 3 ملايين سنوياً.

وفي أغسطس 2023، دشنت الخطوط السعودية أولى رحلاتها المباشرة بين المملكة وبكين. وبدورها، دشنت "خطوط جنوب الصين" في أبريل الماضي مساراً مباشراً بين الصين والمملكة، لتصبح رحلة 16 أبريل "أول رحلة جوية لشركة طيران صينية تهبط على أرض السعودية"، وفق تصريحات إعلامية آنذاك للرئيس التنفيذي لبرنامج الربط الجوي ماجد خان.

وفي السادس من مايو من هذا العام، افتتحت "شركة طيران الصين" المملوكة للدولة، خط طيران مباشراً من بكين إلى الرياض، ما رفع عدد شركات الطيران الصينية التي توفر رحلات مباشرة إلى المملكة إلى 3.

غيفارا أشارت في المقابلة مع "شينخوا" إلى أن الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للسياحة فهد حميد الدين زار الصين عدة مرات، كما تم وضع لافتات مكتوبة بالماندراين الصينية في مطار الرياض. وأضافت: "نحن نقوم بتدريب المرشدين السياحيين، ونعمل مع مجموعات الفنادق مثل جينجيانغ وراديسون لتخصيص التجارب، حتى نتمكن من الحصول على العروض التي يتوقعها السائح الصيني".

اقرأ أيضاً: الخطيب: السعودية تتطلع لتحقيق 80 مليار دولار من السياحة هذا العام

وفي الإطار ذاته، وقعت هيئة السياحة السعودية و"تريب دوت كوم" في مارس، اتفاقية تهدف إلى تعزيز السفر الخارجي إلى المملكة، مع التركيز بشكل خاص على الأسواق الناشئة مثل الصين والهند، و20 دولة أوروبية. وتتضمن جهود التعاون تطوير منتجات السفر وحلول الدفع القائمة على الذكاء الاصطناعي.

تم الترحيب بهذه الشراكة باعتبارها أكبر تحالف استراتيجي حتى الآن، إذ قال الرئيس التنفيذي فهد حميد الدين: "نعمل معاً على تسخير قوة أحدث التقنيات والابتكارات لتعزيز السياحة في جميع أنحاء المملكة وتشكيل مستقبلها".

كما تعاونت الهيئة مع "أنت غروب" و"فليغي" للسماح للسائحين الصينيين "بالسفر في جميع أنحاء السعودية بمحفظة واحدة"، من خلال "Alipay+"، وتعاونت أيضاً مع خدمات "هواوي المتنقلة" (HMS) ومنصة التسويق الذكية "Petal Ads" لتعزيز تجربة السياح الصينيين في المملكة، عبر الخدمات الرقمية للسياحة.

الإعفاء من التأشيرة

إضافة لما سبق، أدرجت السعودية الصين كإحدى الدول المؤهلة للحصول على التأشيرة الإلكترونية والتأشيرة عند الوصول، بالإضافة إلى إتاحة إصدار تأشيرة المرور التي تتيح الإقامة لمدة 96 ساعة قبل الوصول إلى الوجهة النهائية، كما أضافت منصة "روح السعودية" اللغة الصينية إلى قائمة اللغات المعتمدة، ووفرت حلول الدفع الإلكترونية التي تناسب السائح الصيني.

وخلال الجولة السابعة من المشاورات القنصلية التي عُقدت في بكين في مارس الماضي، اتفق الجانبان على تعزيز تسهيل الحصول على التأشيرة.

بعد الإعلان عن "رؤية 2030"، زارت العديد من الشركات الصينية المملكة لإجراء أبحاث السوق وزيارات العمل، حسبما صرّحت وو يان، مؤسسة شركة "غولد بيجون" (Gold Pigeon) للسفر والسياحة، وهي وكالة سفر مقرها دبي في حديث لـ"الشرق".

أسست يان، التي بدأت حياتها المهنية كمرشدة سياحية في دبي عام 2014، شركتها الخاصة في عام 2020، بهدف تقديم الخدمات للسياح الصينيين الذين يزورون منطقة الشرق الأوسط والعكس.

ولفتت يان إلى أن متطلبات التأشيرة غالباً ما تلعب دوراً مهماً بالنسبة للمسافرين الصينيين، مشيرة إلى أن "الدخول المبسط أو الإعفاء من التأشيرة يمكن بلا شك أن يعزز جاذبية السعودية كوجهة للسياح الصينيين".

اقرأ أيضاً: السعودية تجذب 13 مليار دولار استثمارات خاصة في قطاع السياحة

خيار الإعفاء من التأشيرة ليس بعيداً عن تفكير السلطات السعودية المختصة، إذ أفصحت غلوريا غيفارا عند سؤالها في مقابلتها مع "كايكسن" عن إمكانية تنفيذ ذلك، بأن "كل شيء يتم دراسته".

هناك العديد من الأمثلة بشأن تأثير خطوة كهذه على مستويات السياحة، فسنغافورة مثلاً، شهدت في فبراير زيادة بنسبة 388% على أساس سنوي، بعدما أعفت السياح الصينيين من التأشيرة خلال عطلة رأس السنة الصينية، حسبما ذكرت "إيكونوميست إنتليجنس يونيت" (Economist Intelligence Unit) في تقرير عن السياحة الخارجية في الصين.

توقعات بنمو عدد السياح

خلال العام الماضي، رفعت السعودية مستهدفها السياحي إلى 150 مليون زيارة سنوياً بحلول 2030، من 100 مليون كانت تستهدفها عند إطلاق رؤية 2030.

وزير السياحة أوضح آنذاك أن بلاده تستهدف استقطاب 70 مليون زيارة من خارج المملكة بحلول 2030، وفق المستهدف الجديد، أي ما يمثل نحو نصف إجمالي عدد الزيارات، وذلك لزيادة مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي إلى 10%.

وأطلقت المملكة العديد من المشاريع الكبرى الهادفة لجذب السياح من مختلف أنحاء العالم، من بينها "نيوم" و"الدرعية" و"مشروع البحر الأحمر" و"القدية"، وتراهن السعودية على هذه المشاريع لإحداث نقلة نوعية بالمنتج السياحي المحلي.

المصدر: الشرق
المصدر: الشرق

توقع تقرير صادر عن "أكسفورد إيكونوميكس" أن "يشهد الشرق الأوسط أسرع انتعاش في عدد الوافدين من الصين، حيث ستتجاوز الزيارات الصينية إلى المنطقة هذا العام مستويات ما قبل جائحة كورونا".

بيانات "تريب دوت كوم غروب" (Trip.com Group) المتخصصة بتوفير خدمات السفر في الصين، تدعم هذا التوقع. أفاد الموقع في رد على أسئلة "الشرق" عبر البريد الإلكتروني، بأن عطلة عيد العمال، وهي ثاني أطول عطلة رسمية في النصف الأول من العام في الصين بعد رأس السنة الصينية، شهدت نمواً في حجم الحجوزات في الشرق الأوسط بنسبة 99% مقارنة بالعام السابق، وأيضاً أكثر من الضعف مقارنة بمستوى ما قبل الوباء في 2019.

اقرأ أيضاً: 925 ألف وظيفة وفرها قطاع السياحة السعودي في 2023

تحتل السعودية المرتبة الرابعة بين الوجهات الأكثر شعبية للمسافرين الصينيين في الشرق الأوسط هذا العام، بعد الإمارات وتركيا ومصر، وفقاً لبيانات موقع "تريب دوت كوم".

الشركة أشارت إلى أن "دبي وأبوظبي تضم أفضل 10 مناطق جذب للسياح الصينيين، بما في ذلك متحف اللوفر أبوظبي، وبرج خليفة، وعالم وارنر براذرز في أبوظبي".

وأفادت الشركة بأن لدى السعودية أيضاً مناطق جذب مثل "حافة العالم" و"مركز المملكة"، مضيفة أن "إجمالي الحجوزات إلى السعودية أظهر على وجه الخصوص نمواً ملحوظاً، حيث تضاعف حجمها في العام الماضي".

مؤسسة شركة "غولد بيجون" (Gold Pigeon) للسفر والسياحة أشارت بدورها إلى أن التدفق الحالي للزوار من الصين إلى السعودية يتكون في المقام الأول من رجال الأعمال، إضافة إلى الحجاج، منبهة إلى أن هناك "وعياً محدوداً بين الجماهير الصينية بشأن مناطق الجذب في السعودية".

اتجاهات جديدة

شهد تقييم الأنشطة التجريبية والإقبال عليها، بما في ذلك الترفيه، تحولاً إيجابياً بين السياح الصينيين، وفق تقرير حديث من "ماستركارد" حول السياحة الخارجية وسلوك الدفع في الصين.

يمثل هذا الاتجاه فرصة خاصة بالنسبة للمملكة، التي قامت باستثمارات كبيرة في الكثير من القطاعات ومن بينها الترفيه.

في مايو الماضي، ضمت "القدية للاستثمار" السعودية شركة مشاريع الترفيه "سفن" إلى مجموعة شركاتها، وذلك بعد الإعلان عن إطلاق المخطط الحضري لمدينة القدية والعلامة التجارية العالمية لها في ديسمبر الماضي، حيث تسعى المدينة إلى أن تصبح الأبرز على مستوى العالم في الترفيه والرياضة والثقافة، مستهدفة استقبال 48 مليون زائر سنوياً.

وتهدف "سفن" لإعادة تعريف مفهوم الترفيه على مستوى المملكة، وتعزيز تجارب الترفيه عبر تطوير وتشغيل 21 وجهة ترفيهية في 14 مدينة بالمملكة باستثمارات تبلغ أكثر من 50 مليار ريال.

المصدر: موقع Six Flags
المصدر: موقع Six Flags

كما استثمرت المملكة وطورت مشاريع ترفيهية من بينها موسم الرياض، إضافة إلى استثمارات في الرياضة بما في ذلك كرة القدم والغولف والملاكمة، فضلاً عن المشاريع العملاقة على غرار مشاريع "البحر الأحمر الدولية". وتتطلع وو أن تصبح مشاريع الشركة السعودية نقطة الجذب السياحية الرئيسية التالية.

افتتح المشروع منتجعه الأول في عام 2023، ومن المقرر أن يفتتح تدريجياً المنتجعات الـ16 المتبقية في مرحلته الأولية خلال عامي 2024 و2025. وبحلول عام 2030، من المتوقع الانتهاء من إجمالي 50 منتجعاً، التي تهدف إلى الارتقاء بالسياحة الفاخرة والتقديمات المستدامة في السعودية.

وأعربت وو يان، من "غولد بيجون"، عن تطلعها لتطوير بنية تحتية سياحية إضافية في المملكة، مثل زيادة خيارات الفنادق، وتعزيز خدمات اللغة الصينية، وتقديم مجموعة واسعة من خيارات السفر والترفيه.

انتعاش السياحة الخارجية في الصين

بعد إغلاق طويل جراء فيروس كورونا، ترقبت وجهات السياحة العالمية إعادة فتح الصين لاقتصادها وحدودها بفارغ الصبر. وأظهرت السياحة الخارجية زخماً قوياً، إذ كشفت بيانات رسمية أنه في عطلة عيد العمال التي استمرت خمسة أيام من 1 إلى 5 مايو، شهدت الصين ما يقرب من 1.78 مليون رحلة سياحية واردة، و1.9 مليون رحلة سياحية خارجية خلال العطلة.

وتوقعت "أوكسفورد إيكونوميكس" أن رحلات السفر الخارجية الصينية في 2024 ستتضاعف تقريباً عما كانت عليه في 2023 بينما تظل أقل بنسبة 22% من مستوى ما قبل الوباء في عام 2019.

موقع شركة البحر الأحمر
موقع شركة البحر الأحمر

في أعقاب التضخم بعد الوباء، توسع السياح الصينيون في إنفاقهم. ويكشف تقرير "ماستركارد" أن متوسط ​​ميزانية الإنفاق للسياح الصينيين زاد بنسبة 16% من 34 ألف يوان (4781 دولاراً) إلى 40 ألف يوان بعد الوباء. وفي الوقت نفسه، ارتفع متوسط ​​مدة السفر أيضاً من 9 أيام إلى 11 يوماً.

وأظهرت البيانات أن السياح الصينيين يواصلون تفضيل الوجهات القريبة. فخلال عطلة عيد العمال، اختار أكثر من 61% من السياح المغادرين من الصين زيارة الوجهات الآسيوية، وفقاً لبيانات من أكاديمية السياحة الصينية التابعة لوزارة الثقافة والسياحة.

وتوضح يان في هذا الإطار أن السياح الصينيين عادة ما يكون لديهم وقت إجازة محدود، والذي غالباً ما يتركز حول المهرجانات الكبرى مثل عيد الربيع، وعيد العمال، واليوم الوطني. وتمتد هذه العطلات عادة من خمسة إلى سبعة أيام.

ونبهت إلى أن "الرحلات الطويلة يمكن أن تردع المسافرين عن اختيارها". تستغرق الرحلة بدون توقف من بكين إلى الرياض حوالي 10 ساعات، ولكن مع التوقف في دبي أو جدة، يمكن أن تمتد الرحلة إلى 15 ساعة.

تصنيفات

قصص قد تهمك